معارك بناء الإمارة الإسلامية

بقلم : مصطفي حامد – ابو الوليد المصري

مجلة الصمود الإسلامية | السنة السادسة عشرة – العدد 192 |  جمادى الآخرة  1443 ھ – يناير  2022 م .     

19-01-2022

معارك بناء الإمارة الإسلامية

– معركة بناء الإمارة الإسلامية ـ بناءً حقيقيًا ـ وليس كمجرد اسم رسمي للدولة ـ يستدعي خوض سلسلة من المعارك الصعبة تدار جميعًا في نفس الوقت.

– تفادى الأزمات مع الجيران يستلزم مهارة سياسية من الإمارة، عبر التوافقات والعمل على المصالح المشتركة في الاقتصاد، والمشتركات الدينية والتاريخية.

أنواع الاقتصاد ومعاركه التي تواجه الإمارة

(1)اقتصاد المعادن النادرة.    (2) اقتصاد التعدين والمعادن الاستراتيجية.

(3)  اقتصاد الطاقة. (4) اقتصاد البيئة.    (5) اقتصاد الزراعة.

–  اللثيوم هو عماد التصنيع فائق التطور، وأفغانستان هي مخزن العالم من ذلك المعدن .

وتلك الحقيقة المذهلة ستغير مسار تاريخ أفغانستان، من بلد فقير منعزل ومستضعف، إلى قوة عالمية يحسب لها ألف حساب.

–  الأفيون هو لثيوم الانتاج الزراعي . كونه يدخل في صناعة جميع المسكنات الدوائية.

–  اقتصاد اليورانيوم يشمل [ تحلية ماء البحر ـ توليد الكهرباء ـ والنظائر المشعة].

ويفتح مجالات التعاون النووي والمائي بين الإمارة وكلٍ من جمهوريات آسيا الوسطى وإيران.

 

  معارك بناء مرتكزات الدولة  

معركة التعليم ــ معركة الإعلام ــ معارك الضرورات المعيشية.

الضرورات المعيشية لسكان الإمارة : الطعام ـ العلاج ـ التعليم ـ السكن ـ العمل ـ الأمن .

 مياه عذبة وكهرباء .. خيارات ممتدة من بحر قزوين إلى الخليج الفارسي .

الاتجاه إلى البحار المالحة  للحصول على المياه العذبة. فتخصيب اليورانيوم يجعل من دخول الإمارة في شراكات لتحلية مياه البحرعملًا أسهل، نظرًا لتوافر الأموال والمادة النووية.

بقلم : أ. مصطفى حامد (أبوالوليد المصري)

 

تحميل مجلة الصمود عدد 192 : اضغط هنا

 

بنجاح كامل وتحت قيادة حركة طالبان أنهى شعب أفغانستان معركة التحرر من الاستعمار. وعادت الإمارة الإسلامية إلى حكم أفغانستان لتبدأ على الفور معركة كبرى لبناء أفغانستان إمارة إسلامية حقيقية ــ من حيث تحقيق أهداف الشريعة وقوانينها ــ خاصة قوانين الحدود الشرعية. في دولة حقيقية ، قادرة على حمل رسالة الإسلام وأداء مسئولياتها العظمى داخل حدودها وعلى المستوى البشري كله، كدعوة مجسدة لمبادئ الإسلام ونموذج معاصر لتطبيقاته العملية في تعقيدات الحياة المعاصرة، وخطورة أوضاع العالم.

–  حتى قبل إتمام انسحابه حاول الاحتلال الأمريكي منع الوصول إلى تلك المرحلة، بإقحام البلاد في مسارات تخريبية مجدبة، مثل الحروب الأهلية المذهبية والعرقية. كما حاول استيعاب حركة طالبان داخل النظام العميل في كابل، للمشاركة فيه وتقاسم السلطة معه. لتظل البلاد في حالة احتلال غير مباشر، وتنتهي حركة الجهاد، ويألف الشعب حياة الذل تحت أحذية الاحتلال كما هو الحال في دول إسلامية عديدة.

–  أحد المسارات العقيمة التي حاول الاحتلال اقتحام الشعب الأفغاني فيها هو محاولة تطبيق مفهوم مُشَوَّه للدولة الإسلامية ــ أقرب إلى الفهوم الداعشي ــ على أنها دولة العنف والدماء، وإعمال السيف في رقاب المسلمين لفرض الطاعة وجباية الأموال. وتكميم الأفواه، وتكفير المعترضين، وتبرير الحكم بالسيف بدعوى إقامة (حد الردة) في رقاب المظلومين.

–  إلى جانب مسار الفتن المذهبية والعرقية، أعدّ الأمريكيون أدوات الإرهاب والفوضى المسلحة متمثلة في الدواعش والمجموعات السرية التي جهزتها أمريكا بمشاركة إسرائيل. تلك المجموعات نُسَمِّيها(الجيش السري الأمريكي) على غرار الجيش السري الفرنسي الذي استخدمه الاستعمار الفرنسي لحرمان الجزائر من الاستقلال ومنعها من بناء دولتها المستقلة.

–  ولدعم مسارات الفتنة والإرهاب، ولعرقلة مشاريع البناء، احتفظ الأمريكيون بتواجد دائم للطائرات بدون طيار(درون) في سماء أفغانستان، للمراقبة والاغتيال وتوجيه الضربات حسب ما تقتضيه الحال. واحتفظوا باتصال دائم مع جيشهم السري والدواعش، وفتحوا مجال الحركة أمامهم من مطارت أفغانستان وقنوات التمويل عبر فروع مصارف تحويل الأموال.

 

سلسلة معارك لبناء الإمارة الإسلامية

معركة بناء الإمارة الإسلامية ـ بناءً حقيقيًا ـ وليس مجرد اسم رسمي للدولة ـ يستدعي خوض سلسلة من المعارك الصعبة تدار جميعًا في نفس الوقت.

المدى الزمني لتلك المعارك غير محدود. فما أن تنتهي معركة وتتقدم الإمارة إلى الأمام حتى تبدأ حربًا أكثر تعقيدًا بأدوات جديدة، لوقف التقدم أو حتى الانتكاس به.

ولكن الأساس الاعتقادي لتلك المعارك يظل ثابتًا، منذ مراحل الجهاد لطرد المحتل وحتى مراحل بناء الدولة. فانتصار الأفغان على مدى حوالي قرنين من الزمان ضد الغزوات الأوربية الكبرى، قام على الإسلام وقوة التمسك به. ويعود ذلك إلى تأثير العلماء وطلاب العلم (طالبان) وتطبيقهم الإسلامي الجاد، النابع من عمق الإيمان. وإلى التعليم الديني البعيد عن تأثير السياسة والحكومات. وإلى الاستقلال المالي للعلماء والمدارس العلمية. وإلى التلاحم بين الشعب وحاملي رسالة الدين من علماء وطالبان.

لذا فإن أهم واجبات الإمارة الإسلامية هو ترسيخ عوامل القوة تلك، وتعويض ما لحقها من خسائر بشرية ومادية خلال الحرب الجهادية الطويلة ضد الاحتلال الأمريكي ومن قبله الاحتلال الروسي.

–  ومن أهم واجبات الإمارة هو الجهاد الثقافي ضد الانحرافات الفكرية والسلوكية التي فرضها الاحتلال. وهي معركة تدور داخل دائرة الإعلام (دفاعًا وهجومًا) لترسيخ مفهوم خاص للإعلام في مرحلة بناء الدولة الإسلامية. والنظر إلى الإعلام كأداة هامة لبناء المجتمع المسلم، وليس وسيلة ترويج لثقافة الاحتلال الغربي والمفاهيم الصهيونية، تحت مسميات غامضة مثل”الترفيه” “والإبداع” و”حرية التعبير”، بحيث يظل الغرب مرجعية لكل ما يتعلق بالثقافة والإعلام إلى جانب مرجعيته في كل شيء آخر في حياتنا، مثل النظم السياسية، والاقتصادية، وحقوق الإنسان. والخلاصة هي أن نصل إلى الاعتقاد الكامل في الغرب وقِيَمِه ومفكريه ومؤسساته، فهي الدين العالمي الجديد. ولا مكان للإسلام في مثل ذلك العالم. بل أن مجرد وجوده حتى على الورق، يعتبر عدوانًا محتملاً . إلى أن يتم نسخ الإسلام وشرائعة وقرآنه. وتتحول مقدساته إلى مزارات سياحية مفتوحة لأي أحد ولأي ممارسات سياحية حديثة. فيتحول الحرمان المكي والمدني إلى صورة من (مسجد أيا صوفيا) في تركيا. وتصبح مكة والمدينة نسخ من إسطنبول أو الرياض ودبي، من حيث “الالتزام” الديني والأخلاقي.

هناك إذن معركة كبرى من أجل بناء الإمارة الإسلامية ـ كدولة حقيقية جديرة بأن تحمل رسالة الإسلام . تلك المعركة الكبرى يمكن أن نتحدث بإيجاز عن خمسة فقط من أهم فروعها.

 

(كما يتضح من “الشكل رقم 1” المرفق بهذا البحث)

أوّلًا ـ معارك من الداخل إلى الداخل.

ثانيًا ـ معارك من الخارج إلى الداخل.

ثالثًا ـ معركة بناء الجيش الجهادي، والقدرة الدفاعية المتكاملة.

رابعًا ـ معركة بناء مرتكزات الدولة.

خامسًا ـ معارك الاقتصاد.

ثم نَعْبُرْ سريعًا على كل نوعٍ من تلك المعارك الخمسة:

أوّلًا ـ معارك من الداخل إلى الداخل.

وتشمل أنواع المخاطر التالية:

1 ـ الفتن المذهبية والعرقية .    2 ـ فتنة الغزو الداعشي المدعوم من الخارج .

3 ـ مجموعات التخريب الدولي ( الجيش السري الأمريكي ) .

 

1 ـ الفتن المذهبية والعرقية :

الاحتلال الأمريكي كان يعتمد على هذا النوع من المعارك كي يحسم الموقف في أفغانستان، لصالح دوام الاحتلال، عبر نظام حكم داخلي مشترك بين النظام العميل والإمارة الإسلامية، بدون الحاجة لوجود قوات احتلال كبيرة، سوى تواجد قليل العدد يراقب ويوجه الوضع الداخلي على النمط العراقي.

لكن بالمهارة السياسية للإمارة الإسلامية، والسلوك المنضبط لحركة طالبان، تم تفادي حدوث فتن من هذا النوع . بل ظهرت أوسع حالة من التضامن الداخلي في أفغانستان. وساهم الجميع في عملية جهاد المحتل وطرده، وتجنب التوترات الداخلية. وكان ذلك مذهلا لجميع الأطراف.

 

2 ـ فتنة الدواعش:

حاول العدوّ نشر الداعشية واستخدامها ضد الإمارة، خاصة بعد وفاة الملا محمد عمر ـ رحمه الله ـ  لكن حزم الملا منصورـ رحمه الله ـ أحبط محاولاتهم، خاصة وأنه استخدام عدة خطوط لمقاومة الداعشية كان من بينها مجهود العلماء وزعماء القبائل، إضافة إلى الضربات العسكرية الحاسمة والمدروسة.

وبعد انسحاب الاحتلال وجّهت داعش عدة ضربات ضد الجبهة الداخلية، ولكنها تلقت ردًا ساحقا ذهب بالكثير من قدراتها العسكرية واللوجستية.

ومازال خزانهم البشري مرتكزًا على باكستان وتركيا وبقايا الحرب السورية .

 

3 ـ مجموعات التخريب الدولي (الجيش السري الأمريكي):

وهي مجموعات عسكرية / استخبارية، على قدرعال من التدريب والتنظيم. ولكن فشل جزء كبير من استراتيجية عملها بعد تسرب معلومات وفيرة عن تلك القوات عبر الأسرى والمتعاونين وعبر أجهزة الكمبيوتر التي استولى عليها المجاهدون.

لهذا فإن عملياتها إلى الآن ضئيلة وغير مؤثرة. ويعتقد أن عدة آلاف من أفرادها مازالوا تحت الأرض، في محاولة لترميم خطوطهم اللوجستية، وإعادة خطوط الارتباط مع قيادتهم في قطر وباكستان.

والمعتقد أن هدفهم الأساسي سيكون ضرب المشروعات المتعلقة “بطريق الحرير” ومشاريع البنية التحتية لاقتصاد الإمارة، هذا إلى جانب عمليات الاغتيال النوعي للقيادات المؤثرة.

ــ تكوّنت تلك القوات تحت إشراف المخابرات الأمريكية والإسرائيلية في أفغانستان. وشاركوا معهم في العديد من العمليات ضد الشعب الأفغاني، وفي مداهمات ليلية للقرى.

 

ثانيًا ـ معارك من الخارج إلى الداخل:

وتواجه الإمارة نوعان منها:

1ـ اشتباكات حدودية مسلّحة مع باكستان.

2ـ مشكلة مع جيران الشمال (خاصة طاجيكستان) في توتر حدودي بسبب نهر جيحون.

–  وعمومًا فإن أي شعب يسعى إلى الاستقلال عن القوى الاستعمارية الكبرى، فإنه يواجه مساعيها لإسقاط نظامه بالحروب الداخلية، فإذا نجحت كان بها، وإلا استخدموا التدخل العسكري الخارجي عن طريق دول الجوار المدعومة بقوى الدول الاستعمارية.

–  هدف الحرب المفروضه من الخارج هو استنزاف النظام الجديد واستهلاك قدراته المالية والعسكرية، وقوة جيل الشباب القادر على البناء. وفي الأخير يفقد الشعب الأمل والثقة في نظام حُكْمِه الجديد، خاصة مع الحملات النفسية والدعائية والحرب الاقتصادية التي تفاقم الأوضاع الداخلية سوءاً . ويأمل المستعمر أن تكون النهاية هي سقوط النظام القائم وعودة البلد إلى حظيرة التبعية للاستعمار كما كان.

وإذا نَجَا النظام الجديد من مصيدة الفتن الداخلية ومن الحروب القادمة من الخارج بالسلاح والجيوش، أو بالحصار الاقتصادي والتجويع، أو بالحرب النفسية والإشاعات والتهديد . فإنه يرتقي بقوة، وقد اكتسب مهارات كثيرة من خلال الحرب، سواء في الإدارة والاعتماد على النفس والتقشف. ولا يعني ذلك عدم حدوث أزمات خطيرة نتيجة الحرب، ولكن بشكل عام يخرج المجتمع أكثر قوة وتمسكًا بمبادئه رغم الخسائر وتأخر البناء لسنوات.

تنمو المهارات العسكرية الميدانية بشكل كبير نتيجة الخبرات. وتتقدم أفرع التطوير التسليحي والعلمي بالاعتماد على القدرات المحلية ومواهب العلماء والشباب .

ويتعود الشعب على التقشف والحياة الصعبة وتقديم التضحيات، وتزداد صلابته في المقاومة والتصدي للحروب والضغوط الاقتصادية والنفسية. كل ذلك متوقف على وجود قيادة قوية ومؤمنة تقود هذا الشعب.

 

ثالثا ـ بناء الجيش الجهادي وتشكيلاته

مواجهة الأزمات الخارجية مع الجيران تستلزم مهارة سياسية من الإمارة لتفادي تلك الصدامات، عبر التوافقات والعمل على المصالح المشتركة في الاقتصاد والمشتركات الدينية والتاريخية.

كما تستلزم مهارة في استخدام القدرات القتالية والاقتصادية بشكل حكيم وفعال. وأن يلتزم النظام الجديد (الإمارة الإسلامية) بمبدأ الحروب غير التقليدية ـ وهو المبدأ الأساسي للحرب ضد الاحتلال ـ فيستخدمه هذه المرة ضد العدوان الخارجي، والاختراقات الأمنية في الداخل من الدواعش أو الجيش السري.

وأن يلتزم النظام الجديد(الإمارة الإسلامية) بتنويع التشكيلات المسلحة .. فمنها:

1 ـ قوات الجيش النظامي المكوّن من قوات خاصة عالية المستوى، ودفاع جوي.

2 ـ قوات قبلية تدافع عن مناطقها ضد العدوان الحدودي. وعند الضرورة تُدْعَم بالهاونات ومدافع عديمة الارتداد، وربما دبابات لاستخدامها كمدفعية متحركة.

3 ـ قوات القطاع العسكري (البلد تقسم إلى عدة قطاعات عسكرية قادرة على العمل المستقل والدفاع عن القطاع أو تقديم الدعم في اتّجاه الحدود أو في اتجاه القطاعات الأخرى الواقعة تحت ضغط عسكري معادي).

4 ـ فيلق الصدمة: وهو قوه خاصة عالية التدريب والتجهيز بأفضل المعدات، مع قدرة على التنقل بالمروحيات، ومزود بصواريخ محمولة على الكتف مضادة للطائرات والمدرعات.

وللفيلق هيئة أركان من أفضل ضباط الجيش، والاستخبارات العسكرية، والاستخبارات العامة، وجهاز الشرطة والأمن الداخلي.

ويترأس هيئة الأركان أفضل العناصر الجهادية، تحت التوجيه المباشر من (أمير المؤمنين) يساعده وزراء الدفاع والأمن والاستخبارات.

 

تحميل مجلة الصمود عدد 192 : اضغط هنا

 

رابعًا ــ معارك بناء مرتكزات الدولة

( الشكل رقم 2)

1 ـ معركة التعليم، وترسيخ الهوية الدينية: فالدين قاعدة صلبة لتلقى العلوم الحديثة. والعملية التعليمية الواحدة تؤدي إلى قاعدة إيمانبة واحدة لمعارف بلا حدود حسب طاقة كل فرد بلا تفْرِقَة.

2 ـ معركة الإعلام، والدفاع عن الهوية الثقافية: باعتبار الإعلام من أهم وسائل المعرفة وبناء المجتمع، وليس أداة للإفساد وتهديم القيم.

 

3 ـ معارك الضرورات المعيشية:

[الطعام ـ العلاج ـ السكن ـ العمل ـ التعليم ـ الأمن] جميعها حقوق كفلتها الشريعة وتسعى لأجلها الإمارة حسب أقصى الإمكانات متوفرة لديها.

تشير هذه الفقرة إلى أهم الركائز في بنيان الإمارة الإسلامية . التي تبنيها عبر معارك مع التحديات والتدخلات، وقد تستلزم أحيانًا صدامًا بالقوة ضد عقبات خارجية مسلحة.

–  لم تتطرق تلك الفقرة إلى هيكل نظام الحكم، فذلك بحث آخر يحتاج إلى تفصيل. ولكن على وجه الإجمال يتكون هيكل الحكم في الإمارة من:

1 ـ أمير المؤمنين وهو أعلى سلطة في البلاد ـ وفي يده أقوى صلاحيات يمتلكها شخص فيها.

2 ـ مجلس الشورى العالي : الذي يختار أمير المؤمنين. وهو الذي شَكَّل نظام الحكم منذ تأسست الامارة في اجتماع قندهارعام 1994 واختاروا الملا محمد عمر أميرا للمؤمنين بواسطة مئات العلماء وقادة المجاهدين.

3 ـ مجلس الوزراء. وهو السلطة التنفيذية العليا في البلد.

4 ـ مجلس الشورى القيادي . الذي يقدم المشورة في المسائل الحساسة المتعلقة بالحكم والدولة.

–  عموما مازالت تفاصيل هياكل الحكم والنظام تُسْتَكْمَل بتعمق، لوضع أسس دائمة لحكم يحقق الشرائط الشرعية، والقدرة على النهوض بمسئوليات الدولة.

–  الفقرة  السابقة عن { بناء مرتكزات الدولة } تناولت ثلاث تفريعات هي:

1 ـ معركة التعليم.

2 ـ معركة الإعلام.

3 ـ معارك الضرورات المعيشية.

فيما يلي نشير إلى كل واحدة منها باختصار:

1 ـ معركة التعليم:

ومن المتفق عليه أن التعليم هو عماد نهضة الأمم. فمستقبل الشعوب يتشكل في المدارس، ومستقبلها يتحقق على أيدي طلابها.

–  والتعليم يتأثر بالحالة الدينية والاعتقادية في المجتمع، ويؤثر فيها، مهما ظهر أن ذلك التعليم تجريبي أو عصري محايد، أو حتى لا يؤمن سوى بنفسه أي بالعلم فقط. فحتى الكفر والإلحاد هو نوع من العقائد شبه الدينية، التي تنفي عقائد سابقة عليها وتستبدلها بمعتقدات جديدة، أو عقائد تم إحياؤها بعد زوال.

–  وإذا اكتفى التعليم في بلادنا بمجرد نقل مناهج تعليمية من الآخرين، فسوف ينتج لنا أجيال مستوردة تنتمي إلى حضارات أخرى مخالفة أو معادية للإسلام.

–  لهذا يجب أن تكون المناهج التعليمية من تصميم محلي، وخالية من الحشو الذي يشتت العقول ويستهلك حياة الشباب فيما لا فائدة فيه، ويطيل فترات التحصيل العلمي بدون ضرورة أو فائدة.

–  ويجب يمتلك جميع الطلاب قاعدة دينية واحدة قبل أن تتفرق بهم مسارات التخصص إلى التحصيل الديني أو التجريبي أو الفني والعسكري والصناعي. فالطلاب جميعًا يقضون فترة تحصيل أساسي واحدة من أجل توفير معارف دينية كافية وأساسية لحياتهم. ولأجل تفادي الانقسام والصراع الثقافي بين خريجي التخصصات الدينية والتجريبية.

–  ولتفادي الانقسام الفكري يحظر أي تعليم خارجي. فالتدريس يتم بمنهج الإمارة فقط.

–  ويحظر قبول أي دعم بشكل مباشر من خارج الطرق الحكومية. ويحظر أي تعليم ديني قادم من الخارج أو تعليم من أي نوع تقدمه هيئات خارجبية ذات صبغه دينية.

–  التعليم الذي أتى به المستعمر إلى أفغانستان، واستمر عقدين من الزمان، ينبغي وقفه على الفور واستبداله بمناهج محلية ـ أو تأجيل الدراسة إلى حين الفراغ من إعداد تلك المناهج . ذلك أن دارسي تلك المناهج قد يصبح أغلبهم سفراء للاحتلال في دنيا الثقافة والاعتقاد والسياسة. فيشكلون انقسامًا اجتماعيًا وسياسيًا في المستقبل. وأخف الأضرار هو إيقاف العملية التعليمية الاستعمارية إلى أن ينتهي تجهيز مناهج تعليمية أخرى، ومراجعة جميع ما هو موجود.

–  البعثات التعلمية أصبحت مطلبا مُلِحَّاً في الكثير من التخصصات العلمية والفنية . ويجب الاعتماد على طلاب العلوم الشرعية، من حديثي التخرج، كطلاب في تلك البعثات، حتى لو استدعى الأمر قضائهم لفترات إضافية في دراسة علوم تمهيدية تلزمهم في تحصيل معارف جديدة ومتخصصة كدراسة مناهج في الفيزيا أو الكيميا والرياضيات وغيرها.

–  تجربة مصر ـ في بداية القرن التاسع عشر ـ مع البعثات العلمية من طلاب الأزهر للدراسة في فرنسا لتخصصات علمية وتكنولوجية، تعتبر تجربة رائدة لم تتكرر أبدًا على هذا النحو، لأن الاستعمار خاف من نتائجها الجيدة على المسلمين . المبعوثون من خريجي الأزهر الشريف والمشرفون على البعثات كانوا من مشايخ الأزهر.

وقد بدأ الخراب الفكري والثقافي عندما خرجت البعثات من تحت سيطرة الأزهر، ليشرف عليها آخرون. فتغير وجه مصر من يومها وتقهقر الإسلام فيها.

 

2 ـ معركة الإعلام، والدفاع عن الهوية الثقافية:

يتعلق الأمر بمفهومين متناقضين للإعلام. مفهوم فاسد ولكنه شائع ، ويستخدم الإعلام لتغيير الثقافات والمعتقدات، وهدم الأخلاق والأديان. أي تهويد العالم ثقافيا وبشكل شامل وموحد فلا تبقى إلا تلك الحثالة الحديثة. ليصبح العالم قرية واحدة غارقة في الفساد والشهوات، تحكمها عصابة محددة تمتلك كل شيء وكل القدرة (إلا قليلا). ولا يكاد المواطن العالمي يرى أبعد من شهواته ومصالحه الأنانية القريبة. ويسعى إلى العمل وتحصيل العلم كخطوة لتحصيل أكبر قدر من المال، والتمتع بأكبر قدر من الشهوات المادية.

–  يتوجب الجهاد ضد هذه الحالة داخل الإمارة الإسلامية . واستخدام قوة الإعلام من أجل وضع الإنسان على الطريق الصحيح الذي يربط الدنيا بالآخرة ويربط الإنسان بأخيه الإنسان، في تعاون وليس في حروب ونهب واستعباد.

–  الإعلام في الإمارة الإسلامية لن يكون لتبديد الوقت والعقول فيما هو ضار. فالإعلام ليس للترفيه بمعنى إشعال الغرائز وهدم المثل العليا للدين والإنسانية عمومًا.

–  إعداد الفرد الإعلامي إعدادًا لائقًا معنويًا ودينيًا أولا، ثم إعداده فنيًا وعلميًا، هو خطوة هامة على طريق الإصلاح.

–  امتلاك الإمارة للقطاع الإعلامي الأكثر فعالية والأعلى تكلفة، سيكون عملاً ضرورياً يضع الإعلام في مساره الصحيح. والقطاع الخاص سيكون له دور مكمل وهام، ولكن على نفس المفهوم لرسالة الإعلام كأداة لبناء الأمة ومعتقداتها، وليس تدمير كل شيء ذو قيمة حقيقية في حياة الفرد والأمة.

 

3 ـ معارك الضرورات المعيشية:

وظيفة الإمارة الإسلامية هي تحقيق ما اتفق عليه العلماء من أهداف الشريعة ، ومنها حفظ أرواح الناس، وحفظ الدين، وحفظ الأموال.

وظيفة الإمارة هي الدفاع عن مجتمعها وعن أهداف الشريعة، بتطبيق الحدود الشرعية، وفق الشرائط الشرعية ، حسب رؤية العلماء وقرار أمير المؤمنين ـ الحاكم الشرعي للبلاد.

–  الضرورات المعيشية ذكرنا منها ست ضرورات وهي الأهم وتشمل جميع سكان الإمارة ومواطنيها . تلك الضرورات هي :

–  الطعام وحق الحصول عليه للجميع بالكمية والكيفية المناسبة .

–  العلاج المجاني أحد الحقوق الأساسية لمواطني الإمارة .

التعليم المجاني حق للجميع حسب قدراتهم . وهو إلزامي على الجميع، للسنوات العشر الأولى.

–  السكن  من حق كل مواطن أن يجد سكنا يأوي إليه مع عائلته ، حسب قدراته المالية ـ أو مجانًا إذا كان معدمًا ـ وحسب الطاقة المالية المتوفرة لدى الإمارة.

–  العمل  هو حق لكل مواطن ليجد موردًا للمعيشة الكريمة له ولأسرته.

–  الأمن  من حق كل مواطن في الإمارة أن يعيش آمنًا على نفسه وعلى أسرته وأن يتسع مفهوم الأمن ليشمل النفس والمال والمعتقد وجميع الحقوق التي كفلها الإسلام ، بلا نقص أو زيادة.

–  تحقيق هذه المطالب الستة متعلق بالاقتصاد. لذلك يشغل الاقتصاد أهمية قصوى في التطبيق الإسلامي للدولة والمجتمع. كما سنرى في الفقرة التالية.

 

خامسًا ـ مـعـارك الاقـتـصـاد

(1) اقتصاد المعادن النادرة.    (2) اقتصاد التعدين والمعادن الاستراتيجية.

(3)  اقتصاد الطاقة.  (4) اقتصاد البيئة.    (5)  اقتصاد الزراعة.

 

( الشكل رقم 3)

المرحلة الحالية في تاريخ أفغانستان في حاجة لأن يكتب العلماء عن (عبادة الاقتصاد)، وكيف اهتم الإسلام بفريضة السعي للرزق وتحصيل المال الحلال وإنفاقه في سبيل الله، وعبادة الزكاة وأوجه إنفاقها، وتلك المكانة السامية للجهاد بالمال.

وظيفة الإمارة في الاقتصاد هي الأساس لأداء باقي وظائف الدولة حربًا أوسلمًا أوبناءً.

ويمكن وصف المرحلة الحالية التي تمر بها الامارة الإسلامية في أفغانستان بأنها {حرب الاقتصاد}. وفي هذه الفقرة عن بناء الإمارة الإسلامية سنمر بشكل موجز على معارك الاقتصاد، وهي خمسة أنواع:

 

1 ـ اقتصاد المعادن النادرة (اقتصاد اللثيوم)

اللثيوم هو عماد التصنيع فائق التطور، وأفغانستان مخزن العالم من ذلك المعدن.تلك هي الحقيقة المذهلة التي ستغير مسار تاريخ أفغانستان، من بلد فقير منعزل ومستضعف إلى قوة عالمية يحسب لها ألف حساب.

المعادن النادرة ـ وأشهرها إعلاميًا معدن اللثيوم ـ تعتبرعمودًا فقريًا للصناعات المتطورة، سواء في المجال المدني أو العسكري أو الفضائي.

ولأنها معادن نادرة الوجود فإن الصراع عليها شديد ـ والاحتمال وارد بتحوله إلى صراعات مسلحة ـ كما حدث في الصراع من أجل النفط ـ وربما تجد الإمارة نفسها طرفا في هذا الصراع أو حتى في بؤرته.

تمتلك الصين حاليًا أعلى المخزونات من تلك المعادن. ولكن أفغانستان قد تكون أكبر مخازن على سطح الأرض لعدد من تلك المعادن أو لمعظمها.

والصراع الأساسي بين الصين وأمريكا هو حول تلك المعادن. وباقي الدول الصناعية لا بد أن يكون لها مشاركتها في الصراع حرصًا على مكانتها المستقبلية في عالم التقدم التكنولوجي.

–  بشكل مباشر أو غير مباشر ستكون المعادن النادرة محور سياسات الإمارة الإسلامية ليس فقط في الاقتصاد بل في السياسات الإقليمية والدولية. ويترافق مع ذلك المخاطر الأمنية والعسكرية التي بدأت تعترض طريق الإمارة. فكل تحدي يظهر قد يكون مرتبط بشكل أو آخر بموضوع المعادن النادرة والصراع الدولي حولها.

–  والفوائد التي يمكن أن تجنيها الإمارة من تلك الثروة ليست مالية أو سياسية فقط بل تشمل المكانة (الجيوسياسية) والمكانة الدولية، خاصة وأنها ستتولى بنفسها حماية تلك الثروة والاستفادة منها في بناء دولتها الإسلامية الحديثة القوية. بل وتدخل بها إلى العصر ما بعد الصناعي أي مراحل التقنيات فائقة التطور. ولن تكتفي الإمارة بدور المُصَدِّر لها بل ستدخل بأسرع ما يمكنها إلى مرحلة تصنيع القطع الصناعية التي يتطلبها السوق الدولية. ويرتبط ذلك بسياسة التعليم وإرسال البعثات التعليمية بشكل عاجل، على النحو الذي ذكرناه في فقرة سابقة عن(معركة التعليم) في مرتكزات بناء الدولة.

–  الدخول في مرحلة التصنيع والتدريب الهندسي والتقني للكوادرالأفغانية ينبغي أن يكون ضمن بنود التفاوض على استغلال تلك المعادن. إضافة إلى موضوعات أخرى عديدة وحساسة وشاملة منها تطوير قدرات الدفاع الجوي لدى الإمارة، وتطوير التصنيع العسكري والبحث العلمي.

 

2 ـ اقتصاد التعدين والمعادن الاستراتيجية:

أفغانستان ثرية بالمعادن والخامات عالية القيمة، والتي تقوم عليها صناعات هامة. وتصلح لقيام صناعات ثقيلة. حيث تمتلك الإمارة مخزونات ضخمة من خامات استراتيجية مثل النحاس والحديد والفحم. ويعتقد أن ما بها من خام اليورانيوم يعتبر من المخزونات العالمية.

وهي مشهورة بمناجم الأحجار الكريمة التي يعتقد أيضًا أنها مناجم غنية جدًا بالخامات. وهناك أيضًا الذهب الذي نشط استخراجه في السنوات الأخيرة.

على قدر الإمكان تتجنب الإمارة بيع الخامات في صورتها الأولية. بل تعمل على إدخال خطوات من التصنيع عليها قبل البيع. وصولا إلى إقامة صناعات كاملة منها، خاصة من الحديد والنحاس والألمنيوم والنفط والغاز والفحم.

وإدخال صناعة صقل الأحجار الكريمة. وكذلك تحويل الذهب إلى سبائك نقية، وتشجيع الصناع المحليين على احتراف صناعة المشغولات الذهبية.

اقتصاد اليورانيوم [ تحلية ماء البحر ـ توليد الكهرباء ـ والنظائر المشعة]

اليوانيوم يحمل قدرات هائلة على التغيير الجذري علميًا وصناعيًا وماليًا لأفغانستان، بدخول الإمارة إلى مجال تخصيب اليورانيوم واستخدام النظائر المشعة في مجالات الطب والزراعة. واستخدام اليورانيوم المخصب لتشغيل المفاعلات النووية.

 

تحميل مجلة الصمود عدد 192 : اضغط هنا

 

الإمارة والعمل الاقتصادي:

ستكون حكومة الإمارة طرفًا أساسيًا في العمل الاقتصادي. وكذلك في عمليات التجارة الداخلية والخارجية. وسيكون العمل البنكي محصورًا في يد حكومة الإمارة. وإشرافها على المصارف الخاصة دقيقا. وسوف تحدد لعملها الاقتصادي قوانين ومبادئ ثابتة ومن أهمها حظر التعامل الربوي، ومراجعة تفاصيل العمليات المالية للتأكد من عدم وجود مسارب للتعامل الربوي.

–  تسعى الإمارة للاستغناء عن الدولار واليورو، أو ما يسمى بالعملات الصعبة، وتحاول بالتدريج التأسيس لتبادل تجاري مع الدول المحيطة طبقًا للمقايضة أو التعامل بالعملات المحلية، أو بعملة إقليمية متفق عليها ومستندة إلى سَلَّة عملات إقليمية.

–  تشتري الإمارة، من السوق المحلي، المحصولات الزراعية والصناعية بالعملة المحلية، ثم توردها إلى الخارج بالعملة الإقليمية، أو تقايضتها بسلع ومنتجات أخرى.

–  بالاتفاقات الإقليمية يمكن التوسع في نظام المقايضة، وتحسين آلياتها، وتطوير البنية التحتية اللازمة لها من طرق ومخازن، وبنك إقليمي يضمن الصفقات ويمولها.

وإذا انخرطت اقتصاديات كبيرة في ذلك النظام، فيمكن له أن يتطور كبديل تجاري في كل آسيا وربما إلى خارجها حيث الدول التي تعاني من استبداد الدولار والعملات الأوروبية والبنوك الربوية اليهودية التي تدير النظام المالي الدولي الذي استعبد البشر فوق كوكب الأرض.

فاجتذاب الصين وروسيا وإيران والهند إلى ذلك النظام سيجعله ذا قيمة دولية، وربما يؤسس لنظام اقتصادي عالمي جديد، بعد تطويره والإضافة إليه.

 

3 ـ اقتصاد الطاقة:

اقتصاد الفحم الحجري: لدى الإمارة الإسلامية مخزون عالمي من الفحم الحجري، يضعها ضمن صدارة مالكي تلك المادة. وإلى الآن لم يأخذ الفحم المكانة المناسبة له في الاقتصاد الداخلي لأفغانستان. ومن المفروض أن يعاد النظر في خريطة توليد الطاقة بحيث تعطي للفحم المكانة الأولى، بداية من الاستخدام في التدفئة المنزلية في الأرياف والمدن. أو كمصدر أساسي لتوليد الكهرباء من المحطات البخارية. أو كقوة محركة لشبكة القطارات الداخلية التي ستجد طريقها إلى أفغانستان في مرحلة ليست بعيدة.

–  ينبغي اعتماد الفحم الحجري والمحطات البخارية لتوليد الكهرباء مصدرًا رئيسيًا للطاقة في البلد، والتوقف عن توليد الكهرباء من السدود المائية وتخصيصها للري والشرب فقط نظرًا للأزمة الشديدة في المياه.

وبالتوازي ينبغي فرض تقشف في استخدام الطاقة الكهربائية بوقف الإسراف في إضاءة المدن و المحلات التجارية. أو الاستخدام المفرط للأجهزة الكهربائية.

–  تسهيل اقتناء مولدات ديزل صغيرة ومتوسطة لاستخدام الأحياء السكنية والتجارية بتمويل من القطاع التجاري والتعاونيات.

–  طرح مسابقة داخلية لابتكار أنواع من مواقد التدفئة المنزلية التي تستخدم الفحم الحجري بسهولة وأمان ـ ومواقد بخارية تدار بالفحم، للتدفئة في الأماكن الأوسع.

–  تتكفل هيئات استخراج مواد الطاقة من فحم ونفط وغاز، بتمويل مشاريع إحياء الغابات والمحميات الطبيعية لمعادلة التأثيرات الضارة لانبعاثات الكربون من المحروقات. وتشاركها في التمويل هيئات التعدين (الخامات النادرة والاستراتيجية والذهب)، بنسب متفق عليها.

 

اقتصاد النفط والغاز:

يحتاج ذلك القطاع إلى مجهودات كبيرة وتعاون إقليمي في الاستكشاف والاستخراج والتوزيع. والإشراف الفني والإداري على النشاط الداخلي لشبكات الطاقة العابرة لأفغانستان. سواء ما يتعلق منها بطريق الحرير، بين الصين وإيران، أو ما هو قادم من جمهوريات آسيا الوسطى صوب السوق العالمية أو السوق الهندي أو الصين. وأن تقيم وزارة البترول جامعة للعلوم البترولية ومعاهد لتخريج الفنيين اللازمين لصيانة وتشغيل خطوط الطاقة. وأن تختار الوزارة طلابها وتتولى الإنفاق عليهم منذ مراحل تعليمهم المبكرة، وتوجيه عناية خاصة لتأهيل أبناء العاملين في قطاع الطاقة لإيجاد ترابط اجتماعي بين السكان وبين ذلك القطاع الهام.

 

 4   ــ اقـتـصـاد الـبـيـئـة:

تؤثر البيئة على صحة السكان . فالنشاط الاقتصادي المنفلت عن معايير سلامة البيئة يؤثر سلبًا على الصحة العامة ويقلل من قدرة السكان على الإنتاج والتعليم والخدمة الجهادية.

ولأن النشاط الاقتصادي مازال في خطواته المبكرة فإنّ الكثير من الأساسيات الصحية والبيئية التي تعجز الدول الصناعية المتقدمة عن تحقيقها، يمكن أن تحققها الإمارة منذ المرحلة الأولى لتأسيس المشروعات، خاصة ما يتعلق بمشروعات التعدين أو مشروعات استخراج خامات الطاقة، أو التصنيع، أو شبكة المواصلات الحديدية أو النقل بالسيارات.

–  تؤسس وزارة للبيئة لها صلاحيات الإشراف على تلك النشاطات وفرض شروط على الشركات  وذلك سيوفر الكثير من المشكلات والنفقات المستقبلية.

–  إحياء الغابات ورعاية المحميات الطبيعية وسلامة مياه الشرب من التلوث سواء مياه الأنهار أو المياه الجوفية، هي مسئوليات مباشرة على وزارة البيئة. وجميعها ذات أثر على الاقتصاد.

–  وبالتعاون بين وزارة البيئة ووزارة الطاقة يمكن الشروع في توليد الطاقة النظيفة من الرياح وأشعة الشمس. ويمكن ربط وزارة الزراعة بذلك النشاط لإنتاج سلع غذائية مثل الخضروات والفاكهة باستخدام تلك الطاقة النظيفة في استخراج المياه الجوفية، وتشغيل آلات التصنيع الزراعي الخفيفة.

 

اقتصاد البيئة وتخطيط المدن:

تتدخل وزارة البيئة بالتعاون مع سلطات إدارة المدن لضبط عملية تخطيط المدن ونوعية المساكن لتحقيق اشتراطات بيئية وحضارية مثل:

ــ الحفاظ على طابع البناء المحلي والإسلامي وعدم الاستسلام أمام النماذج المعمارية الغربية حتى لا يُطمَس الطابع الثقافي الوطني والطبيعة الإسلامية للمجتمع.

ــ تحديد ارتفاع المباني في العاصمة والمدن الكبرى بحيث لا يتخطى أربعة طوابق ذات طابع معماري محلي إسلامي. مع استخدام خامات بناء عازلة للحرارة لتوفير نفقات التدفئة أو التبريد.

ــ اعتماد التوسع الأفقي للمدن بدلا من الارتفاع الرأسي للمباني.

 

اقتصاد البيئة وتخطيط الريف:

ينبغي حظر توسع الريف على حساب الأرض الزراعية. والتوجه بالزيادة السكانية صوب الصحاري لتعميرها.

الحفاظ على طابع المعمار التقليدي للبناء في الريف، وبنفس الخامات التقليدية، مثل الطين والأحجار الصخرية. ومن أجل البناء في الصحاري تقام مصانع للطوب الحراري المصنوع من الرمل. واستخدام هندسة الأقواس والعقود في البناء بدلا سقوف الحديد والخشب.

–  اقتصاد البيئة وتنمية الغابات والمحميات الطبيعية للحفاظ على نقاء الهواء والماء.

فتنمية الغابات والمحميات الطبيعية يزيد من فرص تساقط الأمطار. وهو بذلك وسيلة لعلاج مشاكل الجفاف إلى جانب فوائده الصحية الكثيرة.

–  اقتصاد الخشب:   في اقتصاد البيئة يعتبر الخشب مادة استراتيجية. وينبغي وقف تصدير الخشب الخام، بل يستخدم في صناعة الورق والأثاث.

–  اقتصاد الصنوبر: يمكن الاستفادة من مزايا صنوبر الغابات والطلب الدولي عليه، لاستخدامة كسلعة للتصدير ومورد اقتصادي جيد للسكان. ويمكن أن تتولى الإمارة شراؤه وتصدره إلى الأسواق الخارجية.

–  اقتصاد النباتات الطبيعية: في الغابات والجبال والصحاري تنبت أصناف كثيرة من النباتات الطبية ذات القيمة الصناعية والتجارية، بحيث يمكن استخدامها كمادة هامة للتصدير.

–  اقتصاد صيد وتربية الحيونات والطيور البرية: تلك التي تعيش في الغابات والجبال والصحاري . وينبغي الحفاظ عليها  وحظر تصديرها بدون معرفة السلطات المختصة في وزارة البيئة وإدارة “الحياة البرية ” التابعة لها. فالإفراط في القضاء على تلك الكائنات يؤثر على سلسلة مخلوقات أخرى في الطبيعة، ويتلف التوازن بين الأنواع. وفي ذلك ضرر كبير على البيئة ومعيشة الإنسان.

 

5  ـ الاقـتـصـاد الــزراعي:

الزراعة هي القاعدة التحتيه للاقتصاد ـ وهي الوسيلة الرئيسية للحصول على الغذاء وتربية الحيوان وزراعة الأشجار. باختصار هي الصورة الأساسية للحياة.

أهم الأهداف هو الوصول إلى مستوى الاكتفاء الذاتي في المحاصيل الأساسية للسكان مثل القمح  والخضروات والفاكهة واللحوم والألبان.

–  ومن العقبات الرئيسية بل أهمها هو حالة الجفاف الذي تعيشه أفغانستان منذ سنوات، ويُخشي أن يكون ذلك ضمن تغير مناخي قد يستمر لزمن طويل قادم.

–  المشاريع الزراعية المشتركة مع الدول المجاورة، يعتبر عملا متعدد الفوائد فهو يحول النزاعات إلى تعاون . ويوفر موارد زراعية إضافية لفائدة شعوب المنطقة، مع فرص أكبر للتعاون التجاري والفني والعلمي.

–  ومن الحكمة إقامة مشاريع زراعية مشتركة مع دول الجوار بدلا من النزاعات والحروب، تحت شعار (نزرع سويا ونأكل معا) . لهذا يلزم إنشاء مؤسسة للمشاريع الزراعية والمشاريع المائية المشتركة.

 

علوم الزراعة :

إنشاء كلية للزراعة لتخريج مهندسين زراعيين يمكنهم تطبيق العلوم الحديثة في مجال الزراعة والاقتصاد الزراعي، والتصنيع القائم على المحاصيل، مثل تعليب الفواكه والألبان واللحوم. وأقسام جامعية لبحث سبل الوقاية وعلاج أمراض النباتات، وزيادة ناتج المحاصيل، وتحسين وتقوية التربة وتحسين السلالات النباتية والحيوانية.

والعناية بمحصولات أشجار الغابات وتنميتها. والعناية بالأخشاب وتحسين جودتها وتنميتها .

ويترافق المجهود العلمي مع النهوض بالزراعة وتنمية الثروة الحيوانية وتصنيع منتجاتها لتسهيل نقلها داخليا أو تصديرها إلى الخارج .

 

اقتصاد الرعي:

وزارة الزراعة يشمل نشاطها تنمية الثروة الحيوانية وتعليب اللحوم وصناعة الصوف ودبغ الجلود. فالوزارة تحدد مناطق الرعي في البلاد، وترتب الرعاية الصحية لقطعان الماشية. وتقوم برعاية أسر الرعاة صحيا، وتقدم خدمة تعليمية لأولادهم ، وتكون الخدمات متنقلة معهم حيثما رحلوا. ويعمل في مهنة الرعي كتلة سكانية معتبرة وفعالة، ومساهماتهم الجهادية مشهودة.

 

اقتصاد الأفيون:

الأفيون هو لثيوم الانتاج الزراعي . كونه يدخل في صناعة جميع المسكنات الدوائية.

وتعتبر سيطرة الإمارة على زراعة الأفيون مقدمة للسيطرة العالمية على مشكلة المخدرات.

–  وزارة الزراعة في الإمارة هي الجهة الوحيدة المخولة بالسيطرة على مشكلة زراعة الأفيون، عبر إجراءات منها تلقي طلبات الشراء الخارجية القادمة من شركات دواء معترف بها، تحدد فيها كمية الخام التي ترغب في شرائها ، ويكون التعامل معها بالعملات الصعبة فقط .

–  في حالة الموافقة على الطلب تقدم الشركة ما يعادل تقريباً ثلث الثمن مقدماً (عربون).

–  بعد انقضاء فترة تلقي طلبات الشراء تحدد الوزارة المساحة المطلوب زراعتها بالخشخاش على مستوى الإمارة، وما زاد عن ذلك يعتبر زراعة غير قانونية تصادرها الوزارة . وتوقع العقوبات بالمخالفين.

–  تقدم وزارة الزراعة للمزارعين قروضا غير ربوية، تستردها منهم بعد توريد ما لديهم من محصول للوزارة.

–  تجمع الوزارة المحصول في مخازنها ، وتسلم شركات الدواء الكميات التي طلبتها وتتقاضى منها مؤخر الثمن .

–  مصانع الدواء التابعة لوزارة الصحة المحلية تحَوِّل الأفيون إلى مسكنات طبية، توردها لشركات الدواء حول العالم ، بدلا من توريد الأفيون لها في صورته الخام . وهي السياسة المفروض اتباعها مع كل الخامات، حيث يجري تصنيعها جزئيا أو كليا قبل التصدير، وذلك لزيادة هامش الربح، وللتوسع في الصناعات وإيجاد الوظائف وفرص العمل.

–  تسدد وزارة الصحة ثمن ما تشتريه من أفيون طبقا لنفس النظام المتبع مع الشركات الخارجية ، ولكن بالعملة المحلية.

الاتجاه إلى البحار المالحة  للحصول على المياه العذبة

الإمارة في مواجهة الجفاف:

تعيش أفغانستان في حالة جفاف مستمر منذ سنوات. وربما أصبحت قلة الأمطار حالة مستمرة. ويسبب الجفاف مشاكل حاليا ، وسيكون ذلك أكثر خطراً لو استمر لسنوات قادمة مع زيادة عدد السكان والاحتياج إلى التوسع الزراعي .

 

هناك حزمة من الإجراءات منها :

–  وقف استخدام السدود المائية في توليد الكهرباء . وبناء محطات حرارية “بخارية” لتوليد الكهرباء، والتوسع في استخدام مولدات الديزل.

–  تعديل طرق ري الأراضي الزراعية واعتماد طرق حديثة مثل الري بالتنقيط . وسيكون ذلك أسهل في مشاريع التوسع الزراعي الذي ستقيمها الإمارة .

–  الاستفادة الكاملة من نصيب أفغانستان في مياه نهر جيحون طبقا للقوعد المتفق عليها. والدخول في مفاوضات مائية مع شركائها في مياه النهر .

–  إجراء مسح علمي دقيق لمخزونات المياه الجوفية . ووضع خطط لاستخدامها بدون تعريضها للتلف أو استنزافها بسرعة .

مياه عذبة وكهرباء .. خيارات ممتدة من بحر قزوين إلى الخليج الفارسي

–  نظرا لمحدودية المياه المتاحة من المصادر الحالية سواء الأنهار أو المياه الجوفية أو الأمطار، فلابد من بحث احتمال الدخول في شراكة مع إحدى دول الجوار من أجل تحلية مياه البحر. ولذلك طريقان فقط أولهما والأقرب هي تحلية مياه بحر قزوين بالمشاركة مع تركمانستان. هذا إذا سمحت قوانين ذلك البحر المغلق، وموافقة الدول المتشاركة في شواطئه. الاحتمال الآخر هو تحلية مياه الخليج الفارسي بالمشاركة مع إيران التي لديها محطة نووية لتحلية المياه. ثم نقل المياه العذبة إلى أفغانستان بالأنابيب.

–  امتلاك أفغانستان لخام اليورانيوم ـ لا يوفر فقط أرصدة مالية، بل فرصا علمية ومائية أيضا. فتخصيب اليورانيوم يجعل الدخول في شراكات مائية لتحلية مياه البحرعملاً أسهل لتوافر الأموال والمادة النووية اللازمة لتشغيل المفاعل.

–  الناتج من الكهرباء سيكون مصدراً نظيفاً ورخيصاً للطاقة يقلل من التلوث المناخي الناتج من استخدام الفحم أو الديزل في توليد الكهرباء. ويتيح موردا مالياً (ومكسبا سياسياً) ذو قيمة، نتيجة دخول الإمارة الإسلامية إلى شبكة إقليمية موحدة للطاقة الكهربائية ، ونتيجة دخولها نادي الدول المنتجة والمستخدمة للطاقة النووية.

 

تحميل مجلة الصمود عدد 192 : اضغط هنا

 

بقلم  :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
المصدر:
مافا السياسي ( ادب المطاريد )

www.mafa.world