أساليب العمل الإستخبارى فشلت جميعا وتحولت حربهم النفسية والعسكرية على أرض المعركة إلى مجرد فقاعات من الصابون.
ـ بعض ميليشيات نظام كرزاى تعمل تحت راية حزب حكمتيار .
ـ كلما زاد الفشل العسكرى زاد الإعتماد على العمل الإستخبارى.
ـ تزايد إعتماد أمريكا على المرتزقة فى الجيش والمخابرات بهدف مقاومة الروح الوطنية وتأكيد قدرة صهاينة البنوك على الحكم.
ـ قوة ونفوذ الإستخبارات المركزية قائم على إضعاف دور الجيش الأمريكى .
يبدو نشاط وكالة الإستخبارات المركزية هو المجهود الرئيسى للحرب الدائرة فى أفغانستان وباكستان معا . ويأتى دور الجيش الأمريكى وحلفاؤه الأوربيون فى المرتبة الثانية من الأهمية ، ومكملا ومساعدا للدور الإستخبارى سابق الذكر .
تنامى دور العمل الإستخبارى السرى هو طابع أمريكى أسسه بتركيز شديد المحافظون الجدد فى عهد بوش الصغير . ثم فرضوه على العالم أجمع كإسلوب للسيطرة الإمبريالية على الثروات العالمية ، بعد أحداث 11 سبتمبر وبذريعة الحرب على الإرهاب .
وقد تبنت معظم حكومات العالم الشعار الأمريكى المطروح بالحرب على الإرهاب طمعا فى الرضا الأمريكى ، وما يعنيه من دعم سياسى ومالى ، وأيضا طمعا فى تثبيت سلطاتها المطلقة داخليا ضد أى عملية تغيير أو معارضه حقيقية ، خاصة وأن تبنى النهج الإقتصادى العالمى القائم على الإنفتاح الكامل على الخارج صاحبته عمليات فساد وإفساد غير مسبوقه فى تاريخ الدول ، كما صاحبته ظاهرة إبتلاع الرأسمالية الطفيلية للسلطات السياسية فى الداخل ، فأنشأت أنظمة إستبدادية داخلية مرتبطة بنظام دولى بوليسى إستبدادى تحكمه الرأسمالية البنكية العالمية.
وليس أدل على ذلك من إشتراك عدة دول أوروبية مع إسرئيل فى إغتيال مجاهد فلسطينى فى دبى ، وتزويدهم القتلة الإسرئيلين بجوازات سفر لتسهيل مهمتهم الإرهابية.
نفس هذه الدول ـ ومعهم إسرائيل يساهمون الآن فى الأعمال الإستخبارية والعسكرية ضد المجاهدين فى أفغانستان وباكستان بدعوى محاربة الإرهاب .
أنه نهج عالمى لتحويل العالم إلى قرية إستخبارية واحدة ، تدعمها عند الضرورة ، قوة عسكرية مكونة من أمريكا وحلف الناتو ، الذى يعرض نفسه بديلا عن الهيئات الدولية الحالية كالأمم المتحدة ومجلس الأمن لإدارة شئون العالم والحفاظ على أمنه !!!.
أنه نظام فاشستى دولى تقيمه الولايات المتحدة والناتو ، فتؤكده أولا داخل أوطانها ، ثم داخل أوطان الآخرين . وكل ذلك تحت ذريعه تافهة لم تعد تقنع حتى البلهاء وهى محاربة “الارهاب الإسلامى” ، الذى تمثله فى زعم إعلامهم منظمات ميكروسكوبية لا يكاد يظهر لها وجود فعلى إلا من خلال عمليات تصنعها أجهزة المخابرات الأمريكية والغربيه لخداع شعوبها وشعوب العالم .
واضح لأى مطلع على الأدبيات الصهيونية أن الفكرة كلها نبعت من هناك . وأن الرأسمال البنكى العالمى هو الحاكم والمسيطر وراسم فلسفة النظام العالمى الجديد .
لذلك مع تمجيد هذا النظام للعمل السرى والجاسوسية ، نراه يكافح الإسلام ـ كديانة وحيدة مرشحة لوراثة المسار الإنسانى وقيادته طبقا لقوانين السماء العادلة والرحيمة .
فأشتعلت الحرب على القلب العربى للإسلام فى فلسطين وجزيرة العرب واليمن ـ كما إشعلته ضد قواه الأكثر عنفوانا وحيوية فى أفغانستان وباكستان .
طالت حرب (الصهيونية البنكية) ، الروح الوطنية فى كل مكان. وبدأت كالعادة فى الولايات المتحدة نفسها، ثم أوروبا، على إعتبار أن مشكلة الصهيونية مع الدين المسيحى قد تم حسمها منذ قرون .
ومن أبرز معالم مكافحتهم للروح الوطنية كان خصخصة الجيوش وأجهزة الإستخبارات ، وهى الأجهزة التى كانت تقليديا ميدانيا للخدمة الوطنية والحفاظ على تراب الوطنى وأمنه القومى ـ الآن لا مجال لتلك الأهداف والمعانى. فالإعتبار الأكبر ـ وربما الأوحد هو “عبادة الذهب” وجنى المال من الحروب ومهنة القتل الجماعى .
النازيون الجدد ـ أى المحافظون الجدد ـ الذى إشتقوا منهجهم الفكرى من الصهيونية والنازيه معا ـ وذلك ثابت تاريخيا فى شخصيات مؤسسيها وأدبياتهم ـ إستولوا على الدوله وأجهزتها وفى مقدمتها الإستخبارات والجيش، عبر القيادات العليا فى تلك الأجهزة. ولكن الحرب داخلها مازال مستمرة ” لتطهيرها” من آثار الشعور الوطنى أو الفهم الدينى الحقيقى.
بعض الشواهد تشير إلى أن ما حققوه من نجاح داخل الإستخبارات الأمريكية كان أكبر مما تحقق فى صفوف الجيش. ومن هنا ظهر إلى العلن علامات لصراع مكتوم مجهول الأبعاد.
ولكن الجيش الحكومى قد أضعفوه بسياسة الخصخصة التى سحبت من صفوفه أهم الكفاءات الفنية والعسكرية ـ وتحول ما تبقى منه الى مجرد “ساحبى زناد” أو مطلقى بنادق. فالقوة والكفاءة الحقيقية ذهبت إلى شركات المرتزقة مثل “بلاك ووتر” وأخوانها ، وهم بالمئات فى أمريكا ومثلهم فى أوروبا ـ وأخذوا فى الإنتشار فى بلدان العالم الأخرى. كبداية لحكم إستخبارى عسكرى فاشستى عابر للقارات لا يرى قيمة أو معبودا غير الذهب الذى تركز فى معظمه فى خزائن صهاينة البنوك الدوليين . وتركز مع الذهب سلطات الحكم الحقيقى للعالم .
# تبدت فى أفغانستان بعض ملامح تقسيم العمل بين الإستخبارات الأمريكية والجيش ـ كما ظهرت أيضا علامات الصراع والتنافس على حيازة الإختصاصات ـ وبالتالى النفوذ والمخصصات المالية .
أبرز حوادث الإنشقاق بين الجهازين كان فى خوست وعملية المجاهد الإستشهادى “همام البلوى” الذى فجر مجموعة من ضباط قاعدة الاستخبارات هناك .
فظهرت إنتقادات الجيش للإستخبارات علنا ـ ربما لأول مرة ـ وتكلموا عن الازدواجية التى تضعف المعلومات الاستخبارية ، وتحول المخابرات المركزية إلى جهاز عسكرى مستقل وغير متعاون مع الجيش .
قوة الإستخبارات فى ضعف الجيش
ولكن الإعتماد المتزايد على العمل الاستخبارى من جانب الولايات المتحدة فى أفغانستان( وهونفس النهج تتبعه إسرائيل فى المنطقة العربية) يدل فى أحد جوانبه على فشل المؤسسات العسكرية فى إستخدام مالديها من إمكانيات عسكرية متطورة غير مسبوقة، فى حسم صراعها مع الشعوب الإسلامية وذلك بسبب تنامى قوة المقاومة الإسلامية المسلحة فى تلك البلدان ـ رغم تضييق الأنظمة الرسمية عليها وتغييب الوعى الشعبى.
ويرى بعض المحللين أن لجؤ أمريكا وإسرائيل إلى الحلول الإستخبارية يعكس صعوبة اللجؤ إلى العمل العسكرى وعدم نجاحه فى المرات الأخيرة التى ظنوا أنها حاسمة .
وينظرون إلى العمل الإستخبارى على أنه المحاولة الأخيرة لإستعادة جزء من الهيبة الردعية المتهاوية، وأيضا إسترداد جزء من الخسائر الاستراتيجية والسياسية فى تجاربهم الضخمة الفاشلة .
ولذلك فإن من مصلحة أجهزة المخابرات دوما إضعاف الجيوش حتى يقوى دورها فى الحكم وتتراكم فى يدها الأموال والإختصاصات.
وتعتمد المخابرات على عمليات لامعة إعلاميا، ولكنها فى الغالب ذات آثار بعيدة المدى تؤدى إلى إفشال مهام الجيش. مثل عمليات الإغتيال والإختطاف التى تؤدى إلى زيادة النقمة الشعبية وإشتداد المقاومة ضد للإحتلال. فيتحمل الجيش وزر ذلك ” النجاح الإستخبارى” ويظهر على أنه هو المقصر، بينما المخابرات تظهر فى صورة ناجحة ومبهرة أمام الرأى العام.
# فرغم نجاحات تكتيكية للعمل الاستخبارى الأمريكى ” الإسرائيلى ” فإنه حمل فى جنباته سلبيات أكثر خطورة على المستويات الاستراتيجية والسياسية ـ أى على العكس تماما من الهدف الذى من أجله أعتمد ذلك الأسلوب .
لقد أغرى بريق النجاح والإحتفالات الإعلامية الصاخبة، أجهزة الاستخبارات بتوجيه ضربات كبيرة ـ ولكنها إستعرضها أكثر من أى شئ آخر .
ذلك لأنها لم تضعف المقاومة الجهادية ، بل زادت من عزيمتها على المضى قدما.
وكذلك فإن وعى الشعوب ، على الأقل بسبب الإنفتاح الإعلامى العالمى، جعل من السهل إكتشاف الحقائق خلف كل ضجيج وخلف كل بريق مبهر تم إصطناعته إعلاميا.
ـ وإذا نظرنا إلى ساحات نشاط العمل الإستخبارى الأمريكى “الإسرئيلى ” نجد أنه يمتد من عمليات الإغتيال إلى الإختطاف ، إلى التأثير على عمليات إتخاذ القرار لدى الدول والجماعات المعادية ، وصولا الى تفكيك تلك الدول ـ أو الجماعات ـ بواسطة بث الفرقه والصراع والفتن الداخلية على أسس عرقية أو طائفيه .
وقد استخدمت كل تلك الأساليب فى أفغانستان ومناطق القبائل الباكستانية .
فلما وجد الأمريكيون أن الشعب الأفغانى متحد تحت قيادة الإمارة الإسلامية من أجل مقاومة المحتلين وطرد جيوشهم من أفغانستان .
وأن الآله العسكرية الجبارة لأمريكا وحلف الناتو لم تؤثر فى عزيمه الأفغان وثورتهم الجهادية. إستخدم الأمريكيون أساليب الإستخبارات والحرب السرية لتعويض فشلهم العسكرى ، ولكن ذلك زاد من ورطتهم السياسية وخسائرهم المؤكدة على النطاق الاستراتيجى .
لقد بات واضحا أن الإستخبارات الأمريكية حاولت
تقوبض الجهاد فى أفغانستان بالأساليب الستة التالية :
1 ـ إشعال فتنة طائفية ” سنة /وشيعة ”
2 ـ إحداث إنقسام داخلى ” فى حركة طالبان بين (معتدلين ومتشددين) .
3 ـ عمليات إغتيال القيادات (خاصة بالطائرات منزوعة الطيار) .
4 ـ عمليات إختطاف القيادات ( كما حدث مع القائد الملا عبد الغنى برادر) .
5 ـ الغواية ( عبر الإغراء يدفع الأموال أو منح المناصب) .
6 ـ خلق مقاومة بديلة أو منافسة للإماراة الإسلامية وحركة طالبان .
وقد فشلت الإستخبارات الأمريكية ، والإسلامية الحليفة لها ،
فى العمل المشترك على تلك المحاور جميعا. فنجد مثلا:
1 ـ محور إشعال الفتنة الطائفية بين السنة والشيعة قد سقط منذ اللحظة الأولى لإنبعاث العمل الجهادى الجديد عام 2003 . وقرارات الإمارة الإسلامية عبر مجلس الشورى الأعلى الذى أعلن فك الارتباط مع تنظيمات إسلامية بعينها، كانت الإمارة قد وفرت لها فى السابق ضيافة أملتها ظروف إنسانية ولكن ليس أى إرتباط سياسى أو عملي أو إجتهاد فقهى معين ، سوى الإنتماء المشترك لدين واحد .
كما حظر مجلس الشورى نقل أساليب عمل تلك الجماعات فى العراق والتى أشعلت فتنة طائفية أودت بالجهاد إلى إنتكاسة خطيرة ومكنت المحتل من البقاء الآمن والمستقر.
وقد أدى ذلك الموقف من مجلس الشورى إلى وقوع الإمارة وقيادتها تحت وطأة ثقيلة من الهجوم الإستخبارى تسبب فى قتل أو أسر عدد من القيادات على رأسهم الملا عبد الغنى برادر الرجل الثانى فى تنظيم حركة طالبان ورئيس مجلس الشورى العالى فى الإمارة الإسلامية .
2 ـ كما فشلت أيضا المحاولة الإستخبارية لإحداث إنشقاق فى حركة طالبان وتقسيمها إلى معتدلين ومتشددين ، فهذا التقسيم غير موجود أصلا داخل الحركة الموحدة والمنظمة فى تشكيل مؤسسى يحدث لأول مرة فى تاريخ الجهاد الإسلامى بشكل عام وأفغانستان بشكل خاص .
فمن كانوا داخل الحركة ووقعوا فى أسر العدو لم يعد لهم تأثير داخلها حتى لو أرغمهم العدو على تصريحات أو مواقف تخدم مصالحة . أما الذين أرهقهم العمل وتفرقوا فى مناحى الحياة فقد إستبعدتهم الحركة من صفوفها ولم يعودوا يمثلونها. وأى موقف لهم لا يلزم غيرهم أو يلزم الحركة بشئ .
3 ـ عمليات الإغتيال الجوى بالطائرات منزوعة الطيار ـ لم يظهر لها تأثير يذكر على العمل الجهادى أو التأييد الشعبى الكاسح للمجاهدين . سواء كان ذلك فى الداخل الأفغانى أو فى مناطق القبائل الباكستانية . ذلك رغم أن غارات تلك الطائرات فى عام 2009 قد زادت من ناحية العدد عن إجمالى الغارات فى كل الأعوام السابقة منذ عام 2002 .
وأن عدد من قتلتهم أو أصابتهم قد تضاعف أيضا . وبدلا من أن يؤثر ذلك فى صلابة المجاهدين وأنصارهم ، كان التأثير عكسيا ـ على جانبى الحدود ـ وزاد العمل الجهادى قوة وإتساعاً .
4 ـ عمليات الإختطاف التى رتبتها المخابرات الامريكية والمتحالفين معها من أجهزة أخرى إسلامية وعربية، نالها نفس الفشل الذى لحق بعمليات الإغتيال . والنتائج كانت عكسية وزاد إصرار المجاهدين على مواقفهم السياسية فى الداخل والخارج ولم ينصاعوا ولو بمقدار ضئيل إلى أطروحات المحتلين وأعوانهم ولم يتصرفوا إلا بوحى دينهم ومصالح شعوبهم .
5 ـ أسلوب الغواية كان أشد فشلا من كافة الأساليب السابقة خاصة داخل حركة طالبان التى تقود وتنظم العملية الجهادية الشعبية كلها . وكانت الغواية منصبة على المال والمناصب الحكومية .
ولكن كل العناصر التى كانت قابلة للغواية قد أنضمت بسرعة الى معسكر الأعداء منذ وقت مبكر للإحتلال أو حتى قبل ذلك بسنوات .
والعناصر التى أصرت على إستمرار الجهاد حتى طرد المحتلين وإعادة الحكم الإسلامى ، لم يوقفهم عن الإستمرار سوى نيل الشهادة .
وكان سقوط الشهداء فى أرض المعركة خير وسيلة لتجنيد المجاهدين الجدد من الشباب . بل وحدث ذلك فى المستوى القيادى أيضا، إذ لم تخسر الحركة الجهادية الأفغانية قائدا إلا وظهر بعده عدد كبير من المؤهلين بشكل أفضل وأقوى .
وتلك من أهم مزايا الحركة الجهادية فى أفغانستان . لذا لم تتأثر ولو لثانية واحدة من إختفاء أعمدة ضخمة فى الحركة من أمثال مولوى إحسان الله إحسان، أو ملا بورجان فاتح كابول أو ملا داد الله القائد العسكرى العظيم، أو ملا برادر الاستراتيجى الأكبر فى الإمارة الإسلامية.
فهناك دوما من يملأ الفراغ على الفور وبشكل أفضل من السابق فى كل مرة . ولم يسبق لحركة جهادية إسلامية أن إمتلكت مثل ذلك العنفوان الذى يأبى الخمود أو التراجع .
فتلك الحركة ليست أفرادا ولا مجرد تنظيم أو حزب بل شعب وتاريخ ودين وتراث من الإباء ممتد منذ بدء الخليفة.
من أجل ذلك لم تنجح الولايات المتحدة ومعها الناتو وطابور طويل من أصحاب الخيانات، لم ينجحوا لا فى الأساليب العسكرية القاسية ولا الأساليب الأستخبارية المخادعة والغادرة .
والآن يدخل الشعب الأفغانى المرحلة النهائية من حربه الجهادية الظافرة ضد أمريكا والناتو الذين يقاسون من مقاومة أفغانية عنيفة ومقتدرة، كما يقاسون من أوضاعهم الداخلية المتدهورة ، ومن وضع دولى متأزم فشلت كل أساليبهم التلمودية فى إحتواء تعقيداته، فليس بالذهب وحدة يحيا الإنسان . فبريق الذهب يعمى الأبصار مؤقتا .. ولكن نور الإيمان هو الذى يعطى الهداية الدائمة. فالبنوك يمكنها أن تخرب العالم .. ولكن الدين وحده هو الذى يمكن أن يبنيه .
6 ـ تتميز حركة المقاومة الناجحة بالوحدة التنظيمية وتفادى ظاهرة التعدد التى تؤدى الى الضعف والفشل وتسلل النفوذ الخارجى الضار .
ـ ولأول مرة فى التاريخ الأفغانى الحديث يتوفر للشعب تلك الوحدة الجهادية. ويشعر بأهمية ذلك كل الذين عاصروا تجربة الجهاد ضد السوفييت والذى تعددت خلاله تنظيمات المجاهدين واشتعل القتال الداخلى فيما بينها فى الجبهات . وتقسم الناس بهذه الأحزاب على أسس قبلية وطائفية. بل أن الوحدة القبلية نفسها تجزأت وتصارعت على أسس حزبية .
وحتى العناصر الإجرامية وجدت لنفسها مجالا خصبا بين التنظيمات ومارست أعمالها البشعة تحت راية الأحزاب المتعددة .
ـ واشتهرت الأحزاب فى معظمها بولاء سياسى محدد لدول أجنبية ومجاورة . فزاد تأثير تلك الدول فى أفغانستان . وتمكنت من خوض صراع ضارى على النفوذ ولكن بدماء أفغانية مهدرة بلا حساب.
والآن تحاول المخابرات الأمريكية عبر أجهزه إستخبارية حليفة ونظام كرزاى لعميل، تحاول إحياء تلك الروح من جديد وبالتحديد عبر حزب إسلامى حكمتيار ، المعروف تقليديا بولائه الثابت للنظام الباكستانى. وصراعة المرير من أجل حيازة السلطة منفردا.
المقصود من تلك الفتنه /التى أيضا لم يصادفها من نجاح سوى الترويج الإعلامى /هو أظهار أن هناك أكثر من حركة جهادية مقاومة ، وأن كلها له الحق فى الإشتراك فى النظام القادم ـ أو المشاركه مع النظام الحالى .
وأن هناك صراعا قد ينشب من وقت الى آخر بين التيارين الجهادين تيار الإمارة الإسلامية ، وتيار حكمتيار الموالى لباكستان .
ورغم أن ذلك الحزب لم يتقدم لتكذيب ذلك علنا ـ إلا أن مصادر الإمارة الإسلامية تؤكد أن عناصر فاسدة كانت منتمية إلى ذلك التنظيم فى زمان السوفييت قد إنضمت حاليا إلى نظام كرزاى كميليشيات مرتزقة.
وأن مجاهدى الإمارة قد تصدوا لتلك الميليشيات الحكومية واقتلعوها من المناطق التى ظهرت فيها، وأرغموا المتبقى منهم على الفرار إلى أحضان المراكز الحكومية والأجنبية .
وظلت تلك الفتنة محصورة فى نطاق الفتنة الدعائية والإعلامية. أما على الأرض فلا ظل لها سوى فى نطاق الصدام المسلح بين المجاهدين وبين القوات الأجنبية أو الحكومية ، والميليشيات العميلة المتعاونة معهما .
ومازال الصف الجهادى سليما وموحدا . وأن الحزب المذكور لا وجود له خارج الدعايات الإعلامية . حيث تبخر وجوده العملى منذ وصول قوات حركة طالبان إلى مواقعة على أطراف كابول عام 1994 ، ثم إنتهى تماما فى عام 1996 حين دخل المجاهدون من حركة طالبان إلى كابول ، فتحول حكمتيار / كما باقى زعماء الأحزاب المنضمين إلى تحالف أحزاب الشمال/ الذين تحولوا إلى لاجئين يفرون من بلد إلى بلد حتى إنضم معظمهم إلى جيوش الغزو الأمريكى . غير أن حكمتيار بعد إقامة قصيرة فى إيران عاد إلى باكستان كى يعمل / كما كان سابقا وقت الجهاد ضد السوفييت / يدا باكستانية تفرق كلمة المجاهدين وتشعل الفتن الداخلية بين صفوفهم .
ولكن تلك الزوبعة الإعلامية ليست سوى جزء من الحرب النفسية التى تخطط لها أجهزة الإستخبارات الأمريكية تمهيدا لهجمات عسكرية باتت وشيكة.
وسوف تفشل حربهم النفسية والعسكرية كما فشلت كل حملاتهم السابقة التى تحولت على أرض المعركة إلى مجرد فقاعات من الصابون.
بقلم :
مصطفي حامد (ابو الوليد المصري)
copyright@mustafahamed.com
المصدر :
مافا السياسي (ادب المطاريد)
www.mafa.world