تعليق تشارلز كاميرون على حوارات فارال مع المصرى

0

كتب تشارلز كاميرون :
شئ مشوق جدا يحدث على الإنترنت . ” ليا فارال” تتحدث مع أبو وليد المصرى .
ـ  “ليا فارال” مدونه ذات حيوية وبصيرة . وقد كانت محلله رئيسية فى قسم مكافحة الإرهاب فى الشرطة الإتحادية الإسترالية، ومختصة فى شئون القاعدة ، وقد خدمت فى موقعية كبير المحللين لوكالة فرانس برس فى طريق التعاون الإقليمى فى جاكرتا بأندونيسيا وكذلك فريق العمل المتقدم فى تفجيرات بالى الثانيه .
وهى الآن تجهز رسالة دكتوراه فى موضوع القاعدة والسلفية المتشددة .
ـ مع أحد الشخصيات القيادية فى حكايات متداخلة من تنظيم القاعدة وحركة طالبان ، وهو أبو الوليد المصرى، وهو أيضا مدون.
وحسب سيرته الذاتيه الواردة من لجنة مكافحة الإرهاب فى وست بوينت فإن :
“أبو وليد” حارب لأحد عشر عاما كمجاهد فى “خوست / أفغانستان” ضد السوفييت . حيث حصل على شهرة كاستراتيجى وتكتيكى ميدانى ماهر وعملى . وقد إنتقد بن لادن عام 1991 لقراره بنقل القاعدة إلى اليمن ، وكان منذ وقت مبكر عضوا فى دائرة الملا عمر . وعمل أيضا مراسلا لقناة الجزيرة / وكما وصفه التقرير/ إنتهى بإرتداء قبعات متنوعة :
فهو إعلامى طالبانى ، مراسل أجنبى ، ومدرب واستراتيجى للقاعدة وقد عارض بشدة أحداث 11 سبتمبر .
من كتاباته المبكرة أقتبس أقوالا من “لينين” و “ماو” و” صن تسو” ، وكتاباته واسعة الإنتشار . وقد كتبت ليا فى وجهة نظرها :
{{ إن أعماله “12 كتابا إضافة إلى المقالات” كانت الأكثر إكتمالا ودقه فى كل المذكرات أو الكتابات المباشرة عن القاعدة ، وبشكل أوسع ، تاريخ أفغانستان منذ الغزو السوفيتى. لقد توصلت إلى هذه النتيجة بعد أن قضيت /حرفيا/ سنوات وسنوات أفحص أعماله بالمقارنة مع الكتابات الآخرى وجميع أنواع المصادر من الجانبين ، كى أستخدمها فى أطروحتى … }}.
ولأجل الدراما :
وبينما ” ليا” تكتب بإنفعال يمكن فهمه ، إذا أبو وليد بدأ يرد على رسائلها بنفسه .
قراء مدونة ” زنبوندت” يعرفون قوة المناقشات بين عدة مدونين ، وفى الحقيقه كانت مناقشة هى التى رفعت من شأن كتاب ( المائدة المستديرة) الذى حرره “زن” بنفسه .
هذا الإشتباك بين ” ليا” و” أبوالوليد” دفع الأشياء درجة إلى الأمام: عدوين، واحد محلل إستخبارات ، والآخر، إستراتيجى تمرد ، هما الآن فى نقاش عبر المدونات .
وتلك محادثة مثيرة للإهتمام والمشاهدة فى حد ذاتها . وأنا واثق أن ” ليا” سوف تقدم “أبووليد” إلى قراء الإنجليزية إلى جانبها .
وذلك يبدو لى لحظة تاريخية فى إستخدام الإنترنت .

ـــــــــــــــــــــــــ

تشارلز كاميرون
يرد على أبو وليد المصرى

مقدمة من ليا فارال  ـ ” فى 6 فبراير  2010″

مع الإذن . لقد نشرت هنا ردا من جانب تشارلز كاميرون إلى أبو الوليد المصرى والرد فى الأصل نشر فى (زنبوندت) . تشارلز قارئ منتظم لموقعى وقد وجدت تعليقاته قيمة وثاقبة .
وعن الخلفية فهنا موجز عن السيرة الذاتية لتشارلز مع ردوده فيما يلى:

{{ درس تشارلز اللاهوت فى جامعة أكسفورد ـ وهو كاتب وباحث مستقل يعيش
حاليا فى ولاية كاليفورنيا . وهو مهتم جدا بالطريقة التى شكلت بها الأديان
ماضينا وسوف تشكل مستقبلنا . وكان الباحث الرئيسى فى مركز الدراسات
الألفيه فى جامعة بوسطن خلال الفترة التى سبقت عام 2000 . وهو ضيف مدون
منتظم عند “مارك سفرانسكى زنبودت” }} .

::::::::::::::

كتب تشارلز كاميرون :

( أولا )
منذ بعض الوقت نشرت هنا عن المحاورة بين ” ليا فارال” ، والتى كانت إلى وقت قريب تعمل كأحد كبار المحللين فى الشرطه الإتحادية الإسترالية وموضوع تخصصها هو “القاعدة” ـ وبين وأبو وليد المصرى ، المجاهد منذ زمن طويل والكاتب ، والاستراتيجى ، وصديق بن لادن ومنتقده أحيانا ، وأول أجنبى يبايع الملا عمر .
ليا الآن تكتب رسالة دكتوراه فى القاعدة . وأبو وليد تحت الإقامة الجبرية فى إيران . حوارتهما على الهواء مستمرة . وقد وصفت ” ليا” هذا فى مقال لها لصحيفة الأسترالى. وأظن أن ذلك فى حد ذاته حدثا كبيرا فى الخطاب على الإنترنت .
” ليا” نشرت فى مدونتها أجابات أبو وليد عليها ، أولا بالعربية ثم حسب ما سمح لها الوقت بالإنجليزية ، منذ بعض الوقت . وحديثا جدا نشرت إجاباتها التفصلية على أسئلة “أبووليد” لها.
وأنتقل موضوع الحوار من تاريخ وهيكل القاعدة وطالبان “إهتمام ليا الأكاديمى” إلى أخلاقيات الحرب ، والجهاد والحرب على الإرهاب (موضع إهتمام أبو وليد) .
ليا دعتنى بكرم حتى أشارك فى تلك المرحلة من النقاش والتى طعنت قريبا من قلبى .

(ثـانيـا)
أسئلة أبووليد ـ كما لاحظ ” آدم سيروير” ـ ركزت بشدة على عمليات الإستجواب.
المصرى يسأل : لماذا تسجن الولايات المتحدة الناس طبقا للأدلة السرية؟ .
ولماذا لا يحصل كل المعتقلين على محاكمة عادلة؟.
ولماذا عذبت الولايات المتحدة المساجين؟ .
وأشار إلى السجون السرية وصائدى الرؤوس.
ولمح أيضا إلى سماح أمريكا ( لأجهزة الأمن فى العالم المتخلف لأن تؤدى أعمالها القذرة مثل التعذيب القاسى) . وأظن أنه يشير إلى التسليم الإستثنائى .
” ليا” التى تعلم الكثير عن تلك الأشياء ، أشارت إلى كل نقطة منها بالتفصيل . أبو وليد و” ليا” ليسا منفردين فى إدانة هذه الأشياء ، التى لها نقاد كثيرين ليس أقلهم فى الولايات المتحدة ، وبعضهم تابع تلك الموضوعات عن قرب شديد أكثر مما فعلت.
” سكوت هورتون ” الكاتب فى “هاربرز” وأماكن أخرى يعرف الكثيرجدا عن تلك الممارسات ، ومبرراتها فى عهد الرئيس الجديد ، وصلتها بالولايات المتحدة والقانون الدولى . وأحد الأسباب التى أجد أن النموذج الديموقراطى الغربى ذو جاذبيه هى حقيقة إمكان إنتقاد رؤسائه علنا فى وسائل الإعلام حول تلك الموضوعات .
ـ ويقلقنى للغاية موضوع سلوكياتنا فى زمن الحرب ، لأنها بشكل جوهرى تتعلق بموهبة الحياة البشرية ، كيف ينبغى لنا أن نستخدمها وكيف ينبغى لنا ان نحترمها. الإسلام ومن قبله اليهودية كلاهما يوضح أن إهدار حياه آدمى واحد تعادل إخماد العالم كله . وذلك البيان الشاعرى هو إيجاز رائع لماذا أن وسائل إحلال السلام تكون مفضلة عن تلك المؤدية إلى الحرب .
ـ وجهة النظر تلك ، بأن كل حياة بشرية لها قيمة غير عادية ، لا تنطبق فقط على قتل البشر ، فى الحرب أو أى مكان آخر ، ولكن أيضا حول إساءة معاملتهم .
ما وصفته “نيويورك تايمز” على أنه الإختطاف فى ظلام الليل ، والسجون الخفية وأساليب الإستجواب التى وصفها المنتقدون بأنها تعذيب .
لذا دعنى أقول بأننى أيضا أعارض التعذب وعمليات قطع الرؤوس والهجمات التى توقع ضحايا من المدنيين، وإعتقال وقتل عمال الإغاثه وعمليات التسليم الإستثنائى.
أملى الشخصى هو أن الولايات المتحدة لن تسمح للعواقب المأساوية للهجمات الأرهابية أن تقلص نمط الحرية الذى يسمح لأشخاص مثل “سكوت هورتون” أن يجروا البحث وأن ينشروا إستنتاجاتهم بحرية .
وأجد نفسى متفقا هنا مع “بنيامين فرانكلين” الذى كتب: (هؤلاء الذين يتنازلوا عن حرية أساسية من أجل شراء قليل من الأمن المؤقت ، لا يستحقون لا الحرية ولا الأمن ) .
صلواتى هى لإنهاء الحرب ، وحتى ذلك الوقت ، إلى الإعتدال فى ممارستها .

(ثـالثـا)
الموضوع هو أكثر إستجابة لحقيقة إجراء حوار بين ” أبو وليد” و” ليا فارال” وطبقا لمواصفات نقاشها .
بعد قراءة ردود ” ليا” على “أبووليد” وجدت عندى القليل جدا كى أضيفه إلى ما قالته هى.
والذى أثر علي بعمق ، فى الحقيقة ، ليس هو هيكل بناء القاعدة وليس الحق والخطأ فى المشكلة ، ولكن الحقيقه البسيطة فى الحوار بين هذين الشخصين .
إنها ليست مواجهة بين طرفين متعارضين ، والتى فيها غالبا كل طرف يشوه صورة الطرف الآخر ، وهو الذى جذبنى هنا ، ولكن وصول الطرفين إلى علامات مبكرة من الشراكة الإنسانية ، وإمكانية مشتركه للسلام .
ولأجل إيضاح تلك المشاركة ، أظن أنه ينبغى أن أقول شيئا إضافيا عن تاريخى الخاص والطريقة التى توصلت بها إلى وجهات نظرى .
“جون آدمز” الرئيس الثانى للولايات المتحدة كتب لزوجته قولا يقتبس بكثرة :
( يجب أن أدرس السياسة والحرب حتى يحصل أبنائى على الحرية فى دراسة الرياضيات والفلسفة ، والتاريخ الطبيعى ، والهندسة البحرية ، والتجارة والزراعة ، وحتى يعطوا أبناءهم الحق فى دراسة الرسم والشعر والموسيقى والعمارة والنسيج والخزف ) .
أنا إبن وحفيد المحارين، لذا حظيت بشرف دراسة الفلسفة والشعر . ولكن لا الشعر ولا الفلسفة تسمح لى بإغفال الحرب تماما . أعلم أن هناك حالات من الظلم والوحشية والتى تستصرخ من أجل التعويض . لهذا فإن قوة السلاح تكون ضرورية أحيانا .
أبى كان ضابطا فى البحرية وقد قاتل أسطول هتلر فى المياه القاسية للقطب المتجمد . ومات شاباً بسبب ذلك ـ وأنا أبجله لذلك .
معلمى الأول العظيم كان كاهنا عمل لإنهاء نظام الفصل العنصرى فى جنوب أفريقيا ، لأنه رأى أن كل الناس ، وبصرف النظر عن لون الجلد ، هم أولاد الله . وقد كتب موضحا نفسه :
( إن مسئوليتى هى دائما وفى كل مكان هى نفسها . أن أرى فى أخى حتى أكثر من المسؤلية والإنسانية التى فيه ، وظيفتى هى دائما وفى كل مكان هى نفسها ” أن ارى المسيح نفسه” ) .
معلمى كان رجلا غير عادى ومعروف بكراهيته للعنف . وأيضا مستعد لأجازة ( العنف الدفاعى والكفاح المسلح كإختبار نهائى فى مواجهة المعتدين) .
لذا فقد أنشئت بواسطة محاربين شجعان ، ورجل غير عادى فى السلام وموضوع العنف الآدمى، كموضوع تأمل طول الحياة . ولا أراه بسيطا على أى حال .
نحن جميعا ينبغى لنا أن نختار أين سنبذل جهدنا ، وقضيتى عن الدين هى : السخاء المدهش والتعاطف الذى يستدعيه فى الناس . والعواقب الوخيمة عندما لا يستخدم لإعطاء حظرا على القتل .

( رابعـا )
حتى أكون صادقا ، أنا أكره الحرب .
أنا أكره الزلازل . ومع قولى هذا فأنا لا أنوى إلقاء اللوم فى ذلك على الله أو الطبيعه ، أو أى مؤسسة بشرية .
أنا أعلم أن الزلازل تحدث ، ونحن نعيش على ما يمكن وصفه بالكون العنيف حيث تتصادم المجرات وتنفجر النجوم .
العوالم والثقافات تأتى إلى الوجود وتنخمد ، والناس تحيا وتموت وما أود قوله هو أننى حزين بسبب الوحشية التى لا داعى لها والتى تصيب البشر والكائنات الآخرى الذين يحاصرون بالزلازل والذين يفقدون أطرافهم وأبصارهم ، أو الذين يعيشون لأيام على أمل أن ينقذهم أحدا ، أو الذين دفنوا تحت المبانى المهدمة ، أو هؤلاء الذين ظلوا على قيد الحياة والآن هم أرامل وأيتام أو فقدوا الأبناء لأن هؤلاء الذين أحبوهم كانوا فى غرف أخرى ، أو فى منطقة أخرى من المدينة، أو فى أرض أخرى ضربها الزلزال .
أعرف أشياء كهذه حدثت . ولكن لا أستطيع الشماته بهم ولا أتمنى ذلك لأى شخص.
فى حالة الحرب كثير من تلك الأشياء تحدث . الناس تموت ، يفقدون أطرافهم ، ويدفنون تحت البنايات المهدومة ، أصيبوا بالعمى ، تيتموا ، ترملوا ، ولكن فى تلك المناسبات حدث ذلك على أيدى بشر آخرين ، بقرار وإختيار بشرى .
وكما قلت أنا أكره الزلازل ، فمن ذا الذى لا يكره الحرب ؟.

( خامسـا )
وحتى الآن أشعر بالقرابة ولدى خلفية قبلية. فأبى كان والده ووالد والده كانوا أسكتلنديين وكلهم من العسكريين . وأنا أفهم شرف أن يعود الإنسان إلى أسلافه وأنا أحييهم جميعا .
لقد ولدت وكبرت فى إنجلترا . أحب وأفخر بموطن مولدى . إنها تلال جميلة وأشجار وبحيرات ، وهناك التلال المنحدرة برفق والتى لا أنساها أبدا ، وهى موطنى .
لقد درست فى أوكسفورد ، فى واحدة من الجامعات العظيمة . بما يسمح لى بأن أشعر بالقرابة مع الذين درسوا فى الجامعات العظيمة والأديرة ، من أوكسفورد إلى كيوتو.
وقد عشت جانبا كبيرا من حياتى فى أميركا ، وأحب كثيرا البلد الذى إتخذته وطنا .
لهذا أنا أفهم ماهو على أحد جوانب المشكلة ، ليس لأن ذلك الجانب هو على الحق تماما ، وعادل فى كل الأمور ، ولكن لأن الشخص ينتمى لذلك البلد وهؤلاء الناس ، لهذا فهم ملكيته .
عندما كنت صبيا قص على والدى قصة عن كيف أنه فى عام 1692 أصبحت عشيرة معادية لعشيرتنا . ويبدو أنهم قبلوا إستضافه حلفاء عشيرتنا ، واعتزموا ليلا أن يذبحوا ضيوفهم وهم بذلك يدنسون شرفهم عن طريق الإساءة إلى قواعد الضيافة.
وكمؤرخ استكتلندى كتبت: ( إن سكان الجبال ، هم مثل العرب ، يعطون أهمية شبه مقدسة للضيوف الذين يقاسمونهم الخبز والملح ) .
وقد قصصت هذه القصه نفسها على إبنى ، وقد شرحت له أننى لا أحمل ضغينة ولا عداوه مستمرة تجاه القبيلة الأخرى ولا أعتقد أن أبى فعل ذلك أيضا .

” سـادسـا”
وهنا .. أعتقد أن المسأله كما أفهمها من كلمات ” ليا” :
( بصرف النظر عما إذا كان شخص ما عدو لنا أم لا ، فإنه يظل فى نهاية اليوم إنسانا  وعندهم عائلات ، وربما ينظر إليهم فى محيطهم كأناس طيبين وشرفاء . تماما كما ننظر إلى أنفسنا . بطريقة ما ، وفى ثنايا الصراع يضيع ذلك . هذا قد يكون صحيحا فى القتال ولكن ليس عندما نحاول وضع حد الصراع ) .
يبدو أننا حمدا لله ، قد وصلنا إلى نقطة حيث أن فكرة حل المشكلة المرعبة فى أفغانستان ظاهرة فى الأفق ، فالوزير جيتس قال مؤخرا:
( المصالحة السياسية فى نهاية المطاف يجب أن تكون جزءا من تسوية الصراع ) ، وذلك مما يبشر بالخير بمثل هذا النوع من الحوار ، على الرغم من أنه إبتدائى .
ولكننى لا أرى أن الإمكانية الوحيدة للحوار المستمر أنه وسيلة للحل السياسى، بالنسبة لى هو أكثر من ذلك .
شعب إسرائيل عندا هرب ليلا من الأسر فى مصر . وكان يتبعهم فى البداية جيش فرعون وعندم وصلوا إلى البحر الأحمر شقه الله حتى يتمكنوا من الفرار ثم إنطبق البحر على جيش فرعون فأغرقهم .
إبتهج الإسرائيليون وغنوا أغانى الشكر وجاء فى التلمود أنه فى تلك الليله رغبت الملائكه أيضا فى الغناء ، ورفض الله أن يستمع إلى أغنيات الشكر موبخا أياهم بكلمات: ” أن مخلوقاتى تغرق فى البحر وأنتم تغنون الأغنيات ؟ ” .

(سـابعـا )
ـ الإنتقام يموت بشدة ، أليس كذلك ؟.
أذا قتلك جنديك فقد قتلت عدوا . ولكنك فقدت أبا ، أو أخا ، أو إبنا ، وترك أرمله ويتيما وحزنك عندئذ أعمق من رضاى ، وتعطشك للإنتقام أشد من خوفى منه ، وهكذا تضرب واحدا من جنودى ظانا بأنك قتلت عدوا . ولكنك جعلتنى أخسر أبا ، أو أخا أو إبنا مخلفا أرمله ويتيما .. وهكذا يدور الطاعون .
لقد جعلتنى فى كرب وسأجعلك فى كرب .
وقد قالها غاندى : (العين فى مقابل العين وقريبا يكون العالم كله أعمى) .
أنا شخصيا أختار مبدأ النسيان فى هذه المسائل . فالظلم وفير ، وجذور الصراعات اليوم يمكن فى حالات كثيرة أن تكون قادمه من قرون مضت بل حتى آلاف السنين . كل الجناة والضحايا هم من البشر .

(ثـامنـا )
قد يتساءل البعض أن هذا قد يوجد (تكافؤ أخلاقى) بين طرف وآخر ، وليس فى طرف واحد ( نحن ) الصالحين والآخرين طالحين ؟
تذكرت هنا الإفتتاحية الثانية الرئعه لإبراهام لنكولن ، قال فى عن الحرب الأهلية الأمريكية : ( كلا الفريقين يصلون لنفس الرب وكلاهما يرجو عونه على الآخر).
على الرغم أنه من الواضح أين يكمن ولاؤه الخاص فإنه واصل القول:
( دعونا لا نحكم ، بأننا لم ندان ، وأن المصلين فى الطرفين لم يستجاب لهم ، ولا أنه لم يستجيب لهم بالكامل ) .
ـ أنا أيضا عندى أفضلياتى الخاصة : ما يحزننى أكثر من الجميع ، ربما لأننى قبل الجميع ” محب لأحباب الله” هى الطريقة التى عادة الشعور الدينى يحظر فيها القتل .
ولكننى أعتقد أن الموضوع أعمق من ذلك ، وكما أتخيل العدو والصديق على حد سواء .
وفى الحقيقة فإن ذلك الحوار بين /كما يصفه “أبو وليد” / “الإرهاب” و”مكافحة الإرهاب” أجد الحاجة إلى أن أتذكر أولا إنسانيتى الخاصة . بكلمات الكسندر سولزنتسين الذى عانى بشدة من سوءات الأرخبيل السوفيتى :
( بالتدريج تبين لى أن الخط الفاصل بين الخير والشر لا يمر عبر الدول ، ولا بين الطبقات ، ولا بين الأحزاب السياسية ، بل مباشرة عبر كل قلب إنسانى وكل القلوب الإنسانية . ذلك الخط يتحرك بداخلنا يتحول عبر السنين وحتى عبر القلوب الغارقه فى الشر يظل محتفظا برأس جسر من الخير .. ويقتلع ركن صغير من الشر) .
أنا أيضا إنسان ، والخط يعبر قلبى أيضا، وفى التحليل النهائى فإن إستجابتى لذلك الحوار، كما الحوار نفسه ، تصل إلى ما بعد القضايا إلى تفرق بيننا ، فى إتجاه إنسانيتنا المشتركه وإتجاه السلام .

المصدر  :
مافا السياسي (ادب المطاريد)
www.mafa.world
تاريخ نشر علي مافا : 1/5/2010
” نقلا عن مدونة زنبوندت”



ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا