إستهدافات ترامب الثقافية : هل تصل إلى الكعبة والمسجد النبوى والأقصى ؟

إستهدافات ترامب الثقافية :

هل تصل إلى الكعبة والمسجد النبوى والأقصى ؟

ترامب يهدد يقصف 52 موقعا ثقافيا فى إيران .. لماذا؟؟.

لأنه يعلم غيرة الإيرانيين على تراثهم ( الدينى / الثقافى ) ، وهما شئ واحد فى الغالب .

وأما رقم 52 فهو عدد الأسرى الأمريكيين الذين أخذهم الطلاب الإيرانيون كرهائن عند إقتحامهم السفارة الأمريكية فى بدايات الثورة الإسلامية عام 1979 . ترامب يريد القول بأن فى قبضته رهائن “ثقافية” ، وأن بلاده حقودة ولا تنسى ثأرها مهما طال الزمن . تماما كما تصف إسرائيل نفسها.

–  دخل ترامب فى عداد المنتصرين منذ لحظة إغتياله لكل من الجنرال قاسم سليمانى ، وأبو مهدى المهندس وزملائهما بضربة جوية عقب خروجهم من مطار بغداد الدولى فى رحلة قادمة من دمشق .

فى نفس اللحظة ضَمِنَ ترامب فوزه فى الإنتخابات الرئاسية القادمة فى عام 2021 ، وأيضا خروجه سالما من الحملة الشرسة لمحاكمته أمام الكونجرس، على تجاوزاته واستخدام سلطاته لخدمة مصالحه الخاصة .

ود ترامب لو يوقف الزمان عند هذه اللحظة المنتصرة . وأشد ما كان يخشاه هو ردود فعل إيران ، وإحتمال أن يتحول ذلك النصر إلى هزيمة تفقده إمكانية إنتخابه للمرة الثانية .

– خدمة عظمى قدمها ترامب لإسرائيل بعملية إغتيال سليمانى ، متوجاً هداياه التى لم يسبقه بمثلها أى رئيس أمريكى آخر : من إعترافه بالقدس الموحدة عاصمة “أبدية لإسرائيل”، التى إعترف بشرعية ضمها للجولان السورية ، إلى إعترافه بشرعية المستوطنات التى إبتلعت الكثير مما تبقى من ممتلكات الفلسطينيين فى بلادهم . إضافة إلى تحقيقه لمكاسب يهودية عظمى فى الخليج وجزيرة العرب واليمن لم تكن تحلم بها إسرائيل .

– هذا السجل “الناصع” من الخدمات العظمى لإسرائيل ، توَّجَهُ بعملية إغتيال كانت أُمْنية غالية لإسرائيل ، ضَمِنَ ترامب رضا القوة المالية اليهودية فى الولايات المتحدة . وهى صاحبة القرار الحاسم فى تحديد نوعية وشخص الرئيس ضمن أطر (الديموقراطية) الأمريكية. فهى القوة المهيمنة على مجلسى النواب والشيوخ ، وعلى التيار الغالب فى الإعلام . إختصارا هى القوة الحقيقية الحاكمة والمتحكمة فى تلك الدولة “الأعظم” فى العالم .

– ولكن الذى حدث هو أن عملية الإغتيال أدت إلى تفاعلات فى الداخل الأمريكى ، وفى السياسة الدولية ، ثم فى العراق ومنطقة الخليج والجزيرة. تفاعلات كانت عموما فى صالح إيران وفى غير صالح عملية الإغتيال التى أضحت علامة فارقة بين عهدين : ما قبل ، وما بعد الإغتيال.

فإذا إبتلعت إيران الإهانة ، كانت تلك خطوة أولى سريعا ما يتبعها شريط طويل من تنازلات تنتهى بإيران إلى وضعية مشابهة لأى مشيخة على الشاطئ الغربى من الخليج . أما إذا رَدَّتْ الصاع صاعين ــ كما هى عادتهاــ  فإن ترامب تعهد بإستخدام غير متكافئ للقوة . وهو يعلم أن ذلك لن يخيف إيران التى جربت الحرب المكشوفة فى حربها مع العراق لثمان سنوات واجهت فيها العالم، من الإتحاد السوفيتى إلى أمريكا وكبراء حلف الناتو، وقوة أموال نفط الخليج .

الرادع الذى يظن ترامب أنه فعال هو خشية الإيرانيين وحرصهم على تراثهم (الدينى /الثقافى) الذى من أجله سافر الآلاف منهم الى العراق وسوريا للدفاع عن ـ المراقد المقدسة ـ التى هددها الدواعش وإخوانهم ، بل وفجروا أجزاء منها .

– ربما تصور ترامب أن الشعب الإيرانى سوف يضغط على قيادته من أجل الإمتناع عن الثأر الذى قد يؤدى إلى دمار كامل للتراث (الدينى الثقافى) الشيعى فى إيران . ولكنه كان مخطئا ، وكذلك مستشاروه . لأن الشعب الإيرانى خلال مراسم تشييع جنازة الشهداء أبدى عزيمة لا تردد فيها على الأخذ بالثار والإنتقام مهما كانت النتائج . وجميع فجوات السياسة الداخلية ردمتها بسرعة عملية الإستشهاد الذى تعرض لها الجنرال سلمانى ــ البطل الشعبى فى إيران ــ حتى أصبحت دعوات الثأر للشهداء عاملا ضاغطا يستحيل تجاهله ، أو تأجيله طويلا، بغير ثمن كبير يدفعه النظام من رصيد مصداقيته وصلابته .

 

إذن سوف تَرُدْ إيران على جريمة الإغتيال . فهل ينفذ ترامب تهديده بالدمار”الثقافى” ؟؟ .

لا يمكن تأييد ذلك أو نفيه. ولكن يمكن الترجيح قياساً على مجريات الأمور داخل النظام الأمريكى ، وتأثُرِه / أوخضوعه/ لمطالب مموليه اليهود .

والهدف اليهودى ليس تدمير الأماكن المقدسة للشيعة ، بقدر ما هو تدمير المساجد الثلاث المقدسة للمسلمين جميعا ، أى الكعبة المشرفة فى مكة، والمسجد النبوى الشريف فى المدينة ، والمسجد الأقصى فى القدس .

ليس تدميرها فقط ، بل وإلصاق تلك الجريمة بإيران(والشيعة)، بدعوى أنهم خلال عمليات الثأر وتطاير آلاف الصواريخ إنتقموا لتدمير مساجدهم “الشيعية” ، فدمروا المساجد الثلاث بإعتبارها مساجد”سنية”.

وهكذا يتأصل الصراع الدامى بين طائفتى السنة والشيعة إلى درجة الإستئصال . ومن خلال ذلك الصراع (الوجودى) تتعمق التحالفات “السنية” مع أمريكا وإسرائيل ، أكثر مما هو قائم حاليا مع حكومات وتنظيمات حركية سنية . فاتهام الشيعة بالعدوان على المساجد الثلاث هو أسهل الأمور على أمريكا وإسرائيل وحلفائهم من العرب. فأثناء العدوان على شعب اليمن كانت حكومة بن سلمان تدعى أن “الحوثيين ” يستهدفون مكة ، وذلك إذا سقط أى صاروخ بالقرب من الرياض أوحتى فى الربع الخالى .

– إن تدمير الكعبة هو أمنية لدى المتطرفين من المحافظين الجدد والمسيحيين الصهاينة فى الولايات المتحدة. وكانت وصفة مفضلة لدى العديد منهم للقضاء على الإسلام . حتى أن بعضهم طالب بتوجيه ضربة نووية إلى مكة . وفى ظنهم أن تهديم الكعبة بشكل نهائى سوف ينهى الإسلام ، فتنزاح آخر العقبات التى تؤرق الغرب الصليبى .

ومازلنا نذكر تصريح السكرتير العام لحلف الناتو فى بداية التسعينات، من أن الغرب قد تخلص خلال القرن العشرين من أهم عدوين له وهما النازية والشيوعية . ومهمته المتبقة هى التخلص من الإسلام .

–  قد يكون هدم الكعبة بضربة صاروخية (تقليدية أو نووية) هو العلاج النهائى الناجز. رغم أن بن سلمان قد وضع مملكته خارج نطاق الإسلام . والسعودية التى حاربت المسلمين (بعقيدة إبن عبد الوهاب) فأسقطوا خلافة المسلمين فى بدايات القرن العشرين ، وبالتالى تمكن اليهود من إحتلال فلسطين وتمزيق العرب إلى دويلات (سجون) لا تسمن ولا تغنى من جوع . ثم تحولت السعودية فى بداية القرن الحادى والعشرين إلى مملكة (للترفيه) الذى يعنى الدعارة المنظمة تحت رعاية الدولة ، وتجارة الرقيق الأبيض فى شبكات داخل المملكة ، تضمن إمداد جيوش الإحتلال المتمركزة داخل البلاد باحتياجاتها الجنسية . ودوليا إمداد قوات مرتزقة بلاك ووتر( بإدارة : بن زايد / أريك برنس) بفتيات الترفيه.

أما شعوب الفقر والتخلف ، فقد أوصِدَتْ أمامها أبواب الرزق، فلا طريق إلى الثروة سوى أن يكون شبابها ضمن جيوش المرتزقة ، وفتياتها ضمن منظومة البغاء. تلك الصناعة التى يروجها آل سعود تحت مسمى الترفيه، وينفقون فى تشييد بنيتها التحتية ملايين الدولارات ، ولكنها تعود بالمليارات على الملك وحاشيته .

فمن أجل تنويع مصادر الدخل جعل بن سلمان من الدعارة والقمار مصدرا ” شرعيا” وأساسيا لثروة المملكة التى أصبحت “قِبْلَة” يأتيها فَسَقَة العالم من كل فج عميق.

 فلو دمر ترامب الكعبة ، فإن آل سعود وآل سلمان لديهم من موارد ” الترفيه” ما يعوض خسائرهم .. وهكذا يديرون الأراضى المقدسة!! .

– أيدى اليهود ستظل بريئة من هدم المسجد الأقصى إذا استهدفه ترامب ضمن حملته التى يهدد بها “الأهداف الثقافية” الإسلامية . ولن يضيع اليهود وقتا فى عملية إعادة البناء . ليس إعادة بناء المسجد الاقصى بل بناء(هيكل سليمان) مكانه .

ولن يثأر لهدم المقدسات أحد من معسكر ترامب الإسلامى . بل سينتقمون من باقى المسلمين، ويتبادلون معهم الإتهامات حول من الذى هدم المقدسات الإسلامية … وكانهم لا يعلمون !!.

 

بقلم  :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري 
المصدر:
مافا السياسي ( ادب المطاريد )

www.mafa.world