أسرار الحرب الاستخباراتية

أسرار الحرب الاستخباراتية ( العالمية ) !

الجزء الاول

توطئــــــــــــــــــــة !

عندما نريد أن نتحدث عن فن الاختراق ..

لانستطيع أن نتحدث عنه بشكل روتيني تقليدي !

كيف وهو العلم الأخطر في هذا العصر ..

هو العلم الذي تتسابق له الدول كلها اليوم ..

كيف وهو أساس الحرب الأهم والأخطر في هذا الزمان .. حرب الاستخبارات ؟!

_ فله تُرصد أموال وتُسخّرُ أجهزة وتُهيّأ أفراد ..

وتؤسّس مقرات وتُصنع تكنولوجيات !

*****

* فكيف يظن الواحد فينا أنه قادر ببساطة وسهولة هكذا ..

أن يعرف أسرار هذا العلم أو أن يتعلم أسراره ؟!!

* كيف مايزال الواحد فينا يظن أن الاختراق هو شيء تقليدي روتيني ..

1- فيظن أنه إذا قلنا أن هذه الجماعة فيها اختراق ..

فمعناها أنَّ كلَّ ماتفعله هذه الجماعة هو بأمر الجهاز الاستخباراتي المُخترِقُ لها !

فيظن من كلامنا أن هذه الجماعة كلما أرادوا فعل أمر ما ..

سيتصلوا بـ (علي مملوك) أو بـ (قاسم سليماني) أو حتى (ديفيد باتريوس) !

2- أو أنَّ الرجل المخترق لهم ..

سيقول لهم : قال لي (علي مملوك) أن نفعل كذا أو كذا !!

3- أو أنه يقيس الأمور على مقياس :

كم يخوض قائد هذه الجماعة حروباً ضد الروس والإيرانيين و.. الخ ..

دون النظر لجدوى هذه الحروب أولاً والنظر لاستراتيجيتها ثانياً ..

4- أو أنه يقيس الأمور بـ كم تقتل هذه الجماعة من الخصوم ..

وينسى الاعتبارات اللازم اعتبارها في هذا .. !

* هل ياترى تسأل هذه الدول (كالايراني والنظام وحتى الروسي) ..

عن قتلاها أولاً؟!

* ثم هل تعتبر أجهزة المخابرات العالمية ..

أنه لو خسرت عدداً كبيراً من القتلى مقابل تحقيق مكاسب للبلد ..

فهل لديها مشكلة في ذلك ثانياً ؟!

***

ألم تسمع بـ عملية بيرل هاربر مثلاً ..

والتي برّرت لأمريكا دخول الحرب العالمية بعد الرفض الشعبي للدخول ..

هل تعلم أسرار هذه العملية ؟!

(عملية بيرل هاربر)

_ كان العالم (الحيادي) كله ينتظر  نتائج معركة ستالين غراد ..

ليرى إلى أي طرف سيصطف !

(ومنهم تركيا التي كان لها نية خفيّة بدخول الحرب إلى جانب ألمانيا لكنها كانت تخاف مما حدث معها بالحرب العالمية الأولى فكانت تنتظر معركة ستالين غراد فأعلنت الحياد -الذي كان يفيد ألمانيا حقيقةً- والذي دفع ستالين لتجديد الحلم السوفيتي “الأرثوذوكسي” القديم الجديد من أيام الإمبراطورة كاترينا باسترداد القسطنطينية والسيطرة على مضائق البوسفور والدردنيل واسترجاع قارص وبعض الولايات الشرقية التي تعتبرها موسكو تابعة لروسيا إلى الآن! ولهذا إلى الآن فإن مضائق البوسفور تخضع لاتفاقيات دولية تمنع تركيا من التحكم فيها إلا في حال دخولها حرب ضد روسيا!)

_ ومن هؤلاء (الحيادين) المنتظرين لنتائج ستالين غراد ..

كانت حكومة (روزفلت) الأمريكية ..

فبالرغم من أن بريطانيا وفرنسا دخلت الحرب في أيلول 1939، فإن أمريكا لم تدخل الحرب إلا في عام 1942 !! يعني بعد 3 سنوات كان هتلر فيها يحرق أوروبا حرقاً، وحرق بريطانيا ولندن حرقاً في عام 1940، لكنهم لم يتدخلوا -هم نفسهم من يدّعي الآن حرصهم على الأمن الأوروبي-

(قصف هتلر للندن)

فكانت حكومة روزفلت تنتظر نتائج معركة ستالين غراد، فرأت أن الكفة الهتلرية بدأت بالهبوط والانحدار، فجنّ جنون روزفلت لدخول الحرب ليتقاسم الكعكة النازية وإرثها، وإلا لخرج لخارج العالم والتاريخ، فلقد كانت أمريكا لمعلوماتكم قبل دخول الحرب دولة عادية مثلها مثل أي دولة وكانت قدراتها التسليحية البرية والبحرية عادية وقدراته الجوية هزيلة!

* فكان لابدّ من دخول الحرب .. !

طيب كيف والشعب الأمريكي كان رافض رفضاً قاطعاً لدخولها ؟!

أي سهلة .. عليكم باللعبة الاستخبارتية أهم وأخطر طُرق الحرب والموجِّه لها!

وأتمنى منك أخي الحبيب أن تفهم هذه اللعبة جيداً لأنها ستفهمك الكثير !

_ روزفلت كان يحتاج حجة لإقناع الشعب بدخول الحرب ودفع تكاليفها ..

فكان المُخطَّط مايلي :

روزفلت أخفق في استدراج ألمانيا لشنّ هجوم على أمريكا في شمال الأطلسي رغم أنه استفزّ السفن الألمانية كثيراً لكن الألمان لم يريدوا أن يُدخلوا الأمريكان بالحرب في تلك المرحلة ويفتحوا جبهة جديدة لهم ..

ولهذا قرّر استدراج اليابان لمهاجمة قواعد أمريكية في المحيط الهادي وهكذا يستطيع استدراج ألمانيا (وهي الهدف لتقاسم كعكتها) حيث إن اليابان كانت متحالفة مع ألمانيا !

* وهذا نستعمله دائماً في العلوم الاستخباراتية ..

فإن كان من الصعب عليك اختراق جهة ما، حذرة محصنة لديها خبرات بمنع الاختراق، فاخترقْ حليفها تصل لنفس النتيجة، وهذا كان يفعله السوفييت كثيراً فكانوا أحياناً يخترقون الأمريكان -في وقت ضعفهم- ليصلوا لمعلومات عن الإنكليز في أوائل الخمسينات، وفعلوا العكس عندما تقوى جهاز الاستخبارات الأمريكية CIA في فترة الستينات والسبعينات ..

* وكذا لو أردت أن تخترق حزب الله مثلاً فهو حزب متمرس من الناحية الأمنية ويصعب اختراقه، فكنا نسعى لاختراق المعارضة البحرينية التي كانت هشة ولاخبرات لديها استخباراتية وسهل جداً اختراقها والوصول لمراكز مرموقة فيها وهكذا نستطيع اختراق الحزب ومعرفة مخططاته وشبكاته التي كان ولابد سيمد البحرينيين بها وسيتواصل معهم وكذلك كنا سنفعل مع اليمنيين الحوثيين (بالأقل إلكترونياً عن طريق إنشاء حسابات وهمية تشاركهم وتتبع لهم على أساس وذلك لقلة إمكانياتنا) !

فتم استدراج الياباني للحرب ..

عن طريق عملاء سوفييت داخل أمريكا نفسها ..

وبتوافق من حكومة روزفلت نفسه !

لأن السوفييت كانوا يخشون كثيراً من تقارب ياباني أمريكي لأنهم بذلك سيطوقون الاتحاد السوفيتي أولاً، وكانوا يريدون شغل اليابان عنهم نهائياً بعدم مهاجمتهم مع حليفهم الألماني وخصوصاً بعد سحب جنودهم من جبهة اليابان (بناء على معلومات من جاسوس محترف سنتكلم عنه لاحقاً اسمه ريشارد سورج) ثانياً، وهكذا حققوا الأمرين بهجمات بيرل هاربور، والتي كان لهم دور فيها عن طريق عميلهم :

دكتور الاقتصاد المشهور (وايت) ..

هذا الدكتور كان يميل بالسر للبلشفية الروسية كثيراً بل وكان جاسوساً مع المخابرات السوفيتيتة (KGB) رغم أنه قد لعب دوراً أساسياً في وضع الاستراتيجيات الاقتصادية لعالم ما بعد الحرب، وقد طبقت خطط عديدة من السياسات التي وضعها، وعاش بعضها حتى الآن، مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ..

فهل تتخيل أن مثل هذا من الممكن أن يكون عميلاً ؟!!!!

_ هو لم يقم بالتجسس لصالح الاتحاد السوفييتي فحسب، بل سعى أيضاً إلى تشكيل الخطط الاقتصادية الأمريكية الحساسة والمهمة وفقاً للأوامر التي تلقاها من موسكو، ولعب الدور الرئيسي في القرارات التي استفاد منها الاتحاد السوفييتي وقتها. لكن بالطبع الأمريكان بعد ذلك استطاعوا أن يتجاوزوا تأثيره وحولوا خططه لصالحهم كما في حالة صندوق النقد الدولي الذي كان هو من اخترعه فحولته الآن أمريكا لعصاها الغليظة الاقتصادية ضد كل من كان يعاديها وخصوصاً بعد انهيار الاتحاد السوفيتي !

*ومن هذا تفهم كلامي بمقالات مخططات عن حجم الإنجاز الهائل والشعور الرهيب بالنشوة الذي شعرت به أمريكا عندما دمرت دولة كالاتحاد السوفيتي، وهذا مادفعها إلى الغرور ودخول حربي أفغانستان والعراق لاحقاً لتُنهي أي بؤرة معارضة لها بدءاً بمحاصرة إيران وإسقاط نظام بشار ونهاية بتفكيك روسيا وخنق الصين .. وهنا كانت لعبة المخابرات الإيرانية والسورية الأكبر بهدّ أمريكا واستنزافها عن طريق حجرة الشطرنج المميزة في هذا العصر: “نحن” !

_ نعود لموضوعنا عن بيرل هاربر واستدراج اليابان ..

هذا (وايت) كان يشغل منصب مساعد وزير الخزانة في عهدي روزفلت وترومان (لاحظ أنه بقي لرئيسين ولم يُكتشف من قبل أخطر جهاز استخبارات في العالم CIA، يا من الآن تقول: لا أنا بعرفو لهالأمير مستحيل !) وكان صديق حميم لوزير الخزانة الأمريكي وقتها والذي كان صاحب نفوذ كبير على روزفلت وأحد أهم أركان الحكومة الأمريكية.. فسلّمه مذكرة هي من أفكار (بافلوف رئيس قسم الشؤون الأمريكية بالكي جي بي) وطلب منه أن يعمل على ترويجها في الدوائر الأمريكية العليا المسؤولة عن السياسة الخارجية الأمريكية، وكان من بين تلك الأفكار مطلب ملح بأن توقف اليابان عدوانها وتستدعي قواتها المسلحة من الصين ومنشوريا وذهبت هذه الأفكار إلى مدى أبعد بمطالبة اليابان بأن تبيع جزءاً كبيراً من أسلحتها للولايات المتحدة وكانت هذه المطالب مكتوبة بلغة فظة .. ومن الواضح أن الهدف من ذلك هو إثارة عداء اليابانيين !

 وفعلاً تم الأمر ووقع اليابانييون في الفخ .. وبدأ المتهورون منهم يقولون أرأيتم يجب أن نضرب (الكفار والمرتدين) الأمريكان فهم يعادوننا ويتآمرون على (دولتنا وخلافتنا) ونسوا رأس أعدائهم وقتها الاتحاد السوفيتي الذي كان حليفهم النازي بحاجة ماسة لوقوفهم معه في تلك المرحلة وفتح جبهة على السوفييت -ولو فعلوا لانتصر الألمان في الحرب كلها- لكنهم وقعوا بالفخ واستُدرجوا بسبب (طلبات أمريكية بلغة فظة لهم) كانوا يستطيعون ضبط نفسهم وعدم الانجرار وراء الفخ والمماطلة مع الأمريكي لحين انتهائهم من السوفيتي رأس أعدائهم هم والألمان وقتها .. استدرجوا ووقعوا في الفخ فكانوا حجرة شطرنج بين اللاعبين الذين أصبحوا كبار بسببهم (الروسي والأمريكي) وكانوا هم كعادة أحجار الشطرنج خارج اللعبة وأكبر الخاسرين !

_ وصدقوني أكرر لكم لولا بيرل هاربر (والتي لاحظ أن ظاهرها خسارة لأمريكا وقتل لـ 3000 من مواطنيها وتدمير أكثر من 300 بارجة ومركب لها) ومع ذلك لولاها لكانت أمريكا الآن دولة مثلها مثل السويد، لا كلمة لها ولاقرار، وكانت اللعبة الدولية ستكون بين الاتحاد السوفيتي وبريطانيا (التي أصبحت اليوم مجرد تابع لأمريكا) وكانت أمريكا خارج اللعبة تماماً ! فتأمل !!!

_ فالمؤامرة تمت من قبل حكومة روزفلت، وبصمت سوفيتي وباستدراج للياباني الذي كان مهمته حجر شطرنج فقط وكان من ثم أكبر الخاسرين (انظروا إلى اليوم حتى أن الياباني أكبر خسارة من ألمانيا نفسها من الناحية العسكرية والاستراتيجية فاليابان اليوم بلد هامشي لاقرار له في العالم ولا أي تأثير عملي، لكن حتى ألمانيا فلها اليوم تأثير رغم محدوديته.. وهكذا حال أحجار الشطرنج دائماً وفي كل زمان.. والعجيب أنهم كذلك كانوا يقومون بعمليات (استشهادية!) على البارجات البحرية.. فيبدو أن هذه العمليات (رغم أهميتها أحياناً) هي سمة أحجار الشطرنج دائماً !!!!

***

والأهم أنه لو علمت أن دخول أمريكا بالحرب لم يكن هو من أسقط هتلر، فقد كان ثبات الروس والإنكليز هو الأهم لوقف زحفه ومده .. وجاء دخول أمريكا كركوبٍ للموجة، ومجرد مساعدة لسقوطه، وكانت هي أقل من تكلف بهذه الحرب مادياً وبشرياً ومع ذلك كانت هي أكثر الحاصدين على الإطلاق ! وخصوصاً بدخولها الذكي بالقنبلة النووية وهذا يفسر لك السر الحقيقي لإلقاء القنبلة النووية على اليابان رغم أنها كانت على وشك الاستسلام أصلاً !

_ هي كانت تريد حصد كل شيء بعد الحرب ودخول العالم كانها القطب الوحيد، فالجميع كان منهكاً إلا هي ، والجميع كان مشغولاً إلا هي كانت تقعد برياحة وبهدوء وبسلام تصنّع القنبلة النووية لتحسم الحرب لصالحها وتخرج منها سيدة العالم (للمعلومات فإن تصنيع القنبلة النووية تم أثناء الحرب العالمية بينما كانت أمريكا مشغولة ولم يتم استدراج اليابان إلى بيرل هاربر إلا بعد ان أشرفت القنبلة النووية على الانتهاء) .. وكانت فعلاً ستصبح سيدة العالم بلا منازع لولا الحرب الاستخباراتية !!

_ تقول لي الحرب الاستخباراتية هي من حرمت أمريكا لـ3 عقود من أن تتحكم بالعالم كقطب واحد أوحد وحمت الاتحاد السوفيتي من الانهيار بعد حرب أوكرانيا التي استمرت لعشر سنين بعد سقوط برلين ؟! أقول لك بكل بساطة نعم .. تقول لي كيف هذا ؟! أقول لك كان هذا بسبب هذا الرجل واسمه :

 جورج كوفال الملقلب بـ (دلمار) ..

كان جاسوس روسي رغم أنه كان مسؤول كبير بالفريق النووي الأمريكي ويعتبر الجاسوس الأكثر نجاحاً في تاريخ جهاز الاستخبارات السوفياتية، حيث تمكن في منتصف الأربعينات من القرن الماضي التسلل والدخول إلى منشآت سرية أمريكية كانت تعمل على تطوير الأسلحة النووية، والمعلومات التي قدمها ساعدت العلماء السوفييت في أقصر وقت ممكن على إنتاج قنبلة ذرية حالت دون توجيه تهديد نووي من قبل الولايات المتحدة الأمريكية !

ولولا أن الاتحاد السوفيتي سرق سر القنبلة النووية بلعبة استخباراتية؛ لكان الاتحاد السوفيتي انهار منذ الأربعينيات وكانت أمريكا اليوم أقوى بكثير مماهي عليه الآن وكانت ستكون سيدة العالم لقرن من الزمان .. !

* أرأيتم (من كل ماسبق ومن كل قصة بيرل هاربر المهمة جداً) ماهي الحرب الاستخباراتية يا أمة سيد اللعب الاستخباراتية بالتاريخ برأيي صلى الله عليه وسلم (وذلك نظراً لإمكانياته وتكنولوجيته وقتها والمحيط حوله منذ 1450 عام ؟!!) ؟!

***

لكن هنا يأتي سؤال ؟!

بين بيرل هاربر وهجوم الألمان على روسيا 4 أشهر (من حزيران لأيلول 1941) .. طيب كيف ضمن الاتحاد السوفيتي أن اليابان لن تهاجمه قبل بيرل هاربر فقام بنقل مليوني جندي من جبهة اليابان إلى جبهة ألمانيا ؟! وكان هذا النقل هو العامل الأكبر بعدم سقوط ستالين غراد وبكسر شوكة الألمان ولولاه لاجتاحوا موسكو قبل بدء الشتاء ؟! وبالتالي كان تغير وجه العالم كله وتغير مسار الحرب العالمية الثانية وكنا نعيش الآن بعالم آخر غير العالم الذي نعيش به الآن ؟!

الجواب : بالحرب الاستخباراتية أيضاً وأيضاً وأيضاً ..

وبسبب هذا الرجل (ذو الوجوه الثلاثة) ..

الذي خصص له الاتحاد السسوفيتي طابع كامل يحمل اسمه وصورته ..

إنه : ريتشارد سورج !

أما ريتشارد سورج الذي يسميه الروس بـ(سيرجي) ..

فهذا لوحده مدرسة أسطورية ..

فهذا الرجل الذي كان حفيد (سورج) سكرتير أحد أهم منظري الشيوعية: (ماركس) والذي نال أوسمة بحربه ضد الألمان بالعالمية الأولى إلا أن عقله كان يستهجن ويحتقر القتال المباشر، والاشتباك الواضح الصريح، ويعتبر كليهما وسيلة من لا عقل له (هذا كلامه) !

_ هذا الرجل ياسادة هو بالحقيقة أحد أهم من رسم وجه العالم الحالي، لأنه كان أحد ّأهم من حدّد نتائج الحرب العالمية الثانية، هذا الرجل هو من دمّر فعلياً الرايخ الثالث، هو من دمّر ألمانيا النازية التي اكتسحت البشرية والتي لم يستطع أحد الوقوف أمامها، رغم كل الأسلحة ورغم كل الصواريخ التي ووجهت بها، ورغم أنها كانت الحرب الأغلى تكلفة بشرياً ومادياً في التاريخ الإنساني؛ إلا أن هذه الحرب كلها لم تكن شيء مقابل رجل واحـــــــــــد .. وماكانت ستُستثمر لولا الحرب الاستخباراتية !

* فبسبب معلومة هذا الرجل أن ألمانيا ستهاجم الاتحاد السوفيتي رغم أن هتلر كان قد عقد معها معاهدة دفاع عسكري (للتمويه) قبل فترة بسيطة، فبسبب معلومته هذه فقد الألمان عامل المفاجأة، وهو أكثر ماكان يريدونه في غزوهم للاتحاد السوفيتي بالذات لإنهائها قبل قدوم الشتاء السوفيتي الشديد البرودة هذا أولاً !

وبسبب معلومته الثانية استطاع الروس صدّ الهجوم الألماني ثم البدء بهجوم عكسي ثانياً ثم إسقاط هتلر والوصول لبرلين ثالثاً ! ماهي هذه المعلومة ؟! هذه المعلومة هي أن اليابانيين لن يدخلوا الحرب مع السوفييت ولن يفتحوا جبهة معهم !

_ تقول لي : هلأ هذه هي المعلومة ؟!

أقول لك بهذه المعلومة نقل ستالين -الذي كان يتابع سروج شخصياً- مليوني جندي روسي من سيبيريا إلى الجبهات مع الألمان، فبهؤلاء استطاع وقف الزحف الألماني وبدأ بهم الهجوم المضاد وبدأ انهيارات جيش هتلر حتى وصل برلين ….. وبدون تعليق !

(ثم أتى بعده دور وايت العميل الروسي آنف الذكر بإشعالها بين الأمريكان واليابانيين بحيث يضمنوا عدم فتح اليابانيين لجبهة معهم أبداً .. ولو فتحوها لسقطت موسكو بيد هتلر ولَكُنا الآن نعيش بعالم آخر غير العالم الذي نعيش فيه تمـــــــــــــــاماً !)

_ عرفت الآن ماهي الحرب الاستخباراتية ؟!!

وفهمت ماكنتُ أقوله لك :

أن الحرب الاستخباراتية هي أخطر أنواع الحرب وأهمها !

طيب هذا كان في ذلك الزمن الذي كانت فيه حتى الكلاشنكوف غير مخترعة ..

طيب فما بالك الآن ؟!!

***

وهاهنا أروي لكم قصة سريعة عن جاسوس سوفيتي ..

يعد من أشهر جواسيس العالم اسمه كيم فيلبي ..

هل تعلمون أن هذا الجاسوس هو من أدخل إلى الاستخبارات البريطانية وحدة اسمها مكافحة التجسس السوفيتي وكان يرأسها . يعني هو الآن بمثابة رجل أصرّ على الخليفة أو الأمير العام للجماعة على إنشاء جهاز أمني لأنه خائف من خطر التجسس ويشعر أن هناك أناس مخترقين ..

وظل يقاتل ويقاتل حتى أنشأها وكان كثير العمل لإنشائها، حتى أُنشئت هذه الجهة وكان هو رئيس الأمنيين فيها .. وهو بالأخير العميل الأكبرنتيجة .

_ هذا مو كلام نديم بالوش حبيب الماما أنت وياه (أقصد المتصهودة من أتباع القادة عماة القلب) .. هاد كلام موثق بالأرشيف البريطاني والسوفيتي ويكفي أن تكتب اسم كيم فيلبي على غوغل وستقرأه !

_ بل وعندما حاول (كولكوف) وهو قيادي بارز بالـ كي جي بي (المخابرات الروسية) تسليم نفسه للقنصلية البريطانية بإستانبول للإدلاء بمعلومات مهمة .. كان من تولى موضوعه فيلبي صاحبنا .. بل وكلف بالذهاب إليه بصدقه وتفانيه على بريطانيانتيجة  ‏وفعلاً ذهب إلى إستانبول لكن الرجل اختفى فجأة قبل وصول فيلبي، وياسبحان اللهنتيجة  وأنا واثق أنه لو كان عند جماعتنا لقالوا أن هذا من كرامات الكي جي بي حفظه الله !

* طبعاً الرجل أتت طائرة اختطفته قبل وصول فيلبي إليه ولم يظهر بعد ذلك .. نعم فلقد أخذته موسكونتيجة ومع ذلك لم يشعر أحد أن السبب كان فيلبي نفسه من ذهب للتحقيق معه لكثرة ثقة البريطانين به .. بل حتى دافع عنه رئيس الوزراء نفسه مع رئيس الاستخبارات الخارجية mi6 !

وللمناسبة فإنّ فيلبي كاد أن يصل لمنصب رئيس الاستخبارات البريطانية بعد الحرب الثانية !!

_ وللمناسبة أكثر فإن فيلبي هو ابن الجاسوس الأخطر منه ..

وهو (عبد الله فيلبي) ..

الذي كان مستشار الملك عبد العزيز بن سعود مؤسس المملكة السعودية في الخمسينات ..

عبد العزيز في شبابه !

وكان مستشرقاً يتكلم العربية، دبلوماسياً وجاسوساً، قبل أن يصبح المستشار الحصين لابن سعود مؤسس المملكة السعودية، وقد زعم أنه أعلن إسلامه لكن الأجمل أنه خطب الجمعة في الحرم المكي عن فضائل آل سعود على الهاشميين (حكام الحجاز سابقاً) ‪ وبدون تعليق !

وفيلبي هو المؤسس الفعلي لشركة أرامكو السعودية النفطية ..

وهو من أدخل الشركات الأمريكية والأوروبية إليها !

_ وكان ( الحاجنتيجة ) عبد الله فيلبي (كما كانوا يطلقون عليه) ..

تابع للجنرال زكريا كوكس القنصل العام البريطاني في الخليج ..

وهذه الشخصية (كوكس) هي من رسمت أغلب مشهد الشرق الأوسط الآن وهو الركيزة الأساسية لقيام إسرائيل وقيام دولة آل سعود وقيام الأردنيين .. لكن للصدفة أن هذا الرجل من أبوين يهوديين وياللصدف !

_ وبالحقيقة فإن من مهد الطريق للحاج فيلبي هو الجنرال وليم شكسبير ..

 

الذي قتل شهيداً مع ابن سعود وكان قائد مدفعيته في معاركه مع آل رشيد (المسلمين!) حلفاء الأتراك في معركة جراب ( رحمه الله وتقبله ‏) !

ففيلبي (ومن وراءه كوكس) ..

ومعه لورانس العرب ..

الصورة لـ : لورانس العرب مع فيصل مؤسس المملكة الأردنية !

وألن دالاس (مؤسس المخابرات المركزية الأمريكية) ..

_ فهؤلاء الثلاثة (فيلبي ومن وراءه كوكس وقبله شكسبير- ولورانس العرب – وألن دالاس) .. هم من رسم مستقبل المنطقة (الشرق الأوسط) خلال 100 عام المنصرمة ! حيث كان فيلبي متخصص بإنشاء حكم آل سعود ولورانس بالهاشميين (ملوك الأردن) ، ودالاس لإسقاط العثمانيين ، وهم من رسم المنطقة وحدودها وهم من اقترح على سايكس وبيكو (وزراء الخارجية الفرنسي والبريطاني) الحدود الحالية إذا بدكم، وهم من هيأ المنطقة لوعد بلفور لاحقاً ولنشوء إسرائيل (لذلك لايمكن لأي جهة حالية عالمية أن تزيل النظامين الأردني والسعودي بالذات)، والاثنان حاربا العثمانيين وكان لهما دور كبير جداً بإخراجهم من جزيرة العرب والشام، وبمنع الاقتتال الداخلي بين الهاشميين وآل سعود من أن يفيد العثماني (لأن كليهما كان يحارب العثماني).. وكان يكمّل دورهم ألن دالاس الذي كان هو من هيأ لإسقاط العثمانيين في إستانبول.. وكان لاحقاً هو من أسس جهاز الاستخبارات الأمريكية CIA !

***

نعود لتعداداتنا التي بدأنا بها المقال وكانت :

* كيف مايزال الواحد فينا يظن أن الاختراق هو شيء تقليدي روتيني ..

1- فيظن أنه إذا قلنا أن هذه الجماعة فيها اختراق ..

فمعناها كل ماتفعله هذه الجماعة هو بأمر الجهاز الاستخباراتي المُخترِقُ لها !

فيظن من كلامنا أن هذه الجماعة كلما أرادوا فعل أمر ..

سيتصلوا بـ (علي مملوك) أو (بقاسم سليماني) أو حتى (ديفيد باتريوس) !

2- أو أن الرجل المخترق لهم ..

سيقول لهم : قال لي (علي مملوك) أن نفعل كذا أو كذا !!

3- أو أنه يقيس الأمور على مقياس :

كم يخوض قائد هذه الجماعة حروباً ضد الروس والإيرانيين و.. الخ ..

دون النظر لجدوى هذه الحروب أولاً والنظر لاستراتيجيتها ثانياً ..

4- أو أنه يقيس الأمور كم تقتل هذه الجماعة من الخصوم ..

وينسى الاعتبارات اللازم اعتبارها في هذا .. !

* هل ياترى تسأل هذه الدول (كالإيراني والنظام وحتى الروسي) ..

عن قتلاها أولاً؟!

* ثم هل تعتبر أجهزة المخابرات العالمية ..

أنه لو خسرت عدد كبير من القتلى مقابل تحقيق مكاسب للبلد ..

فهل لديها مشكلة بذلك ثانياً ؟!

***

والآن وصلنا لهذا التعداد الخامس :

5- أو أنه إذا قلنا أن هذا الجهاز الاستخباراتي استدرج هذه الجماعة ..

فيرسم صورة بذهنه أن كل القادة هم عملاء خونة ..

ثم ينظر إليهم فيرى أن منهم قد يُقتل وهو في أشدّ المعارك يقتحم على العدو ..

فيقول هذا الكلام كذب وهؤلاء كل شيء عندهم نظرية مؤامرة ..

وهذا المحقق كونان و … الخ !

* وينسى أن الغباء أو الجهل الاستراتيجي أو تعيين قادة غير كفؤ ..

سيؤدي بالجماعات ..

أن تسلك المسار التي ترسمها لها أجهزة الاستخبارات شاءت أم أبت !

***

لأن هذه الأجهزة عريقة عمرها 300 عام ..

فمثلاً جهاز الـ Mi6 جهاز الاستخبارات البريطاني ..

لديه أرشفة عمرها أكثر من 500 عام !

* فأول جهاز استخبارات موثق في العالم هو جهاز الاستخبارات البريطاني الذي أُسِّسَ بعهد الملكة إليزابيث الأولى التي حكمت في 1560 ميلادي حيث أعلن البابا إليزابيث حاكمة غير شرعية، كما أحل رعاياها من الولاء لها لأنها حاولت الخروج عن الكنيسة، وبعدها جرت مؤامرات عديدة تهدد حياتها، ولكن بسبب جهاز الاستخبارات الذي أنشأته، تم إحباط جميع هذه المؤامرات وكان هذا أول جهاز استخبارات عرفته أوروبا !

والعجيب أن يكون أول جهاز استخبارات موثق في العالم ويُحكى عنه هو البريطاني.. ونحن أتباع سيد الحرب الاستخباراتية في التاريخ برأيي.. ونتّبع (على أساس) كتاباً فيه من العمليات الاستخباراتية والتنويه لها الكثير ..

_ أما جهاز الاستخبارات الروسي KGB مثلاً ..

فكان عنده تنظيم (وهمي) كامل يعمل ضدّه (ظاهراً) في أوكرانيا، ويُقتَل من أفراده الكثير ويَقتِل من السوفييت الكثير، لكن عمل الروس على اختراق قادته فقط دون الجنود !

فكان قادته هم مقاتلين سابقين أسرتهم موسكو ثم جنّدتهم لها (وطرق التجنيد كثيرة وعديدة سنتحدّث عنها لاحقاً إن شاء الله) ثم عملت على تركهم بعد إظهار بعض علامات التعذيب عليهم، فعادوا كأبطال عند الأوكرانيين ولم يكن أحدٌ ليشكّ بهم !

ثم دعمتهم بالمال بطرق غير مباشرة وباشروا بالتنظيم لقتال روسيا المحتلة ذات القومية المعادية (عندنا الكافرة الملحدة ..الخ)، واستطاعوا بهذا التنظيم (الوهمي) إقامة علاقات مع قادة الفصائل الأخرى التي تعمل بصدق لكن بدروشة استخباراتية ومنهجية، وبدأوا بزرع الفتن بينهم.. ومن ثم باغتيال بعضهم ممن يكون لديه عقل، وإيقاع بعضهم الآخر بالأسر !

ولم يكن أحد ليشكّ فيهم؛ فهم (ثوار) و (مجاهدون) بل ولهم معارك ضروس مع الروس يقتلون منهم ويُقتَل من جنودهم الكثير ! وقد أوقعوا بسبب هذا التنظيم الكثير من قادة الفصائل الأخرى الصادقين بيد الروس ومنهم (فاسل كوك) آخر زعيم للثوار الأوكران وغيره !

_ وهكذا حتى أنهت موسكو الصراع رسمياً بعد حوالي عشر سنوات حرب كان أهمها الحرب الاستخباراتية، وتلك الحرب تشابه كثيراً الثورة السورية.. فقد دعمتها أمريكا وبريطانيا (التي كانت قوية وقتها)، وكان هدفها تفكيك الاتحاد السوفيتي بعد الحرب العالمية الثانية.. لكن لما نجحت موسكو بصنع القنبلة النووية (بحرب استخباراتية أيضاً كما أسلفنا) وأنهت التفرد الأمريكي فيها فردعت أمريكا عن مواصلة دعمهم فقضت موسكو عليهم رغم كل تضحياتهم وكل الدعم الذي أتاهم وبدأت بتصفية قادتها كذلك : بالحرب الاستخباراتية والاختراقات !

* ولعلمكم أن هذه الحرب خسرت فيها روسيا أكثر من خسائرها بأفغانستان لكن ظلت طي الكتمان ولايعلم أحد بها بسبب نجاح الاتحاد السوفيتي بصناعة القنبلة النووية فارتدعت أمريكا وهذه هي لعبة الحرب وهذه هي لعبة الردع التي كنت سأطبقها بمشروعي في الساحل السوري وكان كفيلاً بإذن الله (بكل مراحله) بالقضاء على النظام منذ عام 2012 لو تمّ !

* هذا الكلام عن حرب التحرر الأوكرانية موثق حبيبي وبدأ الـ KGB يُفرج عن وثائقه التي ظلت في كتمان السرية لعقود ! وقد حدث في الثلاثينات واستمر للخمسينات .. اطّلع لو شئت عن تلك المرحلة وكيف استطاعت موسكو أن تقضي على حركة التمرد الأوكراني التي كان يتزعمها (كوك) وكان منظّرها (بانديرا) !

***

وهنا ملاحظة بالنسبة لبانديرا ..

فهناك درس تعلمته موسكو وعلمته لأفراخها من المخابرات السورية والمصرية وغيرهم ولاحقاً الإيرانية.. وهو خطؤها القاتل مع (بانديرا).. حيث كان هذا الرجل منظّر للفكر القومي الأوكراني لكنه لاحقاً ترك البلاد وهاجر ولم يشترك بالحرب، ثم ظهرت عليه بعض مظاهر الترف وحتى هو كان قد أنطفأ وحتى أجهزة المخابرات البريطانية تركته ولم تعد تهتم به كثيراً .

* لكن بسبب الفكر الجامد المجمد الروتيني الغبي (الذي نتمثل به نحن الان للأسف كجماعات)، أرادت موسكو قتله لأنه يجب عليها أن تقتله لأنه (كافر ومرتد و … الخ هذه الجمل أقصد فيها تطبيق على واقعنا طبعاً)، (كما فعلوا بعد هذه الحادثة بـ 7 سنوات بقتلهم للسيد قطب عن طريق رجلهم جمال عبد الناصر) لكنهم بقتلهما جعلوا منهما رموزاً، لم يعلموا أنهم بقتلهم لهذين الرجلين جعلوا منهما منارة لمن بعدهما.. !

_ فهذا (بانديرا) مازال يؤرقّها إلى الآن وقد حمل متمردّوا أوكرانيا صوره في التمرد الأخير الذي أطاح بحكم روسيا في أوكرانيا 2013 ! وهنا مظاهرة ضخمة تحمل اسمه في أوكرانيا

 

وهذا سيد قطب ..

مازالت كتاباته تبني أجيالاً .. رغم أنوف من قتله !

_ وهذا الخطأ القاتل باعتراف الروس أنفسهم ..

ومن هنا تعلمت أجهزة المخابرات أن لاتقتل الرموز والأشخاص الذين ممكن أن يغيّروا أممهم ويطوّروا فكرها ويقيموها رغم شديد خطرهم ..

بل كانت الخطة والعمل الأهم :

هو بإسقاطهم من أطراف خبثاء من بني جلدتهم أنفسهم يجب على هذه الأجهزة أن تلمّع صورتهم إعلامياً وأمام الناس لتقدّمهم وتؤمّرهم.. بحيث تكون كلمتهم مسموعة وينغشّ بهم الناس بعدائهم لأجهزة المخابرات (زعموا) وهم لايكونوا سوى تابعين أو أدوات بيدها .. فيبدأون برمي التهم على هؤلاء المصلحين الخطرين الحقيقيين على مشاريع هذه الأجهزة، وهكذا يبطلون كل فكرهم ومنهجهم بإسقاطهم لا بقتلهم .. فتأمل شدة خبثهم !

نعود لموضوعنا :

فهذه المنطقة بالذات هي منطقة صراعاتهم منذ 200 عام ..

وهم يتحكمون بالكثير من المفاصل فيها !

_ فعندما يُفقد وجود قادة لديهم خبرات استراتيجية كبيرة ويفهمون اللعبة الاستراتيجية بين الأقطاب العالمية الكبرى وبين الدول الأقليمية، ويفقد وجود عناصر مختصين يشكلون كادراً كاملاً متخصصاً.. ويُفقد وجودُ عناصر عامة يتعلمون أسس الاستراتيجيا وعلوم الاستخبارات (بالأقل كأسس عامة) كما يتعلمون أركان الوضوء !

ستكون الجماعة هي مجرد حجرة شطرنج وأداة ومحارم تمخيط بيد أجهزة الاستخبارات العالمية شاءت أم أبت، ولو كان فيها قادة مخلصين.. ولو كان فيها أبو بكر وعمر !

 

 

أسرار الحرب الاستخباراتية ( بمنطقتنا ) !

الجزء الثاني 

يثبت شبابنا المجاهد الصادق أمام آلة حرب رهيبة ثباتاً غير معقول ..

كانت تتحدث عنه الأساطير فقط !

باختصار :

يمكن لمثل هذا الشباب (لو توافر له استثمار صحيح) أن يسود العالم بأكمله ..

مثل هذا الشباب حلمٌ لدول العالم كله من أقصاه إلى أقصاه !

مثل هذا الشباب شيء يتمنونه حتى في منامهم !

أن يجدوا شباباً صادقين مخلصين محبين لعقائدهم، يتسابقون على الموت في سبيلها بدون إجبار من أحد، بالعكس يقف أمامهم أجهزة أمن دولهم ودول غيرهم لتمنعهم وتلاحقهم وتضع لهم كل المُرهبات وكل المُرغبات لتصدهم، بل ويحاربهم حتى عوائلهم وأهلوهم

فتجدهم يُقدمون؛ لا بل ويتسابقون؛ لا بل ويتقاتلون :

على من يحجز دوراً قبل أخيه لينال “الدُكمة” !

_ هذا شيء حاولوا كثيراً أن يفسّروه ..

لكنهم لم يفهموه ولم يستوعبوه ولم تتحمله عقولهم ..

فارتعبوا وارتعدوا وارتجفوا ..

من يوقف هؤلاء .. من يصدّ هؤلاء .. من يقدر على مجابهة هؤلاء ..

من يستطيع الوقوف لحظةً بوجه هؤلاء ؟!

فتداعوا وتساعوا .. وتواصوا وتراصوا ..

يريدون أن يجدوا حلاً لئلا يعود هؤلاء ويحكموا العالم !

فقال من تولّى كِبره منهم .. دونكم اللعبة الأخطر ودونكم الحركة الأذكى :

حوِّلِوا جهدهم ليكونَ هباءً منثوراً ..

وأشغلوهم عنا، أحرقوهم بمحارق لاتغني ولاتسمن لهم من جوع ..

وإليكم لمحات تاريخية ..

1- أول استخدام لنا كحجر شطرنج واللعب فينا كان في بدايات القرن الماضي إبان سقوط العثمانيين وهذه مرحلة حساسة ومهمة يجب أن تدرس جيداً سألخصها باختصار ..

فالبريطاني أراد دخول البلاد الإسلامية وأهمها جزيرة العرب التي كان يحكمها تركي هو بكل أحواله مسلم ويقيم الخلافة ولو ظاهرياً .. وهذه مشكلة خطيرة جداً للبريطاني المسيحي (الصليبي) .. فيكف سيحلها ؟!!

فأنت ..

عندما يكون هناك سيل جارف سيجرفك وأنت لن تستطيع إيقافه أبداً ..

فالحل أن تحفر له طريقاً يسير فيه بحيث يعود هذا السيل لمصدره ..

وهكذا دواليك يأكل نفسه بنفسه ضمن حلقة مفرغة !

_ فأنت وقتها ولو أنك لم تستطع أن تتحكم بهذا السيل، لكنك رسمت له طريقاً سيسير فيه ويبقى يأكل نفسه بنفسه كمبدأ البرك في الساحات العامة تدفع ماءها، لكنهم صمّموه أن يعود لها .. وتبقى هكذا تأثيرها منتهٍ ومحدود ومعلوم ومسيطر عليه، بينما لو سمح لمائها أن يسير في الاتجاه الصحيح لأغرق المدن، فتأمل !

_ ومثله أن يكون لديك جيش عنده جنود شجعان مهولون يتسابقون على الموت في قتالك، بل ويرونه قربة ورفعة ومنحة وجائزة يضحك أحدهم وهو يذهب إليه مطمئناً راضياً.. وكنت أنت رأس أعداء هذا الجيش ومركز تخطيطه، وطريق هذا الجيش إليك واضح وسهل ومعلوم ..

فالحل أن أوجّه هذا الجيش عبر قادة فيه إلى طريق آخر طويل مليء بالرمال والمناطق الوعرة فأنهكه ويمر الجيش من خلاله إلى أقوام -هم أيضاً ضد هذا العدو الكبير بقلوبهم لكنهم يخافون منه ومن سطوته- فيبدأ هذا الجيش وجنوده الأبطال بالصراعات معهم وينشغل عني أنا الرأس !

* ولن يقول هذا القائد الخبيث للجيش أنا أفعل هذا بكم لعمالتي أو لغبائي .. بل سيقول انظروا إلى هؤلاء إنهم كفار ومرتدون ويقفون بوجهنا ولن نستطيع أن نصل للعدو الكبير إلا بحربهم ويبدأ يلبّس عليهم ونسي أنه كان هو من وجهه لهذا الطريق، ويبدأون بمعارك استنزاف للطرفين، والعدو الرأس الكبير يقهقه ويضحك حتى ينقلب على ظهره فرحاً، فهؤلاء الأقوام سيزدادون حاجةً له ليقف معهم بوجه هذا الجيش وبنفس الوقت يُستنزف هذا الجيش وتضيع قوة أبطاله هباءً منثوراً !

…….

* وهنا أقول :

والله لو كان هناك أحد أولى للانشغال بمعارك استنزاف لأسباب وجيهة، فهو محمد صلى الله عليه وسلم في رُعَل وذكوان وفي أصحاب الرجيع !

قتلوا وغدروا بخيرة صحابته وعددهم بالعشرات (كل المسلمين كان عددهم عدة آلاف ولم يكونوا ملايين فانتبه للنسبة!) لكنه لم يرد عليهما أبداً بل اكتفى بالدعاء عليهما وظل يدعو عليهما شهراً كاملاً يقْنتُ في الصلاة من حرقة قلبه منهم ومع ذلك لم يهاجمهم وقتها أبداً؛ مع أنه كان قادر لو أراد على محوهم – وهم أيضاً كفار ومرتدون طبعاً !!-

* لأنه يعلم أن هذا تماماً ماتريده قريش وأن هؤلاء مدفوعون من قريش وتشجعهم وتُرغّبهم قريش، (والدليل أنهم أول ما اعتقلوا خبيب بن عدي وزيد بن الدثنة من بين أصحاب الرُجيع سلموهما لقريش ليكسبوا منها مالاً بهما !)

_ فكان بأبي هو وأمي ونفسي يعلم أن قريشاً تريد له أن يدخل معارك استنزاف جانبية لتشغله عنها،  فصبر على كل الأذى العظيم الذي أصابه من المكونات الذين كانوا حوله، وتعامل معهم بحكمة بالغة مانعة جامعة وعمل لهذا الأذى إدارة أزمة وصراع ليمرّره، بحيث لايسمح لهم بسحقه وبنفس الوقت لايضيع معهم بمحارق استنزاف ستنهكه وتستنزف رجاله وطاقاته !

* فلإدارة الصراع هذا كان أحياناً يتعامل معهم بالتخويف والرعب (سراياه) وأحياناً بالتهديد الاقتصادي (قطع طريق قوافلهم) وأحياناً بالتهديد بالتشريد (إغاراته عليهم وأخذه لكراعهم وإبلهم) وأحياناً بمناوشات جانبية بحيث يُرسل صحابة هم خارج الخدمة (كأبو سلمة الجريح راجع دروسي بالسيرة النبوية تفهم أكثر على هذا الرابط اضغط هنا) وأحياناً بعمليات أمنية داخل العمق تخطف رؤوسهم (كعب بن الأشرف) و …. الخ !

* هو نفسه بأبي هو وأمي من كان يستطيع أن يجمع اليهود – وقرآنه يذمهم بشكل عجيب وهم من الذين يلونه من الكفار أيضاً – كان يستطيع أن يحاربهم جميعاً ويُخرجهم أول دخوله للمدينة أو بالأقل بعد انتصاره ببدر (وكسر رأس قريش) ..

_ لكنه انتظر على كل واحد منهم على حِدَة ليفرّق بينهم ولايجمعهم على كلمة واحدة (وهذا أفضل وسيلة للتعامل مع الأقليات بوضعنا الحالي وفي هذا الزمن؛ التفريق بينهم كما تفرق بيننا أجهزة المخابرات) .

* مثلنا تماماً !!

فنحن قد وحدنا وجمعنا علينا حتى أبعد قطبين في العالم الذين يتصارعون منذ عقود (الروس الأمريكان)، بحجة أنهم كفار ونحن يجب أن نعادي الكفار جميعاً هذا صحة سلامة المنهج !

طيب ألم يكن (يهود المدينة وخيبر) ومن حوله من القبائل والمكونات، كفاراً ؟!!

ومع ذلك لم يدخل معهم بمعارك استنزاف ستشغله عن قريش..

* وهذا كان الحلم الذي تريده قريش أن يتحقق وكانت تدفع من أجل ذلك الكثير، فانظر كيف أدخلت معها المكونات في الأحزاب ثم كانت أولهم انسحاباً دون أن تخبرهم حتى، وذلك لتُدخِل النبي بحربٍ معهم.. لكنه مع ذلك لما حاول أن يفرّق الأحزاب لم يذهب لقريش بل ذهب لـ (عيينة بن حصن) حليفها، وحاول أن يصالحه، وحتى بعد أن انتهت الخندق قال اليوم نغزو (قريش) ولا يغزوننا، ولم يذهب لعيينة إلا أنه أرسل سريّة تخويف وليس حرب جامحة كما كان يخطّط لقريش ..

وأصلاً بقي يُراعي (عيينة) ويؤلّف قلبه رغم كل (محاولات خيانته له) بل وكان يعطيه مئة من الإبل مع أنه خانه في حصار ثقيف وهوازن وذهب إليهم وأمرهم بالثبات بدل أن يخذلهم كما طلب منه، لأن (عيينة) رغم كفره وحربه له وإغارته المتكررة عليه وقتله لصحابته وأخذه لأمواله لكنه كان عدو ثانوي بالنسبة لقريش، وكانت قريش تدفع للقتال بينه وبين النبي ليُستنزف النبي وينشغل عنها.. لكن العبقري الاستراتيجي لم يسمح لهم بهذه الفرصة !

وما قصة كعب بن الأشرف وقوله لبيته المشهور: ((دارت رحى بدرٍ لمهلك أهلها ولمثل بدر تستهل وتدمع)) والذي قاله في مكة، وقوله سبحانه: “ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلاً (يقصد كعب وقريش)”! لدليل بسيط عن التنسيق اليهودي القرشي !

* بل قد فرّق بينهم بطريقة رهيبة حتى صار كل فريق يقول : والله الحق على النضير، الحق على قينقاع، الحق على قريظة (حتى قالوا جميعاً أُكلنا يوم أُكل الثور الأبيض تماماً كما تفعل معنا أجهزة المخابرات اليوم، كان قد طبق هذه الحرب الاستراتجية والاستخباراتية بأبي هو وأمي منذ 1500 عام !!) مع أنه كان يعلم بأبي هو وأمي أنهم جميعاً سواء، ولم يبدأهم هو القتال إلا حينما تصالح مع قريش فتوجه فوراً إلى خيبر..

لأن العدو الرأس (قريش) كان قد اُنهك وكان في حالة هدنة معه.. وبنفس الوقت كانت حركته بخيبر رسالة للعرب أني أنا ابنكم لم آتي لأذبحكم كما تروج قريش، وأنا أعظّم البيت لا كما تنشر عني قريش، وها أنا أحارب الآن اليهود لما فرغت من قريش ولم أبدأ بكم أنتم رغم أنكم حاربتموني فلم يجنّدهم ضده بمخططه الذي يرسمه (فتح مكة) رغم أنهم قبله بعامين قاموا جميعاً عليه وهو لم يكن وقتها فاتحاً بل كان معتمراً فتأمل شدة ذكائه !!

* ووالله لتعامل النبي مع اليهود لوحده وترتيب أولوياته معهم والتفريق بينهم وعدم جمعهم على كلمة واحدة كلهم عليه، وعدم هجومه على خيبر حتى صالح قريش و … الخ

لمدرسة رهيبة تحتاج الجماعات الإسلامية عقوداً لتفهمها !

والعجيب أنه لم يقل كلهم كفار ملعونون وصحة سلامة منهجنا بإظهار العداوة لهم جميعاً بنفس الوقت، ثم حاربهم جميعاً، وقال لمن معه إن الله سينصرنا لأننا عباده وعلينا بالصبر، والله قال وكان حقاً علينا نصرُ المؤمنين ؟!!!

فكانت اللعبة الأخطر ضد هؤلاء الشباب الصادق الذي لو وُجّه بالطريق الصحيح دمّر عروشهم وأزال إمبراطوريتهم وحكم العالم كانت بمنع استثمار هذا الصدق والبذل والقوة والتضحية في المكان الصحيح ..

* فالنصر يحتاج أمرين :

1- شباب صادق ..

2- وعقل يخبر الاستراتيجيا ويحدّد استراتيجا له ..

حيث يفهم التوازنات ويحدد أعداءه ويرتب أولوياتهم ..

ويبدأ بالرأس يبحث عن نقاط ضعفه ليضربه بها ولاينشغل بغيره عنه ..

ولايجمّع أعداءه حوله كلهم بل يستثمر خلافاتهم ..

فوقتها يستثمر هذا الصدق بالحرب ويضعه بالطريق الصحيح .. !

_ ووقتها فقط يحصل النصر.. ولايحصل إلا بهذا ..

مهما كان من صدق ومهما كان هناك من تضحيات !

وأصلاً حتى في العلوم الفقهية العبادية هناك شرطين لقبول العمل :

1- الإخلاص نعم ..

2- لكن الأهم هو السداد (أن يكون العمل صحيحاً) ..

فَبِشَرْعِنا : تأثم لو صليت الظهر 10 ركعات، رغم أن 10 ركعات أفضل من 4 وأكثر إخلاصاً ..

ولاحظ أنك بهذه الحركة فإنك بالشرع تأثم ولو كانت نيتك طيبة (لا أنه يتركك وشأنك)..

فتأمّل !

***

أرأيت لمدينة تحاصرها ولها 3 أبواب ..

بابان ممكّنان بشكل عظيم ومحفوران بمنطقة صخرية ..

وباب ضعيف ممكن التسلل منه بسهولة وأرضه رخوة ترابية ..

العدو كان مُخترق أحد رفاقكم – وهو كبير عندكم- بالمال أو حتى ماسك عليه شيء قد يسقطه (من فيديوهات دعارة.. الخ) فقام العدو بما يلي.. بدأ يأتي بمعتقلات عنده من قومك وبدأ يغتصبهنّ أمام عيون جيشكم لكن من جهة البابين الصخريين .. انفعلتم أنتم هنا وطاش طيشكم ..

* استغل المخترق هذا، وبدأ يحرضكم ويقول احفروا الخندق يا إخوة ألا ترون نسائنا ألا ترون معتقلينا أين إخوة الإسلام أين أسود التوحيد أين جند محمّد، وبدأ حتى يحفر معكم بنفسه – لكن من جهة البابين الصخريين- بل وكان من أشدكم تحريضاً وحفراً والعرق يتصبب منه وأنت تراه يتفانى حبّاً وغيرةً على المسلمات وتحرقاً لنصرة هذا الدين (زعم) وتقول ياليتني مثله .. وتقول ما أجزأ منا اليوم أحدٌ كما أجزأ فلان !

_ هنا خرج أحدكم وفيه عقل وخبرة ودراية ونظرة استراتيجية يقول لكم يا إخوة توقفوا ماهكذا يكون العمل، عملكم كله خاطئ .. صحيح أن هذان البابان قريبان من مكان اغتصاب نسائنا ووصولنا للنساء عبرهما أقرب .. لكنه شبه مستحيل أنهم يستدرجونا بإثارة عواطفنا لأنهم يعلمون كم نُثار بهذا .. هم يريدون أن نسير في هذا الطريق الذي ظاهره حق وهو نصرة مسلمين ودفاع عن أعراض وقتال للكافرين والمرتدين لكن هم من يوجهنا لهذين البابين أفلا يجب أن ننتبه!.. هذان البابان تحتهما أرض صخرية يستحيل الحفر تحتها، أنتم ستهدرون المال والوقت والشباب وستفنى طاقاتكم كلها وأموالكم والشتاء قريب وإن لم ندخل الحصن قبل قدومه سنخسر المعركة لأننا سنضطر للانسحاب ..

دعونا نُظهر لهم أننا هُزمنا ونصالحهم شكلياً ونُظهر الانسحاب؛ ثم ننحاز إلى الباب البعيد.. صحيح أنه بعيد عن مكان أخواتنا لكن أرضه نهرية ترابية يسهل حفرها.. وهم يكونوا قد أمنوا وظنوا أننا انسحبنا.. وبذا نحقق نقطتي ضعف عليهم (الباب – وأمنهم من هجومنا) فهيا لنضربهم بها ونتغافل عما يحاولون استدراجنا له ونكون أذكى منهم..

* فهاهنا علم الخبيث المخترق أن عمله سيذهب وأن هذا الأخ سيذهب بطريقته المثلى ! وأنه إن فشل قد يقتله أسياده.. فقام على الأخ أيها العميل المشبوه (رمتني بدائها وانسلت) تريدنا أن ننسى إخوتنا! تريدننا أن نهادن الكافرين ونصالحهم! هذا العميل… فهنا تُثار عواطف الناس ويحكمون بظاهر الأمور، هذا الأخ الصادق المقدام الذي يحرضنا ويبكينا ويحفر بنفسه حتى يكاد يهلك نفسه.. وهذا الذي يريدنا أن نصالح الكافرين ونترك أخواتنا (هكذا سيلبّس عليهم لأننا كلنا ننساق بقيل عن قال ولانطبق قوله سبحانه فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة !) ..

فقــــــــــــــــــــــــــــــــــــاموا عليه قومة رجل واحد يريدون قتله !

وقالوا أخرجوا آل لوطٍ من قريتكم .. إنهم اناس يتطهّرون !

والله هذا المثل يكفي للكثير.. وفيه آيةٌ لمن أراد أن يذّكر أو أراد نشوراً !

أضربُ لك مثلاً ..

اجتمعت عائلتكم وقرروا أن يكونوا يداً واحدة ويجمعوا مالهم ويشتروا أرضاً.. وكان لهم أعداء من القرية المجاورة يكرهونهم حاولوا كثيراً منعهم من العمل بصدق لشراء هذه الأرض والعمل بها لكنهم لم يفلحوا ..

ففكروا وفكروا وفكروا .. فوصلوا لهذه الخطة ..

اشتروا كبيراً من كبرائكم ..

وبعد أن تجمّع كل شباب العائلة وأفضلهم ..

وجمعوا كل مالهم واشتروا الأرض ..

وبعد أن بدأتم بتنظيفها ومساحتها مئات آلاف الدونمات ..

ثم بحرثها وركشها وتجهيزها وحفر أخاديدها ..

وزرعها واستجرار مياهٍ لها من نهر بعد أن حفرتم وتعبتم ..

وواصلوا الليل والنهار وعملوا بصدق لم نسمع به إلا بالأساطير !

_ ثم عندما أردتم أن تضعوا السماد ..

يذهب هذا الكبير فيكم ليشتريه ..

(ويكون غبي لايفكر) فيدلوه على طريق خاطئ ..

ليستدل على محل لبيع السموم بدل السماد .

فيشتري سيانيد وهو يحسبه نترات ..

(السماد هو نترات والسيانيد مادة قاتلة تشبهه) .

أو يكون بالأصل عميل للقرية المجاورة ..

فتضعوا السيانيد على أنه سماد ..

فتأتوا تاني يوم فترونها خاويةً على عروشها ..

وتروا ثمركم قد أحيط به ..

ألن تقلبوا كفيكم على ما أنفقتم فيها وقتئذ ؟!!

ماذا أفادكم وقتها كل مالكم وكل شبابكم وتعبكم وصدقكم وجهدكم ؟!

ألم يدمره فعل رجل واحد منكم وثقتم به فدلكم على الطريق الخاطئ؟!

ألم يضِع كل تعبكم هباءً منثوراً رغم ما بذلتموه من صدق وتضحيات ؟!

….

فهم حاولوا بالبدء وقف الصدق بشباب الأمة وماتركوا شيئاً إلا فعلوه :

ترغيباً أو ترهيباً ..

فوجدوا أن لاحلّ أبداً بوقف هذا الصدق ..

فالحل الوحيد أن تُبطل مفعول هذا الصدق !

لأنك لن تستطيع وقفه !

فالحل أن تجعل هذا المجهود يذهب هباءً منثوراً !

فأنت لو كنتَ مالكاً لنفط العالم ..

وأتى مجموعة شباب واخترعوا محركاً يعمل على الماء ..

(سيدمر كل نفطك ويبطل فائدته).. وأنت لم تستطع وقفهم !

فالحل أن تخترق أحد المهندسين (أو تستدرجه بغباء منه) ..

وفي حفل عرض هذه السيارة يلبّس عليهم زجاجة أسيتون ويقول لهم هذه زجاجة ماء (لهما نفس اللون) فيضعون الأسيتون بدل الماء ويشغلون السيارة فتقف ولاتعمل، فيتدمر كل مشروعم وكل جهدهم الذي قد يكون أخذ منهم سنيناً قضوا فيها ليالي طوال دون أن يناموا !

ومن هذا سيقول أحدنا ..

كيف تقول أنهم اختراق أو استدراج ..

من روسيا وإيران والنظام للجماعات الإسلامية ..

وهم نفسهم يقاتلونهم الآن بتدمر أو بإدلب أو … الخ !

انظر للصدق.. انظر كم يقتلون منهم وكم يقتلون في حربهم ..

_ المخترق أخي للجماعة ..

لن يقول لهم سلموا تدمر ياعباد الله ولن يستطيع ..

بل هو يحوّل كل جهدهم وصدقهم العجيب هذا هباءً منثوراً ..

فيدلهم على حروب استنزاقف محارق لا استراتيجية لها ولا هدف.. ولا دراسة أولويات العدو وترتيبه ولا خطة لتفريقه (بل جمعنا نحن أكبر قطبين متصارعين في العالم لعقود؛ الروس والأمريكان !!) ولا تحديد لعدوك ومعرفة نقاط ضعفه واللعب عليها وفهم التوازنات واستغلال الخلافات بين المحاور .. وكل ذلك بحجة قتال اللكفار والمرتدين..

_ فماذا سيفيد كل صدق الشباب وقتئذ وتضحياتهم ..

وبذلهم وشجاعتهم التي لم نسمع بها إلا بالأساطير !

على كل حال من المؤكد أن المخترق لن يقول لك دائماً افعل كذا وكذا ..

بل هو يوجهك بطريق فتعلق به وتغرق بمشاكله ومحارقه واستنزافاته فيشغلك عن العمل الصحيح ..

ألا ترى أنه من أحد خدع الخرب أن تغير اللافتات للجيش الغازي (الغريب) لتوصله لطريق صحراء فتغرز عرباته ويستنزف بالخروج من الطريق وبذا تشغله عن هدفه الرئيس .. هذا لايعني أن كل ماسيفعله هذا الجيش وقتها هو بتوجيهك .. لكن أنت فقط وجهته لطريق سيبكون كل جهده فيه هباءً منثوراً بل بالعكس سيصب في صالحك أنت؛ وأنت عدوه وتقعد أنت تستثمر عليه .. !

قال لي : وحتى لو استهدفنا إيران ستقول إيران أنا شريكة معكم في الإرهاب !

لا أبداً ..

1- جاوب على هذه الأسئلة بعقلك فقط :

1- من أشدّ خطراً : إيران أم أوروبا .. من يقتل منك العشرات يومياً هي وحلفاؤها ؟!!

من يستنزفك يقاتلك … الخ ؟

طيب كيف تكون عدد عملياتك في أوروبا وأنت تواجه عدو صائل كإيران؛ أكبر بألف مرة من عدد هجماتكم في إيران حتى لو فجرت تفجير أو تفجيرين .. ستبقى إيران آمنة بالنسبة لأوروبا وستقول أوروبا وقتها والله معها حق إيران عرفت تشتغل !

لكن لما تساوي عدد الهجمات هون وهون بأقله، فوقتها ستقول أوروبا والله الكل واقع بنفس الموضوع وإيران لم يفدها حربها على الإرهاب ..

هذا لو تساوي بينهم .. والغبي هو من يساوي بالعداوة بين عدوين له وهما مختلفين.. كثيراً ما أشرح سيرة نبيك كيف كان يفرق بين أعدائه !

طيب مابالك إن لم تعمل ولا عملية بأوروبا وتحرق نفس إيران التي تحاربك أصلاً ..

ستقول أوروبا وقتها .. إيران جنت على نفسها حاربتهم فحرقوا نفَسها !

فوقتها سيفكرون ألف مرة بضرب .. أما أنت مافعلته أنه من يحاربك بالمرتبة الأولى جواً وبراً وبحراً ونهراً و … الخ سلم، ومن حاربك بالدرجة الثانية فقط جواً أو بوكلاء حرقت نفَسه ! كيف وهو عدو لعدوك الأهم والأخطر ؟!!

فمن الاختراق أن أترك العمليات الأمنية داخل العمق وحرب العصابات وأحتل مدن كلها صحراء كتدمر والرقة و … وأقول لمن معي دافعوا عن أرض حكمت بالإسلام، ونحن لن نترك أرضاً مسكناها أبداً وانتظروا سنصبحهم على أسوار بغداد ! ويقتل منهم آلاف الآلاف ! والولد الصغير يعلم أنه من أكبر الغباء أن تواجه عدوك وجه لوجه وهو أكثر منك سلاحاً بل تبحث عن نقط ضعفه وتضربه بها لترنحه ! ونسوا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذهب بجيشه هكذا ولم يتمدد إلا بعد أن كسر ظهر قريش في الحديبية كان أول تمدد له هو خيبر !! فتأمل !! كلام العييري !

طرق التجنيد  أسس علم الاختراق

بقلم : نديم سهيل بالوش

منقول بطلب أحد متابعين موقع مافا السياسي

www.mafa.world