تحرير الصومال على خطي تحرير أفغانستان

0

تحرير الصومال على خطي تحرير أفغانستان

–  تَحْمِل عملية فندق “حياة” مقديشيو أوجه تشابه مع العملية الكبيرة التي شنتها حركة طالبان على الإحتلال فيما يسمي بالقرية الخضراء على أطراف كابل.

–  تشير العملية إلى أن حركة الشباب قد توصلت إلى نسخة صومالية للتحرير تتوافق مع واقع تلك البلاد وظروفها الداخلية ومحيطها الإقليمي.

–  حديث وزير الدفاع عن خطة للسيطرة على المناطق التي تنشط فيها حركة الشباب ، هو نوع من التخبط والجهل العسكرى، لأنه من المستحيل أن يسيطر أي جيش على جميع أراضى الدولة.

–  إهتدت حركة طالبان إلى قانونها الخاص وهو : إسقاط جميع المدن في هجوم إستراتيجى واحد . وهذا ما حدث فى نهاية الحرب.

–  إسقاط العاصمة كابل والمدن الكبرى كان هو الخطوة الأخيرة في جهاد أفغانستان. وكان أيسر مما تصور أي أحد لأن النظام قد سقط بالفعل قبل أن تسقط المدن.

–  توفير المال للرى والزراعة والطرق، يعتبر عملاً جهادياً ذو قيمة عالية، ويجب إرغام العدو على دفع التكلفه كما يتم إرغامة على بيع معداته وأسلحته للمجاهدين.

–  الصواريخ والطائرات بدون طيار هى أدوات فعالة في قتل العدو ،  وأيضا لإستعادة ثروات الشعب.

بقلم  : مصطفي حامد – ابو الوليد المصري

 

فى وقت كانت السيول تضرب أفغانستان، كانت قوة من حركة الشباب الصومالية تعصف بأحد أوكار النظام في مقديشيو. فهاجمت بالأسلحة والقنابل (فندق حياة) الذى يتردد عليه مسئولون حكوميون. وسيطرت الحركة على الفندق لمدة ثلاثين ساعة، وأنزلت به خسائر كبيرة، ودمرت بعض أجزائه. وبلغ عدد القتلى ثلاثين شخصاً، حسب المصادر الحكومية. وأصيب أكثر من 117 آخرين. تلك العملية في ظل الموقف العسكرى والسياسى داخل الصومال تشير إلى أن حركة الشباب الصومالية قد فهمت جيداً إستراتيجية التحرير التي أتبعتها حركة طالبان في أفغانستان .

وأنها توصلت إلى نسخة صومالية للتحرير تتوافق مع واقع تلك البلاد وظروفها الداخلية ومحيطها الإقليمي، إضافة إلى القوى الدولية المسيطرة على الصومال .

 

تأملات في عملية “فندق حياة” بالعاصمة مقديشيو

أوجه عديدة لتلك العملية تشير إلى تقارب في التفكير الإستراتيجى ما بين حركة الشباب في الصومال وحركة طالبان في أفغانستان :

–  تحمل تلك العملية أوجه تشابه مع العملية الكبيرة التي شنتها حركة طالبان على ما يسمي بالقرية الخضراء على أطراف كابل، والتي كانت إستراحة لا أخلاقية، وقاعة للإجتماعات الأمنية والعسكرية لجيوش الاحتلال والجيش العميل .

وفى عملية إستشهادية دمر عدد محدود جداً من شباب حركة طالبان ذلك الوكر الإجرامي، وقتلوا عدداً كبيراً من رُوَّادِة. كان لذلك تأثير كبير في تماسك النظام ، لأن المنطقة كانت محمية ومؤمَّنَة بشدَّة. ودل هجوم طالبان عليها وتدميرها ،على مدي قدرتهم على إختراق النظام الحاكم أمنياً والحصول على معلومات من الرتب العالية.

 ويبدوا أن ذلك ما حدث في مقديشو، لدرجة أن رئيس الوزراء أشار إلى ذلك من طرف خفي بقوله :(ستكون هناك مسئوليات داخل الحكومة، ولن يفلت أحد في الحكومة من مسئوليتة،  وأن أي شخص تهاون في المسئولية الممنوحة له سيحاسب ).

–  معنى ذلك بوضوح أن كلمة السر التي إستخدمتها حركة طالبان في تقويض النظام من الداخل وهى كلمة (الفساد)، قد بدأ مجاهدو الصومال في إستخدامها .

وأيضا فإن عنصر الفساد فعال بدرجة أكبر مع قوات الحلفاء(المرتزقة) الأجانب، الذين يساندون قوات النظام، وهم قوات الاحتلال الأفريقي المسماة (أتميس) .

–  التقارير الصحفية المساندة لنظام مقديشو العميل برهنت ، من حيث لم تقصد ذلك، على أن حركة الشباب تتبع إستراتجية عسكرية صحيحة.

يقول جزء من أحد التقارير( إن حركة الشباب خسرت خلال الأسبوعين الماضين أكثر من عشرة قرى وبلدات في إقليم هيران في ولاية (هيرشبيلى) وسط الصومال ، أمام القوات الحكومية نتيجة العمليات الأمنية التي يشهدها الأقليم، وذلك وفقا لوزير الدفاع الصومالى الذى أكد ان العمليات الأمنية  ستتواصل لحين تحرير جميع القرى من قبضة الإرهابين، وإن وزارته تعمل على خطة أمنية موسعة لتحرير المناطق التي تنشط فيها حركة الشباب جنوب ووسط الصومال . ويقول التقرير أن حركة الشباب تسيطر منذ ثمانية سنوات على إقليم واحد من أصل 18  إقليم تتكون منها البلاد، بعد أن خسرت المدن الكبرى أمام القوات الحكومية والإفريقية، الا أنها تنشط في المناطق الريفية جنوب ووسط البلاد) .

 

نسوق عدة ملاحظات سريعة منها :

–  حركة المقاومة في بداية عملها بالمرحلة الأولى التي تسمي (الدفاع الإستراتيجى)، لا تتمسك بالأرض بقدر إهتمامها بالحفاظ على قواتها وتدمير أكبر قدر من قوات العدو وإمكاناته العسكرية. ويسمي ذلك بسياسة (مقايضة الأرض في مقابل الزمن ). أي أن الحركة تكسب وقتاً لبناء قواتها في مقابل عدم تمسكها بإحتلال الأراضي. لهذا فإن ما يشير إليه البيان الصحفي الموالى للحكومة من أن حركة الشباب خسرت عشرة قري وبلدات هو نوع من الحرب النفسية والإعلامية. وحتى على إفتراض صحة تلك المعلومة ، فإنها غير مبنية على حقائق عسكرية صحيحة.

–  حديث وزير الدفاع عن خطة للسيطرة على المناطق التي تنشط فيها حركة الشباب في وسط وجنوب الصومال ، وهى مناطق واسعة ، هو نوع من التخبط والجهل العسكرى، لأنه من المستحيل أن يسيطر أي جيش على جميع أراضى الدولة، وأن يضع قواته في جميع الأماكن، حتى لو كان مدعوماً بالقوات الأفريقية التي تحارب إلى جانبه .

–  وفى أفغانستان على سبيل المثال كان هناك أكثر من مئة وخمسين ألف جندي يقاتلون إلى جانب الجيش العميل الذى ذاد عدده عن 300 ألف جندي. ومع ذلك لم يستطع السيطرة على جميع أراضي أفغانستان، رغم فرق مليشيات محلية زاد عدد مسلحيها عن 300 ألف.

وعندما تنتشر القوات الحكومية بهذا الشكل فإنها تتعرض للكثير من الكمائن والخسائر. لأن قوة الجيش تكمن في تركيز قواته وليس في تفريقها.

كما أن قوات النظام تصبح فى أضعف حالتها داخل المدن . ويصبح تهديد العاصمة متاحاً. فيتعرض النظام لضربات تُضْعِف هيبته وتعجل في إسقاطه. تماما كما حدث في عملية فندق مقديشيو، وفي عمليات مشابهة في أفغانستان، من أشهرها عملية القرية الخضراء في كابل .

–  إكتشف طالبان قانونا خاصاً بالحرب عندهم في نهاية مراحلها. ذلك القانون هو إستحالة الإستيلاء على المدن الصغيرة. فعندما سيطروا على بعض تلك المدن عاقبهم الاحتلال الأمريكي بضربات جوية ساحقة أضرت كثيرا بالسكان، وبطبقة التجار بشكل خاص، وبالمدارس الدينية والمساجد. حتى اضطرت قوات طالبان إلى الإنسحاب من تلك المدن، وبالتالى عودة قوات الاحتلال إليها .

 

[ ملاحظة هامة : لم تخل العاصمة كابل ولا أي مدينة أخرى من تواجد قوى لحركة طالبان، خاصة في الحياة العادية للمواطنين في القضاء والتعليم وفض المنازعات وتزويدهم بالأحكام الدينية التي يحتاجون إليها . كان التواجد في معظمه سريا، ، وأحيانا كان شبه معلن حتى في العاصمة. ولكنه كان محمياً بشكل جيد بواسطة شبكات سرية ضاربة وفعالة للغاية ].

 ومع تكرار التجربة والفشل فيها، أوقفت الحركة محاولاتها فتح المدن ، وإهتدت إلى قانون خاص بها .. وهو : إسقاط جميع المدن في هجوم إستراتيجى نهائى واحد . وهذا ما حدث فى الخطوة النهائية من الحرب. فاستولوا على مدينة (زارانج) عاصمة إقليم(نيمروز). ثم واصلوا إقتحام المدن إلى أن فتحوا كابل بدون قتال تقريبا .

أما القتال داخل المدن فكان أقل كثيراً من المعتاد، لأن الجيش كان قد إستسلم عملباً. وقادة النظام سرقوا الأموال وهربوا بالطائرات .

يمكن القول بأن إسقاط العاصمة كابل والمدن الرئيسية الكبرى كان هو الحركة الأخيرة في جهاد أفغانستان وحرب تحريرها. ولم يكن بالشدة التي توقعها المجاهدون بل كان أيسر مما تصوره أي أحد، لأن النظام سقط بالفعل قبل أن تسقط المدن. والجدير بالذكر بأن كلمة السر في إسقاط النظام من داخله كانت كلمة (الفساد ).

 

خطورة تفريغ الريف والمناطق النائية من السكان

تبدأ الثورات عادة من تلك المناطق. ومعظم أنصار الجهاد هم من سكانها .

وأول المناطق التي يحررها المجاهدون هي المناطق النائية والوعرة . وهم متواجدون هناك حتى ولو لم يكونوا مسيطرين عليها بشكل علني وكامل. لأجل هذا فإن أعداء الجهاد والمستعمرون يلجأون إلى التنكيل بسكان تلك المناطق، وقتلهم بشكل مباشر، أو بتخريب إمكانية بقائهم فيها، حتى لا يستطيعون الزراعة أو الرعي أو حتى البقاء الآمن لفترة طويلة . في أفغانستان إستهدف الاحتلال السوفيتى ثم الأمريكي سكان تلك المناطق بالطيران .

وخصص لهم الأمريكان مجموعات إرهابية تداهمهم ليلاً وتعذبهم وتختطف منهم أسري. وفى الأرياف يحطمون أنظمة الري ويخربون طرق الإنتقال ويعتقلون التجار الذين يشترون ويبيعون إنتاج تلك المناطق .

ويهتم العدو كثيراً بنشر الجريمة والقتال القبلي وخراب الزراعة وموت قطعان الماشية ودفع السكان إلى الهجرة إلى خارج البلاد أو إلى المدن الكبرى والعاصمة، حتى يكونوا تحت سيطرة الحكومة ورقابتها، ومضطرون للعمل في أجهزتها .

–  لهذا فإن إصابة المناطق الزراعية بالقحط وقلة المياة أو بالفيضانات المدمرة أو بالقتال الداخلى. جميعها تهديدات تصيب الجهاد في مقتل، ويجب معالجتها بكل جدية.

لهذا فإن إنتشار الجفاف في الصومال يعتبر خطرا كبيراً، ويجب على المجاهدين العمل على حل المشكلة بأقصى قدر من الطاقة، سواء بحفر قنوات للري تأتى من مصادر المياه في الجبال، أو بحفر أنهار صغيرة في باطن الأرض بإيصال قاع الأبار بعضها ببعض (نطام الكريز في أفغانستان) .

وتشجيع السكان على حفر الآبار حتى بالوسائل البدائية، إذا لم تتوفر آلات للحفر. و توفير المال للعاملين فى الحفر، وتوفير قدر من الأمن لهم .

ويجب إرغام المُسْتَغلِّين الأجانب على دفع نفقات مشروعات الري والزراعة وإعمار القرى حول تلك الأبار، وتعبيد طرق الإتصال الداخلية فيما بينها، وربطها مع المدن من أجل تحسين الوضع الإقتصادى.

–  توفير المال اللازم للرى وللزراعة والطرق، يعتبر عملاً جهادياً ذو قيمة عالية جداً، ويجب إرغام العدو على دفع تكلفته، كما يتم إرغامة على بيع معداته وأسلحته للمجاهدين .

–  إن الصواريخ والطائرات بدون طيار هى أدوات فعالة في قتل العدو المحتل . وأيضا لإستعادة ثروات الشعب.

 

بقلم  :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
المصدر:
مافا السياسي ( ادب المطاريد )

www.mafa.world

 

تحرير الصومال على خطي تحرير أفغانستان

 



ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا