لمقاومة سياسة الاحتلال في إبادة السكان جماعيا : حركة طالبان أمام تحدي تطوير ” قواعد الاشتباك “

0

بقلم : مصطفي حامد – ابو الوليد المصري

مجلة الصمود الإسلامية / السنة الرابعة عشرة – العدد ( 158 ) | شعبان 1440 هـ / أبريل 2019 م .                  

19/04/2019

لمقاومة سياسة الاحتلال في إبادة السكان جماعيا:

حركة طالبان أمام تحدي تطوير “قواعد الاشتباك”

– لن يتحمل الشعب الأفغاني أن يكون وحيدًا في تحمل سياسة الإبادة الجماعية.

– حركة طالبان واقعة تحت ضغط شعبي للدفاع عسكريًا عن أرواح السكان وممتلكاتهم، أو الذهاب إلى التفاوض بحثًا عن حل. لهذا يماطل الأمريكيون للحصول على تنازلات  جوهرية في المفاوضات.

– مطلوب قواعد جديدة للاشتباك تسمح بردع العدوّ، وإظهار عجزه عن حماية النظام العميل والرموز السياسية للاحتلال.

– التنازل في المفاوضات هو طريق للهزيمة المؤكدة، والحل يكمن في تطوير قواعد الاشتباك، واستلهام تجربة جروزني، وإعلان كابل منطقة حرب مفتوحة ضد الاحتلال.

دروس من معركة جروزني في الشيشان، لتجديد قواعد الاشتباك في أفغانستان:

1- الهجوم على العاصمة يؤدي إلى تخفيف الضغط الوحشي للعدوّ على الأطراف.

2- هجوم مجاهدي الشيشان على العاصمة جروزني أوقف المجازر ضد المدنيين، وأدى إلى فتح العاصمة وهزيمة العدو.

– لن يحصل عملاء الاحتلال في كابل على ما حصل عليه زملاؤهم في سايجون بالهروب جوًّا من فوق سطح السفارة الأمريكية أثناء سقوط العاصمة في أيدى الثوار. وهذه هي الأسباب.

– حدثت طفرة في الوضع السياسي لحركة طالبان في وسطها الأسيوي، مع قبول لحقيقة أنها مستقبل أفغانستان القادم. وينبغي أن تسعى الحركة إلى طفرة تسليحية طبقا لمعادلة (الصديق وقت الضيق). وهناك أرضية واقعية للتعاون الاستراتيجي مع الجميع.

 – سيهرب جيش الاحتلال بدون أن ينقذ سوى عدد محدود من كبار العملاء، على رأسهم حكمتيار .. لماذا ؟؟.

تحميل مجلة الصمود عدد 158 : اضغط هنا

 

 

سياسة الاحتلال الأمريكي في إبادة المدنيين الأفغان وتدمير مصادر رزقهم وهدم بيوتهم وقتلهم جماعيا بدم بارد، هي درجة من الوحشية لم يصل إليها الاحتلال السوفييتي في أوج جبروته. فالقصف المدفعي يترافق مع الغارات الجوية في وقت واحد، لإزالة قرى كاملة بسكانها من فوق سطح الأرض. والمداهمات الليلية بالقوات  الخاصة المحمولة جوًّا (فرق الموت) تمارس تفجير البيوت وقتل السكان بدم بارد، وخطف العديد منهم على اختلاف أعمارهم ومهنهم، والطيران بهم إلى المجهول، حيث يختفون إلى الأبد، ونادرًا ما يظهر منهم أحد مرة أخرى إما نتيجة للتعذيب حتى الموت، أو لاستخدامهم كقطع غيار في تجارة الأعضاء البشرية.

وتدمير المدارس الدينية يحظى بأولوية خاصة، سواء بالاغتيال الفردي للطلاب والمدرسين والعلماء أو بالقصف الجوي لحفلات التخرّج التي يحضرها وجهاء القوم وأولياء أمور الطلاب، فيسقط المئات ما بين قتيل وجريح. وهناك استهداف زائد لمواد الرزق سواء بنهب وإحراق الدكاكين التجارية أو قتل المزارعين في حقولهم بواسطة طائرات “الدرون”. أمّا تجمعات السكان في الأعراس والمآتم فهي هدف ثابت للطيران الأمريكى منذ اليوم الأول للعدوان. ونفس الشيء يقال عن استهداف الطائرات لسيارات المسافرين على الطرقات العامة بشكل عشوائي ومستهتر، وكأنه ممارسة لنوع من الرياضة أو التسلية التي لا تتاح لهم في بلادهم.

 

 

الهيئات الدولية والإبادة الجماعية للأفغان:

تواطؤ الهيئات الدولية مع الاحتلال الأمريكي هو أمر مشهور ومعروف للجميع. لذا لا يمكن التعويل على تلك الهيئات لإنقاذ مسلمي أفغانستان، أو أي مسلم صاحب حق في أي مكان. وتلك الهيئات مهنتها في أفغانستان التغطية على جرائم الاحتلال ، واتّهام المجاهدين بقتل شعبهم. وفي أفضل الحالات تقدم تلك الهيئات احتجاجا باهتا على جرائم كبرى ارتكبها الاحتلال ويصعب التستر عليها.

لا يمكن أيضًا التعويل على دعم ” إنساني” أوروبي حيث أن حلفهم العسكري “الناتو” هو شريك أصيل في جرائم الاحتلال. ولا داعي للحديث عن دعم إسلامي حكومي أوحتى شعبي، فالكل مشغول بصراعات مع نفسه ومع غيره، صراعات لا تنتهي ولا أصل لمعظمها.

 

هزيمة الروس في جروزني وقواعد الاشتباك الجديدة في أفغانستان

في بداية حرب الشيشان الأولى (1994 ـ 1996) تمكن الروس من طرد المجاهدين الشيشان من العاصمة جروزني ثم ملاحقتهم حتى أطراف الشيشان والتنكيل العنيف بالسكان لقطع تعاونهم مع المقاومة. وبالفعل خرج الكثير من المجاهدين والسكان من الشيشان ولم يتمكنوا من البقاء فيها، إلى أن عثروا على الحل، وهو التجمّع في هجوم على العاصمة، التي كانت القوات الروسية فيها غير جاهزة معنويًا لصد هجوم. فنجح المجاهدون في الاستيلاء على العاصمة جروزني بعد قتال شرس، وانتهت الحرب الأولى بانتصارهم على الروس.

 

 

من دروس معركة جروزني :

– إذا نشط العدوّ في الانتقام من الأطراف لإرهاب السكان وطرد المقاومة فإن الحل هو الهجوم على العاصمة، ليضطرّ العدوّ إلى وقف نشاطه في الأطراف أو تقليله إلى أقصى حد.

– لا يستطيع العدوّ تحمّل تهديد خطير على العاصمة، ولكن يمكنه تحمل تهديد أو حتى سقوط أي مدينة أخرى. لذا يركز كل تفكيره وقوته للدفاع عن العاصمة ومنع سقوطها.

– الهجوم على العاصمة كما أنه تطوير لقواعد الاشتباك، فإنّ مداه الطبيعي هو الاستيلاء على العاصمة وإعلان الانتصار النهائي في الحرب.

– الهجوم العنيد على العاصمة يصيب النظام بالرعب وفقدان الثقة في النفس وفي الحكومة المحلية العميلة، فتزداد النزاعات والإنشقاقات في كافة الاتجاهات. وكثيرون من رؤوس النظام يفكرون في حلول خاصة بهم، إما بالفرار إلى خارج البلاد أو بمحاولة الالتحاق بالنظام القادم.

 

تحميل مجلة الصمود عدد 158 : اضغط هنا

 

 كابل هي الحل :

– إعلان كابل منطقة قتال مفتوح مع الاحتلال، هو المدخل الصحيح لوضع قواعد جديدة للاشتباك، تتيح للمجاهدين الخروج من المعضلة الحالية، ومن مأزق العجز عن توفير الحماية لجميع المدنيين في ثلاثة أرباع البلد حيث السيادة لحركة طالبان، ناهيك عن تعرض المدنيين في الأراضي الخاضعة لسلطة الاحتلال وعملائه لنفس المعضلة، وليس أمامهم سوى الاستنجاد برحمة الخالق وبنجدة حركة طالبان. هذا بينما العدوّ يفاقم تلك المشكلة حتى يرغم طالبان على أمرين أحلاهما مُرّ: فإما تقديم تنازل جوهري عن أهداف جهادهم، أو أن تنهار العلاقة بينهم وبين الشعب الذي يعاني القتل والخراب  بشكل متواصل.

– في الوضع الجهادي الحالي في أفغانستان فإن الضغط على كابل سيريح سكان الأطراف كثيرًا ويرفع عنهم معظم الضغط. وتلك ميزة ليست متوفرة لأي مدينة أخرى. فقد هاجم المجاهدون مدينة غزني واستولوا عليها لعدة أيام، وأثناء احتدام معاركها شنت “عصابات الموت” المنقولة جوًّا غارات في عدة مناطق خاصة في ولاية فراه، حيث ارتكبوا مجزرة هناك للضغط على المجاهدين في غزني وإجبارهم على التراجع.

– كابل الآن تحت حصار فعلي باعتراف جنرالات الاحتلال الذين يرون استحالة تحقيق نصر عسكري على حركة طالبان. وخوفًا من هجمات طالبان لا يجرؤ جيش الاحتلال على نقل جنوده على طرقات العاصمة ويعتمد في تنقلاته على الطائرات. ويرى مسئول رفيع في كابل أن الحكومة تعجز عن عقد أيّ اجتماع خارج القصور كثيفة الحماية.

– يمتلك طالبان أرضية عمليات قوية للغاية داخل كابل، وتواجد متنوع ما بين عسكري ومدني ولوجستي. مع نفوذ عميق داخل دوائر النّظام الحاكم وأجهزته العسكرية والأمنية والإدارية، وذلك في كافة المستويات العليا والدنيا والمتوسطة. والبنية التحتية للمجاهدين في كابل إضافة إلى قوتها الذاتية، فإنها مستندة إلى دعم مجموعات جهادية قوية في الولايات المحيطة بالعاصمة.

 

الضغط المتدرج على العاصمة:

1ـ الخطوة الأولى هي الإعلان بأنّ العاصمة أصبحت ميدانًا لحرب مفتوحة بين المجاهدين وبين الاحتلال ومعه الحكومة العميلة.

2ـ الخطوة الثانية: المطالبة بإخلاء الأحياء الهامّة في العاصمة من النّشاط الدبلوماسي والمالي والتجاري ومن السكان، خلال مهلة محددة قد تكون شهرًا واحدًا.

مع ضمان حرية التنقل صوب المدن الأخرى لمن أراد مواصلة أعماله أو إقامته. وكل من يتخلف عن الرحيل خلال المهلة المذكورة يتحمّل هو نفسه مسئولية أي مخاطر يتعرض لها.

3 ـ العمليات العسكرية في العاصمة تكون طبق خطة متدرجة مُحَضَّرَة سلفاً وتتصاعد طبقا للتطورات العسكرية والسياسية. مع عدم استبعاد إمكانية الاجتياح الشامل للعاصمة عند ترنح النظام العميل، وحماته الأمريكيين. وكلما اشتدّ الضغط على العدوّ في العاصمة تراخت هجماته على المدنيين في الأطراف.

4 ـ مطالبة جميع المنتسبين للحكومة العميلة وفي أجهزتها المختلفة (عسكرية ـ أمنية ـ ادارية ـ اقتصادية) بالالتحاق بالإمارة الإسلامية، وتسجيل أسمائهم ومكان إقامتهم في أقرب تجمّع لطالبان، لتوفير الأمن لهم ولعائلاتهم، والتمتّع بإمكانية العفو العامّ طبقًا لقوانين الشريعة. ومن يصر على البقاء حتى فتح المدينة فسوف يتعرض للعقوبات الشرعية  الخاصة بالخونة والقتلة المتعاونين مع العدوّ. ولن يستطيع شيء إنقاذهم من ذلك المصير، كما حدث قبلًا لأعوان النظام الشيوعي عند فتح كابل على يد طالبان. ومن المشكوك فيه أن تتمكن مروحيات العدوّ من إنقاذهم من فوق سطح السفارة الأمريكية في كابل. أولا لأن السفارة نفسها قد لا تكون قائمة في ذلك الوقت، كما أنّ البحر ليس قريبًا من كابل كما كان قريبًا من سايجون، حيث تواجد الأسطول الأمريكي، ليلتقط أفواج العملاء الهاربين جوًا والسابحين بحرًا. أما من يقرر منهم البقاء في كابل واختيار طريقة الرئيس الماركسي نجيب الله، فإن أعمدة الإنارة في كابل كثيرة وتكفي لتعليق الجميع. فقط على كل منهم / وبكل ديموقراطية / أن يختار العمود الذي يناسب مقامه ومركزه في النظام العميل .

 

طفرة في الوضع السياسي لطالبان :

استضافت موسكو مؤتمر لمناقشة الوضع في أفغانستان بحضور حركة طالبان. وكانت خطوة كبيرة من موسكو نحو الاقتراب من الحركة. ولكن مازال الطريق طويلًا نحو تطبيع كامل للعلاقات وعبور حفرة النيران التي تركتها الحرب السوفيتية في العلاقات الروسية الأفغانية.

بكين بدورها اعترفت بحركة طالبان كطرف سياسي فاعل في أفغانستان. وهذه خطوة كبرى في مسيرة الألف ميل لتطبع العلاقات بين بكين وكابل.

إيران بدورها استقبلت وفد طالبان وتفاوضت مباشرة معه في خطوة غير مسبوقة، ويمكن اعتبارها مجرد بداية لعصر جديد من العلاقات الإيجابية بين طهران وكابل.

الهند لم تحسم موقفها بعد، وربما هي في شك في استجابة طالبان لفتح صفحة جديدة في علاقات لم تكن مزدهرة، بل كانت أقرب للعداء الهندي النشط تجاه لتلك الحركة. عبور أزمة الثقة ممكن من بوابة طهران التي اندمجت مع نيودلهي في مشاريع استراتيجية لربط الهند بوسط آسيا عبر أفغانستان بواسطة ميناء تشابهار وشبكة خطوط سكة حديد طموحة تمر عبر أفغانستان من أجل تبادل تجاري نشط بين الهند وروسيا وجمهوريات آسيا الوسطى وأفغانستان.

وذلك كان دافعا لبكين أن تقترب أكثر من حركة طالبان حتى لا تنفرد الهند بمشاريع طموحة شبيهة بالحلم الصين المسمى (الحزام والطريق) أي طريق الحرير سابقًا.

** إذن أسهم حركة طالبان هي العليا عسكريا وسياسيا، وينبغي السهر على دفعها قدمًا وتحديدًا في وسط نادي عمالقة آسيا الأربعة ( الصين روسيا إيران الهند)، خاصة مع إسناد مهمة السياسة الخارجية في الإمارة الإسلامية إلى الملا عبد الغني برادر البطل العسكري المغوار وفارس العمل السياسي للإمارة حاليا. وتلك مهمّة كبرى للجهاز السياسي في الحركة في طوره الفعال الجديد. وحيث أن غاية السياسة والحرب واحدة. فإن ذلك الانطلاق السياسي الضخم يجب تحويله إلى مكاسب تسليحية كعربون لصداقة حقيقية تتخطى المجاملات الدبلوماسية، تطبيقا لقاعدة (الصديق وقت الضيق) .

وليس هناك أفضل من الشعب الأفغاني في العرفان بالجميل والوفاء للأصدقاء الحقيقيين.

ومعلوم بأن الطفرة السياسية في وضع حركة طالبان، مع الإمكانات التسليحية التي يمكن أن تنتج عنها، هي ظروف مواتية لعملية (تجديد قواعد الاشتباك) التي نتحدث عنها.

فالمناخ السياسي مناسب للغاية، وإمكانية تطوير القوة التسليحية متوافرة، وذلك عنصر مساعد. كما أن فتح كابول وفرار الاحتلال، سيفتح المجال على مصراعيه أمام أفغانستان لاحتلال مكانه (جيوسياسية) نادرة المثال في العالم المعاصر.

 

تحميل مجلة الصمود عدد 158 : اضغط هنا

 

أسئلة هامة:

لماذا لن ينقذ الاحتلال جميع عملائه؟ 

ومن هم الأوفر حظًا في البقاء ؟؟.

ولماذا حكمتيار على رأس هؤلاء المحظوظين ؟؟.

يخطئ من يظن أن الولايات المتحدة سوف تترك أفغانستان وشأنها، أو أن تلك الدولة الشيطانية ستترك أحدًا مستريحًا على ظهر هذا الكوكب طالما أن فيها عرق ينبض.

وعروق أمريكا وقلبها النابض هو البنوك اليهودية الكبرى. ومعظم الدماء التي يشتغل عليها قلب ذلك الشيطان هو المال المعتصر من دماء فقراء ومظاليم هذا العالم. وفي المقدمة شعب أفغانستان الذي يزود تلك الآلة الشيطانية بترليون دولار سنويا أو يزيد، هي عائدات بيع الهيروين حول العالم، والذي يستخرجه الجيش الأمريكي من أفيون أفغانستان، مقابل عدة ملايين من الدولارات يذهب معظمها لتجار وسماسرة ومرابون محليون ، وتبقى الديون تتزايد على رأس المزارع الأفغاني الذي لا يجد مخرجاً من جحيم زراعة الأفيون.

– لم تتكلم الولايات المتحدة عن مغادرة أفغانستان إلا بعد أن استكملت بالفعل الأدوات التنفيذية لخطتها البديلة من أجل ضمان مصالحها، وعلى رأسها الأفيون .

ــ الجيش الأمريكي (15000 جندي) سوف ينسحب، ولكن ماذا عن جيش المخابرات المركزية الأمريكية وروافدها المحلية، وشركات المرتزقة الدوليون من بلاك ووتر وأخواتها.

ــ وماذا عن الدواعش الذين اندمجوا ـ حرفيا ـ في جيش المخابرات الأمريكية تدريباً وتسليحاَ وعملياتياً؟؟. فالقوات الخاصة الأمريكية وقوات المخابرات الأمريكية المرافقة لها يشنون الغارات لتحرير الدواعش من سجون طالبان، أو لإنقاذهم من الحصار. بينما يقوم الطيران الأمريكي والعميل بدكّ السجون المحتجز بها جنود الجيش والشرطة لدى حركة طالبان، كما حدث في موسى قلعة، رغم أن الحركة تفرج عن معظمهم وتسلمهم إلى عائلاتهم وقبائلهم بعد أخذ التعهدات عليهم بعدم القتال ضد المجاهدين مرة أخرى. فلماذا تخشى الحكومة من سياسة طالبان الإفراج عن الجنود الأسرى؟.

ــ للدواعش دور هام في السياسة الجديدة للتدخل الأمريكي في شئون أفغانستان، ونزح ثرواتها وعلى رأسها الأفيون ومعادن أخرى نادرة. وما دمنا نتحدث عن دواعش أفغانستان فإننا نتكلم بالضرورة عن عراب الدواعش الأفغان وأبيهم الروحي “حكمتيار”، خاصة وأن معظمهم قادمون من معسكرات المهاجرين التابعين له في باكستان.

 ــ لذا فإننا نتكلم بالضرورة عن باكستان كقاعدة خلفية لدواعش أفغانستان ـ وحتى للحركة الداعشية الدولية ـ التي وضعت باكستان لبناتها الأولى من تدريب وتجميع وتلقين المذهبي في مناطق الحدود الباكستانية قبل سنوات من ظهور دواعش العراق ومن تلاهم، وحتى قبل سنوات من بدء كارثة الربيع العربي.

ــ ونتكلم بالضرورة عن (حنيف أتمر) مستشار الأمن القومي للرئيس الأفغاني. وهو/ كمندوب عن الاحتلال /  مهندس مشروع داعش الأفغاني. وكان لابد له أن يدفع ثمنا في مقابل تعاون باكستان مع مشروع داعش الذي هو أحد أساسيات الوضع القادم في أفغانستان برعاية المخابرات الأمريكية.

لذا أهدى حنيف أتمر لباكستان جميع المناطق القبلية التي استولى عليها الاحتلال البريطاني لفترة مئة عام إنتهت عام 1993. قال حنيف إنه وقع مع باكستان اعترافا بخط “ديوراند” كفاصل للحدود الدولية بين البلدين. وكان من الفترض أن تعود مساحات شاسعة من الأرض المسروقة  إلى الوطن الأفغاني الأم . ولكن من لا يملك (حنيف أتمر) أهدى أرض أفغانستان لمن لا يستحق (نظام عمران خان). الذي بدأ مشروعا عملاقا لتسوير الحدود بين البلدين بالأسلاك الشائكة ومخافر الميليشيات، لتثبيت أمر واقع جائر وغير قانوني، وجعله أبديا.

دور باكستان القادم في مرحلة التدخّل التخريبي لأمريكا في أفغانستان هو دور محوري للغاية، يشمل حكمتيار وداعش، كما يشمل الترتيبات الجديدة لتجارة الهيروين الدولية، بداية من مراكز التصنيع الجديدة في أفغانستان، وصولا إلى طائرات النقل العسكري التابعة للقوات الأمريكية في باكستان، وأسطولها في كراتشي.

ــ يدير حكمتيار في أفغانستان عمليات نسف وتدمير واغتيالات بواسطة أبنائه الدواعش.     لقد ضمن ـ تقريبًا ـ نصيبًا بارزًا في برنامج أمريكا الجديد لتخريب أفغانستان ونهب ثرواتها بعد انسحاب الجيش الأمريكي وتولي الإمارة الإسلامية زمام الحكم، لتجد نفسها في مواجهة مرحلة تخربية تديرها الولايات المتحدة بمخابراتها وعملائها. وبالتالي فإن مخاطر حكمتيار بعد الانسحاب الأمريكي مرشحة للتزايد وليس التناقص. وذلك قد يضعه في مرتبة متقدمة من بين أعداء الشعب الخطرين. لهذا سيكون حكمتيار على رأس قائمة المحظوظين الذين سيحافظ عليهم الاحتلال لإعادة استخدامهم في المرحلة القادمة. وهناك قلائل من رجال النظام الحالي يتمتعون بهذا القدر من “الحظ السعيد”!!. فأكثرهم قد انتهت أدوارهم وسيكونون عبئا في المرحلة القادمة التي تحتاج إلى مهارات وإمكانات لا يتمتعون بها. لهذا سيتركهم الاحتلال خلف ظهره، أو سيرميهم بنفسه إلى سلة القمامة مع من سبقهم من عملاء انتهى عمرهم الافتراضي.

 ومع كل هذا القدر من “الحظ السعيد” والحظوة لدى الاحتلال ومخابراته، فإنّ الزعيم المتحول (حكمتيار) ، لن يكون أصعب منالا ممن سبقوه من العتاة ، من أمثال “عزيز كاروان” أو”جبار قهرمان” أو الجنرال “عبد الرازق” وغيرهم كثيرون، سقطوا من علياء سلطانهم وجبروتهم إلى الطين ، مُضَرَّجين بدماء الخيانة والعار .

 ولكلِ أجلٍ كتاب .

 

تحميل مجلة الصمود عدد 158 : اضغط هنا

 

بقلم  :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
المصدر:
مافا السياسي ( ادب المطاريد )

www.mafa.world

 

 

المقاومة سياسة الاحتلال في إبادة السكان جماعيا : حركة طالبان أمام تحدي تطوير " قواعد الاشتباك "

 



ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا