أوكرانيا حملة تأديبية وصاعق تفجير لحرب عالمية

أوكرانيا حملة تأديبية وصاعق تفجير لحرب عالمية.

القتال فى أوكرانيا ليس حرباً مكتملة الأركان بل مجرد حملة تأديبية أو ضربة وقائية لإحباط إمكانية نقل قواعد حلف الناتو إلى أوكرانيا على الحدود الروسية .

كان يمكن الاستغناء عن مظاهر الحرب التقليديه التى نراها الآن لولا الإستعجال المفاجئ لحلف الناتو لضم أوكرانيا إلى الحلف . وإجراءات الحرب الإقتصادية على روسيا، والحرب الدعائية التى شوهت صورتها التى تعانى من تإثير الحملة الروسية على سوريا . ومن قبلها السقطة التاريخية المتمثلة فى غزو الاتحاد السوفيتى لافغانستان الذى ترتب عليه تخريب شديد فى علاقة المسليمن مع روسيا. زاد فى ذلك الحملة الروسية على الشيشان التى أخذت طابعاً وحشياً ودعائياً مبالغاً فيه.

روسيا الآن في موقف الإستضعاف أمام الكتلة الغربية، في ما يشبه مواقف دول العالم الثالث المستضعفة والمهددة بإسقاط أنظمتها وتخريب إقتصادها وفرض تبعية مطلقة على قرارها السياسي.

كانت خطة إسقاط روسيا بسيطة ولكنها وحشية وفعالة.

تبدأ بالحصار الإقتصادى وطرد روسيا من سوق الطاقة ، وحرمانها من تصدير الغاز إلى أروبا وطرد بنوكها من أنظمة التعاملات الدولية ، ومحاربة صادراتها( ولو عسكريا) ومهاجمتها بشكل معلن أو غير معلن حتى في أروبا نفسها.

بما فيها ايطاليا الأمر الذى أعطى تلك الحرب وأكد على طبيعتها الدينية بإستهداف روسيا الارثوذكسية.

– وضع بوتين الخيار النووي أمامه ، وضرب بقبضته على الطاولة ، فاتضح أن روسيا تقبل أن تعانى ولكن لا تقبل بالسقوط.

ردت أمريكا بخيار اخر للدمار الشامل أكثر عملية وهو الحرب البيولوجية المعدلة وراثياً. ومضمون الرسالة الأمريكية هي إما خضوعكم الكامل للغرب وإلا فلا حدود للمواجهة، حتى ولو أبيدت البشرية كلها.

 

تعديلات في تركيبة الحرب :

تعيد الأطراف المتحاربة دراسة نتائج الأسابيع التى انقضت على الحملة فى أوكرانيا ، لتعديل أوجه القصور،  بحيث تناسب مواصفات الحروب بعد الحرب الافغانية. ربما تهدأ الحرب الأوكرانية لبعض الوقت . فكل طرف ارتكب أخطاء ونال جوائز.

ولكن الحرب بدأت وكأن لا حلول وسط لها، فأحد الطرفين لا بد أن يغادر الخريطة إما روسيا الإتحاديه أو أوكرانيا وحلف الناتو ومعه الاتحاد الأوربى . أما أمريكا فهى تعرف أن تاريخها كدولة عظمى قد إنقضى، وأن المسألة لن تتعدى سنوات قليلة حتى تتفكك الولايات المتحده وتغادر نهائياً مركز قيادة العالم .

من أجل هذا بدأت إسرائيل فى إعداد قوة عظمى بديلة لحمايتها في برامجها العالمية.

– يبدو أن إختيار اليهود وقع على حلف الناتو، بحكم السطوة الماليه المطلقة لليهود على أروبا.

فأزمة أوكرانيا أوضحت مدى تهافت التركيب السياسى والعسكرى لأروبا. فتصدت إسرائيل لقيادة القارة العجوز. وقد اتضح ان الازمة الاوكرانية تعمل ضد مصالح أروبا، التى لا مصلحة لها فى تفكيك روسيا ولا لإقامة دولة يهودية  فى القارة  ليهود الصفوة من الأشكناز “يهود الخزر” .

– توجهت غنائم الحرب إلى   إسرائيل و سيطرتها الكبرى على تجارة الغاز. وتلك عقدة أساسية فى الصراع الإسرائيلى الروسى . الذى يأخذ شكل صراع غربى روسى واسرائيل مدعومة بالغاز الذى سرقته من مخزونات شرق البحر المتوسط وقد ضمت اليه الغاز القطري الذى سيصل في الوقت المناسب الى اسرائيل ليزيد من مكانتها وقدرتها على التحكم في سوق الطاقة العالمى.

من دواعى الحرب فى طابعها العقائدى يأتي إحياء مملكة يهود الخزر في أوكرانيا وشرق روسيا لتكون إمتداداً اسرائيلياً داخل للقارة الأوربية يؤدي وظائف عملية لها ولإخوانها في مشيخات الخليج. كما يحقق فوائد استراتيجية كثيرة منها وضع تركيا بين فكي كماشة يهودية لتأكيد بقائها داخل الشرنقة الإسرائيلية.

تلازم تركيا باقى القوى الانكشارية الاسلامية ، والتحالف الصهيوإسلامي الذى يسعى إلى السيطرة على مسيرة المسلمين جميعاً.

 

فرص روسيا لكسب الحرب :

من السهل ذكر ذلك ولكن من الصعب جداً تطبيقه . روسيا هى صاحبة أعلى الفرص لكسب الحرب . لأن ذلك يستدعى تواجد عناصر تتعلق بالدين والوطن وذلك وإن كان غير ظاهر الآن فى روسيا إلا أنه موجود وتاريخى. وآخر شواهده كانت الحرب العالمية الثانية التى أسماها الروس “الحرب الوطنية العظمى” ، لأن الإتحاد السوفيتى بعد أن خسر أمام القوات النازية كل أراضيه فى أروبا، فكان آخر ما تبقى من أراضى هو الجزء الأسيوى من الإمبراطورية.وهو إسلامى فى أغلبيته السكانية..

من أسباب نجاح التعبئة فى روسيا  كان المصالحة الكبيرة مع المسلمين وإغداق الوعود بالإستقلال والحرية الدينية والمواطنة المتساوية الى آخر تلك الشعارات البراقة التى لم تسفر عن شئ بعد إنتصار السوفييت ودخول قواتهم برلين عاصمة ألمانيا . معظم الجنود والكثير من ضباط  الجيش الأحمر كانوا من المسلمين . أى أن الإنتصار فى حقيقته كان إسلامياً ( يقول السوفييت أن أفضل طيار في الحرب العالمية الثانية كلها كان مسلماً من بلادهم). ونعلم أن الرئيس المسلم “دادوييف” وهو أول من حكم الشيشان بعد سقوط السوفييت ، كان قائداً لسلاح القاذفات الاستراتيجية النووية).

– ذلك الدرس التاريخى عظيم الخطورة ويضع روسيا أمام طريق الانتصار فى حربها الوطنية الحالية ضد حلف الناتو.

ذلك الطريق يبدأ بإصلاح العلاقة مع المسلمين ، وصولاً إلى أفغانستان التى يجب التفاوض معها لإغلاق ملف الحرب السابقة عليها. فقد غادروها محطمة بدون التعويض أو تطبيع العلاقات مع الشعب الأفغانى الذى يعتبر قلب وكرامة مسلمى العالم.

المفتاح الآخر للإنتصار هو الإقتصاد والترابط الاجتماعى. وإعادة الاقتصاد ليخدم شعوب روسيا أولاً وليس مصالح الاقتصاد العالمى والبنوك اليهودية العظمى.

– تغيير فلسفة الاقتصاد خطوة أساسية مرتبطة بتأسيس عدالة حقيقية وعدم إحتكار الثروات من أقلية تمتلك كل شئ في مقابل أقلية منهكة وغارقة فى المشاكل ولا يمكنها الاهتمام بأى قضايا سياسية . وتلك مشكلة منتشرة فى العالم أجمع ، وقد فرض عليه اليهود إرهاب الرأسمالية المتوحشة ، أو رأسمالية الكوارث، لأنها لا تترسخ وتنمو إلا فى أجواء الكوارث الطبيعية أو الحروب والازمات الكبرى وهذا من أسباب شيوع الإضطراب فى العالم كله. حيث أن الحروب تُتَرْجَم إلى مليارات تصب فى بنوك المرابين اليهود.

لأجل أن تحرز روسيا الإنتصار فعليها أن تحرر اقتصادها من سيطرة اليهود والشركات العابرة للقارات، وتحويله إلى إقتصاد يحقق أهداف الدولة ومطالب الشعب.

– العقبات أمام تنفيذ تلك المقترحات هائلة وأهمها الإفتقار إلى قياده مؤمنة بتلك الحلول ، إضافة إلى تنظيم سياسى شعبي قادر على نشر تلك المبادئ ، وقيادة الجماهير نحو تحقيقها . فالاحزاب الحالية فى العالم أجمع ليست إلا مهزلة تسمى ديمقراطية، وهى في الحقيقة ذراع سياسي لتثبيت حكم الرأسمالية المتوحشة.

 

تغير استراتيجية الحرب :

– يمكن أن نطلق على الحملة الروسية وصف ضربة اجهاضية لمحاولات حلف الناتو الوصول الى الحدود الروسية. وان هدف الجيش الروسي هو تحطيم البنية العسكرية التحتية القادرة على استقبال قواعد حلف الناتو فى أوكرانيا .

فهى إذاً ضربة إستباقية أو حملة وقائية. أما وصفها بأنها حرب فهو مبالغة للتشنيع على روسيا التى لو أرادتها حرباً لإستخدمت قوات أكبر وأقوى تسليحاً وأشد تدمبراً . بينما نشاهد حرباَ ذات أهداف منتخبة ، ومسيرة قتال غير متعجلة، تتوسع أققياً ولا تتصاعد نوعيا، حتى الآن على الأقل.

 

حرب المرتزقة فى أوكرانيا :

بوتين أعلن عن قبوله فكرة استقبال ستة عشر الف متطوع من سوريا . وقال إنهم ليسوا مرتزقة. وهذا غير صحيح لأن الحرب في سوريا كانت إرتزاقية بالكامل ، وممولة من الخليج، وتسليح من أمريكا وحلف الناتو، رغم الشعارات الكاذبة التى رفعها القادة المحليون بإسم الإسلام لإحتذاب أصحاب النوايا الطيبة قليلو التبصر بحقائق الأمور.

– الجانب الحكومي سار على نفس الطريق، فالمقاتلون إما جنود مجبرون أو مليشيات مستأجرة . لا تقل همجية ووحشية عن إخوانهم على الجانب الآخر.

– الآن يستعين حلف الناتو بجزء منهم، ويقول بوتين أنه سوف يستعين بالجانب الآخر.

– ولكن هناك فارق جوهري وهو أن الناتو يواصل استخدام نظرية الارتزاق التى طورها فى أفغانسان وارتبطت بأفرع استراتيجية أخرى، على رأسها استراتيجية الفساد الشامل الذى خرب قوات الإحتلال والقوات العميله وقوات المرتزقه نفسها .

فحلف الناتو متجانس فى ذلك مع عقائده فى افغانستان وبنيانه الخلقى وصلاته الوثيقة بأسواق الارتزاق العالمية وشركاته الكبرى. فهناك شعوب كاملة قابلة لتجنيد أي عدد من المرتزقة هروباً من الفقر والاذلال السياسى وفقدان الامل فى الحاضر والمستقبل وفقدان الايمان بكل شئ وأى شئ. تلك الشعوب موزعة على القارات الخمس.

الغرب هو صاحب السهم الأعلى فى لعبة الارتزاق. ومع ذلك فهو المرشح بأن يكون الخاسر الأكبر بسببها .  الإرتزاق  والفساد هما جناحا استراتيجية الهزيمة التى أودت بالإحتلال الامريكي الأروبى لأفغانستان.من أشد المخاطر على الناتو هو عدم إدراكه أن الحرب فى أوكرانيا هى حرب داخل أروبا نفسها. وهذا يعنى ان الاستراتيجية المستخدمة ستتفاعل سلبياتها فى البلاد الاوربيه وليس فى أراضى غريبه وبعيدة كما كانت فى افغانستان.

ستنتج فوضى داخل أروبا بكل تأكيد فمجموعات الإرتزاق والفساد ستنشر الجريمة المنظمة، أو المقاومة الدينية والقومية داخل أروبا طولاً وعرضاً ، شرقاً وغرباً . سيكون شرق أوربا هو الحاضنة الأكبر. فلدى شبابه أكبر الدوافع لتفجىر حروب داخل أروبا.

 

النصر للشعوب أم لشركات المرتزقة ؟؟

حروب أفغانستان الاخيرة ، وجميع الحروب فى التاريخ ، أثبتت أن الحرب التى يساندها الشعب هى التى تنتصر’

ان الانتصارات التى تحققها الجيوش القوية تكون عرضة للزوال السريع إذا لم تساندها الشعوب.

 

وهنا عدة ملاحظات :

– أن روسيا لديها إمكانية لحشد شعبها خلف أهداف حربها ضد حلف الناتو..

كما يمكن لروسيا أن تجعلها حرباً وطنية عظمى، كما فعلت في الحرب العالمية الثانية، ثم تخوضها تحت شعارات وطنية ودينية.

أما أروبا فلا تمتلك تلك الامكانية نظراً للتنافر الشديد بين شعوبها والعداوات التاريخيه فى ما بيها وميلها إلى سفك الدماء والتخريب. وما حالة السلام التى سادت أروبا بعد الحرب العالمية إلى الآن إلا نتيجة المليارات التى نثرتها البنوك الربوية على شعوب أروبا خلال إعادة الإعمار وبناء الاقتصاد. لتحويل أروبا إلى مجموعات إنتاج تجمع الثروات لدفع الديون والفوائد للبنوك . لذا ستكون الحرب الفوضويه القادمة متوجهة فى جزء كبير منها صوب الإنتقام من تلك التركيبة الوحشية للإقتصاد وسيطرة البنوك الربوية.

– يمكن لروسيا أن تواجه خطر التقسيم والزوال بمجموعات روسية تدافع عن أرضها وجوارها المباشر فى أوكرانيا حفاظاً على الهوية الوطنية والدينية لشعوب روسيا الاتحادية        .

لا يعنى ذلك رفض قبول ( متطوعين حقيقيين )، فهؤلاء لهم أهمية معنوية كبيرة للجبهة الداخلية وللسمعة الدولية.

وكان ذلك متجلياً فى حالة المتطوعين المسلمين فى افغانستان لمحاربة الغزو السوفيتي. ولولا تحكم السعودية وعملائها فى الوسط الإسلامي لتمكن هؤلاء المجاهدون من تغيير الخريطة السياسية فى الكثير من بلاد المسلمين.

– ولا ننسى أن حلف الناتو حارب فى أفغانستان لعشرين عاماً . ولا ننسى تدخله فى سوريا والعراق وليبيا وجزيرة العرب.

ولا يمكن التغافل عن خطره الكبير القادم بعد أن أصبح أداة فى يد إسرائيل فى الصراع الأوكرانى.

فإسرائيل لن تستغني عن خدماته العسكرية فى المنطقة العربية.

وقواته مرشحة لمصاحبة القوات الاسرائيله الى عمق جزيرة العرب وصولاً إلى المدينة  المنورة ، وإن أمكنهم  إلى مكة أيضاً .

 

بقلم  :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
المصدر:
مافا السياسي ( ادب المطاريد )

www.mafa.world