مقدمة :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري / إعادة نشر من ارشيف 2014 م
أثناء تواجدى فى مصر راسلنى عدد من الأصدقاء الأعزاء من خارج مصر، طالبين منى التوجه إلى سوريا للمشاركة فى الجهاد الدائر هناك .
وتلقيت نصيحة بهذا المعنى من صديق قديم تعرفت عليه فى أفغانستان ، ويحظى بشهرة كبيرة فى أوساط الجهاديين فى مصر ، وطلب منى أن أذهب الى سوريا كما فعل الكثير من الإخوة . وعندما تعددت الرسائل الإلكترونية ، ولم يكن من المناسب أن أرد عليها برسائل مماثلة ، حتى لا يعتبر ذلك (تآمرا إرهابيا ) أحاسب عليه فى وقت كنت أراه قريبا . فضلت أن تكون أجوبتى علنية ، فنشرتها فى موقع أنشأته تحت إسم (مصطفى حامد) .
لم أتلق ردا من الذين وجهت إليهم الرسالة ، ولكن أحد الذين قرؤها على الموقع كتب ردا توبيخيا ، معناه أننى لا أعرف ماذا يجرى هناك فى سوريا ، لذا لا يمكننى الحكم عليه .
إتهامات كثيرة تلقيتها شفويا ، من إسلاميين مصريين ، ومن متابعين للمواقع الإسلامية المناصرة (لثورة) سوريا .
بالنسبة لى كانت خطوط الكارثة واضحة وضوح الشمس ، فكل ما حدث من جرائم فى أفغانستان كان يتكرر من حيث الجوهر فى سوريا . لذا لم أتوقع الحصول على نتائج مختلفة .
إنها كارثة كبرى على الشعب ، وثروات طائلة للفاسدين من القادة ، ثم جنة الخلد للشهداء الأبرارمع قصص لا تنتهى عن شجاعتهم والكرامات التى تجلت لهم ، ومن بقى حيا فتنتظره مجازر قادمة فى أماكن أخرى على يد تجار الدماء .
ــ لم يدرس أحد الحروب الشعبية بشكل جيد . ولم يدرك أحد العلاقة الوثيقة بين الحرب والسياسة . وأن الجهاد كفريضة دينية لا يخرج عن تلك القواعد الأساسية فى الحياة . فالحرب هى الوجه الآخر للسياسة . والجهاد كفريضة إسلامية يجب أن يكون الوجة الآخر للسياسة الإسلامية . فأين هى تلك السياسة؟ ومن الذى يضعها؟.وماهى مصالح تلك الأمة التى تحارب جهادا فى سبيل الله؟. وما هى أولويات تلك السياسة؟ وهل يمكن حل تلك المشكلات بدون الحرب لأنها آخر الدواء؟.وكيف يكون ذلك؟ . وإذا كان لابد من الحرب فما غايتها النهائية ؟ وماهى مراحلها ؟ ومن سيخوضها؟ ومن هم الأعداء ومن هم الحلفاء ؟ وكيفية مواجهة مشاكلها العملية فى الميدان وفى مجال الإمداد ؟. وما هى قدراتنا ؟ وما هى قدرات العدو؟ وما هو المتوقع من حلفائنا؟ ، ومن حلفاء العدو؟ ومدى تلك التحالفات وخطوط نهايتها ؟… إلخ .
ــ هنا مجال العقل والتفكير العميق مع كل ما يتوافر من خبرة . ولا يمكن تعويض ذلك بالحماس أو حتى الهستيريا الحماسية ، وإلا فلا يمكن توقع شئ غير الهزيمة . فالحرب / خاصة على مستوى القيادة/ أحوج ما تكون إلى الهدؤ والأعصاب الباردة جدا .
نص رد مصطفي حامد (ابوالوليد المصري) علي رسالة صديق قديم في سوريا:
سوريا ــ الربيع العربى ــ الحركة الإسلامية
(رسالة إلى صديق فى 17 فبراير 2014)
الإخوة الكرام
لكم جزيل الشكر على إهتمامكم وحسن ظنكم .
وأتمنى أن نتمكن يوماً من التواصل المباشر، فهناك الكثير جداً من الأشياء التى تستحق أن نناقشها معا، فلا الكتابة ولا الحديث الهاتفى تكفى أو تصلح لذلك .
بالنسبه للمشهد السورى فمعلوماتى عنه ضئيلة جداً ومحصورة فيما هو متداول فى وسائل الإعلام ، وثقتى فى الإعلام متلاشية فى تقديرى أن الشعب السورى قد خسر قضيته بسبب ” نشاطاء إسلاميين ” من سياسيين وجهاديين ، من ملوك الطوائف وفرسان الطائفية ، وقادة حروب داعس والغبراء . بينما القضية الآن أصبحت فى أيدى روسيا والولايات المتحدة ، ولكل منهما أتباع ، ما بين حكومات و مرتزقة . وصراع الكبار حول سوريا دائر حول موضوعات خطوط نقل الطاقة ، والمواقع الإستراتيجية على البحر الأبيض ، وقبل كل شئ أمن إسرائيل كقوة إقليمية عظمى فوق بلاد العرب الغائبون المغيبون .
المأساه الحقيقية وقعت على عاتق الشعب السوري وهو الذى يدفع ثمنها . والدولة السورية دفعت وستدفع ثمنا غاليا للغاية ، حتى أن إستمرارها أضحى موضع تساؤل . و “العمل الإسلامى” تكشفت سوءاته التى ينبغى عدم السكوت عنها ، فالأمر يتطلب أكثر من مجرد عملية إصلاح أو مناصحة . لقد فسدت الجثة وتعفنت ، والمطلوب هو مولود جديد لا أحد يدرى متى أو كيف أو أين .
– إن الشعب السورى ليس هو الخاسر الوحيد ، فجميع الشعوب العربية ، قد خسرت كما هو واضح فى أحداث فتنة الربيع العربى . والحركات الإسلامية قاطبة سبب أساسى فى المأساة ، والمجاهدون تحولوا إلى بندقية للإيجار فى حروب تمزيق الأمة وتدمير قضاياها واحدة تلو أخرى .
– وكما كانت الأحزاب الأفغانية فاسدة وقت الجهاد ضد السوفييت ، فإن أحزاب الإسلاميين العرب ، سياسية وجهادية ، على نفس الحال من الفساد أو أكثر ، فهى مجرد أحجار على رقة الشطرنج . فالقيادات تقامر بإنتهازية مخزية فى لعبة الأمم وتتاجر بالإسلام كسلعة ، والأتباع ضربهم وباء الجهل بالدين والسياسة ، ويسيرون مغمضى الأعين فى عالم يضطرب بحركة كتل ضخمة متطورة وقوية تسير بسرعة الضوء .
ملخص القول بالنسبه لسوريا فإن اللاعبين الكبار يقررون ، واللاعبون الصغار يؤدون أدوارا حقيرة أوكلت إليهم فى مقابل ثمن معلوم ، والمستضعفون من الناس ضائعون ليس لهم من الأمر شئ .
قد أكون متشائماً أكثر من اللازم ، وأتمنى أن لا تكون الأمور بهذا السوء ، ونسأل الله العافية .
خالص تحياتى وشكرى ، متمنيا للجيمع وافر الصحة والسعادة .
أخوكم : مصطفى
بقلم :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
من ارشيف موقع مافا السياسي (ادب المطاريد)