دور العمل السياسي في حماية الإمارة الإسلامية

 

بقلم : مصطفي حامد – ابو الوليد المصري

مجلة الصمود الإسلامية | السنة السادسة عشرة – العدد 182 | شعبان المعظم 1442 ھ – مارس 2021 م .

29-03-2021

 

دور العمل السياسي في حماية الإمارة الإسلامية

– فى ظل ترويجهم لوهم إحلال السلام فى أفغانستان، ينفذ الأمريكيون برنامجاً، لكسب دول فى المنطقة لتنفيذ مشاريع: تقسيم أفغانستان، وتعديل حدودها الدولية، وإقتسام ثرواتها، وإستبعاد الإسلام والإمارة الإسلامية.

– تشهد ولاية بدخشان عدة مشاريع خطيرة تشرف عليها أمريكا وإسرائيل /وتتلاعب بالحدود الدولية/ بما يشكل تهديدا خطيرا على أفغانستان والدول المحيطة بولاية بدخشان.

– إسرائيل تحاول إستنساخ تجربة الحبشة في إغتصاب ماء النيل، واستئثار طاجيكستان بمياه نهر جيحون، رغما عن حقوق باقي الدول.

– أي مشروع إنفصالي هو إستمرار للعدوان العسكري وسوف يستمر الجهاد العسكري لإحباطه. ولا تنازل إطلاقا عن: إسلامية أفغانستان، وحدة أراضيها، وكامل سيادتها على كامل أراضيها، وسيطرتها على كامل ثرواتها الطبيعية من معادن وطاقة ومياه.

– جميع ثروات أفغانستان هي ملك لجميع شعب أفغانستان، ويستفاد منها وفق أحكام الشريعة. وأي إتفاقات عقدتها الحكومة العميلة غير ملزمة للإمارة. وسوف تعيد النظر فيها وتدرسها أجهزاتها المختصة بعد زوال الإحتلال.

– إرتباط الإمارة بمحيطها الإقليمي هو الأساس، لأن أمريكا، لن تتوقف عن إثارة المشاكل للإمارة حتى تحصل على كافة مطالبها.

 

بقلم  : مصطفي حامد – ابو الوليد المصري

 

تحميل مجلة الصمود عدد 182 : اضغط هنا

 

 

مشروع تقاسم أفغانستان:

ذلك هو جوهر التحرك السياسى الأمريكى الراهن. ومضت أمريكا بأقصى قوة فى ذلك البرنامج خلال الفترة التى تلت توقيع إتفاقية الدوحة.

والهدف هو(شراء) مواقف الدول الأساسية والمؤثرة فى مشكلة أفغانستان بتوزيع قدر من غنائم افغانستان على حسب أهمية الدور المطلوب من كل دولة. ويلاحظ أن جزءاً هاماً من الغنائم عبارة عن رشاوى إقتصادية، أو مشاريع استراتيجية عملاقة تتعلق بأطماع إسرائيل فى أفغانستان والمنطقة لتضعها تحت شبكة النفوذ اليهودى الإقتصادى والسياسى، وإنهاء أى دور إيجابى كان يمكن أن تقوم به أفغانستان بعد التحرير.

المشروعات المطروحة تركزعلى ربط وسطوجنوب آسيا مع تركيا، ثم إسرائيل عبرأفغانستان.

– وبشكل خاص خط السكة الحديد من نيودلهى إلى إسلام آباد، ثم كابل وصولا إلى تركيا. وهو يشكل إنقلابا عميقا فى الموازين الجيوسياسية للمنطقة، خاصة العلاقة بين الهند وباكستان، وبالتالى العلاقة بين الصين وباكستان.

– مشروع آخر لا يقل أهمية وهو سطو إسرائيل على مياه آسيا الوسطى، لإحياء (خط أنابيب السلام) الذى تكلم عنه بيريز منذ أكثر من ثلاثة عقود، لنقل المياه من أنهار سيحون وجيحون إلى إسرائيل عبر تركيا.

والمشروع يستدعى إنقلاباً آخر فى الموازين الجيوسياسية فى المنطقة. وهو إحتمال تغيير طاجيكستان للحدود مع أفغانستان لإغتصاب نصيبها من مياه نهر جيحون. والتلاعب بمشاريع رى مخادعة فى بدخشان تؤدى إلى خدمة نفس الهدف. أى تحويل أكبر قدر من مياه أفغانستان إلى طاجيكستان. وسيترب على المشروع الإسرائيلى أزمات خطيرة بين دول آسيا الوسطى. فإسرائيل تحاول إستنساخ تجربة الحبشة فى إغتصاب ماء النيل، واستئثار طاجيكستان بالمياه رغما عن حقوق باقى الدول، بما يهدد بحرب إقليمية، تصب لمصلحة إسرائيل وشركات السلاح والأمن والمرتزقة فى إسرائيل والولايات المتحدة. وتشهد ولاية بدخشان مشاريع خطيرة تشرف عليها أمريكا وإسرائيل/تتلاعب بالحدود الدولية/بما يشكل خطراً على أفغانستان والدول المحيطة بولاية بدخشان.

وعلى طول الحدود الباكستانية شهدت الحدود الأفغانية عمليات ضم جائرة للأراضى وأسوار عازلة منيعة تتنافى مع النوايا الطيبة وعلاقات حسن الجوار. وهى تعديلات لا يمكن النظر إليها الآن بمعزل عن المشروع الأمريكى/الإسرائيلى لتغيير التوازنات الجيوسياسية فى المنطقة، لمحو دور أفغانستان لصالح تواجد إمبراطورى لإسرائيل يربط المنطقة كلها بمشاريع عظمى تصب مكاسبها المالية فى إسرائيل والبنوك اليهودية.

الأزمة ستطال الصين التى تحاول أمريكا وإسرائيل حرمانها من منفذها البرى مع أفغانستان فى ممر واخان. وهو المنفذ المرشح ليكون طريقاً دولياً يستكمل طريق الحرير نحو شواطئ البحرالمتوسط عبر إيران والعراق والشام. إيران أيضا مرشحة للعزل برياً عن أفغانستان (المنقطعة بريا عن الصين)، وبالتالى ستحرم إيران أيضاً من فرصة الإتصال البرى مع الصين أى أن إيران ستكون فى قائمة ضحايا المشروع الأمريكى/ الإسرائيلى.وهى قائمة لاتضم حتى الآن سوى الصين والإمارة الإسلامية وإيران، وربما روسيا أيضا التى مازالت تراجع كشوفات المكسب والخسارة، فى حال شملت معها حسابات حديقتها الخلفية فى طاجيكستان.

فقد تفضل موسكو أن تكون مياه “خط أنابيب السلام” فى متناول يدهها عند التفاوض مع إسرائيل، التى ستخنقها إقتصاديا بورقة غاز البحر المتوسط والخليج.

إيران مرشحة لخسارة فى مكانتها الجيوسياسية. بهبوط مكانة مشروع ميناء تشبهارلعدة أسباب منها تحول تجارة أفغانستان البحرية لتعود إلى ميناء كراتشى فى باكستان، وفى ذلك توثيق لربط أفغانستان مع المحور الجديد الذى يربط باكستان والهند مع تركيا وإسرائيل فى طرق للسكة الحديد.

وفى الغالب ستبذل أمريكا وإسرائيل غاية الجهد لتمرير خطوط الطاقة (تابى) المتوقف عند الحدود الأفغانية التركمانية. لأن وصول ذلك الخط إلى باكستان والهند سيكون جائزة كبيرة لهما لقاء تعاونهما مع مشروع التغيير الجيوسياسى فى آسيا. لأن فى مشروع “تابى” أضرارا غير مباشرة ستصيب إيران والصين، وكلاهما خارج الخريطة الجديدة التى ترسمها واشنطن مع تل أبيب. كما أن “تابى” سيضع أفغانستان الضعيفة سياسيا وإداريا تحت وصاية لاترحم من شركات الطاقة المشرفة عليه، كما هو الحال فى الأماكن التى تعمل فيها إحتكارات النفط، حيث تشكل حكومة حقيقة بعيدا عن الأضواء.

الصين لا بد أن تكون فى حالة غليان من مشروع أمريكى/إسرائيلى/تركى، يجرى إعداده بالحديد والنار لحصار الصين بزرع كيان مسخ على حدودها فى (بدخشان)، التى قد تكون كياناً مستقلاً أو مرتبطاً بسلسلة ولايات شمال أفغانستان، فى دولة إنفصالية واحدة، وظيفتها عزل أفغانستان عن دول وسط آسيا ـ وعزل الصين برياً عن أفغانستان (وربما عن باكستان والهند أيضا)، بتمديد حدود بدخشان لترتكز حافتها الشرقية على حدود الهند فى مرتفعات سياتشين الجبلية / الجليدية. (وجليد يعنى ماء متجمد وهو ما تسعى إليه إسرائيل دوما حسب قانونها الإستعمارى: نحن فى الحالة الحرب نحتل المواقع الإستراتيجة، وفى وقت السلام نحتل مصادر المياه).وإسرائيل الآن فى حالة سلام وإستقرار فى مركز إمبراطوريتها فى الشرق الأوسط. لهذا تبحث عن المياه، من الحبشة إلى طاجيكستان وبدخشان والهند.

ليس من المستبعد أن يتم الإتفاق مع الهند كى تتنازل عن منطقة التماس مع الصين لصالح بدخشان والمشروع الإنفصالى خلفها. فتتخلص الهند من منطقة خطر وإزعاج دائم، وتتولى المشاكل الحدوية مع الصين دولة مسخ إنفصالية تدعمها إسرائيل وأمريكا. مع ملاحظة أن بدخشان لها تاريخ مع الدواعش، وبذلك قد تتحول حدود أفغانستان مع الصين إلى مسرح لحرب داعشية تنقل تجارب الشرق الأوسط وتجتذب مجموعات داعشية مسلحة تعانى من البطالة. إذا تحقق ذلك الحلم الإسرائيلى فلا روسيا ولا دول آسيا الوسطى، ولا أفغانستان، ستحظى بأمن أو سلام. وذلك يوفر أفضل الظروف لنجاح المشاريع الإسرائيلية. ولعلنا نتذكر هنا وعد أحد الصهاينة الأمريكيين فى الكونجرس الذى قال “سنحول أفغانستان إلى إسرائيل فى المنطقة.

 

 

حرب لإلغاء دور أفغانستان كدولة إسلامية :

أمريكا وإسرائيل تدفعان حرب أفغانستان فى إتجاه إلغاء أفغانستان كدولة إسلامية لها دورفى أى مجال آخر سوى زراعة المخدرات، واستخراج المعادن والخامات النادرة لصالح شركات الغرب وبنوك اليهود.

الصين هى المتضرر الأكبر من ذلك البرنامج. ومن المفروض أن تكون روسيا ضمن قائمة المتضررين. وكل ذلك يشير إلى أن العمل السياسي للإمارة فى حاجة إلى المزيد من المبادرات، لإيضاح أرضية تفاهم سياسية وإقتصادية واستراتيجية للتعامل مع الدول المحيطة.

بعد مجهد صعب، وضغوط من كل جانب، تمكنت الإمارة من التفاوض بقوة وإستقلالية. ويظل العمل السياسى للإمارة فى حاجة إلى تدعيم، وعقد تفاهمات إقليمية واضحة وقائمة على المصالح المتبادلة للعمل الثنائى، والإقليمى الجماعى. حتى لا تلجأ بعض تلك الدول إلى التعامل مع المشاريع الواضحة والمغرية التى يقدمها أعداء أفغانستان. فإرتباط الإمارة بمحيطها الإقليمى هو الأساس، لأن أمريكا، لن تتوقف عن إثارة المشاكل للإمارة حتى تحصل على كافة مطالبها. والحصار الإقتصادى هو أول الأسلحة الأمريكية ويصاحبة العمل الإرهابى والإخلال بالأمن وإثارة الفتن وتحركات الإنفصال.

وفى تلك الحالات الحرجة ولمواجهة سياسة التجويع، والأعمال التخريبية، ستكون الإمارة فى حاجة إلى علاقات ثابتة، وخريطة واضحة للمصالح المتبادلة مع دول الجوار والدول الكبرى فى الإقليم.

تحميل مجلة الصمود عدد 182 : اضغط هنا

 

أمريكا تمارس الفجور السياسى :

أى ضعف فى الأداء السياسى للإمارة قد يتيح للعدو فرصاً للنجاح فى مجالات خطيرة مثل :

– تحويل وضعه من محتل لأفغانستان إلى وسيط سلام بين المتحاربين الأفغان. هذا بينما قواته وقوات حلفائه ما زالت تحتل أفغانستان.

– فى ظل ترويجهم لوهم إحلال السلام فى أفغانستان، طرح الأمريكيون برنامجا ضخماً للرشاوى، لكسب الدول الأساسية فى المنطقة لتنفيذ مشاريع:تقسيم أفغانستان، وتعديل حدودها الدولية، وإقتسام ثرواتها، وإستبعاد الإسلام والإمارة الإسلامية.

تناسى العدو الأمريكى موضوع الإنسحاب المقرر له أول مايو2021، ودفعنا/على حين غفلة/ إلى دوامة من المبادرات والمؤتمرات والوساطات، والضغوط فى كل جانب من أجل:

– فرض”السلام” كما يفهمه المحتلون.. أى وقف الجهاد ضد الإحتلال والحكومة العميلة.

– تشكيل حكومة مشتركة مع نظام كابول. أو بمعنى أصح المشاركة فى النظام القائم، مع تغيير فى الوجوه، سواء وجوه عملاء كابل، أو إضافة وجوه يرتضيها المحتل، ثم يدعى أنها تمثل الإمارة.

ذلك الفجور السياسى الأمريكى يستدعى المزيد من الوضوح فى خريطة العلاقات والمصالح المتبادلة بين الإمارة الإسلامية والدول الأساسية فى الإقليم، بما يحفظ مصالح أفغانستان ويحقق الأمن والإزدهار والعدالة فى العلاقات داخل الإقليم، والإبتعاد به عن التدخلات الخارجيية من القوى المعتدية، أى أمريكا وحلف الناتو.

عدم إكتمال إستراتيجية سياسية شاملة، مع العدو والصديق، أتاح لأمريكا أخذ زمام المبادرة، فطرحت علناً المقترحات الفاجرة الآتية:

1 ـ وقف العمل الجهادى بدعوى إفساح المجال “للسلام”، أى لحكومة مشتركة تحت إشراف الإحتلال.

2 ـ إغلاق مكاتب الإمارة فى الخارج التى لم تأذن بها واشنطن، والمقامة بشكل غير رسمى فى دول لا تحظى برضى أمريكا.

 

خطة للنجاة سياسيا :

مازال الوقت متاحاً لتدارك تلك الأخطار قبل أن تخرج عن السيطرة، فتصبح الإمارة أسيرة لردود الأفعال مثل الريشة فى مهب الريح. وتضيع من بين أيديها أضخم إنجازات عسكرية فى تاريخ أفغانستان. وهناك مجموعة إجراءات ضرورية ينبغى إتخاذها.. ومنها:

– الاصرار على الإنسحاب الكامل لجميع القوات المحتلة لأفغانستان فى الموعد المحدد.

– الإعلان بأن العدو المحتل، والدول المشاركة فى العدوان، ليست دولا صديقة ولا وسيطة.

فالدول المشاركة فى الغزو: لا يمكن أن تكون وسيطا ـ ولا شريكا مستقبلياً إلا بعد فترة زمنية طويلة تثبت خلالها أن سلوكها العدوانى الغادر قد تغير ـ وقبل ذلك لا يمكن أن تكون مركزاً لمؤتمرات أو لمفاوضات من أى نوع، ويكون وفد الإمارة مشاركاً فيها.

– أى تعديل للحدود الدولية لأفغانستان هو عمل عدائى مرفوض ويهدد الأمن والإستقرار فى المنطقة، وسيتم التعامل معه وفق ما تقرره الإمارة.

– أى مشروع إنفصالى هو إستمرار للعدوان العسكرى وسوف يستمر الجهاد العسكرى لإحباطه. فلا تنازل إطلاقا عن: إسلامية أفغانستان ــ وحدة أراضيها ــ وكامل سيادتها على كامل أراضيها ــ وسيطرتها على كامل ثرواتها الطبيعية من معادن وطاقة ومياه.

– جميع ثروات أفغانستان هى ملك لجميع شعب أفغانستان ويستفاد منها وفق أحكام الشريعة. وأى إتفاقات عقدتها الحكومة العميلة غير ملزمة للإمارة. وسوف تعيد النظر فيها وتدرسها أجهزاتها المختصة بعد زوال الإحتلال.

يشير العرض السابق بكل وضوح إلى أهمية زيادة عنصر المبادرة والإقتحام الشجاع للجهاز السياسى من أجل التقدم بقضية الإسلام فى أفغانستان، وحماية الإمارة الإسلامية. والسبيل الوحيد لتحقيق ذلك هو تحرير العمل السياسى من أى ضغوط خارجية، وتوفير كامل الإستقلالية لعمله في اي مكان.

 

 

تحميل مجلة الصمود عدد 182 : اضغط هنا

بقلم  :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
المصدر:
مافا السياسي ( ادب المطاريد )

www.mafa.world