موقف السلفية العربية .. من الإمارة الإسلامية

0

موقف السلفية العربية .. من الإمارة الإسلامية

– فى ظلال الحرب (النفطية /السلفية) ضد شعب اليمن إستحكمت إسرائيل فى الجزر اليمنية الإستراتيجة من بحر عمان ومدخل البحر الأحمر وحتى شواطئ شرق أفريقيا .

– منذ الإعلان عن عقيدة بيريز لم يفترق النشاط الجهادى السلفى عن مصالح إسرائيل.

– نافقت السلفية الجهادية، وتملقت جهاد حركة طالبان، كونه جهاداً صامداً ومتقدماً.

– تقَدُم حركة طالبان ، وتجاوزها للرؤية الأيدلوجية والسياسية للسلفية، أصبح خطراً على السوق السلفية وأعمالها فى التوكيلات القتالية والسياسية.

– الدواعش زادوا وتيرة وحشيتهم فى القتال ضد طالبان ـ بتأييد لوجستى من تركيا وباكستان، وتسليح أمريكى إسرائيلى ، وتمويل مشيخات النفط خاصة قطر، وصمت مطبق من السلفية الجهادية، بما يعنى موافقة مبطنة.

– بعد تحرير أفغانستان ، حاولت تنظيمات سلفية جهادية إرسال هجرات إستفزازية من مقاتليها إلى أفغانستان ، بدون التنسيق مع الإمارة ، أو مراعاة لتعقيدات موقف الإمارة .

– إعتراف قيادات (قاعدة الجهاد) بخطيئة عصيان أمير المؤمنين كفيل بتبرئة الإمارة ، وتحسين موقفها الأخلاقى دوليا ، وإحراج أمريكا وإحراق إدعاءاتها الكاذبة.

– تجاوز القاعدة على حقوق أمير المؤمنين ومصالح الشعب الأفغانى كانت سببا فى حرب طاحنة شنتها أمريكا على شعب أفغانستان لمدة عشرين عاما .

– السلفية الجهادية تريد التشكيك فى شرعية حكم الإمارة . بهدف إحداث إنشقاقات فى صفوفها وظهور دواعش بين طالبان ، أو إنضمام بعض طالبان الى الدواعش الذين أرسلتهم تركيا وباكستان، ويخوضون حربا ضد الإمارة الإسلامية حاليا .

– الدكتور الظواهرى يستهدف بشكل غير مباشر محاولة الإمارة الإسلامية الإنضمام إلى الأمم المتحدة . وهو إحتمال بعيد المنال إلا أن تلبى الإمارة شروطا أمريكية كثيرة لتسمح لها بالخروج من عزلتها الإقليمية والدولية، وتعترف بها الدول العربية وباكستان وتركيا .

– سحب الشرعية الدينية من الإمارة الإسلامية وقائدها أمير المؤمنين، هو هدف القطاع الأكبر من السلفية الجهادية العربية . لتبقى الشرعية الدينية لهم فى ساحات “العقيدة الصحيحة” الممتدة من تركيا إلى مشيخات النفط وجزيرة الصهاينة.

– تكشف كلمة الدكتور الظواهرى خشية السلفية الجهادية من ميثاق الأمم المتحدة أن يغلق فى وجوههم الطريق إلى نصرة المسلمين ، ويمنع جهادهم لتحرير بلاد المسلمين .

والسؤال هو: جهاد ونصرة مثل ماذا ؟. مثل جهادكم فى سوريا ؟ . أم مشاركتكم الحماسية فى حرب إبادة شعب اليمن خشية عليه من أن يكون شيعياً زيدياً كما كان منذ عشرات العقود؟.

وتحرير بلاد المسلمين مثل ماذا ؟ .. ربما لتحرير شئ سقط من ذاكرتكم إسمه فلسطين؟.

– نقاط الخلاف بين السلفية وطالبان حول الحكم الإسلامي.

– إلى الدكتور الظواهرى، وآخرين : ماذا حدث فى قندهار ؟؟.

 

بقلم  : مصطفي حامد – ابو الوليد المصري

 

على مايبدو فإن السلفية الجهادية تراجع مواقفها السياسية من الإمارة الإسلامية فى أفغانستان لتصبح أكثر إنسجاماً مع “العقائد السلفية”.

ــ  فقد دعمت السلفية الجهادية /دعائيا/ حركة طالبان أثناء جهادها الناجح ضد الإحتلال الأمريكى ، وبعد إنتصارها عليه ، لإيهام المسلمين بأن إنتصار طالبان هو إنتصار للتيار السلفى الجهادى ، الذى يجمعه مع حركة طالبان إنتماء إلى القطاع الإسلامي (السني) .

ــ رغم أن السلفية تحتكر لنفسها حق تمثيل”السنة” الحقيقيين ، المحافظين على العقائد الإسلامية “الصحيحة” . أما الباقون فهم سنة مزيفون ملوثون بالشرك والإنحراف العقائدى. وإستهدف السلفيون التصوف بشكل خاص ـ الذى يتبعه معظم أهل السنة ـ كما هاجموا “تقليد” المذاهب السنية الأربعة ، ويرون وجوب مراجعة أحكامها الفقهية لإختيار الصحيح منها . بمعنى أن يكون أى سلفى ـ مهما كان مستواه العلمي ـ مرجعاً وحكماً  على أى مذهب من المذاهب السنية.

ــ هذا الموضوع الإعتقادى جعل السلفية فى صدام مع باقى المسلمين (السنة) ، بسبب :

1ـ تنصيب السلفية لنفسها حكماً على عقائد باقى المسلمين واجتهاداتهم الفقهية ، مع حريتها المطلقة لتحويل أى خلاف إلى تكفير، ومن ثم حرب مسلحة عاجلة أو مؤجلة، حسب الإستطاعة أو حسب الدفع الخارجى لإشعال الحروب بين المسلمين .

2ـ محاربة (التقليد)، وعدم متابعة أحكام المذاهب الأربعة بشكل كامل ، بل يختار كل شخص لنفسه ما يراه صحيحا منها. وبالتالى إيجاد فوضى مطلقة وخلافات لا تنتهى ، وإستحالة الوحدة بين المسلمين أو ظهور قيادة دينية جامعة لهم . فإنعدام التقليد ـ بل تحريمه ـ جعل من الجميع علماء وقادة مجتهدون بلا علم ـ وأى قيادة حقيقية للمسلمين يمكن الطعن فيها والخروج عليها.

تلك الفوضى الفقهية والإعتقادية إنعكست بشكل أكثر بشاعة على الجانب السياسي ، ومواقف الجماعات السلفية تجاه الأنظمة الحاكمة ، وتجاه القوى المعادية المهيمنة على المسلمين، من محتليهم السابقين والحاليين . حتى وصل الأمر إلى ظهور مدرسة للإسلام الصهيونى الذى إبتدعه رئيس وزراء إسرائيل الأسبق (شيمون بيريز)، والذى يرى عدم وجود خلاف بين إسرائيل والمسلمين السنة . وأن الشيعة وإيران هم الخطر المشترك لهما . وبالتالى يستدعى الأمر تحالفا مشتركاً بينهما للعمل العسكري ضد إيران والشيعة .

أعلن بيريزعقيدته الجديدة عام 1993 فى كتابه الشهير(الشرق الأوسط الجديد) مبشراً بمنطقة إسرائيلية ـ على إنقاض العالم العربى ـ وتحالف يهودى / سنى يتوجه بالحرب الى عدو بديل عن إسرائيل هو إيران والشيعة عموماً .

ــ كان ملك الأردن أول من صرح علنا وبكل قوة بنقل المعركة العربية فى إتجاه إيران كخطر داهم بديل عن إسرائيل . والأردن من أهم مراكز السلفية الجهادية فاستوطنتها دعوة بيريز. وإنضم إليها الإخوان المسلمون الدوليون . والتيار الإسلامى الحركى الذى هو سلفي فى مجمله، تحالف بشكل أقوى مع الأنظمة النفطية فى جزيرة العرب.

فانتقل العمل الاسلامى ، بشكل غير مباشر،إلى المحور الإسرائيلى . ومنذ الإعلان عن عقيدة بيريز لم يفترق مسار النشاط الجهادى السلفى بعيدا عن مصالح إسرائيل . ولا إفترقت رؤيتهم السياسية معها حول أى مشكلة داخل المنطقة العربية والإسلامية ، أو حتى فى تقييم الموقف الدولى ، سوى ضمن هامش ضيق ، فى مناورة للتغطية على الإنحراف السياسى للمسيرة السلفية.

ــ وبهذه الرؤية المشتركة طبقا لعقيدة (بيريز) خاض العمل الإسلامى تجارب “الربيع العربى”، التى إنتهت بتحكم إسرائيلى أكبر فى أوضاع تلك الدول ، بعناصر عسكرية متصهينة (أوصهيونية بالكامل كما فى مصر) أو عناصر مدنية من المتشبعين بفكرة تهويد العالم العربى وتحويله إلى “شرق أوسط” بقيادة إسرائيل .

أرادت إسرائيل حروباً ساخنة لإحداث تغير سياسى فى مواقف بعض الدول، أو لتطهيرها من عقبات تعترض الزحف الصهيونى عليها ، فلم يحدث أى تناقض فى مواقف السلفية الجهادية من تلك الحروب مع مشيئة إسرائيل . وبالتالى لا تناقض لها مع مواقف دول النفط وأوروبا وأمريكا. ومازال ذلك التطابق قائما فى حروب سوريا واليمن والعراق وليبيا. وفى الموقف المائع من العسكر الصهاينة فى مصر والسودان . أو التحالف مع العروش الصهيونية فى الأردن والمغرب وجزيرة العرب ومستوطنات الخليج “العبرى”.

والطامة الأكبر كانت حرب اليمن وإحتلاله بجيوش أعراب بادية النفط ، نيابة عن إسرائيل. لتأمين إحتلال اليهود لجزيرة العرب، الذى قطع شوطا كبيرا، وصل إلى حد سيطرة اليهود على مكة والمدينة عبر رضيعهم “منشارالدين”.

(السلفية الجهادية) والإخوان المسلمون إنخرطوا فى الحرب على شعب اليمن إلى جانب جيوش صهاينة النفط ، وذلك بدعوى مكافحة التشيع فى اليمن الذى يرونه متحققا فى أتباع المذهب الزيدى وحركتهم الشهيرة بإسم (الحوثيين) حسب القاموس النفطى /السلفى .

من خلال الحرب على شعب اليمن إستحكمت إسرائيل فى الجزر اليمنية الإستراتيجة فى بحر عمان ومدخل البحر الأحمر وحتى شواطئ شرق أفريقيا .

كل ذلك تراه السلفية الجهادية والإخوانية أنه معقول ومقبول ثمناً لتحرير اليمن من أتباع المذهب (الزيدى) الذين هم أكثر من نصف شعب اليمن، فلا يرونهم يمنيين بل أتباعاً لإيران.

أما الجهاد السلفى فى سوريا ـ تحت شعار إقامة دولة لأهل السنة ـ فلم يسفر سوى عن خراب سوريا وتشريد ما يقرب من نصف شعبها . فلا أقام السلفيون دولتهم ولا أبقوا سوريا سالمة لمعيشة شعبها. وتجاهلوا أن شعار”دولة لأهل السنة” ينطوى على دعوة إلى تفتيت سوريا ولبنان إلى عشرات الدويلات الطائفية ، وما يعنيه ذلك من دعم سياسى ودينى لإسرائيل كواحدة من الدول الطائفية فى المنطقة ، بل هى أقواها والمهيمنة عليها جميعا . لذا كانت إسرائيل من أكبر داعمي”الجهاد السلفي” فى سوريا ، فأعطت الضوء الأخضر للتحالف الدولى والنفطى لدعم ذلك الجهاد بجميع الوسائل.

ــ ولا يرى مجاهدو السلفية أنفسهم مسئولين عن تلك الكارثة الكبرى فى سوريا، بل يحسبون أنفسهم ضحايا للشيعة وإيران (حسب عقيدة بيريز). مطالبين الأطراف المعادية بالإستسلام لسيوف السلفية الجهادية ومعيارها الطائفى .

 

هُزِمَت السلفية الجهادية أينما قاتلت. نتيجة تخلى الشعوب الإسلامية عنهم ، ونتيجة لتحالفهم مع إسرائيل وعملائها وباقى أعداء الدين .

ــ أثناء مغامراتهم العسكرية فى المنطقة، تجاهل أتباع السلفية الجهادية ، تأثيرمناطق عملهم على مصالح كثيرة إقليمية ودولية . وأن الأطراف المتحالفة معهم رغم قوتها ، إلا أنهم ليسوا كل القوى أو أصحاب المصالح فى المنطقة. لهذا تدخلت قوى أخرى إقليمية ودولية فى إتجاه مضاد للحركة العسكرية السلفية . فاعتبر”الجهاديون” ذلك تآمراً صليبياً أو شيعياً (وهذا هو الأخطر) فأدانوه عقائديا . وكأن معسكرهم يعبر عن نقاء عقائدى ومثالية سياسية ، رغم أنه يضم على الدوام أمريكا ودول الناتو وإسرائيل ومشيخات النفط . وجميعهم حلفاء وداعمين للسلفية الجهادية فى ميادين الحرب والإعلام والسياسة.

ــ وفى برنامجهم العسكرى والسياسى ، لم يدافعوا عن”الإقليات الإسلامية” إيمانا واحتساباً، بل إسناداً لمواقف أمريكا ومعسكرها ضد قوى أخرى مثل الصين وروسيا ـ أو تضامناً مع الحليفة باكستان فى تنافسها مع الهند فى كشمير. أو تضامنا مع حاضنتهم التركية فى منافستها مع النظام المصرى أحياناً أو النظام السعودى أحيانا أخرى.أو الصراع ضد إيران بشكل دائم وإستئصالي، وبلا هوادة على جميع الأصعدة ، بالسلاح والدعاية والإقتصاد والإفتاء .

 

طالبان فى مواجهة السلفية والصهيونية :

بدأت السلفية الجهادية تسفر عن موقفها الحقيقى المعادى لحركة طالبان والإمارة الاسلامية فى أفغانستان . وذلك إخلاصاً منها لحلفائها من دول النفط وأمريكا والناتو ثم إسرائيل.

ــ فى البداية نافقت السلفية الجهادية، وتملقت جهاد حركة طالبان، كونه جهاداً صامداً ومتقدماً. بعكس الحالة المنتكسة للجهاد السلفي، الذى لا ينهزم فحسب بل يقود المنطقة وشعوبها إلى مزيد من التقهقر ، حتى داهم اليأس قطاعاً هاما من الشباب المتحمس إسلاميا.

ولكن صبر السلفية الجهادية نفذ إزاء تقدم حركة طالبان وتجاوزها للرؤية الأيدلوجية والسياسية للسلفية، بشكل أصبح خطرا على السوق السلفية وأعمالها فى التوكيلات القتالية والسياسية . لأن حركة طالبان وإمارتها الإسلامية غير ملتزمة (بعقيدة بيريز) أو التحالف السني/الصهيونى ، بل تراه عدوا لها  منذ بداية جهادها، حيث أن إسرائيل طرف أساسي فى الحرب ضد طالبان فى أفغانستان.

ــ تجلت العداوة السلفية أكثر عندما إنتصرت حركة طالبان، وبدأت أمريكا وإسرائيل حرباً جديدة ضد الإمارة الإسلامية التى تسعى بشكل جاد لبناء دولة إسلامية حقيقية مستقلة سياسيا ، وقوية إقتصادياً ، مع السعي لتحقيق عملي لأهداف الشريعة من عدالة وأمن ومساواة، محمية بسياج من قانون العقوبات الشرعية (الحدود).

 

نقاط الخلاف بين السلفية وطالبان حول الحكم الإسلامي:

إعتبرأساطين التنظير السلفي أن إتجاه الحكم فى الإمارة الإسلامية بعتبر طعنا فى صميم النظرية السلفية لتطبق(شرع الله). فقد دخلت حركة طالبان معترك بناء الدولة ، من بوابة بناء الإقتصاد للإستفادة من ثروات البلد لتحقيق أغراض الشريعة المذكورة فى القرآن الكريم وكتب الفقه ، والتى من أساسياتها إقامة العدل والمساواة والشورى الحقيقيه {وهى شيئ مختلف تماما عما أدخله الإحتلال الأمريكى من إنتخابات تنتهى بتعيين رئيس ـ أو رئيسين دفعة واحدة ـ على يد وزير خارجية الإحتلال}. وترى الإمارة أنها مسئولة عن تقديم دعم أساسي / صحى وتعليمى وغذائى/ للفقراء والأيتام والمرضى وضحايا الحرب . وتعتبر أن “الحدود الشرعية” هى السياج الواقى للمجتمع ونظامه الاسلامى ـ ولكنها ليست كل النظام . أعمدة التنظير السلفى إعتبروا ذلك مسيرة نحو (الكفر). فهم لا يرون فى الدولة سوى إقامة الحدود وجباية الخراج ـ الضرائب ـ من الناس، بدون أن يحافظ (بيت المال) على الثروة العامة لصالح مجموع الأمة وليس شخص الحاكم . وبدون شورى حقيقية لأهل الحل والعقد، أى القوى التى جاهدت وضحت لبناء الدولة من علماء وقادة قبليين وميدانيين. بل الشورى خاصة لمناصرى الحاكم وغير ملزمة له بشئ.

ــ أول إجتماعات أمير المؤمنين فى قندهار مع شورى القبائل، بعد التحرير، أوضحت المفهوم الإسلامى الصحيح للشورى، ودور(بيت المال) فى الحفاظ على ثروات المسلمين بعيدا عن وحوش الإقتصاد فى الداخل والخارج . وأيضا مفهوم الوظيفة العامة كوسيلة لخدمة المسلمن وليس كغنيمة يتكالب عليها طالبى السلطة والمتعصبين القبليين.

ظهر الرعب السلفي من تجربة الإمارة الإسلامية بسبب حرصهم على دور الحاكم المطلق،المتصرف الأوحد فى بيت مال المسلمين ، وتوريث الحكم لسلالته . وهى مبادئ فاسدة رفضها أمير المؤمنين قولا وعملا خلال جلسات الشورى.

ــ  الخشية السلفية كانت على صلاحيات (ولي الأمر) الذى جعلوا منه (إلهاً ثانياً) أو(شريكاً)، رغم دعاويهم العريضة بالتوحيد . ولنتأمل أطروحات السلفية (الجامية) فى الحجاز وفى الأزهر الشريف ومدينة الاسكندرية ـ أو دعاة الداعشية وحكمها الوحشى، الذى فيه يستأثر(خليفتهم) بكل شئ ولا معقب لأمرة. والداعشية هى النموذج العملى الوحيد للحكم لدى السلفية الجهادية.

ومن خلف المفهوم السلفى للدولة الإسلامية يقف فقهاء السعودية وتمويلها. كما يقف النضال الديموقراطى للإخوان المسلمين وجماعات سلفية أخرى.

من نقاط الجوهرية للنقمة السلفية على حكم الإمارة الإسلامية هو الإرتباط الوثيق بين الإقتصاد وإسلامية الحركة فى الجهاد وبناء الدولة ، ومنع سيطرة الكافر المحتل على إقتصاد المسلمن، أو بنائة بطريقة تفيده فقط على حساب حقوق المسلمين. فقد قاتلت طالبان حتى لا يحوِّل المحتل الأمريكى أفغانستان إلى مزرعة أفيون عالمية تجلب له المليارات سنويا وتجلب الفقر والإحتلال لشعبها. وبعد جلاء الإحتلال شرع فى حرب ثانية (بالدواعش والمرتزقة وطائرات الدرون) من أجل سرقة المعادن النادرة التى تمكنه من السيطرة على الصناعات المتطورة فى العالم وكسب المليارات سنويا . هذا بينما السلفية  بأنواعها، من الداعشية إلى الإخوانية، لا تتطرق إلى شئ من ذلك ولا ترى الإسلام إلا فى الفتن الداخلية وقتال الشيعة وإيران. ولاعمل لدولة الإسلام سوى قطع الأيدى والرقاب بدعوى إقامة الشريعة التى لا تعنى عندهم عدلا ولا شورى ولا بيت مال يحفظ ثروة المسلمين ، فلا يهبها للكافرين حاكم طاغى مستبد (بإسم الدين!!) فى مقابل كرسى الحكم.

 

أسباب للمهادنة السلفية :

من أسباب مهادنة السلفية الجهادية لحركة طالبان والإمارة الإسلامية هو طمعهم فى أن تنضم الإمارة إلى الجبهة “الصهيونية / السلفية ” طِبقاً لعقيدة بيريز .

بعضهم نادى علناً بأن تنضم الإمارة إلى المحور(الإسلامى) الذى يضم دولاً مثل تركيا وباكستان والسعودية ومشيخات النفط . تمهيدا لإتخاذ أفغانستان ميداناً رئيسياً للحرب بين السنة والشيعة.

فتكون وظيفة الإمارة الإسلامية (السنية) هى القتال ضد مواطنيها الشيعة وإبادتهم . وفى نفس الوقت تحويل حدودها مع إيران الى ساحة حرب، فتحصل الإمارة على تمويل سخي من دول النفط ، ويتدفق عليها المتطوعون السلفيون من شتى بلدان العالم كما حدث فى سوريا.

عرضا شبيهاً بذلك كان قد وصل إلى الإمارة فى عهد حكمها الأول، وقد رفضته . كما رفض بن لادن أن يتحول تنظيم القاعدة إلى رأس رمح لحرب طائفية فى أفغانستان {ولكنهم فعلوا ذلك فى العراق وقت الإحتلال الأمريكى، ربما لحاجتهم إلى التمويل فى ذلك الوقت بعد “تجميد” قدرة بن لادن على الحركة، مع نفاذ موارده المالية الخاصة}.

ــ لم يعد الموقف المنافق كافياً. وبإلحاح وأوامر من حلفاء السلفية الجهادية بأن تنخرط فى الحرب على طالبان حسب إستطاعة كل فصيل وظروفه الداخلية والتنظيمية وإستعداد حاضنته الإقليمية ، وهى تركيا للأغلبية العظمى ـ والأردن وقطر ثم السعودية، للباقين.

ــ داعش ـ وهى التيار السلفى الجهادى الأكثروضوحاً وصراحة ـ ساهم فى الحرب ضد المجاهدين الأفغان إلى جانب التحالف الأمريكى الذى شمل معظم العالم “المتحضر”وقطاعا من الإسلام السلفي (الذى يدعى أنه أغلبية أهل السنة)، وشمل جميع الإسلام الرسمي الخليجي ، والإخوان وفروعهم فى أفغانستان برموزهم الكبيرة من قادة (أحزاب الجهاد) ضد السوفييت .

 

 إشارات إلى حرب داعشية/ سلفية على أفغانستان :

فى المرحلة الجديدة من الحرب الأمريكية على الإمارة الإسلامية ـ نهضت باقى التنظيمات السلفية للإصطفاف ضد الأفغان وإمارتهم الإسلامية ـ ليس صراحة تحت الراية الأمريكية ، بل تحت راية الحرص على “العقيدة السلفية الصحيحة”. فأخذوا يطعنون فى عقائد الأفغان كما كانوا يفعلون أيام الجهاد السوفيتى. وطعنوا فى منهج الإمارة السياسى كما فعلوا فى زمن الملا عمر فى حكم الإمارة الأول .

ــ الدواعش زادوا من وتيرة وحشيتهم فى القتال ضد طالبان ـ بتأييد لوجستى من تركيا وباكستان، وتسليح أمريكى إسرائيلى ، وتمويل مشيخات النفط خاصة قطر، وصمت مطبق من السلفية الجهادية، بما يعنى موافقة مبطنة.

ــ قتال الدواعش ضد طالبان حاليا ، عبارة عن قطعة نموذجية للحروب الأمريكية /الإسرائيلية ضد المسلمين . وفيها تتصدر تكنولوجيا من الطراز الرفيع ، مع الوحشية (الداعشية) فى أفظع صورها ، مع دعم السلفية الجهادية لهم بالصمت عن فظائع داعش بما يعتبر تأييداً ضمنياً. ثم أتبعوا ذلك بالتسرب إلى الساحة الأفغانية للقتال ضد الإمارة الإسلامية. وذلك هو حديث الساعة حاليا بعد إشارات سلفية جهادية لافتة للنظر .. ومنذرة بخطر قادم .. والإشارات كانت:

 

الإشارة الأولى ــ هجرة إستفزازية :

بعد تحرير أفغانستان ، حاولت تنظيمات سلفية جهادية إرسال هجرات إستفزازية من مقاتليها إلى أفغانستان ، بدون التنسيق مع الإمارة ، أو مراعاة لتعقيدات موقف الإمارة داخليا وخارجيا. رفضت الإمارة ذلك التوريط على خلفية ما عانته من “جهاديين” مجهولى الحال فى مراحل سابقة . أدى ذلك الرفض إلى حملة تشنيع سلفي، فى أوساط أتباع عقيدة بيريز.

 

الإشارة الثانية ــ تبديل الحقائق من اليمن :

قيادي بارز فى “قاعدة” اليمن ـ يجاهد ضد الحوثيين ـ وليس ضد جيوش أعراب النفط ولا ضد التواجد العسكرى الإسرائيلى مع تلك الجيوش ، ولا ضد هيمنة اليهود على جزر اليمن من خلف القفاز الخليجى، ولا ضد سيطرة إسرائيل على مضيق المندب وموانئ حساسة فى شرق أفريقيا.

ــ المجاهد اليمنى، ساق عدة إدعاءات خطيرة، منها أن جهادهم ضد أمريكا كان بموافقة (الملا محمد عمر) . وهو إدعاء يتستر على جرائم عظمى إرتكبتها “القاعدة” وتستلزم محاكمة شرعية. جرائم أهمها  نقض بيعتهم لأمير المؤمنين الملا عمر، وعصيان أوامره بعدم القيام بأى عمليات خارجية قبل إستشارة الإمارة ، وعدم مهاجمة أمريكا (تحديدا) لخطورة رد فعل باكستان ضد الإمارة . ثم أخفوا حقيقة عصيانهم ونقضهم للبيعة حفاظا على سمعة التنظيم. رغم أنهم تسببوا فى دمار كبير للإمارة ولحركة طالبان ولشعب أفغانستان .

إعتراف قيادات (قاعدة الجهاد) بخطيئة عصيان أمير المؤمنين كفيل بتبرئة الإمارة ، وتحسين موقفها الأخلاقى دوليا ، وإحراج أمريكا وإحراق إدعاءاتها الكاذبة بتورط الإمارة فى الهجمات وهو ما تحاول القاعدة تأكيده  بالقول أن أمير المؤمنين وافق على طروحاتهم الصبيانية المراهقة عن (الجهاد العالمى!!) والحرب على أمريكا(!!). وجميعها عنتريات فارغة من أى محتوى .

لأن الجهاد العالمى الحقيقى هو تحرير جزيرة العرب، وإخراج إسرائيل وأمريكا ودول حلف الناتو الصليبى منها. وإنتزاع نفط جزيرة العرب ـ رأسمال المسلمين ـ من بين يدي شركاتهم. فالجهاد العالمى يظهر فى تلك النقطة تحديدا بواسطة تحالف القوى الجهادية فى العالم الإسلامى لتحرير جزيرة العرب واستخلاص ثرواتها من يد الكافرين والمرتدين.

ــ لقد أثبتت “القاعدة” أنانية وجحوداً، وخيانة لأمير المؤمنين الذى بايعوه على السمع والطاعة. ولكنهم سمعوا، ولم يطيعوا سوى جموحهم وغرورهم .

ــ إمتدت جرائم القاعدة والسلفية الجهادية، حتى وصلت إلى العراق، فاتلفت جهاد شعبه وحولته إلى مذابح أهلية طائفية على نحو ما أراد شيمون بيريز وعقيدته فى الدمج بين الصيهونية والسنة فى حرب طائفية ضد الشيعة.

إلى أن ورث جهاد العراقيين البغدادى بعد الزرقاوى . وإستمر الإحتلال الأمريكى إلى الآن، وربما إلى الأبد، لأن حرص السلفية على إبقاء الإحتلال يتوازى مع رغبتهم فى إفناء الشيعة.

ــ تجاوز القاعدة على حقوق أمير المؤمنين كانت سببا فى حرب طاحنة شنتها أمريكا على شعب أفغانستان لمدة عشرين عاما .

ويجادل بعض قادة القاعدة بأنهم قدموا مساندة عسكرية لحركة طالبان ، وهو إدعاء مغرور ، للتستر على جريمة تقديمهم المبرر للحرب الأمريكية على أفغانستان.وكأنهم يقولون بأنهم فى النهاية أصحاب فضل بتقديم الدعم للأفغان ضد جيوش إحتلال جلبتها القاعدة إلى أفغانستان!!.

 

الإشارة الثالثة ــ بيان الدكتور الظواهرى :

فى بيانه المصور الأخير شن الدكتور الظواهرى هجوما عنيفا على الأمم المتحدة وميثاقها ، وأن الإنضمام إليها مخالف لأحكام الشريعة.

من ناحية قانونية فإن ما أورده الظواهرى حول عيوب المنظمة وميثاقها وأسلوب عملها المضاد للشعوب عامة والمسلمين خاصة وللإسلام بالتحديد، هو كلام صحيح فى معظمه ، مع الحاجة إلى مناقشة من بعض النقاط التى لا تغير من تلك النتيجة شيئاً كثيراً.

نقطة الضعف فى طرح الدكتور الظواهرى هو إهماله التام للجوانب التطبيقية لأعمال تلك المنظمة ، وتعاطى الدول الكبرى معها، خاصة الدولة الأمريكية المهيمنة على العالم.

ودور تلك المؤسسة الآن ـ بعد إنهيار الاتحاد السوفيتى ـ والتبدل الكبير فى موازين القوة الدولية خاصة بظهور الصين كقوة عالمية ، وتفكك الترابط الأمريكى الأوروبى. وتفكك أوروبا نفسها إلى محاور غير متجانسة . ومشاكل أخرى كثيرة تواجه القارة العجوز . ثم محاولات روسيا إستعادة شئ من مكانتها الدولية المفقودة. والسيطرة اليهودية (ماليا) على الولايات المتحدة والعالم عبر شبكة بنوكها الدولية والمهيمنة على التجارة الدولية. ثم التراجع العقائدى الكبير فى العالم الاسلامى ، بإستثناء نمو كبير فى أفغانستان وماليزيا وإيران . وإلتحاق مشيخات الخليج والسعودية بالإمبراطورية الإسرائيلية. وحروب الإبادة ـ التى تشارك فيها السلفية الجهادية ـ ضد شعوب اليمن وسوريا والعراق وليبيا. وموقفها الإنتهازى من جهاد شعب أفغانستان وتأهبها للإنقلاب عليه بالتعاون مع تركيا ومشيخات النفط ، وتواطؤ الإسلاميين مع مشيخات النفط وتركيا وإسرائيل والحبشة على نيل مصر.

ــ وهناك عدد كبير من التغيرات الدولية التى تجعل الأمم المتحدة ليست هى نفس المنظمة التى نشأت فى الأربعينات. خاصة وأن أمريكا أعلنت مرارا أنها لن تترك الأمم المتحدة ترسم لها سياستها الخارجية. بمعنى أنها سوف تتصرف دوليا وفق ما تمليه مصالحها وليس ما ينص عليه ميثاق الأمم المتحدة. وبالفعل خاضت أمريكا حروبا بدون تفويض دولي كما حدث فى أفغانستان، ثم حصلت على التفويض بعد الغزو .

ولا تكاد توجد دولة فى العالم تطبق بإخلاص ذلك الميثاق المشبوه . فالدول القوية خاصة أمريكا ودول الإستعمار القديم فى أوروبا تفعل ما تشاء على قدر ما تسمح به قوتها وعلى قدر صفقاتها مع القوى الدولية الأخرى ، أو ضرباتهم تحت الحزام بالتآمر أو بحروب الوكالة .

 

الخطيئة المستحيلة :

من الإعتبارات الهامة هى أن الدكتور الظواهرى يستهدف بشكل غير مباشر محاولة الإمارة الإسلامية الإنضمام إلى الأمم المتحدة . وهو إحتمال بعيد المنال إلا أن تلبى الإمارة شروطاً أمريكية كثيرة وخطيرة ، لتعترف أمريكا بها ، وتسمح لها بالخروج من عزلتها الإقليمية والدولية، فتعترف بها الدول العربية وباكستان وتركيا وغيرها .

الشروط الأمريكية ملخصها أن تتنازل الإمارة عن جميع ثوابتها الدينية ، بل وتتنازل حتى عن إسمها(الإمارة الإسلامية) وتبحث لها عن إسم آخر!! . هذا وإلا فإن عدم الإعتراف بنظامها الإسلامى سيكون أخف الأضرار. والأهم سيكون التجويع والعزلة والتخريب الإقتصادى والإرهاب الداخلى والإغتيالات ، وفرض حرب أهلية أو عرقية على أفغانستان .

بغير هذا لن تعترف الولايات المتحدة بالإمارة الإسلامية ـ وبالتالى لن تُقْبَل فى الأمم المتحدة ، ولن يعترف بها العرب ولا الحركة السلفية العربية.

ــ يحتاج السلفيون قبل الإفتاء فى مسألة الإنضمام إلى الأمم المتحدة بوضعها الحالى، إدراك دور تلك المنظمة فى شئون العالم حاليا حتى تكون الفتوى شاملة لجميع الجوانب، وليست صادرة بناء على معلومات مبتورة ، أو رأى مسبق لتحقيق نتيجة مرسومة سلفا هى تكفير الإمارة وشن الحرب عليها ضمن المحور الأمريكى الإسرائيلى النفطى.

وهى نتيجة ذكرها أحد رموز الإفتاء فى السلفية الجهادية حين وصف محاولة دخول الإمارة الأولى إلى الأمم المتحدة ، قائلا: {إنها مؤسسة كفرية لا يمكن دخولها إلا بالتوقيع على تعهدات ومبادئ تناقض الإسلام وفى ذلك رضى بعمل من أعمال الكفر}. بمعنى أن إنضمام الإمارة إلى الأمم المحدة هو من أعمال الكفر.

ــ فهل الهدف هو تكفير الإمارة ؟. فشواهد كثيرة تقول أن السلفية الجهادية بمثل تلك الإشارات الخفية أو الصريحة ، تريد التشكيك فى شرعية حكم الإمارة ، بهدف إحداث إنشقاقات فى صفوفها على أسس دينية وإعتقادية ، وظهور دواعش بين طالبان ، أو إنضمام بعض طالبان الى الدواعش الذين أرسلتهم تركيا وباكستان، ويخوضون حربا ضد الإمارة الإسلامية حاليا .

سحب الشرعية الدينية من الإمارة الإسلامية وقائدها أمير المؤمنين هو هدف القطاع الأكبر من السلفية الجهادية العربية . لتبقى لهم الشرعية الدينية فى ساحات “العقيدة الصحيحة”، الممتدة من تركيا إلى مشيخات النفط وجزيرة الصهاينة.

ــ تكشف كلمة الدكتور الظواهرى خشية السلفية الجهادية العربية من ميثاق الأمم المتحدة الذى يغلق فى وجوههم الطريق إلى نصرة المسلمين من مختلف البلدان ، ويمنع جهادهم لتحرير بلاد المسلمين … حسب قوله .

والسؤال هو: جهاد ونصرة مثل ماذا ؟. مثل جهادكم فى سوريا؟. أم أفغانستان التى جلبتم لها الإحتلال الأمريكى؟. أم مثل تأسيس داعش فى العراق وسوريا؟. أم مشاركتكم الحماسية فى حرب إبادة شعب اليمن خشية عليه من أن يكون شيعياً زيدياً كما كان منذ عشرات العقود؟.

وتحرير بلاد المسلمين مثل ماذا ؟ . مثل تحرير السلفية الجهادية للشيشان ؟ أم البوسنة؟ أم ميانمار؟ أم كشمير وتركستان الشرقية؟.. ربما لتحرير شئ سقط من ذاكرتكم إسمه فلسطين؟.

ــ هل كل تلك الإنجازات الجهادية للسلفيين العرب يهددها إنضمام الإمارة للأمم المتحدة؟؟. وهو إحتمال أبعد من أى مَجَرَّة فى الفضاء .

أم أن المسألة هى التمهيد لعمل عدوانى سلفي، بدأ بالفعل بإرسال مقاتلين سلفيين إلى أفغانستان للقتال ضد طالبان والإمارة الإسلامية ، دعما لإخوانهم الدواعش الذين فقدوا توازنهم تحت وطأة ضربات طالبان ، رغم دعم طائرات “درون” الأمريكية لهم ، ورغم تمويل قطر والسعودية، وإسناد تركيا لهم بالمرتزقة من رواسب المهزلة “الجهادية” السلفية فى سوريا.

 

أضرار التعامل مع الأمم المتحدة :

وأخيراً : فمن وجهة نظر عملية ، وبناء على خبرات فى التعامل مع الأمم المتحدة خلال المرحلة الأولى من حكم الإمارة ، فإن من سلبيات وجود هيئاتها فى أفغانستان .. كانت:

ــ التجسس على الإمارة ، والرصد الدقيق لأحوال البلد ، وإختراق القبائل من كافة القوميات والمذاهب ، وعقد صداقات لإكتساب عملاء ومتعاونين .

ــ المنظمات الإغاثية كانت ستارا لأوسع أنشطة التجسس فى أفغانستان . ونتيجة لحالة الفقر فى  المجتمع إستطاعت تجنيد ما تشاء من عناصر.

ــ وكانت ستارا لإتصال أمريكا ودول الناتو مع أعداء الإمارة ، ونقل الأموال والمساعدات إليهم. والكثير من تلك المنظمات نقلت الأسلحة إلى أعداء الإمارة . وساعدت فى تهريب العناصر الخطرة المطلوبة أمنيا.

ــ برنامج الأمم المتحدة للسيطرة على المخدرات UNODC كان عاملا خطيرا فى توسيع مساحات الأرض المزروعة بالمخدرات . وستارا لعمل حكومات ودول غربية فى مجال نقل المخدرات من أفغانستان . والمعلومات الهائلة والدقيقة التى توفرت لذلك المشروع من مكاتبه المنتشرة فى أرجاء أفغانستان ، كانت معلومات إستخبارية وليست إغاثية ، واستفاد منها الإحتلال الأمريكى فى عملياته العسكرية وفى توسيع زراعة الأفيون ، ومعرفة كبار الزارعين فى أهم المناطق ، والتجار المتعاملين معهم .

ــ وبناء على التجارب السابقة يمكن الجزم بأن عمل هيئات الأمم المتحدة فى أفغانستان تترتب عليه أضرار جسيمة ، تفوق بكثير أى منافع قد تصل إلى الفقراء ومستحقى الإغاثة الإنسانية.

وفى نفس الوقت فإن غياب التواجد الأممى عن أرض افغانستان هو أكثر فائدة، ولا يؤثر بشئ فى مجهودات الإمارة لبناء دولتها بشكل أفضل، للإستغناء عن أى معونات خارجية ، بل وتصدير معونات من أفغانستان إلى الشعوب الإسلامية الفقيرة .

 

إلى الدكتور الظواهرى، وأخرين : ماذا حدث فى قندهار ؟؟.

أشياء كثيرة وكبيرة تتوقف على إجابات لبعض الأسئلة التى يمتلك الإجابة عنها كل من تنظيم “القاعدة” وعدد من التنظيمات الجهادية التى كانت فى أفغانستان قبل عدة أشهر من عمليات سبتمبر. إجابات “القاعدة” يتوقف عليها /على أقل الإحتمالات/ تصحيح النظرة إلى تلك الأحداث الجسام، والأحداث التى مازالت تترتب عليها.

 

إختصارا .. فالأسئلة هى :

1 ـ هل سمح “الملا محمد عمر” ـ أمير المؤمنين ـ لتنظيم “القاعدة” وأسامة بن لادن ـ بأن يوجه ضربة عسكرية للولايات المتحدة ، وخصوصا عملية 11سبتمبر التى مازالت تتفاعل نتائجها حتى الآن وتؤثر على حياة الأفغان وإمارتهم الإسلامية ؟؟.

وهل سمح أمير المؤمنين بأى عملية أخرى قامت بها القاعدة أثناء لجوئها إلى أفغانستان بعد طردها من السودان؟ ، مثل عمليات نيروبى ودار السلام، أو عملية المدمرة كول فى عدن ، وصولا إلى عمليات 11سبتمبر ؟.

ــ وإذا كان الملا عمر لم يسمح بإنفتاح بن لادن على الإعلام الدولى ــ ولكن بن لادن كعادته وقتها لم يبال بالمنع، وضرب بكلام أمير المؤمنين عرض الحائط ــ فكيف يطلب منه الأمير طلباً هائلاً مثل توجيه ضربة للولايات المتحدة؟ .

ــ وما حقيقة إجتماع أمير المؤمنين مع قيادات الجماعات الجهادية المقيمة فى أفغانستان قبل حادث سبتمبر(غزوة منهاتن)؟ . فقد إتخذ قراراً بتنظيم تواجدهم العسكرى تحت قيادة عسكرية واحدة حددها لهم ، ولم يعط القيادة للقاعدة .. فلماذا؟.

ــ ماذا دار فى ذلك الإجتماع؟ ـ وما هى رد فعل القاعدة عليه؟ـ وماذا كان دور الدكتور الظواهرى فى ذلك الاجتماع ورد فعله عليه؟ـ ولماذا لم يستعرضه بالتحليل فى كتاباته وخطاباته رغم ما ترتب على الإجتماع من أحداث هامة وتاريخية؟.

ــ ذكرت مصادركم الإعلامية أن أمير المؤمنين تأثر كثيراً بما لاقاه أهل فلسطين على يد اليهود فى المسجد الأقصى{أكتوبرعام 2000} بعد أن شاهد أفلاماً تسجيلية قدمتها القاعدة للإمارة. ومن ثم سمح لها بتوجيه ضربات إلى إسرائيل ـ وما ذكرتموه صحيح “تقريبا”ـ ولكن النصف الآخر للحقيقة كان طلب الملا عمر من القاعدة عدم توجيه ضربات للولايات المتحدة خوفا من رد فعل باكستان فى هذه الظروف. هذا الجزء من أوامر أمير المؤمنين تغاضت القاعدة عن ذكره ـ كما لم يذكره باقى قادة التنظيمات الجهادية ممن حضروا مؤتمر قندهار. ومنهم أسماء كبيرة للغاية ، بعضهم أسير أو شهيد، ولكن منهم أحياء فى بلاد ومواضع معروفة. فلماذا هذا التواطؤ بالصمت الذى يوقع أشد الأضرار بشعب أفغانستان؟. ولماذا هذا الإجماع طويل المدى على رذيلة الصمت القاتل ، بين جماعات لم تتفق يوما على شئ لأكثر من أيام أو ساعات؟. فالحركة السلفية الجهادية بدلا من أن تكون نصيرا للحق والحقيقة أصبحت تيارا (للساكتين عن الحق ـ المتعاهدين على كتمان الحقيقة).

ــ لقد أخفيتم جزء من الحقيقة ـ وللأسف كان هو الجزء الأهم ـ ورغم كثرة كتاباتكم وإطلالاتكم عبر”السحاب” ــ مركزكم الإعلامى ــ فإنكم لم تتطرقوا إلى ذكر كامل الحقيقة. فنشأت أجيال تعتقد أن ما تقولونه هو كل الحقيقة. بينما هو”الحقيقة مُعَدَّلَة”، إظهاراً وإخفاءأً . رفعاً إلى سابع سماء، أوخسفاً إلى سابع أرض، حسب الهوى والمصلحة الحزبية  ، أو حسب الخطأ والنسيان.

ثم غطيتم/ فى إعلامكم/ على الجوانب المظلمة بمبالغات كبيرة جدا حول أعمال إدعيتم القيام بها ، رغم أن بعضها لم يحدث فى الأساس، ولكن شُبِّه لكم أنها حدثت.

ــ سياسة إعلامكم الإنتقائى ، أثرت سلباً على شعب أفغانستان وإمارته الإسلامية . مثل قولكم وبإصرار عجيب، ومبالغة تنم على إحتراف للتهويل ، أن القاعدة شاركت / كتفاً إلى كتف/ مع حركة طالبان فى الجهاد ضد الأمريكيين، الذين قلتم مراراً أنكم إستدرجتوهم إلى أفغانستان لهزيمتهم هناك!! . نعم ، أحيانا شارك الآحاد منكم بجدية. ولكن هدف تجمعكم أينما تواجد، كان لرفع راية التنظيم وليس الإسلام ولا الإمارة. ولهذا طردتم من هناك ، وأكثر أفرادكم سلموا سلاحهم لطالبان بناء على طلب الإمارة.

ــ قال أحد مراجعكم التاريخية الحديثة أن أسامة بن لادن كان يتوقع حرباً طويلة قد تمتد عشرة أو عشرين سنة ؟. وهذه قدرة فائقة على التنبؤ بأثر رجعى . أو فلنقل أنها قدرة كبيرة على التخيل والمباهاة من جانب مؤلف النبؤة، وقدرة على السِبْق فى مجال تأليف التاريخ، طبقا لقاعدة تنظيم “القاعدة” فى تدوين التاريخ : ( ليس التاريخ هو ماحدث .. بل ما نكتب).

ــ تعرفون أن العدو الأمريكى يعتمد على غزوة منهاتن ـ وعلى “تواجدكم العسكرى!!” فى أفغانستان كى يفرض عزلة وعقوبات عليها ، مدعياً إحتمال تهديدكم ـ مستقبلا ـ لأمريكا و”أصدقائها” فى العالم .

ــ فإذا كنتم حريصين على شعب أفغانستان وإمارته الإسلامية فكان من الأولى منذ البداية أن تمتنعوا عن إشعال حرب على أرض بلد إستضافكم ــ لأنكم وحسب قولكم متفاخرين ــ صممتم على إستجلاب جيوش الغزو الأمريكى إلى أفغانستان، لتتمكنوا من هزيمته هناك. فهل تشاورتم فى ذلك مع أصحاب الأرض، وحاكم البلد الذى بايعتموه ؟؟.

ــ رغم أن الهدف المعلن للقاعدة فى البداية ــ إعلان تورا بورا ــ كان (إعلان الجهاد لإخراج المشركين من جزيرة العرب ). حتى خرجتم بنظرية ضرب أمريكا فى عقر دارها  لإضعافها فتضطر إلى الخروج من جزيرة العرب . والآن وبعد مرور عقدين من الزمن، قدم فيها الأفغان عشرات الآلاف من الشهداء ومئات الآلاف من الجرحى ، ودمار كامل للإقتصاد إلا من “المعونات الإنسانية” من بلاد الكفر وبلاد والنفاق . فما هو المشهد فى جزيرة العرب الآن؟.أما أنتم فمشغولون للغاية فى حرب لإخراج اليمنيين من جزيرة العرب . بينما شباب جزيرة العرب أصبحوا أسوأ حالاً من زملاء لهم تعلقوا بأذيال الطائرات الأمريكية الهاربة من كابل.

لقد إنحدر حال جزيرة لعرب وانسلخت عن أصولها ودينها ، ونبت فيها أفراخ الشياطين من أجيال ستحمل السلاح فى وجوهكم لو حاولتم العودة إلى شعاركم القديم بتحرير المقدسات. فالمقدس عندهم الآن هو دين الترفيه الداعر الذى جاء به “بن سلمان” ، وليس دين الإسلام الذى جاء به  رسول الله [صلى الله عليه وسلم].

فما هو حجم التواجد العسكرى للمشركين فى الأرض المقدسة ؟. لقد حافظتم على الدماء السعودية وأهدرتم دماء الأفغان، ومن بعدهم دماء اليمنيين. وتحت غطاء من دخان (جهادكم العالمى) إستشرى يهود إسرائيل فى جميع مدن المملكة ومشيخات الخليج . وحقنتم دماء اليهود فى الحرمين الشريفين ، وامتلأ الفراغ الدينى والأخلاقى بجماهير “الترفية” والدعارة والشذوذ ، وأنصار الموبقات من الجيل الجديد الذى نشأ فى الحجاز أثناء إنشغال جيوشكم بغزو أمريكا ومطاردتها وتحطيمها فى أرجاء المعمورة”!!”.

تأصلت الموبقات العلنية وشبه السرية فوق كامل التراب السعودى، حتى طالت المقدسات التى تحولت إلى ملكية خاصة لصاحب السمو . ولكم العذر، فقد إكتشفتم أن الزيود فى اليمن “روافض”، وأنهم إيرانيون وليسوا يمنيون. وهو مالم يكتشفة الأوائل ، إلى أن دلكم علية “قطب الدين بيريز” ، مجتهد السلفية الحديثة.

ــ الأخ الدكتور الظواهرى : إن حاضر المسلمين، وتاريخهم الذى عاصرتموه وكنتم ضمن صانعيه، يستغيث بكم . فربما كنت أنت القائد الوحيد فى القاعدة/ بعد إستشهاد أسامة بن لادن/ الذى يعرف ما حدث ، فقد كنت أحد شهود العيان عليه وضمن صانعيه.

فماذا حدث فى قندهار؟.. وماذا قال لكم أمير المؤمنين الملا محمد عمر ؟.

فلا تكتموا الحق وأنتم تعلمون .

 

بقلم  :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
المصدر:
مافا السياسي ( ادب المطاريد )

www.mafa.world

 

موقف السلفية العربية .. من الإمارة الإسلامية

 



ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا