أيس كريم في غزة

أيس كريم في غزة

عملية طوفان الأقصى تميزت منذ لحظاتها الأولي بإبتكاراتها المبدعة في المجال العسكري بحيث يمكن أن نقول أنها غيرت ليس فقط فلسطين والمجتمع اليهودي المحتل بل غيرت العالم العربي والعالم الإسلامي كله وذلك سيستمر لسنوات طويلة قادمة .

تلك الإبتكارات وما ترتب عليها من إنتصار أسعدت شعب فلسطين والشعوب الإسلامية جميعاً .

ولكن بعض الإبتكارات كانت مريرة للغاية وسوداوية لأنها ذكَّرت الجميع بعجزهم وتقصيرهم أمام التجبر الإسرائيلي و الصلف الأمريكي الذي جاوز الحدود فى إستهتاره بالعرب والمسلمين والقيم الإنسانية جميعاً .

– قطع العدو عن غزة الماء والكهرباء كما هو معلوم وقصف المستشفيات وهدم البيوت علي رؤوس أهلها كما شاهد العالم.

حتي عجزت أرض غزة عن استقبال المزيد من المقابر ومن قبلها عجزت المستشفيات عن علاج الحالات الصعبة وبعدها أعلنت عن انهيار المنظومة الصحية بالكامل وعجزها عن استقبال أي حالات جديدة وتحولت المستشفيات إلي مقابر جماعية للجثث الملقاة في الغرف والممرات وبين الأسِرَّة .

و ساحة المستشفى تحولت إلي ملجأ لإيواء آلاف الفاريين من القصف بحثاً عن الأمان ومع ذلك قصفتهم الطائرات الإسرائيلية بصواريخ أمريكية وقنابل الفسفور الأبيض المحرم دولياً . فوضعوا خيام خارج المستشفى ليلقي فيها النزلاء والجرحي وجثث الشهداء .

بدأت بعض الجثث تتحلل فظهرت مواهب الإبتكار لدي سكان غزة حيث لا كهرباء ولا برادات تعمل في المستشفيات .

فأحضروا البرادات التي كانت قبل الحرب تبيع للأطفال مثلجات الأيس كريم ووضعوا فيها جثث الأطفال حتي لا يسرع إليها التلف .

– كاميرات المراسلين سجلت ذلك الإختراع الفلسطيني وبرادات الأيس كريم المرسوم عليها صور ملونة لأطفال يضحكون وهم يستمتعون بقطع الأيس كريم ولكنها الآن مزدحمة بجثث الأطفال الشهداء.

لم تتحمل إسرائيل من أهل غزة تلك الرفاهية فحولت البرادات إلي مقابر جماعية للأطفال الذين كانت قلوبهم الصغيرة تتعلق بتلك الحلوي . لسبب ما إختفت صور برادات الآيس كريم أو مقابر الآيس كريم الجماعية من شاشات الموت .

وربما أن تلك البرادات إن لم تقصفها الطائرات فإنها توقفت لعدم وجود وقود يدير السيارات و آلات التبريد . وعليه فإنه بعد إنتصار غزة وإنتهاء تلك المحنة فإننا قد نجد مجموعة من مقابر الآيس كريم المعطلة .

وذلك يثير الخيال الإستثماري لأصحاب رؤوس الأموال فيمكن أن تطرح تلك البرادات في مزاد عالمي لتستخدم لبيع الآيس كريم في الإحتفالات .

ويمكن أيضا التبرع بها مجاناً لنوادي الشواذ في بلاد الحرمين الشريفين حيث الإحتفالات الماجنة لا تكاد تنقطع ولا تنقطع إحتياجات روادها للآيس كريم والمثلجات والخمور وأقراص المخدرات .

في وسط تلك الأكداس من البضائع اليهودية والملاهي الصهيونية قضى أشاه الرجال وأنصاف النساء نفس الأوقات التي قضاها أطفال غزة تحت القصف الإسرائيلي بلا ماء ولا طعام ولا كهرباء ولا دواء ، وربما بلا أب أو أم أو أخوة تحت أنقاض البيوت المهدمة.

علي أي حال شكراً لدولة الامارات التي أرسلت طياريها الأبطال  لقصف غزة ومساعدة إخوانهم اليهود . لقد وفروا بذلك المزيد من برادات الآيس كريم المعجون بدماء أطفال غزة لتلبية متطلبات سوق الترفيه العالمي .

 

بقلم  :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
المصدر:
مافا السياسي ( ادب المطاريد )

www.mafa.world