علماء بن سلمان فى مواجهة جنود الرحمن (3)

4

علماء بن سلمان فى مواجهة جنود الرحمن  ( الخاطرة الثالثة ـ الأخيرة)

جرائم السعودية ضد الشعب الأفغانى

مستمرة منذ الغزو السوفيتى وإلى الآن

“بغال الإفتاء” بعد “بغال التحميل” فى خدمة أعداء الإسلام من يهود وصليبيين .

 

العناوین :

– رأت أمريكا فى جهاد أفغانستان حربا بالوكالة ينبغى أن يخسرها كل من قاتل فيها .

– إستخدام الإسلام كورقة فى الصراع بين القوى الكبرى فكرة قديمة بدأتها بريطانيا مع الوهابية ضد تركيا . وألمانيا مع مفتى فلسطين ضد بريطانيا.

– الغرب إستخدم حركات الإسلام السياسى فى ضرب القوى الوطنية المنادية بالإستقلال واتهامها بالإلحاد . والتهمة الآن هى الزحف الشيعى والنفوذ الإيرانى .

– السعودية ساعدت المتطوعين العرب إلى أفغانستان للسيطرة عليهم ماليا ومذهبيا وأمنيا .

– السعودية راهنت على سياف لقيادة الأحزاب ، وإستقطاب المتطوعين العرب ومراقبتهم .

– أمام الكعبة المشرفة وخلف إمام المسجد الحرام تعهد رؤساء الأحزاب بالحفاظ عى الإتحاد بقيادة سياف ، ثم نشب الخلاف على أبوب الحرم ، وتسابقوا صوب القصر الملكى .

– عندما رمى مولوى خالص بالشيك فى وجه المسئول السعودى قائلا : خذ مالك إن كان ثمنه سكوتى .

– السعودية صنعت حزبا سلفيا بقيادة جميل الرحمن من أجل إحداث فتنة مذهبية بين الأفغان والعرب السلفيين .

– الهلال الأحمر السعودى قام بدور كبير فى إختراق الجبهات الأفغانية والتدخل فى شئون المجموعات العربية داخل أفغانستان .

– لفق الهلال السعودى أشهر قضية خطف طائرات راح ضحيتها جامعى مصرى فى مجال الكيمياء ، سجن إلى الأبد فى باكستان .

– حكومة تركى الفيصل فى كابل كان أهم واجباتها إشعال كافة الفتن العرقية والمذهبية بين الأفغان ، بواسطة حرب أهلية طويلة .

– جدال بين تركى الفيصل والملا عمر كاد أن يتطور إلى إشتباك بالأيدى . وأمر الملا عمر بطرد السفير السعودى ومنع عودته إلى أفغانستان .

– السعودية هددت الإمارة الإسلامية بمنع الحجاج الأفغان من دخول المملكة .

– بعد الإحتلال الأمريكى أنشأت السعودية جامعة وهابية فى كابل ، لتخريج دواعش المستقبل لضرب الإستقرار فى أفغانستان وما حوها من بلدان .

– لم يكشف النقاب عن دور السعودية فى تمويل الحرب الأمريكية على أفغانستان . وتزامن حديث أمريكا الآن عن الإنسحاب من أفغانستان مع خواء الخزينة السعودية ولجوء المملكة إلى الإقتراض !!.

بقلم  : مصطفي حامد – ابو الوليد المصري

 

جرائم السعودية ضد جهاد الشعب الأفغانى - الخاطرة الثالثة و الاخيرة

فكرة إستخدام الإسلام فى صراع الدول الكبرى ضد بعضها للسيطرة على العالم الإسلامى فكرة قديمة . أبرزها فى العصور المتأخرة كان إستخدام بريطانيا للحركة الوهابية المتحالفة مع آل سعود من أجل الإستيلاء على الحرمين الشريفين وطرد العثمانيين من جزيرة العرب لحرمانهم من غطائهم الشرعى الذى تمثله رعايتهم للمقدسات الإسلامية ، وبالتالى تسقط شرعية الإمبراطورية العثمانية كدولة (خلافة) يطيعها معظم المسلمين السنة فى العالم . وبالتالى أى دعوة للجهاد قد يطلقها ” الخليفة” فى إسطنبول لن يكون لها صدى مؤثر ، فلا يهب المسلمون لإنقاذ “الخلافة” إذا تعرضت تركيا للخطر . وكانت الحسابات البريطانية تتجه أساسا إلى المسلمين فى الهند ، نظرا لخطورة الهند على المكانة الدولية لبريطانيا العظمى ، فقد كانت الهند بحق (درة التاج البريطاني) كما كانوا يصفونها .

 

إنتصار الوهابية السعودية فى جزيرة العرب كان مقدمة لابد منها لسقوط الإمبرطورية العثمانية ، ومن ثم سقوط فلسطين فى يد اليهود عبر الانتداب البريطانى الذى فى عهده تم التأسيس الحقيقى لتواجد اليهود وقوتهم اللازمة لطرد العرب وفرض حكمهم على معظم فلسطين .

 

الإنتصار الوهابى السعودى كان مقدمة لإنفراط عقد العرب إلى عدد كبير من (أشباه الدول) وحثالة الحكام وشعوب تائهة فى فهم واقعها والتعامل معه ، بعد قرون متتالية لم تعش فيها يوما بدون رباط إسلامى تمثله إمبراطورية إسلامية (خلافة) مهما كانت علاتها ، ولكنها كانت تمثل رباط روحى وسياسى ودفاعى . ومنذ ذلك الوقت والعرب فى تراجع دائم ، وتزداد غربة الإسلام فى أرض الإسلام ، بل أن التواجد المادى للعرب بات مهددا بالاجتياح اليهودى الإقتصادى والثقافى والسياسى والفكرى والعسكرى .

 

منذ عهد عبد العزيز آل سعود وظهور النفط فى رمال بلاده ، وخضوعه مقدما لليهود ــ حسب رسائله لقادتهم وتعداته للرئيس الأمريكى ترومان ــ واعترافه بحقوقهم عليه وعلى أجداده، وتعهده بخدمة مصالحهم ودولتهم القادمه فى فلسطين . بدأ العرش السعودى بإشراف أمريكا حملة ضارية ضد الإسلام (السنى) وأنفق مليارات كثيرة من عائدات النفط لنشر(السلفية) أى الوهابيه بشكل أوضح .

 

إستمر ذلك لعقود إلى أن صارت السلفية السعودية مثل الزبد الذى يغطى سطح الحياة الدينية للمسلمين فى بلاد العرب وبلاد المهجر فى دول الغرب وحتى فى أفريقيا وآسيا . فى معظم بلاد العرب تكاد لا تسمع شئ عن المذاهب الأربعة التى يتعبد بها المسلمون من أهل السنة إلى خالقهم وكأنها إختفت بطريقة غامضة. بل صارت متهمة ومطاردة ومنبوذة حتى إنزوى أتباعها بعيدا عن أنظار الهجمات السلفية الضارية ، وحربا نفسية بالتشنيع والإتهامات .

 

ورحبت الأنظمة العربية جميعا بالتيار السلفى الوهابى ، حتى تلك الأنظمة التى حاربت الحركة الإسلامية السياسية واضطهدتها بكل وحشية ، مثل عبد الناصر فى مصر والبعث فى العراق وسوريا ، واليسار فى جنوب اليمن والجزائر.

 

فكرة إستخدام الإسلام فى الصراع السياسى بين الكتل الدولية هو فكرة قديمة حتى هتلر فى ألمانيا حاول الإستفادة منها عبر التقارب مع مفتى فلسطين (الحاج أمين الحسينى) الذى كان معاديا لبريطانيا وإستعمارها لفلسطين الذى مكن لليهود من السيطرة عليها تحت حماية حراب الجيش البريطانى .

 

–  حتى قبل سنوات من بدء الحرب الباردة بين الكتلتين الغربية (الديموقراطية) والشرقية (الاشتراكية /الشيوعية) كانت فكرة إستخدام الإسلام فى تلك الحرب حاضرة ، وموضع سعادة من تيارات إسلامية بارزة رأت أنها مدخل إلى قلب الغرب ودعمه المادى والسياسى. فاستخدمهم الغرب بالفعل ضد الحركات الوطنية المعادية للغرب داخل المستعمرات الغربية التى بدأت تطالب بالإستقلال . وبعضها كان يريده إستقلالا حقيقيا وسيادة فعلية على القرار الوطنى . بإيعاز من الغرب ، الحركة الإسلامية تصادمت مع هؤلاء واتهمتهم بالشيوعية والإلحاد . بدورها الحركة الوطنية إتهمت هؤلاء بالرجعية والعمالة للغرب ، ومازال الصدام مستمرا حتى هذه اللحظة ، ظاهرا أحيانا وخافتاً أحيانا حسب ظروف كل مجتمع . ظروف ذلك الصراع دفع الحركة الإسلامية السياسية والدعوية ثم الجهادية لاحقا إلى التحالف الوثيق مع السعودية ودول الخليج بحثا عن المأوى الآمن ، والأمن الإقتصادى والتحالف السياسى ، وأصبحت جميعها سلفية سعودية من ناحية المنهج الدينى والفكرى.

 

–  وقع الإنقلاب الشيوعى فى أفغانستان فى 27 أبريل 1978 ، وكان داميا وعنيفا ومدعوما بقوه من (الأخت الكبرى فى الشمال) أى الدولة السوفيتية . فكانت مجازر همجية إستفاد المنقلبون العسكريون فيها من عزلة أفغانستان عن أعين وأسماع العالم .

 

القرار الأمريكى وقتها كان ترك ذلك النظام الناشئ ليتولى زمام دولة ماركسية عقائدية ضعيفة وعنيفة ودموية ، لن تضر إلا نفسها ولكنها ستتيح الفرصة لتدخلات أمريكية لا حد لها بدعوى حماية المنطقة من الغزو الشيوعى الزاحف نحو المياة الدافئة .

 

كان الهدف هو إبعاد رياح الثورة عن إيران والقضاء على أرهاصاتها الزاحفة . وأيضا إحكام القبضة المحكمة أصلا عى محميات النفط العربية على شاطئ الخليج ، وإشاعة الذعر من الزحف الشيوعى على بلاد العرب . وبالتالى تصبح أى حركة ـ او نظام حكم ـ يطالب بالإستقلال أو بشئ من الحقوق ، موضع إتهام بالشيوعية والإرتداد عن الإسلام . وهناك حركات سلفية فى كل بلد ، مستعدة للعب دور المدافع عن الإسلام ضد الشيوعية .

 

وهذا الدور يلعبونه الآن ، بحيوية وعنف ودعم سعودى أمريكى بلا حدود ، ضد أى شبهة ثورة أو مناداة بالإستقلال أو حقوق لشعوب المنطقة ، والتهمه الجاهزة هى ( الزحف الشيعى ) (النفوذ الإيرانى) إضافة إلى الإتهامات التاريخية بالشرك والكفر والبدعة .

 

ولكن حتى ربيع 1980 (أى بعد حوالى أربعة اشهر من زحف الجيش الأحمر السوفيتى على أفغانستان) لم يكن القرار الأمريكى قد أتخذ لإستخدام الورقة الإسلامية ضد السوفييت فى مجال جديد تماما هو(الجهاد المقدس) ، بل ظل طول تلك الفترة (حوالى 24 شهراً) وهو يعتمد على الحملات الإعلامية فى العالم وأوساط المسلمين لتشويه أعدائه السوفييت مؤلباً المسلمين عليهم وعلى حلفائهم فى العالم العربى . والإتجاة السياسي فى الحركة السنية (الإخوان المسلمين) كان خير معين وأكبر متحمس للحملة ضد الشيوعية متبرعا وملمحاً بتقديم خدماته للغرب فى أى مجال ضد السوفييت سوى حمل السلاح .

 

الذى حدث هو أن الشباب العرب التواقون للجهاد فرضوا ذلك النهج الجهادى بمبادرتهم الخاصة . فى البداية حاولت أمريكا بالتعاون مع باكستان منع ذلك التوجه الذى خشوا من أن يتطور إلى مالا تحمد عقباه . محاولات المنع الحازم لتسلل للمتطوعين العرب إستمرت عدة أشهر لوقف تيار ضعيف لكنه مستمر . أخذ التيار الصغير والمتحمس يتوسع ساعيا للتسلل عبر الحدود بمساعدة مجاهدون أفغان وبحماس الشباب العرب مع ضعف الإدارة الباكستانية ، وانتشار الرشوة وقلة الكفاءة ، وتعاطف شعبى كبير فى باكستان مع الأفغان وجهادهم . كما ظهرت وبوادر إعتراض داخل الجيش الباكستانى وقطاع من قبائل الباتان على الحدود وأيضا والرأى العام الباكستانى المتدين وهم الأغلبية العظمى . كل ذلك فرض حلا آخر على الولايات المتحدة وحليفاها السعودية وباكستان . كان لابد من ركوب الموجة بدلا من مواجهتها . فإمتطاء الموجة وتوجيه حركتها كان الحل الأمثل والذى تم تطبيقه فعلا . فتولت السعودية وباكستان التنفيذ الميدانى . السعودية تولت تبنى ومساعدة حركة المتطوعين العرب والتحكم ماليا ودينيا ومراقبتهم أمنيا . بينما تولت باكستان السيطرة على الأحزاب الأفغانية وفق مواصفات تحفظ المصالح الأمريكية فى توظيف ذلك الجهاد لخدمة الأهداف الأمريكية ونظرتها إلى ما يحدث فى إطار كونه ليس جهادا بل (حربا بالوكالة) يشنها المسلمون لمصلحة المعسكر الأمريكى طبقا لرؤية أحد كبار المفكرين الأمريكيين {إنها حرب يجب أن يخسرها الطرفان} . فيكون المكسب صافياً للأمريكيين .

 

السعودية إستخدمت أداتان هامتان فى التحكم فى حركة المتطوعين المسلمين بحيث لا تنتج عن حركتهم تغيير فى مسار جهاد الأفغان خارج الرؤية الأمريكية كحرب بالوكالة ينبغى أن يخسرها كل من قاتل فيها (السوفييت والمجاهدون) .

الأداتان كانتا حركة الإخوان المسلمون والحركة السلفية الدعوية .

 

الإخوان كان لهم قبل الإنقلاب الشيوعى فرعاً أفغانيا ورموزا فى الجامعات . إستطاعوا عندما بدأ تشكيل أحزاب فى المنفى الباكستانى أن يشكلوا ثلاث أحزاب بعد سلسلة إنشقاقات فيما بينهم واشتهر هؤلاء فى الإعلام الغربى أنهم (الأصوليون) .

 

أربعة أحزاب أخرى ـ نشأت من الإنقسامات أيضا ـ كانت زعامتها للإسلاميين (المحافظين) من تيار العلماء (التقليديين) ، وكان تواجدها العملى باهتا فى ميدان القتال ويفتقر إلى مقومات العمل العسكرى الناجح رغم وجود بعض الشخصيات القبلية الممتازة فى الجبهات .

 

الأحزاب المحافظة “للعلماء التقليديين” الأربعة كان إضعافها أمرا متفق عليه . فلم تحظ بحصص معقولة من السلاح (الذى تتحكم باكستان فى توزيعه ) ولا الأموال (التى تتحكم السعودية فى توزيعها ) ، فيما عدا تمويل باكستانى يكفى لمجرد الإنفاق الأدنى لتلك الأحزاب .

 

تنافست باكستان مع السعودية على حيازة القدر الأكبر من القدرة على السيطرة وتوجيه (الجهاد الأفغانى ) وبدأت السيطرة على قادة الأحزاب فى بيشاور وكان النجاح فيها تاما ـ تقريبا ـ ثم زحفت صوب”الجبهات” وتفاوتت نسب النجاح ، ولكن فى أواخر الحرب / بعد إنسحاب السوفييت/ كانت السيطرة الباكستانية أساسا والسعودية بدرجة أقل ، على مجريات القتال فى الجبهة قد وصلت إلى درجة هددت بالفعل بأن يفشل ذلك الجهاد فى تحقيق إنتصار (إسلامي) للأفغان المجاهدين . وبمعجزة كاملة تخطى المجاهدون آخر معاركهم التى أسقطت نظرية أمن نظام كابل باسقاط المدن الكبرى التى يسيطر عليها . وبدأ إنفراط مسبحة المدن الكبرى وسقوط نظرية أمن النظام مع سقوط مدينة خوست على يد المجاهدين بقيادة “مولوى جلال الدين حقانى” أفضل القيادات الميدانية التى أفرزتهم تلك الحرب ، والذى تمكن من خوض الحرب من بدايتها الأولى الصعبة وحتى نهايتها المظفرة ، وإلى ظهور حركة طالبان .

 

–  بالنسبة لقادة الأحزاب (الأصوليين) فقد إستحوزت باكستان على “جلب الدين حكمتيار” (حزب إسلامى أفغانستان ) وخصصت له النسبة الأعلى من الأسلحة القادمة كمعونات أمريكية { مصدرها من دول مختلفة أهمها الصين ومصر. وقبل عامين من الإنسحاب السوفيتى أرسل الأمريكيون صاروخ ستنجر المضاد للطائرات بعد أن كان السوفييت قد قرروا الإنسحاب بالفعل}.

 

وعمل الباكستانيون بعمق من داخل تنظيم حكمتيار داخل أفغانستان وحتى فى باكستان نفسها فى مهام معظمها تخريبى لكبح إندفاعات المجاهدين الأفغان (وأحيانا المعارضة الباكستانية نفسها ، خاصة مجموعة دو الفقار المسلحة والتابعة لبينظير بوتو) . وغلب أسلوب الإغتيالات على أعمال الحزب. (ومن المرجح أن له دور كبير فى عملية إغتيال عبدالله عزام فى بيشاور).

 

أما السعودية فاختارت سياف كرهان أساسى فى أوساط الأحزاب لإستقطاب المجاهدين العرب ولكنه كان ضعيف للغاية داخل الجبهات . وأدى مهامه فى تصعيد الخلافات الحزبية بإستخدم الأموال السعودية فى جذب عدد كبير من العلماء المجاهدين من الجبهات إلى أعمال مكتبية فى بيشاور ، مستفيدا من منصبه التى وضعته فيه السعودية وهورئيس إتحاد المجاهدين الذى لم يكن إتحادا حقيقيا ولو لساعة واحدة . رغم أن السعودية دعت القيادات السبعة للأحزاب وأدخلتهم إلى الحرم المكى ليقسموا بالأيمان المغلظة أمام الكعبة على الإلتزام بالإتحاد تحت قيادة سياف ، مرددين الدعاء والقسم مع البكاء أمام الكعبة المشرفة خلف إمام الحرم المكى . وعندما إنتهت المظاهرة الدينية وخرج الزعماء والدموع تبلل لحاهم . ولكن حدث أول نزاع بينهم عند باب الحرم حول من له الحق فى الذهاب إلى القصر الملكى للتعزية فى وفاة الملك “خالد بن عبد العزيز” . رفضوا ذهاب أميرهم سياف منفردا لعلمهم أن سوف يستحوز منفردا على العطايا كما يفعل دوما. والحل أن تسابق الجميع (فيما عدا مولوى يونس خالص) نحو القصر الملكى بلا رعاية للقسم القريب أمام الكعبة ولا رعاية حتى للبروتوكول الملكى . ولكن مولوى خالص وقع تحت طائلة العداء السعودى وله جولات مشهودة فى فضح أساليبهم .(رمى مولوى خالص شيك فى وجه سعودى شهير قدمه له كمساعدة ثم حاول منعه من الكلام فى الجلسة. وقال له مولوى خالص (خذ مالك إذا كان ثمنه سكوتى).

 

–  وكان لدى سياف جهاز إستخبارات لمتابعة العرب الوافدين على الجهاد ، ترأسه شاب مصرى من التنظيم الدولى للإخوان المسلمين المقيمين فى السعودية . ولا يعرف مصير الجهاز ولا معلوماته . كما رعى سياف مجموعة هامة من الشباب السعودى العاملين فى جلال آباد بعيدا عن تنظيم القاعدة . من هؤلاء كان خطاب نجم الشيشان اللامع الذى إغتاله الروس بالسم ، وكان أسامة أزمراى وهو من أشجع المجاهدين العرب وأول من تبنى ونفذ فكرة العمليات الخارجية (قبل تنظيم القاعدة) ضد الأهداف الأمريكية وقد أعتقله الأمريكيون فى شرق آسيا.

 

–  تمكنت السعودية من فصل أحد القادة البارزين ، وهو مولوى جميل الرحمن عن تنظيم سياف ، وأعلن إعتناقه للسلفية وتكوين تنظيم سلفى أفغانى فى ولاية كونار . فاشتعلت بينه وبين تنظيم حكمتيار حربا داخل الولاية هددت بإنتشار فتنة فى الجبهات بين الأفغان والعرب الذين يتبنون السلفية ويتشاحنون مع الأفغان . العلماء الأفغان المخلصون أوقفوا الفتنة التى كادت ان تقع بعد إغتيال (جميل الرحمن) على يد شاب مصرى فى ولاية كونار وكان الشاب من المتحمسين للقائد حكمتيار.

 

ــ ركز السلفون العرب على نشر المذهب الوهابى من خلال شبكة واسعة من المدارس التى أقامتها السعودية لأبناء الأفغان المهاجرين ، وحققوا قدرا من النجاح ، ولكن العلماء الأفغان تصدوا لهم بشدة .

 

وفى داخل الجبهات عمل شباب سعوديون مرتبطون بحكومة وعلماء بلادهم فى محاربة المذهب الحنفى والصوفية ، وتغيير(البدع) بالقوة فكاد أن ينشب القتال بينهم وبين المجاهدين الأفغان فى عدد من الأماكن . وصرح بعض (طلاب العلم) السعوديون أنهم جاءوا إلى أفغانستان خصيصا لهدم المذهب الحنفى ، الذى شبهه أحدهم بحائط متداع يحتاج إى رفسة واحدة لهدمه .

 

وأنضم سلفيون عرب إلى الحملة السعودية ، بعضهم كان من تنظيمات مصرية جهادية واعترضوا على إستمرار جهاد العرب فى أفغانستان ، كون (الأعاجم ) غير مؤهلين لإقامة دولة إسلامية ـ وأن (العرب) وحدهم القادرون على ذلك . وكانت مجادلات حامية وخطيرة لدرجه أن نجوم الصف الأول من قيادات العرب شاركوا فى عدد منها ، وكان من بينهم أسامة بن لادن وقياديون من الجماعات المصرية .

 

ــ الأموال السعودية ، وهدايا الحج والعمرة ، وسيارات(البيك أب) صغيرها وكبيرها ، وأموال التبرعات المرضى عنها حكوميا ، كل ذلك أتاح للسعودية إختراقاً ملموساً لأوساط مجاهدى الداخل وقياداتهم الميدانية .

 

كذلك (الهلال الأحمر السعودى) قام بدور كبير فى إختراق الجبهات وبإحصائيات إستخبارية بحجة تجهيزمعونات من الألبسة والطعام . ولكن الإحصاء شمل السلاح والذخائر والمتطوعين العرب والعلاقات بين المجموعات فى المنطقة . وقام بمعظم العمل شباب عرب من المخلصين يتوهمون أن عملهم الإستطلاعى برئ ويهدف إلى خدمة الجهاد ومساعدة المجاهدين .

 

ــ ومع ذلك أرسل السعوديون أفراداً من جهاز الإستخبارات إلتحقوا بالجبهات ضمن مجموعات عربية أو مع الجماعات الأفغانية مباشرة ، وكان التلويح بالمال والمعونات جوازا للمرور نادراً ما يخطئ .

 

واحد من هؤلاء على الأقل عمل فى الجبهات ـ وكان شهيرا جدا فى بيشاور على أنه مختل عقليا ومؤسس لجماعة تكفيرية سعودية ـ ظهر أمام الشباب المعتقلين فى السعودية كأحد المحققين الخبراء بشئون عرب أفغانستان .

 

ــ الهلال الأحمر السعودي تولاه فى مرحلته الأخيرة عنصر ذو مكانة رفيعة “منيعة” فى الإستخبارات السعودية ، أنشأ حوله شبكة واسعة من الجواسيس من جنسيات مختلفة ، عرب وأفغان وباكستانين . كان من الواضح أن إهتمام بلاده وقتها إنصب على المتطوعين السعوديين والمحافظة على عزلهم فى أماكن خاصة ، ومعسكر تدريب تافه فى كونار ـ مع حظر أى مناقشات مع المجموعات العربية خاصة المصريين . فى ذلك العهد الإستخبارى للهلال السعودى تم ترتيب أشهر عملية إختطاف وتلفيق فى قضية خطف لطائرة ، لم تسفر عن أى خسائر للطائرة حيث لم تكن هناك أى شحنة قابلة للإستخدام ، ولكن القضية أسفرت عن السجن المؤبد لشاب مصرى ، كان جامعيا خبيرا فى الكيمياء وتصنيع المتفجرات.

 

وقد تعرض الشاب إلى التعذيب والتحقيق على يد الباكستانيين ثم السعوديين . وقال لمن إتصلوا به أنه كان يرى تعذيب الباكستانيين عبارة عن نزهة بالنسبة إلى تعذيب السعوديين.

 

ــ كان الهلال السعودى أكبر موزع للمعونات العينية على المجموعات العربية فى أفغانستان ، وسرعان ما ارتبط ذلك بشروط وضغوط ، وإختيار للقيادات ولأماكن النشاط فى الجبهات ، وبتقديم تقارير عن نشاط الجبهة . وحجبت المعونات عن المجموعات العربية المتمردة ، وهى قليلة بطبيعة الحال ـ ورتب الهلال إنقلابات داخلية فى بعضها لإستبعاد قيادات غير مرغوب فيها .

 

ــ معظم الإمدادات المالية السعودية توجهت إلى سياف ـ رغم تفاهة وزنه القتالى . إلا أنه موهوب كشخصية سياسية تامرية من الطراز الأول . وكان فهمه واضحاً للمآل النهائى لتلك الحرب ، وأنها مرهونة بالإتفاق الدولى ، وأن أمريكا ستكون صاحبة النصيب الأوفى فى الوضع القادم فى أفغانستان .

 

ــ أنشأت السعودية لسياف “مستعمرة بابى” فى مدخل بيشاور لإستقبال الوفود العربية من المتبرعين والمتطوعين والرسميين العرب . وبنوا فيها مرافق للمهاجرين هى الأوفى فى باكستان من مدارس ومستشفيات خاصة لسكان المستعمرة وجميعهم من خلصاء سياف من أفغان وعرب وقادة ميدانيون غادروا الجبهة إلى الأبد من أجل (تدعيم الإتحاد بين المنظمات ) وهو الشعار الذى رفعه سياف ومنظمته المسماة ( الإتحاد الإسلامى لمجاهدى أفغانستان ) فكان نشاط سياف ومنظمتة معاكس تماما للشعار والإسم الرسمى .

 

–  فى شهر إبريل 1992 إستسلمت حامية مدينة جرديز للمجاهدين ، وبشكل سريع تتابع إستسلام المدن للمجاهدين المحاصرين لها . حتى وصل المجاهدون إلى نطاق العاصمة كابول التى بدأ النظام فيها يحاور ويناور من أجل الإستسلام طبقا لصيغة دولية تضمن عدم وصول حكومة إسلامية فى ذلك البلد .

جرائم السعودية ضد جهاد الشعب الأفغانى - الخاطرة الثالثة و الاخيرة ورتبت باكستان ـ نيابة عن الولايات المتحدة ـ مع عناصر الحكم فى كابول الإستسلام لحكومة (المجاهدين) التى تشكلت فى بيشاور بإشراف وأموال وزير الإستخبارات السعودى (تركى الفيصل) ــ الذى هو من أعمدة تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل ــ وقد دفع تركى 150 مليون دولار لسياف وصبغة الله مجددى (أول رئيس لأفغانستان بعد التحرير) وتم التوزيع بنسبه 1:2 لصالح سياف رجل تركى الفيصل فى أفغانستان ، وهو الذى أقنع الزعماء بصيغة الحكم الجديدة فوافقوا عليها جميعا .

–  بعد أن شكل تركى الفيصل (حكومة المجاهدين) التى إستقرت فى كابول وكان رجل العاصمه القوى(أحمد شاه مسعود) مسيطرا على بقايا جهاز الإستخبارات (واد) والقوة المسلحة من بقايا الجيش وجماعته الخاصة وحلفائه من ميليشيات الأوزبك والهزارة وميليشيا سياف الذى جمع حوله قدرا من العرب ومرتزقه أفغان جذبهم برواتب جيدة .

 

وعلى الجانب الآخر وقف حكمتيار مع قوات عمادها المتطوعون العرب مع بقايا من مقاتلى حزبه. ودارت حرب أهلية طحنت العاصمة وسكانها وأزكت كل الفتن العرقية والطائفية بين الأفغان الذين وحدهم الجهاد إلى درجة كبيرة خلال القتال ضد الجيش الأحمر السوفيتى .

 

وكانت الحرب الأهلية أهم واجبات حكومة (تركى الفيصل) فى كابول واستمرت فيها من عام 1992 إلى عام 1996 حين إستولت حركة طالبان على كابل . فتحولت السعودية إلى حرب مباشرة ضد (الإمارة الإسلامية) التى أسستها حركة طالبان . وبدأت الحرب دبلوماسية وسياسية إلى أن تصاعدت إلى حرب صليبية كاملة شنتها أمريكا وحلفاؤها بذريعة حادث 11سبتمبر المثير للجدل.

 

– قبل أن تستقر حركة طالبان فى كابول إشتعلت (حرب باردة ) ضدها بواسطة السعودية والولايات المتحدة ، بشأن تسليم أسامة بن لادن وهو المطلب الذى إستمر حتى قبل ساعات قليلة من نشوب الحرب الأمريكية .

 

واستمر الملا محمد عمر فى رفض تسليم ضيفه ، مع طرحه لحلول بديلة رفضها الأمريكيون. وجربت السعودية هجوما مسلحا على المجمع السكنى لأسامة بن لادن ومن معه ، بواسطة مجموعة من جلال آباد التى كان يوجد بها المجمع . لكن حركة طالبان أفشلت المحاولة ، ونقلت بن لادن ومن معه إلى قندهار . ومع ذلك واصلت السعودية ضغوطها بوقاحة بواسطة سفيرها من أجل تسليم بن لادن للولايات المتحدة!! فاعتبره الملا عمر سفيرا لأمريكا وليس سفيرا للسعودية وأمر بطرده ومنعه من دخول أفغانستان . وكاد نقاش بين الملا عمر وبين تركى الفيصل أن يتطور إلى إشتباك بالأيدى. والنقاش أيضا كان حول تسليم بن لادن للولايات المتحدة (وليس للسعودية) الأمر الذى أثار حنق الملا عمر فوصف هؤلاء الرسميين السعوديين (أى السفير ووزير الإستخبارات) بأنهم (بى غَيّرَتْ) أى قوادون .

 

 حظرت الحكومة السعودية سفر الشباب إلى أفغانستان ، أو إرسال الأموال إلى هناك بأى صورة . ورفض المشايخ الإصلاحيون فى السعودية الذهاب إلى أفغانستان بناء على دعوة من بن لادن . وقال واحد من أشهرهم أنه يفضل دخول السجن فى(المملكة) عن الذهاب إلى (الإمارة) فى أفغانستان . ولكن شعبية بن لادن بلغت أوجها فى تلك المرحلة بين شباب الجزيرة العربية بشكل خاص . ووصل إليه العشرات من المتطوعين لعمليات إستشهادية خاصة بعد العمليات الناجحة للقاعدة فى شرق أفريقيا ثم فى عدن .

 

ــ إستشاطت الحكومة السعودية غضبا من حركة طالبان . واحتجزت عندها أهم قادتها العسكريين وهو مولوى جلال الدين حقانى لمدة سته أشهر حتى لا يشارك فى معارك طالبان ضد حركة التمرد بقيادة مسعود وتحالف الشماليين .

 

ثم وصل الأمر إلى تهديدها الإمارة بإلغاء الإعتراف بجواز السفر الأفغانى وطرد الأفغان العاملين لديها ، وحظر دخول الأفغان لأداء فريضة الحج ، فأثار ذلك التهديد إنزعاجا شديدا لدى الإمارة الإسلامية لأنها تصورت أنه سيقدح فى شرعيتها الدينية .

 

ولكن الإمارة حرصت على ألا تصل تلك الموضوعات الحساسة إلى مسامع الإعلام الدولى الذى كان يتلقف أخبار افغانستان بتلهف بالغ فى ذلك الوقت .

 

–  أثناء الغزوة الصليبية على أفغانستان عملت القواعد الجوية الأمريكية فى السعودية وقطر والإمارات بكامل طاقتها حسب الخطة الموضوعة لها . فكانت كل العمليات الجوية تدار من هناك . وكذلك إمداد القوات الأمريكية بالذخائر والمعدات . ومازال ذلك الوضع قائما حتى الآن . وسوف تلعب تلك القواعد نفس الدور مستقبلا فى الحروب الأمريكية داخل المنطقة العربية (سوريا والعراق واليمن ) أو ضد إيران إذا قررت أمريكا الحرب هناك .

 

–  الآن .. تعمل السعودية فى مجال الدعم المالى لمشروع داعش فى أفغانستان . بل هى من مؤسسيه بالتعاون مع باكستان وطفلها المدلل (حكمتيار) رجل جميع العهود التى حكمت باكستان منذ السبعينات الماضية . كما أسست السعودية (جامعة وهابية ) فى كابول لتفريخ أجيال المستقبل من الدواعش الأفغان . وتلك بداية لحروب داعشية لزعزعة إستقرار وأمن أفغانستان وما جاورها من دول المنطقة .

 

– ولم يكشف النقاب حتى الآن عن دور السعودية فى تمويل الحرب الأمريكية على أفغانستان . ومن الغريب حقا أن تتحدث أمريكا الآن على إستحياء عن إنسحابها من أفغانستان ، وأن يترافق ذلك مع خواء الخزينة السعودية وتحولها إلى الإقتراض !!. ولذلك حديث آخر .

 

بقلم  :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
المصدر:
مافا السياسي ( ادب المطاريد )

www.mafa.world



4 تعليقات

  1. من المصرى الذى تراس جهاز استخبارات سياف؟
    ومن الشخصيه السعوديه الذى قذف يونس خالص بالشيك فى وجهه؟

  2. والله صدمة . رأسي يكاد ان ينفجر!!!
    كيف اتصور هذا القدر من النفاق السعودي و المتاجرة بالدين لصالح الشياطيين
    حسبي الله ونعم الوكيل

  3. ———
    إعلان مكة.. تجسيد للعمق الإسلامي لـ «2030»
    ديمومة السلام في أفغانستان.. ونهاية سفك الدماء
    ———
    هذا كان عنوان صحيفة عكاظ !!!

  4. حسبي الله ونعم الوكيل
    السعودية تعمل بشتى الطرق لنشر الفوضى ومحاولة تمزيق وحدة الصف الافغاني
    ولكن يا استاذ حامد افغانستان مازالت تعتمد علي السعودية بشكل كبير ؟

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا