بمناسبة مأساة مدينة حلب

دروس من حركة طالبان للسلفيات الجهادية العربية

((مقتطف من كتاب أفغانستان من صباح اليوم التالي – صفحة 12 الصادر عام 2014))

بقلم: مصطفي حامد ابو الوليد المصري

***

الحفاظ على سكان المدن:

بمعنى عدم تعريضهم لأعمال إنتقامية من جانب العدو، بتحويل المدن إلى ساحة قتال ، أو الإستحكام فى مبانيها لخوض معارك مواجهة مع القوات المعادية (كما حدث فى حرب سوريا مثلاً) . وبحسب خبرة الأفغان فى حربهم ضد الجيش الأحمر السوفيتى فإن الإستيلاء على أى موقع هام سوف تعقبه ضربة إنتقامية بالطيران على ذلك الموقع ، سواء كان حصناً جبلياً أو قرية أو مدينة . بل أنه قبل الإحتلال السوفيتى بعدة أشهر إستولى أهالى مدينة هيرات على مدينتهم وأعلنوا العصيان على الحكومة المركزية.  فتعرضت المدينة لقصف جوى بطائرات حكومية وطائرات جاءت من وراء الحدود السوفيتية التى كانت لا تبعد كثيراً عن هيرات ، فقتل عدة آلاف من السكان الثائرين خلال ساعات قليلة .

وعندما إقتربت قوات الإحتلال الأمريكى من مدينة قندهار ، حيث مركز الإمارة ، رفضت قيادة طالبان خوض حرب داخل المدينة حتى لا تتعرض للدمار ، فيقتل الآلاف من الأهالى .

ونذكر هنا أن أفراد المنظمات الجهادية العربية ، الذين كانوا متواجدين فى قندهار وقت الغزو الأمريكى ، كانوا يطالبون بالقتال داخل المدينة وهو الأمر الذى رفضته قيادة حركة طالبان .

وهذا فارق آخر بين حركة طالبان وبين “السلفيات الجهادية العربية” ، التى إتخذت من المدن السورية والعراقية ساحات قتال من أجل الحصول على إنتباه إعلامى خارجى معاد للنظام . والنتيجة كانت خراب المدن ومصرع عشرات الألاف من السكان . والمسألة هنا ليست خطأ تكتيكياً ، بل بلاده فى إحساس المنظمات المسلحة وعدم مبالاتها بالأرواح البشرية . وأيضا عدم مبالاة النظام بأرواح مواطنيه . ولكن أى نظام فى العالم مستعد لأن يضحى بأى قدر من أرواح مواطنيه من أجل الحفاظ على بقائه وهيبة دولته . وكان هذا الدرس واضحا فى جميع بلاد “الربيع” البائس . فالثورات ومكافحة الثورات هى أعمال صراع بالغة العنف بطبيعتها ، وليست مباريات رياضية .

ـ العمليات الجهادية التى تشنها حركة طالبان داخل المدن عبارة عن هجمات عالية التخطيط والسيطرة ، ضد أهداف تابعة للإحتلال أو القوات المحلية العاملة تحت إمرته . وتظل المدينة بيئة مناسبة لإستخبارات المجاهدين والإتصال بالمتعاونين ، والحصول على إمدادات للمجاهين العاملين فى المناطق الريفية والجبال. وأيضا لشن العمليات النوعية المحدودة ، ذات القيمة العالية والخاصة .

 

بقلم: مصطفي حامد ابو الوليد المصري

المصدر: موقع مافا السياسي   – أدب المطاريد

www.mafa.world