التطورات العسكرية فى شهر يوليو:

0

{ أداء متقدم للمجاهدين وخسائر العدو تزداد .
.. قوات العدو تتمركز بأعداد كبيرة فى أماكن الإستثمارات ..أما دورياته فأصبحت أكثر عرضه للتدمير } .

بقلم  :
مصطفي حامد ابو الوليد المصري
المصدر  :
موقع الصمود (امارة افغانستان الاسلامية) عدد 52_23-9-2010
http://alsomod-iea.com/index.php

ـ العدو يركز قواته فى المناطق ذات القيمة الإستثمارية مثل حقول الأفيون ومناجم اليورانيوم والنحاس والحديد واللثيوم والنفط.
ـ فى أفغانستان كما فى جنوب لبنان كانت أكبر الخسائر البشرية فى العدو هى فى أطقم الدبابات ، وخسائر المجاهدين فى الأرواح أقل بكثير من خسائر العدو.
ـ من ناحية رقمية بحته وحتى بالنسبة للعدد الإجمالى فإن خسائر المجاهدين فى الأفراد أقل بكثير من خسائر المحتلين.
ـ إستهداف المدنيين بالقصف الجوى هو وسيلة لتعديل ميزان الخسائر البشرية وردع المدنيين عن دعم المجاهدين.
ـ بسبب سيطرة المافيا على قرار الدولة فإن إنهيار أمريكا نفسها قد يكون هو البديل عن إنسحابها من أفغانستان.
ـ من أجل تأمين نفسها من غدر المنافسين والحلفاء ربطتهم أمريكا بسفينة إقتصادها المتصدع ، حتى إذا غرقت سحبت خلفها الجميع نحو القاع.
::::::::::::::
مرة أخرى يقول الأمريكيون أن الشهر الذى مضى هو الأسوأ بالنسبة لقواتهم منذ إحتلالهم أفغانستان . قالوا ذلك عن شهر يونيو 2010 ثم كرروه عن الشهر التالى ـ ولا غرابة أن تكون الحركة الجهادية فى أفغانستان فى تقدم وتصاعد مستمر نتيجه التأييد الشعبى الكاسح ولكفاءة القيادة العسكرية السياسيه للإمارة الإسلامية .
ولكن المقياس الرقمى الذى تستخدمه القيادة الامريكية لتحديد ما هو أسوأ وما هو أحسن لقواتهم هو مقياس مضلل كما هى العادة الأمريكية دوما فى ممارسة التضليل فى كافة المجالات سواء العسكرى منها أو السياسى أوالإعلامى . لأن الأرقام لا تعطى دوما الإتجاه الصحيح لمسيرة النجاح أو الفشل على أرض المعركة لأن العبرة هى التقدم صوب الهدف المحدد سلفا للحرب . فذلك هو المعيار الحقيقى وليس أرقام الخسائر ، ولا حتى الأرباح التى قد يقيسها البعض بمساحات الأرض التى تمت السيطرة عليها ، أو عدد الأسرى من جنود العدو إلى غير ذلك من مظاهر قد تكون باهرة ولكن مضللة أحيانا.
فكثير ما كانت الخسائر التى يقدمها طرف معين تعتبر مبررة كونها قربته من تحقيق الغاية من الحرب أى تحقيق الإنتصار الحقيقى .
وفى المقابل قد تكون مساحات الأراضى والغنائم التى حازها طرف معين لا تشير إلى حقيقة الإنتصار بل ربما قد تخفى حقيقة الهزيمة ، مؤقتا ، إلى أن تفاجئ الجميع بظهورها المدوى غير المتوقع .
وبإختصار: قد تأتى الهزيمة تحت غطاء مضلل من النجاحات ، وقد يأتى الإنتصار بصورة عابسة وتحت غطاء من الخسائر الكبيرة فى الأرواح والمعدات .
إذن الأرقام ليست هى المعيار بأى حال عند الإشارة إلى النجاح أو الفشل فى الحرب ، إلا بشكل جزئى ومع الحرص الشديد .
وحتى نعرف أى طرف يتقدم وينتصر فى أفغانستان علينا ان نعرف ماذا يريد كل طرف من هذه الحرب .
# فالولايات المتحدة والأوربيون يريدون تحطيم إراده المقاومة والجهاد لدى الشعب الأفغانى وإرغامه على القبول بواقع الإحتلال وما يترتب عليه من آثار سياسية واقتصادية وثقافية وغير ذلك .
# والإمارة الإسلامية كقيادة للشعب الأفغانى تريد طرد الجيوش المحتلة من بلادها وجعل إستمرارية الإحتلال غير ممكنة ، كون ما تدفعة الدول المحتلة من دماء جنودها وأموال شعوبها ثمنا غير محتمل .
فإذا رأينا أن الولايات المتحدة وحلفاءها يزيدون من عدد قواتهم ومعدات القتال وميزانيات الحرب ، ويدفعون بقواتهم هنا وهناك ويسيطرون على مدن وبلدات وقرى . وإعلانهم عن قتلى وأسرى من المجاهدين / رغم ان أكثر ذلك يكون ضمن إطار الحرب النفسية وليس ناتجا فعليا عن معارك قتال حقيقية / إلا أنه لا يعنى أنهم قد إقتربوا من تحقيق النصر مالم يكن الشعب الأفغانى وأبنائه المجاهدين قد فترت همتهم أو طالهم اليأس .
ولكن الواقع هو أن عزيمة الشعب على المواجهه تزداد ، وفعاليه مجاهديه ومعنوياتهم فى إرتفاع مستمر ، وإنتصاراتهم فى مواجهاتهم العسكريه منتصرة فى أغلب الأحيان وفق أسلوب حرب العصابات التى تناسبهم وتحقق أعظم الخسائر المادية والمعنوية فى عدوهم . وهنا نقول ـ وبعيدا عن خداع الأرقام ، أن المجاهدون يتقدمون بإضطراد صوب الإنتصار وأن أمريكا والناتو ينحدرون بشدة صوب الهزيمة .
ذلك هو المعيار الحقيقى ، أما الأرقام فربما جاءت فى ظاهرة مؤيدة أو مخالفة لهذه الحقيقة ، فالأرقام لا تكون فى كل إشتباك فى صالح الطرف المنتصر . كما أن المنهزم الذى يخسر الحرب قد يتمكن أحيانا فى إيقاع خسائر شديدة فى عدوه أثناء بعض الأشتباكات أو حتى المعارك الكبيرة .
وأثناء النصف الثانى من الحرب العالمية الثانية إنقلبت الموازين الاستراتيجية فى غير صالح الألمان ، ولكن براعتهم التكتيكية مكنتهم مع ذلك من كسب الكثير من المعارك . فعلق أحد قادة الحلفاء على ذلك الوضع قائلا ” إنهم خسروا الحرب ولكنهم يكسبون المعارك ” .
# وفى لحظتنا الراهنة يمكننا القول أن أمريكا وحلفائها فى أفغانستان قد خسروا الحرب بالفعل ، كما أنهم يخسرون المعارك بشكل مستمر أيضا . فكلما جمعوا قواتهم ودفعوها إلى أحد محاور القتال وجدوا أنفسهم يغوصون فى بحر من الرمال المتحركة .
وهذا ما يحدث لهم فى (مارجه) منذ بداية هذا العام ، ويحصل لهم الآن فى “دند” وباقى المديريات فى ولاية قندهار.
فى جولتنا هذه “مع المجاهدين فى ميادين القتال” سوف نلاحظ بوضوح بأنه رغم الزيادة الكبيرة فى عدد القوات الامريكية ، وهو العنصر الذى يظنونه حاسما فى استراتيجيتهم الجديدة ، وفيه تجلت عبقرية كذاب القرية بترايوس، الجنرال الخائب الذى يسوقونه لنا كعبقرى يمكنه كسب المعارك بحشد المزيد من الوقود البشرى , ويقولون أن هذا ما حدث فى العراق . محاولين تجاهل أن النجاح الأمريكى فى العراق جاء نتيجة لإنحراف المجهود الجهادى نحو القتال والفتنة الداخلية فتحقق الوعد الالهى (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ). نعم تنازع الناس ففشلوا ، ذلك هو السر وليس بنى صهيون من مهندسى الفتن وأعوانهم على جانبى الطوائف المتصارعة داخل الشعب الممزق المتناحر .
وليس فى أفغانستان شيئا من كل ذلك ولله الحمد . فلا مجال لبترايوس الكذاب صاحب العبقرية التى لا وجود لها. بل أنه أثبت فشلا نادرا منذ توليه القيادة . وعلى ما جاء فى بيان الإمارة الإسلامية فإن التقدم الذى أحرزه المجاهدون منذ قدومه إلى أفغانستان كان منعدم النظير فى أى فترة أخرى .
ومع أن العدو يحاول التضليل بالأرقام على أنها المعيار للنجاح أو الفشل العسكرى رغم وجود تحفظات على ما يذيعه من أرقام .
ـ فأول ملاحظة هى أن العدو يذيع أرقاما عن خسائره أقل بكثير عن خسائره الحقيقية.
ـ ثانيا يذيع العدو خسائر المدنيين على أنها خسائر المجاهدين واصفا المدنين بأنهم “عناصر من حركة طالبان” حسب تعبيراته .
ـ ثالثا: العدو يضخم كثيرا من خسائر المجاهدين واصفا الكثير منهم بالقيادات، محاولا الإيهام بأن القيادات فى حركة طالبان يشكلون أقلية تتناقص فى المعارك ، وذلك على عكس ما أثبتته الأحداث من قدرة كبيرة للحركة على تعويض فورى لإختفاء أى قيادة من أى مستوى .
ـ ومع كل ذلك فإن الأرقام البحته ليست فى صالح العدو، وذلك فى مجال الإشتباكات التكتيكية.
فأرقام خسائر الطرفين تدل بوضوح على أن خسائر العدو فى أرواح جنوده هى أكبر بكثير منها لدى المجاهدين، سواء إعتبرنا الأرقام المجردة فقط أو إعتبرناها بالنسبة إلى عدد القوات العاملة.
وتلك النقطة هامه جدا ولها عدة أسباب . تلك الأسباب حسب كذاب القرية الجنرال بترابوس الذى قال أمام الكونجرس فى الجلسة الشهيرة التى فقد فيها وعيه لمجرد أنه يتكلم عن أفغانستان وذلك فى شهر يوليو، الذى هو الشهر ” الأسوأ من نوعه” حسب الأمريكيين ، قال الجنرال “بأن الخسائر كانت متوقعه لأن الجيش الأمريكى زاد من عملياته فى مناطق لا يريد (المتمردون) التنازل عنها “.
جنرال أمريكى آخر هو ديفد رودريجرز قال من أفغانستان أن سبب إرتفاع خسائر قواتهم فى شهر يوليو هو “دخول القوات الدولية فى أماكن لم يسبق أن دخلتها من قبل”. ويتجاهل جنرالات أمريكا أن أرض أفغانستان غير مضيافه للغزاة ، والشعب لا يهدأ حتى يطردهم بالقوة . لذا فالشعب كله “متمرد” بالنظرة الأمريكية ، ولن تكون الأرض مألوفه للغزاة مهما طالت مدة مكوثهم بها . وستظل خسائرهم البشرية مرتفعة ومتصاعدة .
طبعا تبريرات بترايوس الكذاب هى أيضا مراوغة، والسبب الذى أورده غير صحيح ، فالواقع هو أن قوات العدو تنكمش بإستمرار نحو المناطق التى تراها (استراتيجية) طبقا لنظراتها “الإستثمارية ” وليس العسكرية . إنكماش قوات الإحتلال واضح فى تمدد سيطرة الإمارة إلى أكثر من ثلاثة أرباع المساحة الكليه للبلاد. وتركيز قوات العدو هو على المواضع ذات القيمة الإقتصادية ، أى مصالح المافيات والشركات الأمريكية والحليفة . وخاصة فى حقول الأفيون واليورانيوم (هلمند) ومناجم النحاس (لوجر) ومناجم الحديد (ميدان وردك) والنفط والغاز (فى شمال البلاد) ومناجم الماس والمعادن النادرة ( كونر/ نورستان/ وبدخشان).
ولسؤ حظ المحتلين فإن تلك المصالح الاستثماريه موجودة فى مناطق تسمح بتواجد حرب عصابات ناجحة. الكارثه الأخرى التى تواجه الأمريكين هى أن أهم المصالح الإستثماريه وهى الأفيون متواجد فى مزارع شاسعة وذلك يستلزم توسيع رقعة إنتشار تلك القوات، وبالتالى زيادة تعرضها لضربات المجاهدين الذين يعملون وسط أراضيهم وبيئتهم السكانية. وهى مناطق شديدة البأس وعظيمة التدين وطبيعة الأراضى الزراعية تساعد رجال العصابات كثيرا فى عملهم مستفيدين من القرى والنباتات وقنوات الرى .
والمناطق المركزيه ـ حسب توصيف الأمريكيين وهى ولاية هلمند وقندهار وأرزجان وما حولهم ، هى الأشد ولاء للإمارة الإسلامية وهى مناطق كان إنتاجها من الأفيون يساوى صفرا فى عام العدوان الأمريكى “عام 2001” ـ والآن أصبحت أضخم مناطق الأفيون فى التاريخ وتنتج حوالى 70% من إنتاج أفغانستان.
والمعضلة التى تواجه الأمريكيين هنا هى أنهم جاؤوا من أجل زراعة الأفيون والسيطرة على أهم مناطقه على سطح الأرض، فى نفس الوقت إذا أرادوا السيطرة كاملة على تلك المناطق عليهم منع الزراعة فيها وطرد السكان منها وتحويلها إلى صحراء خاليه تقيم فيها جيوشهم ضمن قواعد ضخمة وحصينة .
وذلك مستحيل لأنه يجعل الإحتلال بلا قيمة إقتصادية . وإذا تركو السكان والزراعة بقيت المقاومة كإنتاج طبيعى لتلك البيئة . ولما كانوا قد أرسلوا الجيوش من أجل زراعة الأفيون وحماية مزارعه ، فإنهم عندما أرسلوا أعظم حملاتهم إلى قرية “مارجه” فى إقليم هلمند . ومارجه ، تعتبر أهم مناطق زراعة الأفيون فى هلمند ، ومع ذلك فإن قواتهم مازالت إلى اليوم تواجه أعلى قدر من الخسائر فى تلك المنطقة.
ونلاحظ أن جيوش الإحتلال عندما وصلت إلى مارجه أعلنت القيادة الأمريكية للسكان بأنها لن تمنع زراعة الأفيون ، والمعنى الحقيقى للكلام الأمريكى المزدوج كان : إن أمريكا لن تسمح لأى مزارع بالتوقف عن زراعة الأفيون وإلا عومل كأحد عناصر “التمرد ” .
والنتيجه أن مزارعى مارجه زرعوا عبوة ناسفة تحت كل نبته أفيون، بل تحت كل حجر فى مارجه وهلمند كلها . والمتابع لأخبار الإمارة الإسلامية الواردة من تلك المناطق يصل إلى تلك الحقيقة ، بأن خسائر الأمريكين فى هلمند والمنطقة المركزية ” قلب زراعة الأفيون” هى الأعلى فى كل البلاد .
فى المنطقة المركزية يعانى الجيش الأمريكى وحلفاؤه من أعلى معدل فى خسائر المدرعات والأفراد .
طبعا ليس لدى المجاهدين مدرعات حتى نجرى مقارنة، ولكن هناك أفراد، والخسائر فيهم أقل بكثير من خسائر العدو. وخسائر العدو من المدرعات عاليه بشكل غير عادى وذلك عنصر يستحق الإنتباه .
وتشير حقائق الميدان إلى أن أكثر خسائر العدو فى الأفراد جاءت فى أطقم المدرعات. وتلك مفارقه جديدة بالنظر لأن تلك الأطقم تتمتع بميزة الحماية التى توفرها أطنان الفولاذ التى تحيط بهم .

تشابه نتائج الحرب فى جنوب لبنان مع نتائجها فى أفغانستان:
وهنا نصل الى عدة نقاط تشابه هامة بين ما يجرى الآن فى أفغانستان ونتائجه الميدانية ، مع النتائج الميدانيه للمغامرة الإسرائيلية الفاشلة فى جنوب لبنان عام 2006 أمام حزب الله . ومن نقاط التشابه :
1ـ الخسائر العاليه غير المتوقعه فى سلاح الدبابات (وأن كانت الأسباب مختلفة فى أفغانستان عنها فى جنوب لبنان ) .
2ـ الخسائر فى أرواح أطقم الدبابات تشكل أغلبية قتلى فى جنود العدو .
3ـ نسبة الخسائر فى الأرواح بين الطرفين كانت مخالفه للتوقعات .
فقد كان المتوقع أن الطرف المعتدى الأفضل تسليحا والمتفوق عدديا وتكنولوجيا أن يكون عدد قتلاه أقل بكثير من الطرف المعتدى عليه . هذا الكلام عن المقاتلين فى الطرفين . ومن أجل أن يعدل النتيجه يلجأ العدو “امريكا /إسرائيل” الى ضرب المدنين وقتل أعداد كبيرة منهم . وذلك أيضا بهدف إرعاب المدنيين وردعهم عن دعم أبنائهم المجاهدين .
وقال الإسرائيليون عن مغامرتهم فى جنوب لبنان أن مجزرة دبابات الميركافا تسببت فى إرتفاع عدد القتلى من الجنود بحيث أصبحت النسبه بين الطرفين هى 1:1 بينما كانت فى الحروب السابقه مع العرب فى حدود 20:1 (لصالح اليهود) ـ ويمكننا القول أيضا أن خسائر الأمريكين فى الدبابات أعلى بكثير من خسائر اليهود فى دباباتهم من طراز (ميركافا/4) التى تحطمت أسطورتها فى جنوب لبنان عام 2006 فخسرت إسرائيل صفقات تجارية لبيعها فى أنحاء العالم . من أجل ذلك تتستر أمريكا بكل قوة على فضائح مدرعاتها فى أفغانستان وتسحب المحترق منها بأسرع ما يمكن من أرض المعركة. ولكن بعد إنسحابهم النهائى سوف تظهر المقابر الجماعية لتلك الدبابات .
فروقات بين حرب جنوب لبنان وحرب أفغانستان
إستخدم المجاهدون فى جنوب لبنان صواريخ حديثة مضادة للدبابات منها صواريخ ميلان الفرنسية ، وصواريخ “ميتسى ” السوفيتيه المعدلة .
وعلى العكس فى أفغانستان، حيث لا يتمتلك المجاهدون أى صواريخ حديثة مضادة للدبابات . وبدلا عن ذلك إعتمدوا فى الأساس على “العبوات يدوية الصنع” حسب توصيف العدو. وكانت هى الأشد فتكا بالمدرعات ودوريات المشاة فى آن واحد . ولما كانت الإستخدام الواسع للدبابات هو فى “المنطقة المركزية ” حسب تصنيف العدو وهى منطقة مسطحة فى أغلبها وأكثرها صحراوى تماما ، فكان إعتماد المجاهدين أكبر على العبوات المزروعة على مجنبات الطرق وتدار عن بعد ، ثم على الألغام المدفونه تحت سطح الأرض .
وفى الأخير كان الإعتماد على الأسلحة الصاروخية التى تطلق من الكتف وهى سوفيتيه الصنع من الطرازات القديمة . وظهر فى شهر يوليو وبشكل بارز قاذف (RPG) ومدفع82 مليمتر عديم الإرتداد ، وأحيانا مدفع 75مليمتر عديم الارتداد وذلك فى المنطقه المركزية . وهذا يشير الى تطور بارز فى عمل المجاهدين فى تلك المنطقه .
فتلك أسلحة قديمة ولكنها فعالة ، وعيبها فى تلك المناطق المفتوحة أنها تعرقل المناورة بالحركة / على عكس العبوات المزروعة والألغام / فهى ثقيله الوزن نسبيا ويحملها المجاهد طول الوقت ، ويشتغل بها أكثر من مجاهد خاصة فى حمل القذائف الإحتياطية .
وإستخدامها الموسع الآن يدل على أن المجاهدين أصبحوا أكثر حرية فى الحركة وزادت محدوديه العدو فى رد الفعل وفى سرعة الحركة. وقد وصل الأمر فى أحد العمليات فى تلك المنطقة أن نصب المجاهدون كمينا للقوات المدرعة الأمريكية وهى فى حالة خروج من معسكرها فى هلمند ودمروا أول دبابة تطل برأسها .
يعكس ذلك أن تلك القوات تعيش فى حالة حصار متصل ولكن فى مجموعات كبيرة داخل معسكرات مكدسة بأعداد زائدة من الجنود والمعدات ، ولكن تأثيرها على الوسط المحيط يتناقص بينما يتزايد المجاهدون جرأة ويضيقون حلقة حصارهم حول قوات الإحتلال .
تكديس الجنود والعتاد التى تبناها العاجزان الفاشلان أوباما وبترايوس أدت فقط إلى نتيجه واحدة هى زيادة خسائرهم وإنخفاض معنويات جنودهم ويأسهم من تحقيق النصر .
# مما يجعل خسائر الأمريكين فى الدبابات أكثر من خسائر نظرائهم اليهود فى جنوب لبنان هو إتساع ساحة المواجهة العسكرية ، وطول المدة الزمنية للحرب , فجنوب لبنان كله هو بالتأكيد أصغر من واحدة من مديريات هلمند . والرقعة الأفغانية التى تشهد الصدامات واسعة جدا وذات تضاريس جغرافية مختلفة ، منها الجبلى والصحراوى والزراعى وفيها المدن بأحجامها المختلفة إضافة إلى آلاف القرى الطينية .
من هنا فإن خسائر الإحتلال الأمريكى وأعوانه فى “المنطقة المركزية” ـ أى هلمند وقندهار وما جاورهما هى مجرد جزء هام من الخسائر وليست كل الخسائر .
# وبالنسبة للمدة الزمنية للحرب ، فتلك نقطة أخرى جديرة ببحث تفصيلى . فإسرائيل لا تتحمل معارك طويلة الأمد على إعتبار ضعف بنيتها النفسية والسكانية وقلة مساحتها وميل السكان إلى النزوح السريع خارج البلاد إذا زاد توترهم النفسى ، إضافه إلى أنها تحارب عادة بجنودها وليس بجنود الآخرين .
بينما الولايات المتحدة تحارب فى أفغانستان بدماء الآخرين ، ويأتى فى المقدمة الجيش المحلى وقوات المرتزقه المحليين ثم تأتى من حيث الأهمية والحجم قوات المرتزقه الأجانب والأمريكيين منهم خاصة
” أو الشركات الأمنية ـ أو المتعاقدين ” وحجمهم يعادل حجم القوات الأمريكية نفسها ـ ثم تأتى قوات الحلفاء من حلف الناتو ومن خارج حلف الناتو ومن الناحية الكمية تعتبر القوات الأمريكية متواضعة من ناحية الحجم بالنسبة إلى إجمالى القوات التى تخدم مشروعها الإستعمارى فى أفغانستان .
ومع ذلك وطبقا لسياستها الكاذبة فهى تتلاعب وبمهارة بعنصر الأرقام التى تظهر أنها تعانى أكبر قدر من الخسائر فى حرب أفغانستان . وذلك غير صحيح لأن القوات المحلية الأفغانية من الجيش والمرتزقه والشرطة تعانى الجانب الأكبر من الخسائر البشرية ولكن ذلك لا يظهر إلا نادرا فى الأرقام الرسمية الحكومية. وبعض خسائر هؤلاء العملاء هو بيد القوات الأمريكية نفسها التى تتعامل بإستهتار بالغ بأرواح حلفائها جميعا وفى مقدمتهم الأفغان .
كما أن البيانات العسكرية للإمارة الإسلامية تظهر أن خسائر أعضاء الناتو لا تقل بحال عن خسائر الأمريكيين ، ولكن إخفائها أو التقليل منها يتم لإعتبارات سياسية تتعلق بالمعارضة الشعبية فى أوروبا للحرب فى أفغانستان التى لا تحقق أى هدف أوروبى ، كما أنها لا تحقق أى عوائد ملموسة تساعد تلك الشعوب فى تخطى الأزمة الإقتصادية . وتعارض شعوب الغرب أن تذهب جيوشهم لمجرد تقديم خدمة لشعب مسلم وتحويلة إلى الديموقراطية كما تزعم حكومات تلك الدول .
ـ تتمتع إسرائيل بإرادة سياسية موحدة بالنسبة لقرار الدخول فى الحرب أو قرار التوقف والخروج منها . وهذا ما فعلته فى حرب 2006 فى جنوب لبنان بعد أن تأكدت من الرغبة “أو الأوامر” الأمريكية فى خوض تلك الحرب . ولكن بعد أن تأكدت تلك القيادة أن الحرب خاسرة بالنسبه لها أوقفتها وانسحبت ضاربة عرض الحائط بالموقف الأمريكى والمصالح الأمريكيية.
ولكن الأزمة الكبرى للولايات المتحدة هو تمزق إرادتها السياسية بين مصالح متعارضة ما بين مصالح الدولة الأمريكية وبين مصالح تحالف المافيات المتحكمة فى الدولة الأمريكية .
وحتى جنرالات الجيش أنفسهم منقسمون ما بين وطنيون تهمهم أولا مصالح الدولة، وبين جنرالات “إستثماريون” باعوا أنفسهم للمافيات المتكتلة ضمن كيان يملى إرادته على الدولة وأجهزتها، بل أنه إخترق وسيطر على تلك الأجهزة .
لهذا نرى وضعا فريدا فى حرب أفغانستان الحالية ، فبينما جيش الدولة الأمريكية منهزم فى تلك الحرب ويعترف بأن لا فرصة أمامه فى إحراز أى نصر نجد أن المافيات تربح المليارات من تلك الحرب التى تمثل أكبر ولائمها التاريخية ، لذا ترفض الإنسحاب وتفرض رأيها على الدولة الأمريكية .
لهذا فمن المتوقع أن تكون الدوله الأمريكية نفسها / وليس أفغانستان/ هى الضحية الأكبر والأهم لتلك الحرب التى إذا إستمرت على هذا المنوال فإن النهاية بدلا من أن تكون إنسحاب الجيش الأمريكى من الحرب ستكون إنهيار الدولة الأمريكية بسبب الحرب .
طبيعى أن الولايات المتحدة لن تنهار منفردة فهى تبذل طاقتها كلها منذ سنوات طويلة لأجل أن لا يحدث ذلك. فنراها تربط مصائر جميع الدول المهمة بمصير سفينتها المتداعية . فربطتهم بإقتصادها المعطوب وجعلت من دولارها المزيف شعارا للقرصنة الإقتصادية التى إرتضاها الجميع “مكرهين” . وعندما تغرق السفينة ” تيتانك” الأمريكية سوف تسحب خلفها كافة القوارب الأوروبية والعالمية إلى قاع محيط الكوارث .
من هذه الناحية فإدارة الشر الأمريكية مطمئنة من غدر أصدقائها . وهى فى أفغانستان أشد أمنا ، لأنها ربطت بإحكام كل القوارب المتهالكة فى الجوار الأفغانى بسفينة القرصنة الأمريكية.

بقلم  :
مصطفي حامد ابو الوليد المصري
copyright@mustafahamed.com

المصدر  :
موقع الصمود (امارة افغانستان الاسلامية) عدد 52
http://alsomod-iea.com/index.php



ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا