(مار جه) مفاجأة تنتظر العدو فى هلمند

العدو يحضر لعملية فى هلمند على مناطق محددة أعلن عنها مسبقا.
ـ على خلاف قواعد الحرب فى المباغته ـ فحددها بأنها منطقة ” مارجاه ” التى قال عنها الأخ الحافظ يوسف أحمدى الناطق الرسمى للإمارة الإسلامية بأنها منطقة مزدحمة بالسكان بها بساتين جمة . ولم يكن للعدو تواجد مسبق فى تلك المنطقة .

ومن الواضح أن العملية ذات أهداف سياسية فى المقام الأول ثم أهداف آخرى نفسية . أما عسكريا فليس هناك قيمة للعمل العسكرى فى حد ذاته حيث أن المنطقة ليست لها أهمية إستراتيجية كما يذكر الأخ أحمدى .

سياسيا :
الهدف الأول هو تشكيل ضغط سياسى على الإمارة الإسلامية من جهتين، الأولى هى سكان هلمند بشكل عام وسكان (مارجاه) بشكل خاص وهى مزدحمه بالسكان وذات بساتين جمة على قول (أحمدى ) .
فالعدو سوف يستهدف المدنيين بضرباته العسكرية لإيقاع خسائر كبيرة بهم ، ثم يدفع الكثيرين منهم إلى الفرار من المنطقة الخصبة الآمنة إلى حياة التشرد . متصورا أن ذلك يحرج المجاهدين ويجعلهم تحت ضغط الرأى العام .

و أن ذلك التحول الشعبى سيضعف موقف الإمارة ويجعلها أقرب إلى قبول التفاوض . فالعدو يتصور أن السكان هم النقطة الأضعف التى يجب توجيه ضرباته إليها . لأن ضرب قوات المجاهدين بشكل مؤثر هو أمر أصبح خارج قدرة العدو منذ سنوات.

 الهدف الثانى هو أن ضرب المدنيين فى مناطق هلمند ، سوف يضع فى يد المشاركين فى مؤتمر القبائل القادم ( لويا جركا ) ورقة ضغط على حركة طالبان لإجبارهم على التفاوض بدعوى الحرص أرواح وأرزاق المدنيين .

نفســيا :

معركة سهلة فى (مارجاه) ستتيح نصرا إعلاميا يرفع معنويات جنود العدو فى أفغانستان ـ ويمد السياسيين فى بلاد العدوان بأوراق داخلية تساند حملاتهم الإنتخابية هذا العام خاصة فى الولايات المتحدة.

  واضح أن العدو يريدها معركة سهلة بلا تضحيات فى أرواح الجنود حتى يرفع معنوياتهم بعد أن إستبد بهم السأم من حرب لا أفق لها ولا أمل فى نصر من أى نوع .

وقد صرح أحد كبار جنرالات أمريكا بأنهم يعلنون عن مكان هذه المعركة قبل وقوعها بوقت كاف حتى تتاح فرصة لمقاتلى ” طالبان ” وقياداتهم مغادرة المنطقة لتكون المعركة سهلة وبأقل الخسائر .

هكذا قالها بكل صراحة .. إنهم يريدون معركة سهلة بلا خسائر .
ولكن منطقة بهذه المواصفات التى تحظى بها (مار جاه) مناسبة تماما لإيقاع أشد الخسائر بالعدو حيث أن البيئة الزراعية والأشجار الكثيرة تتيح فرصا جيدة للمجاهدين فى المناورة بالحركة والنيران وضرب العدو من كافة الإتجاهات .

والعدو لا يريد خسائر فى جنوده بل يريد أن يحرق القرى ويقتل السكان فى معركة سهلة ، يسجلها إعلاميا على أنها إنتصار ضخم ويلتقط صورا لجنوده وسط نيران وبيوت محترقة وجثث لمدنيين سيصفهم أنهم قياديين كبار من مقاتلى “المتمردين ” .

ولكن من الواضح أن المجاهدين قد جهزوا لمعركة طاحنة سوف تقلب الموازين . ذلك ببساطة لأنهم لم ينسحبوا بل عززوا قوتهم وسط بيئة تساعد على الاختفاء والتمويه مع حرية المناورة كما ذكرنا .

  نفسيا فإن العدو فى حاجة إلى معارك سهلة من هذا النوع لتطعيم جنودة بالنيران ورفع معنوياتهم تدريجيا والخروج بهم من أجواء الهزيمة بعد إنسحابه من المواقع الجبلية المنيعة فى كونار ونورستان .

ومعروف أن معظم الجنود الأمريكين والحلفاء يعانون من تدنى المعنويات نتيجة إنحصار مجال حركتهم فى قواعد منيعة يتخندقون داخلها ـ وذلك مايطلقون عليه مرض الخنادق . الذى يحبط المعنويات ويطيح بالروح الهجومية فيشعر الجندى بالخوف والضياع إذا غادر خندقة أو منطقته المحصنة .

مثل ذلك الجندى يحتاج إلى معارك متدرجه تبدأ من الأسهل مثل التى يخططون لها الآن فى (مارجاه ) حتى يتخلص من خوفه .

أما إذا جوبه ذلك الجندى المرعوب بمقاومة شرسة مثل تلك التى تعود عليها مجاهدونا، فإن حالته تنتكس ويصاب بالجنون أو يقدم على الإنتحار. ولنا أن نتوقع تفشى تلك الحالات بينهم بعد المعركة المرتقبة .
من المعروف فى علوم حرب العصابات أن جيش العدو يكون قادرا فى مراحلها المبكرة على الوصول إلى أى نقطة يشاء فى البلد المحتل . ولكن المشاكل تواجهه فى حالة عزمه على الإستقرار . وعندها تبدأ المشاكل التى ترغمه على إخلاء الكثير جدا من المواقع . وذلك هو المتوقع فى “مارجاه”.

 فالعدو إذا كان مستعد لدفع ثمن باهظ فسيمكنه دخول القرية وأخذ الصور التذكارية والإعلامية التى يريدها. ولكن عليه أن يغادرها فى أقرب فرصة أو فورا على الأغلب ، والسبب هو أن البقاء سيكلفه أرواحا أكثر من تلك التى تكلفها فى الهجوم .

أما الجيش المحلى ” العميل ” فليس لديه القدرة على البقاء وهو إن تركوه فى القرية فسوف يكون مصدرا نادرا يزود المجاهدين بشتى مطالبهم من أسلحة وعتاد  لذلك لن تكلفه سلطات الإحتلال بتلك المهمة .
والنتيجة المتوقعة هى أن تلك الحملة إن أقدم العدو عليها فلن تؤدى إلى أى تغيير على الأرض وسوف يعود الوضع إلى ما كان عليه فور إنسحاب قواته .

ونفسيا لن تؤدى سوى لإنتكاسة قوية لمعنويات جنوده لأن نشوة إحراق القرى وقتل المدنيين سوف تتحول إلى كوابيس ليليه عندما يعودون إلى الثكنات .

أما سياسيا فإن ” لوياجركا ” ليس لها أى تأثير فى مجرى الأحداث السياسية لأن الثقل السياسى بالكامل هو فى يد الإمارة الإسلامية وذلك نابع من سيطرتهم العسكرية ومن عمق صلاتهم مع محيطهم السكانى الذى أرتبط بالجهاد منذ مئات السنين .

بقلم  :
مصطفي حامد (ابو الوليد المصري)
copyright@mustafahamed.com

المصدر  :
مافا السياسي (ادب المطاريد)
www.mafa.world