فى الغارات الأمريكية على قندهار فى أكتوبر 2001 أن الطائرات النفاثه كانت ترسم صليباً فى السماء بدخانها الأبيض ثم تنقض على ما تحته من أهداف فتدمرها تماماً . الملاحظة الثانية هى أن الغارات الأولى إتسمت بطابع دينى ، حيث دمرت عدداً كبيراً من المساجد على أطراف المدينة بدون وجود مبرر ذلك .
تكررت ظاهرة الصليب المرسوم فى السماء بدخان الطائرات الأمريكية فى أماكن كثيرة ، بما فيها جبال تورا بورا فى جلال آباد التى تمترس فيها بن لادن ومعه قوة كبيرة من المتطوعين العرب . تم رسم الصليب الأمريكى قبل الهجوم النهائى على الجبل بواسطة الميليشيات المحلية التى كانت رأس رمح لعملية غزو أفغانستان . ميليشيات تحالف الشمال الذى كان الجسم الرئيسى لمقدمة الغزو ، وهو مكون من أتباع الأحزاب ” الجهادية !! ” السابقة فى زمن الإحتلال السوفيتى ، مدعومين بالطيران الأمريكى وما قدمه من قصف ومعلومات إستطلاع .
بدأ الكتاب بتلخيص تاريخى لتواجد العرب فى القضية الأفغانية وأهم محطات نشاطهم هناك . مع تركيز على القاعدة التى كانت المتسبب الأساسى الظاهر لإشعال تلك الحرب . فبعد عودة بن لادن إلى أفغانستان عام 1996 شكلت القاعدة مصدر قلق للوضع الداخلى ، حيث أيدت حركة طالبان من جهة ثم رفضت إتباع أوامرها من جهة آخرى . تصرف بن لادن بإستقلالية كبيرة عن الامارة الإسلامية وأميرها الملا محمد عمر . كان لذلك أسوأ الأثرعلى أفغانستان وأتاح أفضل فرصة للعدوان الأمريكى موفراً له الغطاء الأخلاقى والشرعى .
لكن السبب الحقيقي للعدوان الأمريكى لم يكن ردا على الحرب التى أعلنها بن لادن على الولايات المتحدة . فالعمليات التى قامت بها القاعدة ، فى أفريقيا وعدن ثم أخيراُ فى نيويورك ، لم تكن سوى خدوش على الجسد الضخم للإمبراطورية العظمى ، أهانتها قليلاً ، ولكنها وفرت لها فرصة العمر لغزو أفغانستان ثم العراق . فأطماع إقتصادية وإستراتيجية كانت تنتظر الفرصه أو الذريعة لتنفيذها . وقد وفر بن لادن وتنظيم القاعدة تلك الذرائع ، والمعتدى الأمريكى ظهر مجنياً عليه مدافعاً عن نفسه وعن العالم ضد وحش “الإرهاب الإسلامى” الذى يهدد دول العالم بما فيها بلاد العرب .
وهكذا إنقلبت الصورة رأساً على عقب ، ومازالت كذلك بفعل نشاطات متخبطة وعشوائية لما يسمى بالقاعدة { لأن تنظيم القاعدة الفعلي قد إنتهى عمليا بعد حرب أفغانستان عام 2001 ، والموجود حاليا مجرد إقتباس للإسم والإستفادة من شهرته وتاريخه ـ وهذا طبق الأصل ما حدث لجماعة الإخوان المسلمين بعد إغتيال مؤسسها } كما إستفادت أمريكا من أفعال جماعات كثيرة مجهولة أو مشبوهة أو كلا الأمرين معاً .
هذا الإنقلاب فى المفاهيم أدى إلى تحول أمريكا وإسرائيل إلى حلفاء إستراتيجيين ، ليس فقط للأنظمة العربية والإسلامية “!!” المهترئة ، بل لقطاع هام من الشعوب ونخب مثقفة أتقنت فن الصيد والقز من حبل إلى آخر . والنخب الإسلامية لم تكن أفضل حلاً من النخب العلمانية فى إكتساب مهارات المتاجرة السياسية والعقائدية ، فبعد تجربتها فى أفغانستان أتقنت لعبة توريد ” إستشهاديين” أبرياء للقتال حول العالم ، فى سبيل أمريكا ، أينما وجدت مصلحة أمريكية يجب أن تتحقق .
ــ حركة طالبان إتخذت مسيرة صاعدة منذ بدء جهادها عام 1994 لإصلاح الأوضاع المنحرفة التى تعيشها البلاد . إلى أن ورطها المجاهدين العرب فى حرب ام تردها ولم تخطط لها ، وبذلك أضاع العرب أفغانستان .
الآن وعلى أيدى حركة طالبان المدعومة بشعبها ، أوشكت أفغانستان على أن تتحرر مرة أخرى من الإحتلال الأمريكى . ولكن هذه المرة لن يكون هناك “عرب” أو معونات عربية أو غير عربية . صفحة جديدة تماماً من التاريخ بدأت بوادر نورها تشرق بالفعل منذ سنوات قليلة ، وسوف تكتمل بتحرير أفغانستان . ولكن بدون أن نعرف ما كان فى الصفحة السابقة سوف نخطى فى فهم ما هو قادم . فالتاريخ سلسلة متصلة من الأحداث الصغيرة والتغيرات العظمى ، وهذا ما يكشف هذا الكتاب عن جزء مهم منه .
تحميل كتاب :
صليب فى سماء قندهار … إضغط هنا
https://goo.gl/q4si4x
بقلم :
مصطفي حامد/ ابوالوليد المصري
المصدر :
www.mafa.world