المسلمون في إنتظار العَوْد الحميد لمولانا عبد الحميد

2

الإعلام الدولي وإختطاف القيادات الإسلامية .

المسلمون في إنتظار العَوْد الحميد لمولانا عبد الحميد.

– من الزعماء من تأثرت قراراته كثيرا بالشهرة التي نالها من الإعلام الغربي. فكان يأخذ القرارات التي تجعل أضواء الإعلام مسلطة عليه بصرف النظر عن فائدة تلك القرارات للحركة التي يقودها أو الشعب الذي يعمل لأجله.

– يمتاز سلاح الإعلام عن باقي أسلحة الحرب الشاملة بأنه يدخل إلى كل بيت . لهذا يعتبر الإعلام أخطر الأسلحة في الحروب الحديثة.

– بعض الرموز الدينية ، والجماعات، بدأت عملية تحويل أساسي في مسيراتها الجهادية والدينية تماشيا مع طوفان الحرب اليهودية الدولية على الإسلام .

– المجاهدون البلوش في إمارة أفغانستان يتبنون وجهة نظر مخالفة للصفوة الأفغانية المتغربة ، ومخالفة أيضا لمولانا عبد الحميد في حالته الفكرية الجديدة. فلا يرون أي فائدة من تملق أمريكا والغرب و مشيخات النفط ، لأنهم لن يقبلوا سوى بالتنازل عن الإسلام.

 

يحقق سلاح الإعلام ما لا يستطيع أن يحققه أي سلاح آخر من أسلحة الحروب الحديثة، تلك الحروب التي يستخدم فيها أي شيء يمكنه إلحاق الأذى بالخصم .

تلك هي السمات الواضحة في سلسلة الحروب التي شاهدناها منذ الاحتلال الأمريكي لأفغانستان عام (2001)، وصولاً إلى الحرب العالمية ضد روسيا على أرض أوكرانيا. وحروب أمريكا على إيران وأفغانستان . تلك السلسلة من الحروب استخدمت فيها الولايات المتحدة وإسرائيل أكثر الأسلحة تطوراً، بداية من أسلحة الدمار الشامل وصولا إلى سلاح الإشاعة والخبر الكاذب من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والفضائيات.

 

إغتيال بأضواء الإعلام:

يعتبر الإعلام أحد وسائل التخلص من القيادات المناوئة للاستعمار، وذلك باللعب على غريزة حب الشهرة لدي بعض القيادات المؤثرة . فالحُكْم و الشهرة هما من أهم حوافز الحركة لدى الكثير من الزعامات. وهما من نقاط الضعف البشرى بوجه عام.

لهذا يعتبر الإعلام أحد وسائل التخلص من القيادات الكبيرة بجذبها تدريجيا إلى خارج مسارها، سعيا منها  للحصول على الشهرة ثم المزيد من الشهرة. وفى النهاية يصبح (الزعيم ) مدمنا على الشهرة  مجنونا بها، ولا يطيق البعد عن أضوائها، ومستعد لأن يضحي في سبيلها بكل شيء، حتى بمعتقداته السياسية والدينية ،وتاريخه النضالي إن كان يمتلك منه شيئا .

– لدينا في العالم العربي والإسلامي أمثلة بارزة لزعماء تمادوا في هجران مبادئهم وصولا إلى معاداتها والعمل ضد شعوبهم من أجل الحصول على رضى الإعلام الدولي المملوك للأعداء. فيصبح التحكم في ذلك الزعيم من أيسر الأمور لدى العدو، فقط بمجرد حجب الإعلام عنه قليلا أو تخفيف درجة الإعجاب به، أو التلويح بتحويل دفة الاهتمام الإعلامي إلى شخصية منافسة، أو حتي بإهمال القضية التي قام لأجلها (الزعيم ) .

قال أحد السياسيين في دولة إسلامية في القرن الماضي لزميل له من دولة أخرى :

إذا رأيت الإعلام الأمريكي يركز على تلميع شخصية سياسية أو زعيم شعبي، فأعلم أن تلك الشخصية قد باعت قرارها ومبادئها للغرب، وأن جزءا من الثمن هو الشهرة الإعلامية.

وقد يتخلص الغرب من ذلك الزعيم بعد أن يؤدى الخدمات التي تم تكليفه بها . فيتركونه لمصيره، أو يقتلونه ويزيحونه نهائيا عن مسرح الحياة . نذكر بعض الأسماء بدون تفاصيل في قصصهم التي يعرفها الكثيرون. في تلك الأسماء الزعيم ياسر عرفات في فلسطين والرئيس أنور السادات في مصر ورئيسة وزراء باكستان السابقة “بي نظير بوتو”، والقذافي في ليبيا . وتلك مجرد نماذج وهناك الكثير .

– من الزعماء من تأثرت قراراته كثيرا بالشهرة التي نالها من الإعلام الغربي والدولي. فكان يأخذ القرارات التي تجعل أضواء الإعلام مسلطة عليه بصرف النظر عن فائدة تلك القرارات للحركة التي يقودها أو الشعب الذى يعمل لأجله. فالمهم أن يكون القرار براقاً وجاذباً لاهتمام الإعلام و الرأي العام العالمي .

 بعض رؤساء الدول من أجل الحصول على اهتمام الإعلام الدولي، وبالتالي رعاية الدول الغربية، غيَّر المسار السياسي لبلاده إلى العكس تماما، كي يجاري المطالب الغربية وينال الرضا السياسي والشهرة الإعلامية، كما حدث مع أنور السادات في مصر ومع قيادات الدول التي انفصلت عن الإتحاد السوفيتي، خاصة في آسيا الوسطي، حيث تمكنت نفس الزعامات الشيوعية من الاستمرار في الحكم بمجرد نقل بندقيتها من الكتف الشيوعي إلى الكتف الرأسمالي، فحصلوا بذلك على اعتراف الغرب بهم كأنظمة ديمقراطية لأنها لا تعادى شئ سوى الإسلام . ولعل المثل الأبرز في هذا المجال هو جنون الرئيس السوفيتي “جورباتشوف” بالشهرة الدولية وأضواء الإعلام الغربي ومدائح زعماء الغرب التي انهالت عليه. فمضي حتى نهاية شوط الإعجاب، وأنجز مهمة تفجير الصرح السوفيتي، من داخله بعد الهزيمة المدوية في أفغانستان .

 

ثعالب تحت المائدة التركية:

 بعض القيادات الإسلامية جرفها السعي نحو استرضاء الإعلام الغربي (المملوك يهودياً) وأملها في الحصول على محبة الساسة الغربيين والمنظمات الدولية. فانحرفوا في اتجاه الغرب حتى صاروا أكثر قربا إليه منهم إلى الإسلام. وصارت رؤيتهم للإسلام على أنه دين ليبرالي ديمقراطي غربي متحرر منطلق منفلت، لا قيود له سوى النطق ببعض الألفاظ والشعارات الإسلامية. فصاروا نسخة من النظام الغربي بطلاء إسلامي براق وسطحي .

ذلك الإسلام الجديد، البراق والسطحي، لم يجد حرجاً في القتال إلى جانب الحملة الصليبية على أفغانستان، وتحويل سوريا والعراق إلى ساحات قتال صليبي يهودي تكفيري ضد الإسلام، سعيا وراء النهب و الاستحواذ الاستعماري على ثروات البلدين (العراق والشام) من النفط والغاز والقمح والماء .

فتجمعت تلك الثعالب والضباع في تركيا، انتظاراً لما ستقرره إسرائيل للمنطقة العربية من تغييرات في الحدود السياسية ومحو وإنشاء دويلات جديدة، وتمديد طرق ومطارات لخدمة الإمبراطورية اليهودية في (الشرق الأوسط الجديد). وقتل وإجلاء السكان الذين لا ضرورة لهم من وجهة نظر إسرائيل . فإن الإخوة الضباع والثعالب الرابضة في إسطنبول، ينتظرون نصيبهم من غنائم ذلك (الشرق الأوسط)، وما سوف تحدده إسرائيل ، نصيباً مفروضاً، لكل جماعة من تلك الوحوش المتربصة.

 

تشققات دولية :

– اتسعت الهجمة اليهودية على العالم . وامتدت هجماتها العسكرية وحروبها الشاملة التي تستخدم الاقتصاد والإعلام والطفرات التكنولوجية الحديثة والفضاء الخارجي الذى أصبح قُبَّة عسكرية تحيط بالعالم، وتضم شبكة من الأقمار الصناعية والأسلحة الإشعاعية والليزرية، وأسلحة سرِّية  ذات تقنية فوق متطورة . فظهرت موجة من الحروب سريعة التصعيد جعلت العالم يترنح من الصدمة والعجب. ودول عظمي تتماسك بصعوبة حتى لا تتهاوى (مثل روسيا والصين في آسيا ، ودول في أوروبا مثل ألمانيا وفرنسا، أعمدة الاقتصاد الأوروبي). حتى أن قارة أوربا بالكامل بدأت تتفسخ اقتصاديا وثقافيا ، وتتعاظم مساحات التناقض فيما بينها ، وتتصادم فيها الرؤى السياسية والإستراتيجية.

 ويمكن القول أن أوروبا تشققت أكثر مما حدث في سد النهضة الحبشي، وذلك قبل إتمام عام واحد على حرب أوكرانيا التي هي السبب الرئيسي في ذلك .

– أما الولايات المتحدة فالوضع أسوأ من ذلك بكثير. رغم محاولات النظام الأمريكي ستر تصدعاته الأساسية، بأن يضاعف من شراسته على المسرح العالمي بتصعيد الحروب القائمة ، بفرض المزيد من العقوبات على من يشاء، كي يثبت أنه قوي وفاعل. وذلك عكس الحقيقة لأنه مجرد نظام تخريبيي يهدد البشرية وكوكب الأرض نفسه . وهم نظام عاجز عن حل مشاكله سوى بخلق المزيد من المشاكل للعالم ، وعولمة فشله وأزماته ، ليجعل من انهياره الحتمي انهيارا للعالم أو حتى  نهاية للجنس البشري كله.

– تلك العدوانية الأمريكية والأوربية وتوسيع مدي العدوان أفقيا وراسيا على اتساع العالم من أوكرانيا إلى أفغانستان ومن الصين إلى إيران ومن أمريكا الجنوبية إلى قارة أفريقيا من شرقها إلي غربها. هذا الطوفان العدواني المدعوم بإعلام عالي التقنية لم يسبق له مثيل في التاريخ البشري ، من حيث القدرة على الانتشار والتأثر الجماهيري.

– ويمتاز سلاح الإعلام عن باقي أسلحة الحرب الشاملة بأنه يدخل إلى كل بيت تقريبا ويصل إلي معظم الجنس البشرى عبر أجهزة الهاتف النقال . لهذا يعتبر الإعلام أخطر الأسلحة في الحروب الشاملة الحديثة، لأنه الأوسع تأثيراً في العقول والإرادات والأديان. لهذا يقوم السلاح الإعلامي (البروباجندا) بأخطر الأدوار في الحروب، بشكل منفرد ، أو بمساعدة ثانوية من أسلحة أخرى مثل السلاح الاقتصادي (العقوبات والحصار والتجويع)، أو بمساعدة من سلاح الإرهاب الداخلي (الدواعش ـ الجيوش السريةـ المرتزقة ـ العاطلون عن العمل والبلطجية ـ قطعان الساقطات اللاتي أصبحن رائدات في قضية دولية كبرى مفتعلة اسمها تحرير المرأة وحقها في الفساد والإفساد ). حتى أن بعض النساء في اضطرابات طهران تحولن إلى جزء من فرق الاغتيالات والتفجيرات ، أو التحريض المباشر على العنف والفتنة، والدعاية ضد الإسلام ، والدعوة إلي صياغة الدين من جديد بمفاهيم يهودية، والدعوة إلي إعدام العلماء والمتدينين ، والمشاركة في إهانته وضربهم علنا في الشوارع ، مع حرق المصاحف في صخب احتفالي .( ومع ذلك أيد مطالبهن بعض المحسوبين على تيار العلماء في مدينة زاهدان ).

– نضيف إلى ذلك قدرة الإعلام الدولي علي اختطاف القيادات / حتى الإسلامي منها / بإغراءات الشهرة والنجومية الدولية . فقد تصور بعض قادة المسلمين ومن يتبعهم من مشجعين ومحترفي الهتاف، وتَصَنُّع الهوس الديني، وفنون البلطجة الفكرية، أنهم قد تمكنوا من الحصول على مكانة كبيرة في مواقع التواصل الاجتماعي والبث التلفزيوني . نتيجة استخدامهم خطابا إسلاميا يُرْضى العالم الغربي، وتأييدهم للمطالب النسوية في إيران، وللعنف المفرط و حرب شوارع من عصابات احترافية، مارست القتل في مهرجانات عنف جنونية طالت الأبرياء وأهانت الرموز الدينية التي هي موضع إجماع بين المسلمين .

فتصوروا أن تلك هي الموجة المنتصرة القادمة. فبادروا من تحويل بندقيتهم من الكتف الإسلام الحقيقي إلى الكتف الصهيوني، وإيهام الجمهور المسلم أن بنادقهم (الكلامية) ما زالت تُصَوِّب في الاتجاه الصحيح .

 

غيوم الثورة المضادة :

لا عجب أن وجدنا أصداء لتلك الموجه الخطرة . حتي في أفغانستان بعد جهاد عشرين عاما انتهت بالانتصار العظيم الواضح على جيوش الاحتلال وعودة الإمارة الإسلامية مرة أخرى بعد قيادتها لذلك الجهاد المنتصر . و الذى من قبله حكمت أفغانستان لمدة خمس سنوات حاربت فيها المليشيات وقطاع الطرق ودعاة تقسيم البلد إلى عدة دويلات. وحافظت على الوحدة الجغرافية والاجتماعية والدينية لأفغانستان .

فهناك البعض من الصفوة الاجتماعية في أفغانستان ، ينادون بالعودة إلى أحضان الولايات المتحدة، والاستجابة لمطالبها خوفاً من غارات طائرات (الدرونز) الأمريكية ، التي لا تخلو منها سماء أفغانستان، وتمارس العمل الإرهابي والتخريبي بالتنسيق مع الدواعش والجيش السري الذى تركته أمريكا في البلاد قبل فرارها من هناك .

يقول هؤلاء الصفوة من المرتجفين (أو المتواطئين)، ومعظمهم لم يطلق طلقه على عدو، أنهم تعبوا من الحرب، وأن لا حل سوى إقامة علاقات كاملة، والاستجابة للمطالب الأمريكية حتى تتوقف عن مهاجمة أفغانستان وتفك الحصار عنها، وتعترف بها دوليا.

 لا شك أن هؤلاء يحلمون بدولة خاضعة تماما لأمريكا، مثل مشيخة قطر التي يشاهدون مبارياتها الكروية هذه الأيام . وتصلهم أخبار وصور عن الفحشاء والمنكر التي توسعت إلى حد فاق كل تصور مع هذا المونديال الكروي المشئوم، الذى كَلَّفَ أكثر من عشرين مليار دولار كانت تكفي لبناء دولة حقيقية في قطر، أو حل جزء كبير من مشكل فقراء العالم الإسلامي. ولكنها خُصِّصَت لترويج الفحشاء والمنكر في جزيرة العرب المقدسة، والتي أمر رسولنا الكريم بإخراج المشركين منها . ولكن قطر ــ كما الباقين في جزرة العرب ــ تضم بعض أهم القواعد الأمريكية في العالم ، ومعها أهم مرافق الفسق والفجور.

– ما يجرى في قطر مع كارثه المونديال، سوف يظل من أساسيات الحياة هناك، فتستوطنها الموبقات بصورة فاضحة لا تسعي إلى ستر أو كتمان .

– ما يجرى في قطر المونديال من كوارث دينية وأخلاقية يعتبر جزءا بسيطا مما يجرى في بلاد الحرمين الشريفين ، من ترويج للفحشاء والمنكر بين المسلمين. وما يتحدث عنه “الأمير منشار الدين” ويزعم بأنه رؤيته لعام 2030 لتحديث المملكة، إنما هو موعد للانتهاء من مشروعه الحقيقي ، وهو تهويد جزيرة العرب، وطرد الإسلام منها وجعلها مستعمرة كبرى تديرها إسرائيل بواسطة خدمها من مرتدين و متهوِّدين.

هذا مع العلم بأن القبضة اليهودية محكمة على مكة والمدينة، وتصل لأدق التفاصيل الدينية، والإشراف على المقدسات، لإعادة صياغة الإسلام برؤية يهودية، مع الإشراف على تأسيس بنية تحتية واسعة للفحشاء والمنكر ، مع مهرجانات علنية فاضحة.

 

ولن ترضى اليهود ولا النصارى :

بعض الرموز الدينية ، والجماعات، بدأت عملية تحويل أساسي في مسيراتها الجهادية والدينية تماشيا مع طوفان الحرب اليهودية الدولية على الإسلام .

وكما فعل من أسموهم بالصفوة المتغربة في أفغانستان، بالميل مع الموجة اليهودية الطاغية. هناك تيار مماثل موجود في إيران، يسير على نفس الطريق.

وعلى عكس أفغانستان فإن الانحراف في أيران، يكاد أن يكون له عنوان واضح ، وقيادة لها ثقل تاريخي، ونعني بها قيادة “مولانا عبد الحميد” ، إمام مسجد مكي في مدينة (زهدان ) الإيرانية .

في أعقاب موقف تاريخي مشرف للشيخ عبد الحميد، أثناء جهاد أفغانستان، الذى كان هو رمزا لدعمه، ومسجده الشهير (مسجد مكي) كان مقرا روحيا لذلك الدعم الكبير لجهاد المسلمين الأفغان ، إلى أن حدثت الفتنة في زهدان التي كانت فرعاً من الفتنة في طهران التي انفجرت في أعقاب “ثورة تحررية” تنادي بنزع الحجاب وحق المرأة في التعري. ثم  تطورت لتصبح أعمال قتال شوارع يقوده خبراء قادمون من كردستان العراق وأذربيجان المجاورة، حاملين معهم أسلحة وقنابل، وتأتي خلفهم قوافل إمداد من العتاد العسكري. متحولين إلى حرب عصابات متنقلة داخل إيران . فأضيفت إلى شعارات ثورة العرايا شعارات الانفصاليين على أطراف إيران .

– في تلك الأجواء المشحونة وقعت أحداث في زهدان كانت هي من أسوأ ما شهده الإقليم من اضطرابات . ولكن موقف مولانا عبدالحميد كان متزنا وفاعلا، فأمر الأهالي بالهدوء والسكينة إلى أن تنتهي التحقيقات الرسمية . وطالب بتشكيل لجان يشارك فيها علماء السنة والشيعة لتحديد المسئوليات واقتراح الحلول ، خوفا من أن ينفلت الموقف، خاصة مع تدفق مجموعات مسلحة من باكستان ومجموعات انفصالية كانت تقيم في الخارج ، شاركوا بالفعل في أحداث الفتنة في زهدان، مما جعلها ساحة حرب حقيقية دارت لأيام ثم تحولت إلى ضربات انتقائية يقوم بها محترفون داخل إقليم بلوشستان من وقت إلى آخر .

– بعد ذلك الموقف المشرِّف لمولانا عبد الحميد بدأ موقفة في الانعطاف صوب اتجاه معاكس يناقض لما كان ينادى به سابقاً . فأصبح منهجه السياسي إقصائيا وانفصاليا. وموقفة الإعلامي استفزازيا، وأكثر قرباً إلي مطالب الغرب.

– على سبيل المثال فقد أرسلت حكومة طهران وفدا رفيع المستوى بمثل القيادة العليا وقمة الجهاز الإداري والسياسي إلى مدينة زاهدان لمناقشة مولانا عبد الحميد . ولكنه رفض مقابلة الوفد، بدون إبداء أسباب ذلك الرفض. وتصريحاته للإعلام التي جلبت له رضى وقبول الغرب و مشيخات الخليج، تسببت في بروز شكوك لدى القيادة الإيرانية الرسمية ،وأيضا لدى المجاهدين البلوش الذين شاركوا في جهاد أفغانستان لسنوات طويلة، وكانوا من  مفاتيح النصر هناك. والعديد منهم يشغل مناصب هامة في الإمارة الإسلامية ، هؤلاء يتبنون وجهة نظر أخرى مخالفة للصفوة الأفغانية المتغربة والمرتجفة، ومخالفة أيضا لمولانا عبد الحميد في حالته الفكرية الجديدة. فلا يرون أي فائدة من تملق أمريكا والغرب و مشيخات النفط ، لأنهم لن يقبلوا سوى بالتنازل عن الإسلام.

 فالمطالب الأمريكية والغربية من أفغانستان والتي يرفضها المجاهدون تماما .. هي:

1 ـ تغيير نظام الإمارة الإسلامية ، واستبداله بنظام  قائم على أسس الديمقراطية الغربية.

2 ـ عدم تطبيق قوانين الشريعة الإسلامية، واعتماد المفاهيم الحقوقية التي يتبناها الغرب ويروج لها ، خاصة في ما يتعلق بالأسرة والمرأة وحقوق الإنسان .

3 ـ فتح المجال الاقتصادي بالكامل ــ بلا قيد أو شرط ــ للشركات الأمريكية والغربية لكي تمتلك الثروات الطبيعية في أفغانستان، بشركات متعددة الجنسية، بها بعض الشركاء الأفغان من الصفوة المتغرِّبة .

4 ـ إلغاء طريق الحرير، ومنع أفغانستان من العمل كحلقة اتصال في آسيا. ومنع النفوذ الاقتصادي للصين وإيران وروسيا من التعمق في أفغانستان لأكثر من التواجد السطحي الذى لا يؤثر في الواقع الاقتصادي للبلاد .

سقطات فقهية تنتظر الإصلاح :

من مظاهر التحول في موقف مولانا عبد الحميد تلك التصريحات الإعلامية التي أثارت مخاوف معظم التيار السني الملتزم/ حتى العرب منهم / حين قال فضيلته بوجوب اعتراف الجمهورية الإسلامية في إيران بحقوق المتظاهرات من النساء.

 ومن تصريحاته الإشكالية أيضا، مطالبته إعطاء الحقوق للطائفة البهائية كأحد طوائف المسلمين. فأثار ذلك غضب التيارات السُنيَّة في معظمها. فهناك إجماع على خروج تلك الطائفة عن الإسلام لقولهم بأنه ليس خاتم الرسالات. ووجود قيادتهم في مدينة حيفا التي تحتلها إسرائيل. و تلك الطائفة ممنوعة في إيران.

أعتبر كثيرون تصريح مولانا عبد الحميد بخصوص البهائيين سقطة فقهية كبرى، تهدد مكانته الدينية وقيادته السياسية . فبدأ التساؤل عن مستقبل مكانته بالنسبة لإيران وأفغانستان. وكيف تتماشي مع كونه عضواً في “المجمع الفقهي بمكة المكرمة” ، المؤيد على طول الخط لبرنامج الرِدَّ ة عن الإسلام الذى يقوده الأمير منشار الدين في بلاد الحرمين .

وكيف أن مولانا عبد الحميد ، شأن الأغلبية العظمي من العلماء المسلمين، لم يجهر بمعارضته لبرنامج الرِدَّة عن الإسلام ، الذى يضرب بلاد الحرمين بشكل خاص.

– يأمل محبي الشيخ عبد الحميد، والسائرون علي نهجه الدعوي والجهادي المشرق ، بأن يظل كذلك في مواجهة الحرب اليهودية على الإسلام خاصة في إيران وأفغانستان . لا شك أن ذلك سيكون مكسباً كبيراً للإسلام الجهادي الصحيح، وليس الإسلام المُتَهَوِّد الزاحف بقوة، ضمن الحروب المعقدة الجديدة .

عودة مولانا عبد الحميد إلى خَطِهِ الجهادي والفقهي، سوف تعتبر نصرا مؤزراً للمسلمين المخلصين. الذين يحدوهم الأمل انتظارا للعَوْد الحميد، لمولانا عبد الحميد .

 

بقلم  :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
المصدر:
مافا السياسي ( ادب المطاريد )

www.mafa.world

 

الإعلام الدولي وإختطاف القيادات الإسلامية . المسلمون في إنتظار العَوْد الحميد لمولوى عبد الحميد.

 

 



2 تعليقات

  1. إن حکم الکاتب بشأن الشیخ عبدالحميد ماکان منصفا وما كان عن معرفة کما أن رؤیته إلي الحکومة الإيرانية و أحوال شعبها لم تكن عن دقة فحص و سبر غور . حذَّرناالکاتب من تتبع الإعلام الغربي ثم وقع نفسه في فخّهم بنقل قضایا البلاد والمظاهرات الجاریة فيها من لسانهم. وقال كما قالوا؛
    لايخفى على أحدٍ مدى سعي الإعلام الغربي لیُلبس الاحتجاجات المدنیة في بلدنا لباسا علمانياً لادینیا و الغریب أنّ السلطة الإيرانية أيضا تريد ذالك و ربطها إلى الانفصاليين، لتُقلّل من شمولیة المظاهرات و تُضيّق دائرة المطالبات وتُسَهِّل طریق القمع والضرب.
    الحقيقة في المطالبات أنها ليست مقصورة على المرأة وليست إنفصاليا وإن كان لاينكر حضورهم تماما، بل تروم الحریة و إصلاح الأوضاع الاقتصاديةوالمعيشية ورفع التمييز بين أصناف الشعب المختلفة وغير ذالك من المطالبات المدنیة والإنسانية.
    أما اللادينية والهروب من الدين التي نشاهدها اليوم، فقد كانت نتيجة الحكم الاستبدادي والطاغوتي بإسم الدين التي طالت أربعة عقود وتسببت إلى تردّی الأوضاع وتخلّف البلاد في کافة المجالات.
    والحقيقة المرة أن اللادينية، نتيجة للفقر المدقع الذي فرضته الدولة على الشعب بسياساتها الاقتصادية و السياسية الفاشلة.

    أما الشيخ عبدالحميد منذ فتحتُ عیني علی هذا العالم رأیتُه واقفا علی طریق الحقّ والوسطية، یتتبع الحقّ ویدافع عنه أینما کان؛ یوما رٱی حقّ الحكومة (للأمارة الإسلامية)كأبناء أفغانستان وكشعبه الذين كافحوا الاحتلال الأمريكي، فحماهم رغم الهجمات الإعلامية الواسعة عليه ورغم استرداد جائزة منظمة حقوق الإنسان منه ويوما رأى الحق في تعليم المرأة الأفغانية، فنقد الحركة لقصوره في هذا المجال. غير خايف على موقعه ورمزيته الذي حصل من قبل لديهم. هو كما عرفناه (يعرف الحق لذي الحق إذا حق له الحق).
    الأفضل لیس عود الشیخ عبدالحمید إلی طاولة الظلم والجور. بل الأفضل عود الحركات والحكومات الإسلامية الناشئة إلى معرفة الإسلام الحقيقي ورحمته ورأفته ووسطيته. من غير التفات إلى الإعلام الغربي والشرقي. ليس من المعقول، الفرار من الذئب الغربي واللجوء إلى الدبّ الشرقي بما فيها روسيا وايران. هذا هو العود الحميد الذي ينتظره العالم الإسلامي.

    • السلام عليكم و رحمة الله
      اخي الكريم
      ربما لم تتمكن من فهم الموضوع بشكل صحيح ، او لا تريد فهم ما يقصده الاستاذ من المقال .
      عكس ما تدعي تماما ، لقد حققنا كثيرا في الموضوع و الصورة بالنسبة لنا واضحة . خاصة أن هذه ليست التجربة الاولي التي نشهدها من الثورات المخملية.
      اخيرا احب ان اثبت لك مدي بعدك عن فهم المقال و الاستاذ و اقول ، اول من علق علي مجزرة مسجد مكي مستندا علي لسان الشيخ عبدالحميد حفظه الله كان الاستاذ ابوالوليد و المقال منشور علي الموقع .
      لماذا نسيتم تماما هذه المقالة ؟!
      اشكرك علي مرورك
      المشرف

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا