أفغانستان تصنع المستقبل للإسلام والعالم

# { موضوع الرشاوى الإقتصادية فى أفغانستان والتى دفعها المحتل الأمريكى للدول الخارجية ـ أو للخونة المحليين من أمثال دوستم( قائد الميليشيات الشيوعية) وعبدالرسول سياف ( زعيم إخوان أفغانستان) ومن على شاكلتهما . لقد تكررت تلك المأساة فى عدد لا يحصى من بلاد المسلمين } .

 #  { علينا أن ندرك جيدا أن أسباب “الإرهاب” الذى يشتكى منه العالم هى : غياب العدل ، والإستئثار بالثروات ، والإفساد فى الأرض ، والطغيان السياسى، وسياسة تجهيل الشعوب ، وتأميم الدين أوخصخصته ليصبح شعار الدولة هو : ” الدين للحاكم .. والوطن للشركات متعددة الجنسيات ” . 

 

رغم أهمية موضوعات الأمن والإقتصاد إلا أنهما ليسا كل شئ بالنسبة لأفغانستان ، لأن ما يعنيها هو رسالتها الكبرى فى هذا العالم تجاه شعبها ودينها وأمتها والبشرية عموما . وهى الرسالة التى ينبغى أن تكون موضع إجماع للأغلبية العظمى من الشعب الأفغانى حتى يدعمها ويحميها ويدفعها قدماً إلى الأمام ، ويدفع تكلفة كل ذلك من الصبر والعرق والدماء إذا إقتضى الأمر .

تقود حركة طالبان شعبها على ذلك الطريق فهى جديرة به ، كونها تمثل المشترك الأكبر بين كل مكونات الشعب الأفغانى . ولكن عليها أن تحذر من أن تنظر إلى نفسها كبديل  لذلك الشعب أو أنها وصية عليه وصاية لا تحتاج إلى مشورة منتظمة عند كل خطوة كبرى أو إجراء هام . وتلك فريضة مؤكدة فى الدين الإسلامى ، أى المشورة المتكررة بين القيادة والشعب ، وعدم الإقدام على أى أمر قبل ذلك ، والأدلة على ذلك كثيرة جدا ومتواترة ولا نحتاج هنا لأعادة تكرار ذكر تفاصيلها .

– عموما فان تحقيق ترابط وثيق ومنظم ودائم بين حركة طالبان وشعب أفغانستان عبر مؤسسات ثابتة وقوية هو عماد الأمر كله ، قبل الإقدام بقوة على طريق المستقبل فى أفغانستان ، فلا بد من الحصول على قبول شعب أفغانستان بذلك الدور واستعداده للمضى فيه ، مع ضمان مشاركته فيه خطوة بخطوة وعلى بصيرة تامة.

وذلك فى الحقيقة هو مفتاح النجاح بعد التوكل على الله ، الذى يتمسك به شعب أفغانستان . فعند أقسى الظروف وأدعاها إلى اليأس والإحباط ، فإن عبارة الأفغانى ، قائدا كان أو جنديا أو فردا بسيطا هى ( توكل باخداى ) أى التوكل على الله ـ لتصبح  هى مفتاح الأمل والإقدام والنجاح وتحطيم المستحيل . وهكذا إنتصر ذلك الشعب ـ بإيمانه قبل كل شئ ـ على كل مستحيل وهزم أقوى جيوش الأرض التى تجرأت على غزو بلاده وتهديد دينه وثقافته .

– وفى الحقيقة فإن إتحاد كلمة هذا الشعب على أساس روابط الدين والمصير المشترك هى أقوى مفاتيح النجاح . وينبغى عقد تحالف وإجماع أفغانى لحماية تلك الوحدة ، والدفاع عنها جماعيا ضد أى تهديد قادم من الداخل أو من الخارج ، وقمع العابثين مهما كانت شعارتهم إذا حاولوا تفريق كلمة المسلمين أو بث الفتنة المذهبية أو العرقية بين صفوفهم خدمة لأعداء الدين وأعداء أفغانستان .

– الذين يحددون طريق الإسلام الذى ظلت أفغانستان تتبعه ، وسوف تظل إلى ما شاء الله ، هم هؤلاء العلماء الذي  تخرجت على أيديهم أجيال العلماء والمجاهدين وطلاب العلوم الشرعية الذين حطموا ثلاث إمبراطوريات عظمى على مدى قرن ونصف من الزمان . إنهم العلماء المجاهدون على إمتداد القرون ، وبلا مغالاة منهم ولا إستكبارا ، أو عجب وخشونة على عباد الله ، فهم الأشداء على الكفار الرحماء بينهم ، وليس العكس كما هو شائع فى دنيا المسلمين اليوم .

ـ الشعب الأفغانى منذ صدامه مع جيوش أوروبا ( بريطانيا / روسيا / أمريكا ) وهو ينادى بدولته الاسلامية المستقلة ولم يناد يوما بخديعة الديموقراطية الفارغة . نادى الأفغان بالدولة الاسلامية فعلا وليس إسما فقط ، كما تكرر فى الأزمنة الأخيرة مع الذين إكتفوا بإضافة صفة الإسلام على إسم دولتهم مع بقاء حقيقتها الطاغوتية الظالمة والمنحرفة . إسلام الشعوب المسلمة وليس المنظمات المدعية ، المعجبة بذاتها ، المنحرفة فى مسيرتها ، والتى إستمرأت  الكذب وسفك الدماء وتكفير المسلمين وإخراج الناس من دين الله أفواجاً .

دولة الاسلام هى بلا شك دولة العدالة ، ودولة الشورى الحقيقيه والدائمة ، ودولة المساواة فى الحقوق والواجبات ، ودولة رعاية الضعفاء الفقراء ، والمحرومين والعجزة من مرضى وأطفال ويتامى ، هؤلاء لهم كامل الحقوق وهم سبب نزول الرزق والبركة من السماء ( إنما ترزوقون بضعفائكم ) ، أو كما جاء فى الحديث القدسى { وعزتى وجلالى لولا شيوخ ركع ، وأطفال رضع ، وبهائم رتع ، لخسفت بكم الأرض خسفا ولمنعتكم  القطر من السماء } . الرعاية والرفق بالضعفاء وحتى بالحيوانات هى سبب الرزق ، لأنهم ليسوا عالة أوعبئا ثقيلا بل هم مفاتيح الرزق وأسبابه الغيبية . والتعدى على حقوق هؤلاء فى ثروة المجتمع هو عدوان على الدين والشريعة . فالشريعة ليست عقوبات رادعة ، فعدد حدود العقوبات التى طبقها رسول الإسلام ،عليه الصلاة والسلام ، وخلفاؤه الراشدون كانت قليلة جدا بحيث لا يصعب تحديد عددها وحالاتها وظروف كل منها . فلا مجال للمبالغة فى تصوير تطبق الحدود على أنها كامل تطبيق الإسلام . فالحدود هى قوانين العقوبات التى تحمى التطبيق الإسلامى ، وليست هى فى ذاتها البنيان كاملا لدولة الإسلام ، بل هى مجرد البنية الفوقية والدرع الحامية من أخطار الإنحرافات الداخلية . وكل خلل فى البنيان الأساسى للدولة الإسلامية ينتج عنه بالضرورة خلل فى تطبيق الحدود أو حتى التوقف مؤقتا عن تطبيق بعضها ، كأن تحدث مجاعة أو غلاء شديد ، عندها لا يطبق حد السرقة ، أو أن تنشب حرب فلا تطبق الحدود فى أرض المعركة .. وهكذا .

ــ وكذلك فإن الجهاد هو النظام الدفاعى لصد المخاطر الخارجية أو التصدعات الداخلية الخطيرة والمفاسد المسلحة التى تهدد الأمة ، فليس الجهاد هو ذات البنيان الإسلامى بل هو النظام الدفاعى المتكفل بحمايته . أما البنيان الإسلامى فهو إقامة المجتمع البشرى على أسس العدالة والتكافل والكفاية والمساواة .

# خلاصة القول هى أن الحاكم يتولى سلطته بالتفويض المباشر من الأمة وبالأسلوب الأمثل المتوافق مع إمكانات وعادات وظروف ذلك الشعب . وأن العدالة فى أهم صورها تتمثل فى عدالة توزيع الثروة بين أفراد الوطن ، وأن تنحاز الدولة إلى المجتمع ككل ، مع العلم أن وظيفتها الشرعية هى رعاية الفقراء والضعفاء وحفظ حقوقهم . لذا فإن وظيفة الإقتصاد ليست هى تدفق الأموال بكميات ضخمة إلى البلد، ثم التباهى بأرقام براقة عن إرتفاع معدلات النمو/ وزيادة الدخل الإجمالى للدولة / وإرتفاع متوسط الدخل الفردى / فمثل تلك المصطلحات الإقتصادية ، وهى كثيرة جدا، ليست سوى أدوات خداع وتغطية لأبشع أنواع الظلم والإستئثار بالثروة لصالح قلة منعدمة الضمير، ينتهى الأمر بتسلطها الكامل على الدولة وأجهزتها وسلطاتها ، وإفساد الحياة بأكملها فى سبيل زيادة تراكم ثرواتها إلى مالا نهاية .

ــ الدولة الإسلامية هى دولة تقدم الحماية والخدمات لمواطنيها طبقا لإحتياجاتهم بصرف النظر عن قدراتهم المالية . فالأضعف والأكثر فقرا هم الأولى برعاية حكومتهم الإسلامية .

ــ مصالح كل الشعب خاصة الضعفاء والفقراء تجرى مراعاتها فى العمل الإقتصادى للدولة ، وليست مصالح زمرة صغيرة فاسدة أو مرتشية أو عميلة للأجانب . أو ممن كونوا ثرواتهم من جراء خدماتهم للإحتلال ، فهؤلاء ينبغى مراجعة ثراواتهم ومصادرة ما يثبت أنه جاء من حرام ، واستبعاد أصحابها من ممارسة النشاط الإقتصادى إلا فى حدود التكسب الفردى الضيق ، أو العيش بمعونات حكومية محدوده  بعد مصادرة أموالهم الحرام .

 # نعود من تلك النقطة إلى موضوع الرشاوى الإقتصادية فى أفغانستان والتى دفعها المحتل الأمريكى للدول الخارجية ـ أو للخونة المحليين من أمثال دوستم( قائد الميليشيات الشيوعية) وعبدالرسول سياف (زعيم إخوان أفغانستان) ومن على شاكلتهما . لفد تكررت تلك المأساة فى عدد لا يحصى من بلاد المسلمين.  لذا علينا أن ندرك جيدا أن أسباب “الإرهاب” الذى يشتكى منه العالم هى : غياب العدل ، والإستئثار بالثروات ، والإفساد فى الأرض ، والطغيان السياسى، وسياسة تجهيل الشعوب ، وتأميم الدين أو خصخصته ليصبح شعار الدولة هو ” الدين للحاكم .. والوطن للشركات متعددة الجنسيات ” .

تلك الأسباب هى أصل الإنحراف فى حياة الناس ، أما المدعو إرهابا فما هو إلا الظل لذلك الأصل المنحرف أو بتعبير آخر هى مجرد تعبير إجتماعى لقانون الحركة لنيوتن والقائل ” لكل فعل رد فعل مساوى له فى المقدار ومضاد له فى الإتجاه” . ورغم الواقع الكريه والقاسى فإن توقف قانون الفعل ورد الفعل يعنى توقف حركة الحياة نفسها ، وقد يكون فى ذلك تفسيرا لقوله تعالى ( ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض) . فلولا تصارع الأضداد لتوقفت الحياة البشرية وتعفنت ، ولما هزمت جيوش أمريكا وحلف الناتو والجيش الأحمر وجيوش بريطانيا فى أفغانستان ، ولما عاد الإسلام ليرفرف على جبالها وسهولها من جديد بأقوى مما كان عليه فى كل مرة . والله غالب على أمره .

بقلم :

مصطفي حامد (ابو الوليد المصري)

copyright@mustafahamed.com

المصدر :

www.mustafahamed.com