الإمارة الإسلامية : العفو العام و استراتيجية الحرب من خطوط متداخلة

0

الإمارة الإسلامية :

العفو العام و ( استراتيجية الحرب من خطوط متداخلة  )

 

العفو الشامل الذى أصدرته الإمارة الإسلامية بحق جميع من عملوا ضمن النظام السابق ، أثار إستغراب البعض كونه غير مألوف فى مثل تلك المواقف، فى أعقاب التحرير والإستيلاء على السلطة فى معظم الدولة ، حتى أن الحرب الدائرة الآن ليست ضد النظام وبقايا قواته المسلحة بقدر ما هى حرب ضد سلاح الطيران الأمريكى .

إندفاع المجاهدين كالسيل إلى مناطق التكدس السكانى والمدن الكبرى ، أثار رعب من عملوا ضمن النظام القديم ، لهذا جاء بيان الإمارة قوياً لتأمين الذين سبق لهم العمل فى الجيش والأمن أو أجهزه الإدارة المدنية.ولذلك معانى تتعلق بظروف الحرب فى أفغانستان وملابساتها المعقدة  لهذا تميزت قرارات الإمارة الإسلامية بالهدؤ وبث الطمأنينة فى نفوس الجميع ، وكبح نزعات الإنتقام رغم أن لمعظمها مبررات قوية .

أعطت الإمارة تعهداً بضمان حياة وممتلكات وكرامة هؤلاء الذين عملوا سابقا مع النظام وتعهدت بحمايتهم ، ومنع مجاهديها ـ أوالأهالى ـ من إرتكاب أى تجاوز فى حقهم .

 

 

من أسباب صدور العفو :

– تفادى ما حدث فى أعقاب الحرب السوفيتية وسقوط النظام الشيوعى عام 1992 ، من إنتشار واسع للفوضى ، وعصابات السطو المسلح ـ وجميعها كان يدعى لنفسه أنتماءاً حزبيا يرتبط بنظام كابول . وكان يحصل عند الضرورة على دعم من هناك . حتى صارت معظم الأحزاب عبارة عن مافيات كبرى على إتساع البلد ، عملت معظم الوقت بشكل موضعى كل مجموعة فى مكانها. ولكن عند ظهور حركة طالبان إتحد معظمها لمقاومة الحركة فحصلوا على دعم مكثف من حكومة كابول ومن دول خارجية .

– الفوضى العارمة كانت السبب المباشر فى تشكيل حركة طالبان بقيادة الملا محمد عمر، وتصديه الحاسم، الذى قاده إلى إسقاط حكومة كابول وإقامة نظام الإمارة الإسلامية على إنقاضها.

منذ اليوم الأول من ظهور حركة طالبان ، ثم قيام الإمارة الإسلامية ، واجهها الأعداء بسلاح الحرب الأهلية التى دعموها بالمال والإسناد السياسي الدولي .

حتى أنهم أثناء غزو أفغانستان جعلوا إتحاد تلك العصابات فى مقدمة جيوش الإحتلال، بعد تقديم المال لزعمائها ، وساندتهم بالطيران خاصة B52 ، التى تحمى الآن فرار المعتدين كما دعمت تقدم عدوانهم فى بدايته .

خلال 20 عاماً لم يهدأ الإحتلال لحظة فى تكوين مجموعات الفتنة الداخلية. وعندما لم يجد منها ما يكفى إستورد من الخارج مجموعات مثل الدواعش، ومجموعات قبلية ركزها وراء الحدود الباكستانة فى إنتظار الأوامر . وقد تحركت فى مرات كثيرة ولكن على نطاق محدود، نتيجة عدم وجود أرضية داخلية كافية تساندها.

عدة أجهزة مخابرات دربت مجموعات مرتزقة فى الداخل على شكل مجموعات إستخبارية عالية التدريب . فدربت إسرائيل مجموعات وكذلك فعل الأمريكيون والباكستانيون والأتراك .

بعض تلك المجموعات أخذت طابعاً شبه حكومى وملابس عسكرية، وأطلقوا عليه رموزا تبدأ عادة بالرقم صفرعلى الشمال يليه رقم آخر . ولم تكن تحت سيطرة الجيش المحلى ، بل تابعة لجهاز الإستخبارت الأمريكى /الاسرائيلى المشترك.{ فى مرحلة الفتوحات الأخيرة تعرضت تلك القوات لهزائم ثقيلة للغاية وصلت أحيانا إلى درجة الأبادة لمجموعات بأكملها ـ وهى الآن قيد المتابعة والمطاردة العنيدة من قوات طالبان فى كل مكان}.

– فى حالة إنتشار عمليات الإنتقام العشوائي ، فإنها غالبا ستخرج عن السيطرة بفعل تلك المجموعات الجاهزة لإشعال حرب أهلية تدربت وتسلحت من أجلها .

فأحبط قرار الإمارة ذلك المخطط ، الذى إن بدأ الآن فسيكون مكشوفاً ومحروماً من الدعم المحلى ، الذى هو أساس نجاح أى عمل مسلح سواء كان مشروعاً أو غير مشروع.

 

خريطة  حرب الخطوط المتداخلة :

قوة طيران العدو تجعل الخطوط الخلفية للمجاهدين أشد خطراً من خطوطهم الأمامية.وبظهور الطائرات بدون طيار (درون) وقدرتها على قنص الأفراد والأهداف الصغيرة بدقة. صار {القتال من خطوط متداخلة} ضرورة لموجهة تلك المعضلة.

– ذلك النوع من الحرب تطور واتسع ليشمل معظم مجالات الإشتباك . وفيها صارت الخطوط واحدة للطرفين ، والقتال يدور من هذا الإقتراب الشديد.أحد تطبيقات هذه الإستراتيجية كان إختراق القواعد العسكرية وصفوف القوات المقاتلة وتوجيه الضربات للعدو من داخلها.

– من خصوصيات حرب أفغانستان كان ظهور الصراع بين CIA والجيش الأمريكى. ثم بين الجانب الأمريكى كله والأفغانى كله، خاصة الجيش والإستخبارات. ثم ظهور المخدرات كمادة صراع لا رحمة فيه بين الجميع ، تطور إلى حرب خفية وإغتيالات، وبيع معلومات لطالبان. ثم بيع أسلحة وأسرار سياسية وعسكرية. إلى ذلك العمق تمكنت حركة طالبان من التسلل إلى داخل خطوط العدو. وصل الأمر لدرجة أن تواجدت معه فى كل مجال وكل مكان . فظهر للأمريكيين ، وللجميع ، أن هزيمة الإحتلال باتت مؤكدة ولا مهرب منها .

 

– فما هو الرابط بين قرار العفو الشامل الذى أصدرته الامارة الإسلامية مع إسترتيجية (الحرب من خطوط متداخلة) ؟؟ .

شأن كل حرب فإن الحرب من خطوط متداخله لها خريطة معقدة ، وسرية للغاية حتى بالنسبة لقادة ذوى مكانة عالية، لأنهم فى حاجة إلى جزء محدود من تلك الخريطة وليس إليها كلها.

–  العفو العام عن كل العاملين فى الحكومة يمكن إفتراض أنه إجراء لحماية جنود مخفيين لهم دور كبير فى تلك الحرب ، أو ساهموا بشدة فى تحديد نتيجتها .

هؤلاء الأبطال لا يمكن الكشف عن هوياتهم إلى مدى طويل قادم . وفى نفس الوقت لابد من حمايتهم من أى عمليات فوضى قد تثيرها عمليات إنتقام منفلته.

– كثيرين ممن إستسلموا أو أسروا لم يساهموا فى تلك الحرب المتداخلة ، ولكن إذا رأوا أن نتائج الحرب باتت محسومة ـ وأن الإمارة هى الطرف الرابح والمنصف، فإنهم قد يجدون الشجاعة للكشف عما لديهم من أسرار مازالت مجهولة، أو ثروات مخفية من أموال أو معلومات، أو خطوط إتصال عالية القيمة للإمارة ، الآن أو بعد التحرير.

 

بقلم  :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
المصدر:
مافا السياسي ( ادب المطاريد )

www.mafa.world

 

 

الإمارة الإسلامية : العفو العام و استراتيجية الحرب من خطوط متداخلة

 



ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا