الرد المفقود من تسريبات أبوت آباد (مقدمة)

0

الرد المفقود من تسريبات أبوت آباد (مقدمة)

موقع”مافا السياسي” ينشر الرسالة الجوابية التى كتبها مصطفى حامد

ردا على رسالة “أبو الخير ومجلس شورى القاعدة” فى صيف عام 2009

 

نبدأ اولا بنشر النص الأصلى لرسالة الأخ أبو الخير (أبو جهاد) ـ رحمه الله ـ كما هى فى أوراقى، ولم أقارنه مع النص المنشور فى الموقع الأمريكى الذى نشر تسريبات من أوراق أسامة بن لادن التى إستولوا عليها من منزله فى ” أبوت آباد”.

يتبع ذلك نشر ردى كاملا على تلك الرسالة  . وهو الرد الذى إختفى بطريقة غامضة من الموقع الأمريكى. وكان من المفترض أن يكون مرفقا بالرسالة ، ولكن لم ينشر منه شئ ، كاملا أو منقوصا ، لا فى تسريبات أبوت آباد ولا فى أى موقع آخر .

سوف يأتى ذلك الرد على سبع حلقات ، مع عناوين فرعية لكل حلقة، تشير إلى أهم النقاط التى تحتويها.

مع ملاحظة أن رسالة أبو الخير مؤرخة فى أغسطس 2009 ، وأن ردى عليها جاء مباشرة وقريبا من ذلك التاريخ .

 

تحميل ملف المقدمة ( PDF ) علي الرابط التالي:

https://goo.gl/CdczJp

 

بقلم :

مصطفي حامد – ابو الوليد المصري

المصدر:

مافا السياسي (ادب المطاريد)

www.mafa.world

 

نص رسالة أبو الخير

بسم الله الرحمن الرحيم

الأخ الكريم الأستاذ الفاضل مصطفى حامد حفظه الله ورعاه

السلام عليكم رحمة الله وبركاته.

نسأل الله تعالى أن تكونوا على خير حال في الدين والدنيا.

نحن بخير ولله الحمد والمنة، ونسأل الله أن يجمعنا وإياكم على خير حال في الدنيا والآخرة.

أخي الكريم:

لقد اطلعت ومجموعة من الأخوة -الذين تعرفهم ويعرفونك وتثق بهم وعايشتهم سنوات طويلة في ساحات القتال ومعامع المعارك وغبار السير في سبيل الله- على بعض ما نشر باسمكم  من كتب ومقالات عن الجهاد والمجاهدين في أفغانستان، وبالذات ما جاء في كتابي (صليب في سماء قندهار) و (حرب المطاريد).

وقد لفت انتباهنا بعض ما تضمنته تلك المنشورات، وبالأخص ما احتواه كتاب (صليب في سماء قندهار) من أمور تستحق التوقف عندها، فالكتاب إلى جانب بعض ما ذكر من الحقائق الصحيحة، فقد ضم أمورا أخرى لا صلة لها بالواقع، وليست لها أية علاقة بالحقيقة!!

وأنا ومن باب النصح الأخوي العام الذي هو حق للمؤمن على أخيه المؤمن، وبحكم علاقة الأخوة الخاصة التي ربطتني بك سنوات في أرض الجهاد، ومن باب بيان الحقيقة للجميع وتوثيقها، رأيت من الواجب علي أن أنقل لك تعليقاتي وتعليقات الإخوة على بعض تلك الأمور التي  تضمنها الكتاب، والتي تخالف الحقائق التي كنت وإياك وهم شاهدين عليها أكثر مع غيرنا من الإخوة الذين لا زالو على قيد الحياة!!

وأرجو أن يتسع لي صدرك، فأنت من مزاياك المعروفة جرأتك في النقد وحدتك فيه أحيانا، ومن منح نفسه هذا الحق، فلن يبخل به على إخوانه.

وسوف أحاول أن يكون تعليقي على بعض ما تضمنه الكتاب متمثلا في نماذج من الحقائق والوقائع التي عشتها أو أكثرها معك، وعاشها معنا إخوة كثيرون هم محل ثقتي وثقتك، ولا زالو على قيد الحياة ولله الحمد.

وقبل الشروع في صلب الموضوع أريد أن أؤكد على حقيقتين مهمتين:

– وهي أنني كنت إلى غاية قراءتي للكتاب فبل شهرين أعتقد أن الأستاذ مصطفى حامد لا يقول ولا يكتب إلا ما يعتقد هو على الأقل أنه الحقيقة، وكانت مشكلته مع بعض أصدقائه هي طريقة نشره للحقيقة، وليست عدم صدقه في نقله لها.

ولعلك تتذكر أنني قد أرسلت لك من قبل واقترحت عليك تأجيل نشر بعض الحقائق أيام (هاشم المكي) لأني أرى أن الوقت ليس مناسبا لنشرها في تلك الظروف، والمستفيد من نشرها يومئذ هم الخصوم والأعداء في رأيي، ولم أختلف معك يومها أن كثير منها حقائق .

ولكني بعد قراءة الكتب الأخيرة وخاصة (صليب في سماء قندهار) إهتزت قناعتي السابقة، واكتشفت أن حجم تشويه الحقائق الموجود في الكتاب يصعب تفسيره أو تبريره أو إيجاد مخرج لائق له!!

وكان من الصعب علي أن أقف وبقية الأخوة صامتين بينما تذبح الحقيقة ويزور التاريخ من أجل أهداف اعرف أنك أول من يكفر بها.

وهذا الأمر جعلني أشك في نسبة الكتاب إليك حقيقة، فأنا أستبعد صدور مثل هذه الأمور عن شخصك الكريم.

ولذلك فأنا في هذا التعليق أنسب الأقوال للكتاب وليس لك شخصيا ( مع أنني سأذكر كلامي بصيغة المشار إليه وهو أنت لكونه صدر باسمك الكريم)، لأنني أستبعد أن تكون أنت الذي كتبت هذه الأمور المنكرة

ومهما يكن فسوف تبقى لك شيخنا الكريم مكانتك ومنزلتك وسابقتك في الجهاد محفوظة عندي وعند الله وعند الناس إن شاء الله.

– لا أشك أن الكتاب هو كتابٌ نقدي ينقد مرحلةً من المراحل بما فيها من إيجابيات وسلبيات، ولكن من المعلوم عند النَّقاد المنصفين أن النقد لا يكون بصيغة الهدم المطلق، والتحقير والتسفيه والإتهام المباشر للبعض إلى حدٍ وصل أحياناً إلى التخوين، وكل ذلك بلا دليلٍ ولا برهان، مما يوحي للقارئ أن هناك معركة لا زالت نارها تشتعل بين جنبي الكاتب مع بعض من عاصروه وعايشوه وقد وجد الفرصة المناسبة من خلال قلمه لتصفية الحساب بينه وبينهم دون النظر إلى ما يؤديه ذلك من نتائج سلبية قاتلة -هذا فيما لو كانت الاتهامات صحيحة فكيف وهي مشكوك بها ولا دليل عليها.

– واضح أن الكاتب آذاه ما وصل إليه الحال بعد الأحداث وكأنه يريد النجاح حليفه وحليف من معه دائماً وكأنه لا يعلم أن هناك أخطاء وابتلاءات وتمحيص وتنقية واختار ليميز الله الخبيث من الطيب، ولأنني والأخوة نعرفك جيداً ونعرف صدقك لقلنا أن أبا الوليد ينتقم بكلامه ممن أدخله بهذه الورطة مع أنه (أبا الوليد) كان من أكبر وأكثر المدافعين والمؤيدين له ينتقده اليوم ويهاجمه ويتهمه، بل كان مستشاره السياسي بجدارة.

 

أخي الكريم

وقبل الدخول في في تفاصيل التعليق، وذكر الأمثلة أريد أن أذكر بعض الملاحظات العامة على الكتاب.

الملاحظة الأولى : هي  أن القارئ للكتاب من أوله إلى آخره يدرك بسهولة  أن الكتاب في جوهره هو هجوم كاسح  – بسبب وبدون سبب- على أهم شرائح المجاهدين، وفي مقدمتهم المجاهدون الذين تصفهم (بالسلفية) وتمثلهم من وجهة نظرك (القاعدة وأميرها الشيخ أسامة)، ومن على شاكلتهم من المجاهدين في الشيشان أو البوسنة…..الخ.

كما نالت حركة طالبان نصيبا مقدرا من هذا الهجوم.

ولم يسلم من هذا الهجوم الكاسح إلا قلة من الأخوة الأوزبك والطاجيك، الذين شفعت لهم علاقتهم بك وبالجمهورية الاسلامية  على ما يبدو، فسلموا من هذا الهجوم الكاسح، بل نالوا نصيبا وافرا من الإطراء والمديح!!

وما تضمنه الكتاب من أمور أخرى هي في الحقيقة سيقت لخدمة هذا الهدف.

وفي الوقت الذي اقر لك بحق النقد البناء، إلا أنني أرى أن نقدك للمجاهدين وقياداتهم لم يكن موضوعيا ولا متوازنا، بل كان ظالما متحيزا، فقد ظلمتهم حين اتهمتهم تهما باطلة لم تكلف نفسك عناء محاولة إثباتها،وظلمتهم مرة أخرى حين لم تذكر لهم حسناتهم  وتضحياتهم بما يتناسب مع حجمها، مع أنك مطلع عليها بدقة.

وسوف تأتي معنا أمثلة تفصيلية لهذا الكلام.

وفي المقابل ففي الوقت الذي حملت تيار أصحاب (العقيدة الصحيحة) على حد تعبيرك مسئولية التآمر على الجهاد والمجاهدين، والكوارث التي حلت به، لم تحمل أصحاب (العقيدة الفاسدة) مسئولية ما قاموا به من دور مكشوف كانوا ولا زالوا يفاخرون به في التآمر على الجهاد وخيانة المجاهدين، وأنت مطلع عليها بالكامل!!

فهل هذا من الإنصاف والعدل أخي الكريم؟

الملاحظة الثانية: أن الكتاب في سبيل خدمة فكرته المتمثلة في هدم هذا التيار الجهادي الذي سبق الحديث عنه وفكره، وتحميله مسئولية ماقام به وما لم يقم به، حشد كما هائلا من التهم التي ما أنزل الله بها من سلطان.

وهذا ماسنراه من خلال النماذج والأمثلة التي سنذكرها فيما يلى:

المثال الأول: حول عمليات 11 سبتمبر

تكلم الكتاب على عمليات سبتمبر من عدة نواح  وقد جاء كلامه في معظمه مخالفا للحقيقة، مليئا بالمغالطات.

فمن حيث الجهة التي قامت بالعمليات، تبنى الكتاب وجهة نظر غريبة عجيبة، فهو تارة يشكك في كون تنظيم القاعدة هو الذي قام بها، فيقول مثلا ” ولو صحت الادعاءات الأمريكية أن بن لادن نجم جلال أباد يقف وراء تدمير مباني مركز التجارة الدولي….” (الصليب  ص 46)

وتارة يعترف بحقيقة أن القاعدة هي التي قامت بالعمليات، ولكنه يحرص على أن يسلبها أي شرف في ذلك، فيدعي أن المخبرات الأمريكية هي التي استدرجتها للعمليات وسهلت مهمتها في القيام بها!!!

يقول الكتاب بالحرف: ” ولكن النظرية التى يتبناها الكاتب هى أن أمريكا كانت تجهز لعملية ” عاصفة الطائرات ” منذ عام 1997 م،وتستدرج إليها تنظيم القاعدة عبر إختراق أمنى للتنظيم بعناصر تعيش فى اوروبا و باكستان.”

وتارة يتنفل فيضيف دورا آخر في العمليات للموساد الإسرائيلي!!

(انظر ص311 من كتاب صليب في سماء قندهار.)

وتارة أخرى يرى أن الدور الأمريكي في العمليات كان مقتصرا على عدم إيقافها مع العلم بها!

 

تحميل ملف المقدمة ( PDF ) علي الرابط التالي:

https://goo.gl/CdczJp

 

اقرأ معي كل ذلك في النص التالي:

يقول الكتاب: “…وفى عاصفة الطائرات العربية ( 2001 م). دلائل كثيرة تشير إلى معرفة جهات أمنية أمريكية بعملية ” عاصفة الطائرات ” قبل تنفيذها. وأن تحذيرات عديدة وصلت إلى المسئولين الأمريكين على أعلى مستوى، وقد تم تجاهلها جميعًا.”

لاحظ أنه في هذا النص يثبت مجرد علم الأمريكان بالعمليات، وفي النص الذي قبله يثبت أنهم هم الذين كانو(يجهزون للعمليات)!! وتارة أخرى يرى أن الدور الأمريكي تجاوز مرحلة تجاهل التحذيرات إلى مرحلة تسهيل المهمة. تابع معي قول الكتاب:

“بل الأدهى من ذلك دلائل على أن هذه العملية قد تم إفساح الطريق لمنفذيها وتسهيل إنجازهم لها.

“الإجراء الوحيد الذى تم إتخاذه أمريكيا هو عدم ذهاب الموظفين اليهود يومها – وعددهم أربعة آلاف – إلى عملهم فى أبراج التجارة كما لم يذهب زملاؤهم اليهود إلى أعمالهم فى البنتاجون الذى صدمته طائرة أخرى، حسب إدعاء السلطات الأمريكية.

“إذن ماحدث فى 11 سبتمبر 2001 م، كان ببساطة مؤامرة حاكتها الإدارة الأمريكية على شعبها لأجل إستدراجه لتأييد مشروعها الإمبريالى “وتهويلاتها العسكرية” التى تغير بها الحقائق السياسية فى العالم. “والأعجب أنها إستدرجت وسهلت العمل لمنظمة ” إرهابية دولية” كي تدمر منشآت وتقتل مواطنين، مفروض على تلك الحكومة أن تحميهم.

هذا ما حدث لتبرير “الحرب العالمية على الإرهاب (الإسلام) ” والتى بدأت بالحرب على أفغانستان.

” وكما كانت “تهمة” حيازة أسلحة دمار شامل، تهمة جامعة بين أفغانستان ثم العراق لتبرير الحرب. نذكر بأن تهمة “الإرهاب” كانت أيضًا تهمة مشتركة، فالقاعدة ضبطت متلبسة بالجريمة التى أعدتها لها الحكومة الأمريكية وسهلت لها القيام بها بأيسر وأتم صورة.

“وإذا كان صدام حسين قد مارس إرهاب الدولة بعيون مفتوحة وإتفاق واضح مع الولايات المتحدة- فإن القاعدة مارست ” إرهاب التنظيم الدولى” بعيون مغلقة، وبإستدراج أمريكى كامل.”

(النصوص السابقة منقولة من كتاب صليب في سماء قندهار ص 280 وما بعدها)

إنه لعجب أن يتبنى كتاب يتحدث عن موضوع بهذه الدرجة من الأهمية هذه النظرية الغريبة التي تخالف رواية من قاموا بالعمليات، ومن كانوا هدفا لها، ومن كانوا شهودا عليها!!

والكتاب يبني على نظريته هذه أمورا واستنتاجات مهمة، فهو يرى أن الأمريكيين لم يردوا على تدمير مدمرتهم (كول) في عدن لأن ذلك لو تم قبل عاصفة الطائرات التي يخططون لها مع القاعدة سيلغي المخطط الأمريكي في حربه على الأرهاب  حسب زعم الكتاب.

جاء في الكتاب ما نصه: ” وكان توجيه ضربة قوية للقاعدة قبل تنفيذ “عاصفة الطائرات “، إنتقاما لضرب المدمرة كول، كان سيلغى المخطط الأمريكى في شن حرب عالمية على الإسلام بدعوى” مكافحة الإرهاب الإسلامى “. لذا مرت عملية كول بلاعقاب).” (الصليب ص181)

وأنا لن اعقب طبعا على هذا الكلام، الذي لا شك أنك تعرف جيدا أنه غير صحيح، ولكني أسأل سؤالا وهو : إذا كانت أمريكا قد استدرجت القاعدة منذ سنة 1997 لعاصفة الطائرات حسب زعم الكتاب، ولم تضرب القاعدة بعد ضرب المدمرة كول حتى لا تفوت فرصة شن حرب شاملة على الإرهاب كما يزعم الكتاب، فلماذا شنت عاصفة صواريخ كروز سنة 1998 على أفغانستان والسودان وهو تاريخ بعد سنة من بدء تحضيرها المفترض لعاصفة الطائرات  واستدراج القاعدة إليها؟!!

لماذا لم تسكت على ضرب سفارتيها في شرق إفريقيا حتى لا تفوت الفرصة الثمينة التي كانت بدأت تستدرج القاعدة لتهيئتها؟

لقد تبنى الكتاب وجهة نظر المخابرات الإيرانية تماما، وهي نظرية  يعرف الكاتب قبل غيرها أنها نظرية أقل مساوئها تعمدها اختلاق الاكاذيب وترويجها، مدفوعة بالحقد الطائفي والسياسي.

وإذا انتقلنا قليلا إلى كتاب (حرب المطاريد) وفي جانب آخر يتعلق بأحداث سبتمبر نجد الكتاب يناقض نفسه في أكثر من موضع، فالكتاب عند حديثه عن معاملة العدو في الحرب يروج لمبدأ وجوب معاملة العدو بالمثل، واستخدام أسلحة تدميرية تفوق قدرته على التحمل.

ومما جاء في الكتاب بنصه” العين بالعين والسن بالسن والبادي أظلم”

“لقد أخطأ المسلون كثيرا عندما أهملوا ذلك القانون البسيط رغم كونه بديهيا” (المطاريد ص60)

“لن يتوقف برنامج الدمار هذا ما لم نواجه العدو بضربات تدميرية تفوق قدرته على التحمل” (المطاريد 84)

“إن امتلاك قوات المطاريد لقدرات رادعة من أسلحة متطورة اشد فتكا أضحى ضرورة ومسألة حياة او موت”  (المطاريد 84)

هذا كلام الكتاب على أهمية امتلاك المطاريد لأسلحة فتاكة ذات قدرة تدميرية تفوق تحمل العدو.

ونحن نؤيده في الجملة، ولكن الكتاب عندما علق على أحداث سبتمبر ناقض نفسه عندما قال : ” ليس من الرحمة أيضا قتل النساء والأطفال وغير المحاربين عموما” ( المطاريد ص59)

وعند تعليقه على احداث سبتمبر أشار إلى نقطة ضعف خطيرة في المسار الأخلاقي والشرعي في الأحداث ( انظر المطاريد ص77)

ونحن نتساءل  هل يمكن أن نستخدم الأسلحة الفتاكه التي تكلم عنها الكتاب أعلاه آخذين بمبدأ ” العين بالعين والسن بالسن والبادي أظلم” دون أن تكون هنالك ضحايا من جنس ضحايا البنتاجون وأبراج التجارة في 11 سبتمبر؟

وهل  إذا أخذنا بمنطق (العين بالعين والسن بالسن والبادي أظلم) الذي أكد الكتاب على ضرورة الأخذ به نبقى مع ذلك في هذا ( الحرج الأخلاقي والشرعي) ؟!

وإذا كان الكتاب يرى أن قتل غير المقاتلين فيه حرج شرعي وأخلاقي فهل شعر بهذا الحرج عند قصف حزب الله لبنان المدن اليهودية في فلسطين؟

طبعا لم يشعر به بل أشاد بذلك العمل، كحال كل منصف ينظر بموضوعية وعدل للأمور.

وليته نظر بعين الإنصاف والعدل ذاتها إلى عمليات سبتمبر، فالعدالة لا تتجزأ، والخلاف مع جهة ما لا يجوز أن يكون مسوغا للجور في تقييم أعمالها.

المثال الثاني: كيل الاتهامات جزافا للقاعدة والشيخ أسامة

لقد شحن الكتاب من أوله إلى آخره بالتهم الموجهة دون حساب لتنظيم القاعدة للشيخ أسامة دون أن يكلف نفسه البحث عن الدليل على صحة تلك التهم، التي لا يصدق أكثرها الأعداء فضلا عن غيرهم.

ومن هذه التهم على سبيل المثال:

– أن الشيخ أسامة بن لادن يعمل بتوجيه من المخابرات الأمريكية، وأن أمريكا هي التي اختارته للعب الدور الذي حددته له حتى تحقق من وراء ذلك ما تريد من أهداف!!

فعند كلام الكتاب عن اختيار الأمريكيين لعدوهم قال : ” لم يكن من وجهة نظرهم أفضل من بن لادن، فقد خبروا إمكاناته العملية والفكرية، وقدراته التنظيمية. لقد أختاروه عن وعى كى يلعب أمامهم دور العدو الإسلامى الإرهابى الشرس.

“فالعدو المعلوم إمكاناته خير من عدو مجهول المنشأ والقدرات والفكر، وذلك أمر محتم ظهورة بحكم أن أمه كأمة الإسلام لايمكن أن تستسلم لمثل هذا المخطط بدون إبداء مقاومة شرسة. والأفضل إذن بحكم المنطق والعقل، أن يختار المرء عدوة، أو من يلعب أمامه ذلك الدور.” (الصليب ص50)

وأنا أسألك أخي الكريم هل كنت على علم بهذه الحقيقة الخطيرة عندما كنت تعمل مع الشيخ أسامة بن لادن مستشارا مقربا وتلعب معه هذا الدور المحدد لكم من قبل أمريكا أم اكتشفت هذه الحقيقة  بعد أن أنهيت المهمة التي أنيطت بك من قبل الأمريكان؟

إن اتهاما بهذا الحجم كان يتطلب من صاحبه أن يقدم عليه ما يثبته من الادلة وإلاَّ فإنه شريكٌ فيه. ونحن في الحقيقة لا ندري إذا طلب من أعدى أعداء الأمة أن يطعن في مجاهد كالشيخ اسامة ماذا يستطيع أن يقول أسوأ من هذا؟[1]

كان لديك العديد من الأمور التي يمكن أن تنتقد بها (صديقك الشخصي) الشيخ أسامة، غير هذا الادعاء الباطل.

– ومما هوعلى هذه الشاكلة ما جاء في الكتاب حول سعي أمريكا لمنع مغادرة الشيخ أسامة لأفغانستان، فقد جاء في الكتاب ما نصه: “(ذكرنا أن ضعيف كان مطلعا على ضغوط أمريكا على طالبان لمنع بن لادن من مغادرة أفغانستان،وقد أوشك بن لادن أن يغادر ولم تكن الإمارة لتعارض، لكن ذلك كان سيعرقل خطة الغزو لذا عارضته أمريكا،ثم إعتقلت ضعيف حتى لايفشى السر الذى يظهر أن قرار الغزو كان سابقا على أحداث سبتمبر).(الصليب ص194)

إذا كانت أمريكا قد ضغطت على طالبان لمنع خروج بن لادن من أفغانستان، فلماذا لم تعلن طالبان هذه الحقيقة أمام العالم لترفع عن نفسها الضغوط التي وقعت عليها  بسبب إيوائها للشيخ؟ فلماذا لم تقل طالبان إن الشيخ اسامة يريد مغادرة أفغانستان باختياره، وإن أمريكا هي التي طلبت منا منعه من ذلك؟

أم أن طالبان متورطة هي الأخرى في هذا المخطط الخبيث الذي تحيك خيوطة المخابرات الأمريكية واليهودية مع قيادات المجاهدين؟

وهل كان هذا الموضوع سرا بين الأمريكان والملا ضعيف، وليس لقيادات طالبان علم به؟

أليس الملا ضعيف سفيرا للإمارة الإسلامية يطلعها على اتصالات الأمريكيين المزعومة به؟

وكيف كان الأمريكيون يتوقعون تلبية طلبهم من الإمارة في الوقت الذي كان هذا الطلب سرا بينهم وبين الملا ضعيف في إسلام أباد؟

أم أن السفير كان يستطيع القيام بالمهمة من مقر السفارة ودون علم الملا عمر؟ شيئ عجيب!!

نحن كنا وإياك خلال هذه المدة في أفغانستان، فهل يمكن أن تتفضل فتذكر لنا البلد التي كانت على وشك استقبال الشيخ عند مغادرته لأفغانستان ؟

نحن وإياك نعلم أنه لو كان هنالك مكان يمكن أن يخرج إليه الشيخ لخرج، ليرفع الحرج عن الطالبان من جهة، ويرفع القيود التي كانت على عمله من جهة ثانية.

– ومن التهم الأشد غرابة مما هو على هذه الشاكلة زعم الكتاب أن أمريكا كانت على وشك قتل الملا عمر، في الليلة الأولى من ليالي الحرب على أفغانستان، وأنها ألغت المهمة في آخر لحظة حرصا على سلامة الشيخ بن لادن الذي كان موجودا في المكان!!

لقد جاء في الكتاب: ” والسؤال الهام هنا: لماذا ضيعت أمريكا الفرصة النادرة لإنهاء الحرب.. وقتل الملا عمر داخل المسجد، فى الضربة الجوية الأولى؟.

“وهل كان لوجود بن لادن قريبًا من مجمع الإمارة.. وإحتمال أن يصادف تواجده هناك، تهاطل الصواريخ على المسجد والمجمع.. هل كان لذلك أثر فى إلغاء قرار قصف مقر الملا عمر وقتله؟.

“إذا كان ذلك صحيحًا: ألا يتناقض مع الإدعاء الأمريكى بأن بن لادن هو الخطر الأكبر الذى يواجه أمريكا فى العالم، وأنه سبب الحرب علي أفغانستان ؟

.” ألم تكن الفرصة مواتية لأن تنتهى أمريكا من أكبر خطرين يواجهانها فى أفغانستان.. بواسطة صاروخ واحد.. بينما الطائرات الأمريكية فى السماء تحمل فى بطنها عشرات الصواريخ الموجهه، وأجهزة التجسس الأرضى الحديثة والمتطورة تمدها بالمعلومات عبر الأقمار الصناعية.

“ألا يشير هذا الحادث بوضوح إلى وجود جواسيس للأمريكان ضمن الدائرة القريبة من بن لادن والملا عمر، على إتصال بالأقمار الصناعية الأمريكية بواسطة أجهزة متقدمة، لرصد تحرك الرجلين؟.

“[ من المحتمل أن تكون أمريكا قد ضحت برجلها الذى يراقب ويرافق الملا عمر، والذى قتل غالبًا فى السيارة المنتظرة أمام المسجد، لأنه منذ ذلك الوقت لم تسجل ضده محاولات مشابهة وحتى خروجه من قندهار].

“وطبقًا لنفس التحليل، على إفتراض صحته، فإن رجل أمريكا المرافق لإبن لادن، كانت مهمته دومًا تحديد موقعه حتى يتجنب الطيران قصفه، حفاظًا على سلامته.

” ولماذا هذا الإصرار العجيب والإستعجال فى قتل الملا عمر فى ثلاث محاولات متتابعة للإغتيال الجوى.. بينما لم تسجل ولا محاولة واحدة ضد بن لادن طوال مدة الحرب؟.

“وهل أن بن لادن يمثل حالة إستعصاء أمنى.. أم أنه يمثل لأمريكا ضرورة سياسية توفر لها ذرائع لسياسات يصعب قبولها دوليَا؟.” (الصليب ص225)

وظهور بطلان هذا الادعاء يغني عن الرد عليه.

ولكن مع ذلك سوف أتركك أنت ترد عليه في موضع آخر من كتابك، حيث تقول في معرض حديثك عن جنون التكنولجيا الأمريكية واستخدامها غير المسبوق في ملاحقة بن لادن ومحاولة قتله: “فكانت تقوم قاذفات (بى/ 2)الشبح التى لا يرصدها الرادار، بمطاردة مجموعة من المقاتلين الأفغان لا تزيد عن.( خمسة أفراد!! ثم تدعمها فى تلك المهمة “المعقدة” طائرة (إف- 16)  أو أن تقوم طائرات التجسس بضرب مجموعة من الأفغان لا تزيد عن خمسة عشر شخصًا بالصواريخ الموجهة، لأنها – أى الطائرة لاحظت أن المجموعة تعامل أحد أفرادها بإحترام زائد!! فإفترضت الطائرة الذكية، وصواريخها الموجهة بالليزر أن ذلك الشخص [قد] يكون بن لادن، فقتلت الجميع.” ( الصليب ص304)

فهل نفهم من هذا الكلام حرص الأمريكان على سلامة بن لادن أم حرصهم على قتله واستخدام أحدث التكنولوجيا في ذلك؟

– ومن الاتهامات الغريبة للشيخ أسامة أنه كان يعرقل مساعي الحصول على الأسلحة غير التقليدية التي كان يبذلها بعض مساعديه؟؟

جاء في الكتاب  أن الشيخ أسامة:” عرقل كل محاولات وزير دفاعه من أجل تصنيع وإمتلاك أحد تلك الوسائل.. حتى قتل وزير دفاعه فى قصف أمريكى على مقر عمله فى قندهار،كما غرق سلفه قبل خمس سنوات فى بحيرة أفريقية، وفى ظروف غامضة، وكان فى مهمة خلف تلك الأسلحة للحصول على أحدها من سماسرة يجوبون الساحل الأفريقى.” (الصليب ص186)

وغرابة هذا الاتهام لا تكمن في عدم وجود أي دليل على صحته، بل في أن كل الأدلة والوقائع تشهد بخلافه تماما، فالعديد من الإخوة الحاضرين يعلمون أن الشيخ كان أكثر الناس حرصا على الحصول على مثل هذه الأسلحة، وقد بعث عدة إخوة إلى جهات مختلفة سعيا في هذه المهمة، وقد اعتقل بعضهم ولا زال رهن الاعتقال.

ولم يكن البحث عن تلك الأسلحة في أفريقيا، فإفريقيا ليست مظنة لتلك الأسلحة كما يعلم الجميع، وأبو عبيدة البنشيري رحمه الله لم يكن في مهمة من هذا القبيل عندما توفي رحمه الله كما يعلم الإخوة المطلعون على الأمر، وعلى افتراض أنه كان في مهمة من هذا القبيل، فما كان ليقوم بذلك دون علم وموافقة وتمويل الشيخ أسامة.

ولنفترض أنك لا علم لك بكل جهود الشيخ في هذا المجال، أليست شخصية الشيخ المتخصص في ( التراجيديا الجهادية) على حسب تعبيرك شخصية يناسبها السعي في الحصول على سلاح من هذه القبيل يمكن أن يشكل استخدامه على طريقة القاعدة فصلا من فصول التراجيديا  الجهادية غير التقليدية يكمل فصول المأساة المستمرة من ربع قرن؟

ولنفترض أن الشيخ كان حصل على سلاح من هذا القبيل، فكيف كان سيستخدمه دون أن تشعر(بحرج أخلاقي أو شرعي) عندما يقتل ( بعض الأبرياء)!!!

– وقل مثل ذلك عن الاتهام الوارد في الكتاب للشيخ أسامة بأنه عرضت عليه صفقة أسلحة متقدمة من الروس وبثمن رخيص فأعرض عنها مفضلا عليها الأسلحة القديمة غير الفعالة الموجودة في السوق!!

– وهذا نص ما في الكتاب: ” لقد أهدر بن لادن فرصة نادرة عرضها عليه جنرالات روس فى طاجيكستان، لتزويده بصواريخ حديثة مضادة للطيران، محمولة على الكتف، عن طريق قيادات عسكرية من تحالف الشمال. عرضًا مماثلا وصل إلى الإمارة الإسلامية، مع إستعداد روسى، بتزويدها بطائرات هيلكوبتر عسكرية، أو أى نوع من الأسلحة ترغب فيه، بشرط أن تدفع الإمارة نصف الثمن نقدًا بالدولارات، والنصف الآخر بمسحوق الهروين.”

فهل يعقل أن يرفض مثل هذا العرض عاقل أو مجنون؟

( ونحن لا نملك أمام هذا الكيل من التهم والافتراءات لرجلٍ كنت أنت أول من شجعه وأول من وقف معه وزوده بتنظيراته السياسية والعسكرية وبارك جهوده وجعله عباءة الأمة إلا أن نقول إنها نظرية المؤامرة التي سيطرت على الكتاب بل الكتب ومن ثم روح تصفية الحساب التي انتهجها الكتاب بسبب الورطة التي وقع فيها كاتبه بعد الأحداث)

تحميل ملف المقدمة ( PDF ) علي الرابط التالي:

https://goo.gl/CdczJp

 

 

ومن التهم الموجهة للقاعدة في الكتاب قوله: ” “فالقاعدة” لم تكن لتطيق ظهور جهاد إسلامى ذى مرجعية غير سعودية.. ولم يكن بن لادن ليطيق ظهور قيادة شابة منظمة جيدًا.. لتسيطر على جزء من العالم قد يخرج عن هيمنته الدولية التى لم تكن قائمة سوى فى خياله الذى سيطر عليه الإعلام الدولى.”

“وبالفعل كانت الحركة الإسلامية واقعه تحت ضغوط لاتطاق من جانب بعض التنظيمات الجهادية العربية فى أفغانستان خاصة من القاعدة من أجل خلق أنشقاق سلفى يخرج من تحت القبضة الفولاذية (الطاغوتية!!) لمحمد طاهر.. وأن يلتحق ذلك الجناح بالقاعدة تحت إغراءات المال.. والشهرة، ومن هنا نشأت الأزمة التى أودت بروح الأخوة الجهادية بين الأوزبك والعرب.

“فقيادة الأوزبك ألقت القبض على إثنين من الجواسيس الروس وإحتجزتهم فى السجن الخاص بها للتحقيق. ولكن هؤلاء فروا والتحقوا بمضافه القاعدة فى كابول طالبين الحماية من طغيان تنظيمهم الأوزبكى الذى يضطهدهم لكونهم سلفيون”!! (الصليب ص146)

هذه اتهامات باطلة لا أساس لها من الصحة، وأنت  تعرف جيدا أن القاعدة هي التنظيم الجهادي العالمي الوحيد الذي أخذ على عاتقه مهمة دعم الحركات الجهادية في مختلف أنحاء العالم، وبغض النظر عن مذهبها الفقهي.

وأنت تعلم أن المجاهدين من طاجيكستان، وأزبكستان الذين تثنى عليهم فكريا وعسكريا وتنظيميا تدربوا في معسكرات القاعدة، وكنت أنت شخصيا تعطيهم دورات سياسية في هذه المعسكرات.

وقد استمر دعم القاعدة المالي في حدود إمكانتها المحدودة للإخوة الأوزبك وأميرهم محمد طاهر بعد ذلك، و يفترض أنك بحكم علاقاتك بالجنبين تكون مضطلعا على ذلك.

وفي المقابل فإن المخابرات الإيرانية كما تعلم هي التي كانت وراء المأساة التي انتهى إليها حزب النهضة وجهاده من خلال الدور الخبيث الذي قامت به سواء بواسطة رباني ومسعود، أو من خلال الوساطة بين الحزب والحكومة الطاجيكية التي انتهت بما عليه الوضع الآن.

فمن الأولى باللوم القاعدة التي تدربت عناصر الحزب في معسكراتها، أم الإيرانيون الذين قادوه إلى نهايته المأساوية؟

ثم من العجيب اتهامك للقاعدة بأنها تسعى لفرض سعودة الجهاد في العالم مع أنك تعلم علم اليقين أن الخلاف مع النظام السعودي وعلمائه هو من أبرز ما يميز تنظيم القاعدة في خطاباته السياسية والفكرية.

أما ما ذكرته من أن القاعدة كانت تسعى لشق صف الإخوة الأوزبك، وإغرائهم بالمال من أجل تحقيق هذا الهدف، فهذا كلام لم نسمعه إلا منك، وقد عشنا سنوات ونحن في قلب الأحداث فلم نسمع حتى من محمد طاهر جان شكوى بهذا الخصوص.

والحادث الذي سقته للدلالة على هذه الدعوى سقته بشكل محرف جانبت فيه الحقيقة عن عمد، وللأسف الشديد.

فالأخوة الازبك الذين لجؤا لمضافة القاعدة لم يكونوا جواسيس، كما ذكرت، بدليل أن محمد طاهر أرجعهم لعملهم بعد المشكلة مبشرتا، وكل المشكلة انهم اختاروا، ان يذهبوا الي الجبهه مع شباب القاعده  وأنت تعلم ذلك.

وتعلم أن القاعدة  لم تكن تروج لمذهب فقهي معين، بل كانت تدعوا أتباعها وغيرهم لمراعاة المذهب الحنفي  السائد في البلاد، وعدم أثارة الخلافات المذهبية.والمعهد الشرعي في كندهار الذي كان يتردد عليه بل ويدرس فيه كثير من طالبان شاهد علي ذلك

وكانت ترى ترك بعض السنن والمندوبات في الصلاة وغيرها إذا كان فعل ذلك يثير شقاقات وتنافرا بين المسلمين.

والطريقة التي أخذ بها محمد طاهر الأخوين من مضافة القاعدة كانت طريقة حمقاء كادت أن تؤدي إلى قتال بالأسلحة النارية لولا الله ثم تدخل بعض العقلاء الذين كانوا موجودين في المكان (ابو بلال النوبي ) رحمه الله، وتهدئتهم للأمور.

وقد أدرك محمد طاهر ذلك فاعتذر عن خطئه.

ومع الإهانة التي ألحقها هذا التصرف بالقاعدة فإن الشيخ اسامة لم يطالب بأكثر من حكم قضائي شرعي في المسألة من قضاء الإمارة الإسلامية، فمن الأحق باللوم في هذا الموضوع؟

– ومن الكلام السيئ الذي حفل به الكتاب ضد الشيخ اسامة  ما ذكره من أن معظم العرب “دخل تحت سطوته أقتناعا أو إذعانا” (الصليب ص128)

وأنا أسألك  سؤالا هل تعرف رجلا واحدا من العرب أو العجم دخل في تنظيم القاعدة  أو بقي فيه إذعانا؟

لو كان هنالك من هذا القبيل لكنت أنت على علم به، وأنت الرجل الذي عشت مع التنظيم قرابة عشرين سنة، وتربطك بقياداته وأفراده أقوى الروابط.

– ومن الكلام الجارح المشين ضد تنظيم القاعدة بصورة عامة ما تفضلت به من كرم حاتمي في وصفهم بمختلف الأوصاف المعيبة وغير اللائقة عندما قلت إنهم “ضربهم الغرور والتعالى والثقة الزائدة بالنفس، وإستصغار شأن الآخرين، أو إحتقارهم أحيانًا. وكانوا عن ثقة يعتقدون بأن الحركة الإسلامية أجمع يجب أن تنضوى تحت لوائهم.” (الصليب ص115)

– ومن جميل كرم الكاتب وصف المجاهدين الأبرار”ببغال التحميل” وغيرها من عبارات النقد الجارح الهدام

سامحك الله، ورزقك من العدل والإنصاف ما يرد بعض هذا الإجحاف!!

هذه أمثلة على بعض التهم التي كالها الكتاب جزافا ضد القاعدة والشيخ أسامة بن لادن دون أن يكلف نفسه عناء الاستدلال على صحتها.

وهنالك تهم أخرى غيرها كثير ضاق المجال عن سردها.

وإذا كانت القاعدة قد نالت نصيب الأسد من هجوم الكتاب، فإن حركة طالبان قد نالت هي الأخرى نصيبا لا بأس من ذلك.

ومن الأمثلة على ذلك.

– ما جاء في الكتاب من أنهم كانوا قد أعطوا (التزامات سرية) لبعض الدول بعدم دخول (ممر سلانك من الجنوب).

يقول الكتاب: ” وضعت أمريكا خطًا أحمر على عبور (طالبان) ممر سالانج.. وبالأحرى سلسلة جبال الهندكوش، ويتوافق ذلك مع الرؤية الروسية التى عبر عنها “ألكسندر لبيد” كما سبق ذكره.

“الإلتزام السرى من جانب حركة طالبان بعدم إقتحام ممر سالانج من طرف المدخل الجنوبى فى جبل السراج أدى إلى وجود شرخ عميق فى موقفهم الإستراتيجى على المستويين السياسى والعسكري” (الصليب ص109)

ونحن نقول: أين الدليل على وجود مثل هذا الالتزام؟ وإذا كان سريا فكيف اضطلع عليه الكاتب؟

ولمصلحة من أعطت طالبان هذا الالتزام السري؟ أم أن طالبان هي جزء من المؤامرة حتى على نفسها؟

وهل يعقل أن يعطي الملا عمر مثل هذا الالتزام  فيترك الدخول للشمال عبر ممر سالانك وهو قادر عليه، ليتكلف عناء ومشقة فتح الشمال عبر الطرق الأخرى ذات التكلفة العالية في الأرواح والمعدات والوقت والجهد؟؟

– ومن اتهم الموجهة لطالبان ايضا ما جاء في الكتاب من أنهم بعد احتلال موقع القنصلية الإيرانية في مزار شريف تلقت المجموعة التي احتلتها أوامر من باكستان بقتل الدبلوماسيي الإيرانيين.

جاء في الكتاب ما نصه: ” فعندما إقتحم “المنقمون”مبنى القنصلية الإيرانية فى المدينة قتلوا بعد فترة إنتظار قصيرة أحد عشر دبلوماسيًا.

“شهود قالوا إن فترة الإنتظار القصيرة دارت أثناءها إتصالات تلفونية جاءت فيها أوامر بقتل الدبلوماسيين- وأن هذه الأوامر كانت.. من إسلام أباد!!.” (ص100)

يا للعجب، قوات طالبان تتلقى أوامرها في أدق تفاصيلها من إسلام أباد وليس من قيادتها في كابل أو قندهار!!

إنها الرواية الإيرانية للحدث، والتي يعلم الكاتب أنها مجرد  اختلاق مخابراتي لتبرير السياسة العدوانية للجمهورية الأسلامية تجاه الإمارة الإسلامية.

والعجيب أن إيران لم تؤاخذ الحكومة الباكستانية التي أعطت الأمر بقتل دبلوماسييها، بل أقامت معها علاقات حميمة في الحرب على الإرهاب وغيرها،  وإنما عاقبت الإمارة الإسلامية التي لم تعط الأمر بقتل الدبلوماسيين!!

– وقد طعن الكتاب حركة طالبان في الصميم مرة أخرى عندما زعم أن خط كابل سقط بالدولار، وليس بالقصف الأمريكي حيث جاء في الكتاب: معلوم أن كسر الخط الدفاعى لطالبان على جبهة شمال كابول تم بالدولار الأمريكى وليس بقاذفات “بى 52 ” أو حتى قنابل الأطنان السبعة.” (ص138)

والحقيقة غير ذلك أخي الكريم، فالحقيقة هي ما صرح به الرئيس الأيراني الأسبق خاتمي عندما صرح مع مساعده محمد أبطحي وأكدا لأمريكيون تصريحاتهم تلك.

وملخص تلك التصريحات أن الحكومة الإيرانية بعد شهر من القصف المتواصل على معاقل طالبان دون جدوى قدمت للأمريكيين خريطة عسكرية للمواقع التي يتعين عليهم التركيز عليها لكسر الخط، وبالفعل لما أخذ  الأمريكيون بالنصيحة الأيرانية انكسر الخط، كما صرحت بذلك ممثلة الولايات المتحدة في اللجنة المشتركة.

وهذه الاعترافات التي يتفاخر بها المسئولون الإيرانيون والأمريكيون جاءت مفصلة في أكثر من مصدر منها برنامج (إيران والغرب ) الذي أذاعته قناة الجزيرة، وهو لدي مسجل.

ومن العجيب أخي الكريم أنك تطلع على الأسباب السرية الخفية للكوارث وتجزم بها، في حين تتجاهل الأسباب المعلنة التي يتفاخر بها أصحابها!!

– ومن هذا القبيل أيضا مما جاء في الكتاب قوله ” إهمال الإمارة الإسلامية قضية تأمين العاصمة السياسية للبلاد، يرقي إلي مرتبة الجريمة المتعمدة”.(الصليب ص191)

نكتفي بهذا القدر عن طالبان من الأمثلة الكثيرة التي حفل بها الكتاب.

وننتقل إلى أمثلة أخرى مما ورد في الكتاب من الأمور المجافية للحقيقة، باختصار، فمن ذلك:

– ما ورد في الكتاب في أكثر من موضع من تهم للأخ المرحوم الشهيد خطاب – نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدا_ وهي من جنس التهم ذاتها الموجهة للشيخ اسامة.

وكان الواجب على الكاتب أن يذكر الأدلة التي تثبت ما يقول.

– ما جاء في الحديث عن شيخ المسجد الجامع في مشهد الذي قامت السلطات بتهديده عدة مرات وألجأته إلى الهروب إلى أفغانستان، وهدمت مسجده، ومكتبته الضخمة بالبلدوزرات , وحولت المكان إلى حديقة عامة، ثم واصلت ملاحقة الشيخ في أفغانستان حتى قتلته في الجامع الكبير في هرات مع عدد من المصلين بعد صلاة الجمعة، بعد عدة محاولات اغتيال قبل ذلك أصيب في بعضها.

هذا الشيخ الإمام لم تزد عند ذكرك له على وصفه بأنه ” معارض إيراني سني” وبرأت المخابرات الإيرانية من قتله، وألصقتها بجهة أخرى، رغم أن القرئن والشواهد تقول خلاف ذلك!!

 

إنها الرواية الإيرانية مرة أخرى كما عرفناها منهم.

– ومن الأمور العجيبة التي وردت في الكتاب أمور يتعجب القارئ لمصلحة من تم اختلاقها وتلفيقها.

ومن هذه الأمور :

– ما جاء في الكتاب من ذبح بعض العرب أمام نسائهم وأطلفالهم.(ص212)

– ما جاء عن انتحار بعض الأسر العربية حتى لا تقع في الأسر. ” كما شاعت أخبار( ثم تأكدت ) عن إنتحار جماعى لأسر عربية لتحاشى الأسر.” (ص254)

وجاء في (ص 143)أن بعض المجاهدين: ” فضل قتل عائلته وقتل نفسه حتى لا يعتقل أويعود مرة أخرى إلى حضارة الغرب..”

– ما جاء عن فقد بعض الأمهات لأطفالهن في حافلات النقل الباكستانية من شدة الهول!! ” حتى أن الباكستنيين وجدوا أطفالا عرب حديثى الولادة وقد سقطوا من أمهاتهم العربيات فى وسائل النقل العامة!! ومن شدة الهول لم تشعر الأمهات أنهن فقدن أطفالهم.. وأنهن يحملن بين أحضانهن مجرد لفافات خالية !!” (ص254)

وهذه أمور لم يقع منها أي شيء، وإنما هي اختلاق محض للتهويل والتشنيع،فمن هم الذين فضلوا قتل عوائلهم؟!

ومن هم الأطفال الذين فقدوا؟!

ومن الذين سقطوا في عربيات النقل؟! فنحن كنا في قلب الأحداث قبل و بعد خروج كل الأسر، وكانت أسرنا مع الأسر التي ذهبت لباكستان، ونعلم علم اليقين أن شيأ من هذا لم يقع.

ونحن نتمني عليك ان تذكر ولو اسم اسرة واحدة كما تعودنا منك في سرد كثير من الاحداث

إن التراجيديا الجهادية التي تقول إن بن لادن قد تخصص فيها لا يضاهيها في مأساويتها إلا التراجيديا الإعلامية التي ظهرت بها هذه الكتب

 

 أخي الكريم.

بقيت هنالك ملاحظتان سوف أختم بهما هذا الموضوع:

 

الملاحظة الأولى

هي أنك في كتابتك عن بعض الأمور التي كنت شاهدا عليها لا تذكر أنك كنت شاهدا إلا عندما يكون ذكر ذلك يدعم وجهة نظرك الحالية في الموضوع، وليس بالضرورة وجهة نظرك فيه عندما كنت شاهدا عند وقوعه مع العلم أن عندنا من الأخوة من أشركته بجلسة من الجلسات التي حاولت فيها دعم وجهة نظرك وهي جلسة ساخنة وفيها أخذ ورد كبيرين وعندما سألناه عن فحوى الجلسة أخبرنا بأنه لم يجلسها ولم يكن فيها ولم يرك إلا مرةً واحدة في جلسة عابرة لم يتخللها حديث بهذا الحجم والأهمية ( وهو من وصفته بالداعم المالي من الإخوان المسلمين لابن لادن) وليتك تجلس معه يوماً لتعرف منه كم أن ظنونك ونظرية المؤامرة التي سيطرت على الكتاب قد نحت بك بعيداً عن الواقع والحقيقة. أما عند حديثك عن الأمور التي كنت شاهدا عليها، ولكن ذكرك لشهودك عليها لا يخدم ما تريد لا تذكر أنك كنت شاهدا عليها، فضلا عن أن تذكر الدور الذي قمت به فيها. والكتاب حافل بالأمثلة على ذلك.

والملاحظة الثانية: هي حرصك عند التعريف بنفسك في كتبك على أن تصف نفسك بأنك صديق شخصي للشيخ اسامة، فهل حرصك على هذا الأمر نابع من صداقة فعلية يشهد بها ما تضمنته هذه الكتب، أم أن المراد منه إعطاء نوع من المصداقية لما تكتبه ضد الرجل بحق وبغير حق؟!

 

الخاتمة

لقد تناقشت مع الأخوة الموجدين معي وأنت تعرف أن اغلبهم في مجلس شوري القاعدة وجميعهم عاش الأحداث التي ذكرتها لحظة بلحظة والعجب كل العجب انك عشتها معنا!! فلقد هالهم حجم التزوير وقلب الحقائق وتبني النظرية الإيرانية في تفسير الأحداث. وهذه السطور التي بين يديك هي جزء يسير من  نقاش طويل مع الأخوة رأيت أن أنقل من خلالها بعض تعليقاتهم وعلى عجالة. وأما البعض الآخر منهم فقد ألجأه حجم التزوير إلى الذهول ثم الصمت. وخلاصة رأيهم فيما نشر باسمك.

أن من الأهداف التي دفعت إلى نشر هذه الكتب.

– ضرب الحركة الجهادية السنية في كل مكان.

– هدم وتدمير أي قيادة لأهل السنة ( اتهام الشيخ أسامة والملا عمر بالخيانة) وهذا ما لم تتجرَّأ أمريكا ولا الغرب على قوله أو فعله.

– إبراز وتمجيد الأحزاب التي تخرج من العباءة الإيرانية ( وقادتهم ) ( حزب الله – الأزبك – الطاجيك ).

من أجل هذه الأهداف تم التزوير علي نطاق واسع للأحداث مما أدي الى ظهور كثير من التناقضات في الكتب وكأن المخرج أعدها على عجل!!

يبقي تساءل يفرض نفسه وهو: أن القوم يدعمون حماس بكل قوة ؟

والجواب لا يخرج الأمر عن الدعاية والإعلام وإلا فأين هم من قضايا المستضعين من المسلمين التي لا تكاد تخلو منها دولة مثل ( الشيشان –كشمير- درفور- الصومال -البوسنة  )  بل أنهم تأمروا على بعضها مثل الأفغان وهذا لا يخفي على عوام الناس فضلا عن المختصين بل أن القوم شهدوا على أنفسهم صراحة في برنامج حوار مفتوح علي الجزيرة مع محمد شريعتي مسشار خاتمي حيث قال دعم حماس هو من أجل الدعاية والإعلام وذلك في معرض اتهاماته وانتقاداته لأحمدي نجاد.

ثم هل ما يفعلونه بنا الآن من خطفٍ وتغييبٍ وإيذاءٍ وحرمانٍ لأبنائنا وبناتنا من أبسط حقوقهم في التعليم والعمل والحرية هو في مصلحة المسلمين والحركة الجهادية وأبنائها؟؟ أم هو السِّر الذي حاول الكتاب إغفاله وتجاهله ؟!

بقي الكثير والكثير ولعل فيما يأتي من الأيام متسع له.

شيخنا الحبيب ارجوا أن تعذرني وبقية الأخوة إذا كنا قد أثقلنا عليك في العتاب، فرصيد الثقة بيننا يسمح لي ولهم بذلك دون أن تتأثر أخوتنا القديمة

وادعوا الله ان يُنجينا واياك من ايديهم وان يجمعنا مرة اخرى مجاهدين في سبيله رافعين لرايته مصححين ما قد انحرف في هذه المسيرة المباركة.. وإلى أن نراك في ظروف أفضل إن شاء الله استودعك الله

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

صديقك القديم

1رمضان 1430

22 اغسطس 2009

 

تحميل ملف المقدمة ( PDF ) علي الرابط التالي:

https://goo.gl/CdczJp

 

النسخة الأصلية من نص رسالة أبو الخير المصري / 2009 ميلادي

المصدر:

مصطفي حامد – ابو الوليد المصري

مافا السياسي (ادب المطاريد) – نشر في  06/06/2017

www.mafa.world

 



ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا