جرديز وتساقط المدن

أنهى حقانى معركتة المظفرة فى خوست ، وإنهمك بعدها فى تنظيم الأمور الداخلية فى المدينة بعد إنقشاع الحكم الشيوعى المحلى والإحتلال السوفيتى الذى إستمر لأكثر من عقد من الزمان . وقام الحكم الشيوعى للمدينة وما حولها من مناطق ، إعتمادا على قوات عسكرية كثيفة ، وميليشيات قبلية من داخل خوست وما جاورها . وعندما إشتد الخطر على المدينة تم تدعيم دفاعاتها بحوالى 8000 جندى من الميليشيا الأوزبكية من أتباع دوستم مجرم الحرب العتيد . نفس الميليشات رغم خسائرها الفاحة فى خوست ساندت الجيش الحكومى فى الدفاع عن مدينة جرديز .

  عند فتح مدينة خوست تدافعت القبائل إليها للسلب والنهب . وجاء قبليون من باكستان أيضاً للمشاركة فى حفلة “الغلول” التى لم تشهدها أفغانستان لها مثيلا من قبل ، إلا بعد فتح مدينة جرديز التى شهدت فوضى قبلية أشد . مجرد منع نشوب معارك دامية بين القبائل والمجاهدين للحفاظ على الغنائم والممتلكات الحكومية كان إنجازاً لا يقل عن فتح المدينة نفسها . لأن مجزرة من هذا النوع كان يمكن تعود بالقوات الحكومية لإحتلال المدينة ، رغم أن النظام كان أشد عجزاً من ذلك .

 لقد بادر حقانى بالهجوم على جرديز فى توقيت غير متوقع فأوقع صدمة كبيرة فى القوات المدافعة عن المدينة التى تبعد عن خوست بحوالى 90 كيلومتر هى طريق زدران الشهير. ونجح حقانى فى إستثمار عنصر المباغته وتمكن من تحطيم النطاق الدفاعى الأول ثم النطاق الثانى ، كلاهما فى نفس الإندفاعة حتى وصل إلى حافة المدينة ، وتبقى أمام قواته عبور جسر فوق نهر صغير لدخولها .      ولكن مفاجأة نتجت من تواطؤ باكستانى سمحت للقوات الحكومية بتلقى إمدادات كبيرة من المشاه والدبابات ، فتوقف زحف المجاهدين، وضاعت الفرصة . ونظراً للشتاء القاسى والجليد الذى يتراكم لعدة أمتار فى أكثر المناطق ، لم يكن ممكناً شن هجوم آخر قبل ذوبان الثلوج أو على الأقل عندما يتحسن الجو قليلاً فى الربيع . فى مرحلة الهجوم الأول شارك من العرب مجموعة أبوالحارث الأردنى إلى جانب قوات حقانى ، وكجزء منها . وشاركت مجموعة صغيرة جدا من عناصر القاعدة وبعض الأفراد المستقلين إل جانب مجموعة تابعة لحزب إسلامى حكمتيار تناوش من جهة الشرق .

عند الإعداد للهجوم الثانى فى الربيع ، إنضمت مجموعة جديدة من العرب ساهمت فيها القاعدة بمجموعة كبيرة – بمقاييس ذلك الوقت – ممن تدربوا فى معسكراتها، وزودتهم بالأسلحة وبالنفقات بالمشاركة مع  متبرعين من السعودية . لم تتح الفرصة لتلك المجموعة أن تشارك فعليا ، لأنه مع تحسن الجو إستسلمت القوات الحكومية ، فيما ظهر لنا وقتها إنه إستسلام عن طريق الخطأ . فقد إستبد اليأس بالجنود من جدوى المقاومة بعد أن بدأ النظام يتهاوى . فى الشمال الأفغانى إستسلمت مدينة مزار شريف طوعا وهى – أهم مدن شمال أفغانستان – وفتحت مصراعيها لقوات أحمد شاه مسعود – نجم مجاهدى شمال أفغانستان وقتها- الذى تحالف مع عبد الرشيد دوستم نجم الميليشيات الشيوعية الأوزبكية ، فيما ظهر أنه تمهيد لحرب عرقيه كان قد سبق التجهيز لها لمنع قيام حكم إسلامى على أيدى المجاهدين الزاحفين من الجنوب ” البشتونى” صوب العاصمة كابول.

مع سقوط كابل بدأت الحرب العرقية بالفعل ، مدعومة بالنعرات الطائفية بين السنةوالشيعة . فكانت فتنة فتحت أبوب أفغانستان أمام شتى التدخلات الأجنبية ، ودشنت مرحلة دامية وكئيبة من الحرب الأهلية ، فكانت خير وسيلة لإضعاف أفغانستان تمهيدا للغزو الأمريكى الذى كان مبيتا منذ سنوات ، بل منذ أن قرر السوفييت نرك أفغانستان . فالثروات والموقع الإستراتيجى لذلك البلد ما كان يمكن للشركات الأمريكية أن تتركها لأحد حتى للشعب الأفغانى نفسه.
تاريخ النشر على الإنترنت ( 24 ـ 12 ـ 2007 )

تحميل كتاب :
جرديز وتساقط المدن .. . إضغط هنا
https://goo.gl/AV3WYC

 

بقلم :
مصطفي حامد/ ابوالوليد المصري
المصدر :
www.mafa.world