علاقة بن لادن بالإمارة الإسلامية

3

علاقة بن لادن بالإمارة الإسلامية

لماذا إستبعدت الإمارة وقوع حرب مع أمريكا بسبب بن لادن ؟؟.

ولماذا كان أى أجراء تتخذه الإمارة ضده ، غير ممكن عمليا ؟؟.   

 

نقلا عن موقع نن تكي آسيا الأفغانية   10/5/2018

المترجم ( باشتو ) : الخبير في الشؤون الأفغانية و حركة طالبان ( أ.عبد الرحيم ثاقب )

بقلم : مصطفي حامد – ابو الوليد المصري / موقع مافا السياسي

 

عاد بن لادن إلى أفغانستان مرة أخرى فى شهر مايو 1996 ، قبل إستيلاء حركة طالبان على العاصمة كابل  فى أكتوبر 1996، وبالتالى قبل إعلان الإمارة الإسلامية كنظام يحكم أفغانستان . أما تاريخ بن لادن فى أفغانستان فيسبق ظهور حركة طالبان بسنوات ، إذ قاد معركة جاجى الشهيرة والناجحة فى باكتيا عام 1987 ، وبدأ بعدها فى تشكيل تنظيم القاعدة ، وهو أول تنظيم جهادى عربى يتم تشكيله خلال تلك الحرب . ومنذ اللحظة الأولى لوصوله إلى أفغانستان بدأت الحرب الباردة بين الإمارة ومحور الولايات المتحدة ، تحت عنوان تسليم أسامة بن لادن إلى السعودية . ولما إحتج أمير المؤمنين الملا محمد عمر على السفير السعودى وعلى مدير المخابرات السعودية (تركى الفيصل) بأن بن لادن لم يعد مواطنا سعوديا بعد نزع الجنسية عنه ، بدأت المطالبات بتسليمه إلى الولايات المتحدة لمحاكمته هناك ، خاصة بعد تفجيرات أفريقيا ( فى نيروبى ودار السلام) التى إستهدفت السفارات الأمريكية هناك ، والتى أعقبتها ضربة صاروخية أمريكية على أفغانستان والسودان.

–  نلاحظ أن تلك الضربة ساعدت بشكل غير مباشر فى ظهور إستنتاج لدى الإمارة الإسلامية بأن ردود الفعل الأمريكية لن تتعدى ذلك السقف . خاصة وأن العملية التالية ضد الولايات المتحدة والتى قام بها تنظيم القاعدة فى ميناء عدن ، مستهدفا القطعة البحرية (يو إس إس كول) التى  أصيبت إصابة بليغة فى عملية إستشهادية . تلك العملية على خطورتها وغناها بالمعانى ، إلا أنها مرت بلا رد فعل على أمريكى ضد أفغانستان .

 فتأكد بذلك إستنتاج الإمارة بمحدودية الرد الأمريكى ، وإستبعاد إمكانية نشوب حرب تحت أى ظروف . وبالتالى فإن التحذيرات بحرب قادمة لم تكن مقبولة ، حتى عندما طُرِحَ عنصر الأفيون كعامل محفز لحرب قادمة بعد تخفيض الإمارة زراعته بنسبة الثلث عام 2000 ، بمجرد أمر مختصر صادر عن أمير المؤمنين، ثم منعت الإمارة زراعته نهائيا عام 2001 .

ــ طالبت الولايات المتحدة بتسليم بن لادن لمحاكمته فى الولايات المتحدة . ورفضت الإمارة وطالبت هى الولايات المتحدة بتسليم أى دلائل لديها تدين الرجل حتى تتم محاكمته فى الإمارة. فكان الرد الأمريكى متغطرسا ومهينا ، حين كتبوا إلى سفير الإمارة فى إسلام آباد ، بأن أمريكا لا تثق فى نظام القضاء الشرعى لدى الإمارة !! .

 ــ  بشكل غير مباشر وصل إلى بن لادن رأى من الإمارة ــ يستحسن خروجه الطوعى من أفغانستان حرصا على مصالح الإمارة والشعب الأفغانى . وبدأ بن لادن يفكر فى الأمر ويستعرض البدائل . ولكن الخبر تسرب إلى الإعلام الباكستانى ، فردت أمريكا بإستعجال وعصبية ، وكتبت إلى السفير الأفغانى فى إسلام أباد بألا تسمح الإمارة بخروج بن لادن من أراضيها ، وذلك لمصلحة الجميع : الإمارة و بن لادن وأمريكا “!!” .

–  مرة أخرى أكد ذلك الطلب الإستنتاج الرائج لدى الإمارة والقائل بإستحالة نشوب حرب بسبب مشكلة بن لادن .

– فى بدايات 2001 عندما شعر بن لادن أن العد العكسى لعاصفة الطائرات قد بدأ ، قرر مغادرة أفغانستان ، لتجنيبها ردة الفعل الأمريكي ، والمتوقع أن يكون شديدا على خلاف المرتين السابقتين .

 أخبرنى بن لادن بقراره الإنتقال إلى منطقة القبائل فى باكستان . فأرسلت إلى قناة الجزيرة ــ وكنت أعمل فيها من مكتب قندهار ــ وطلبت منهم السماح لى بمصاحبة “بن لادن” برفقة آلات التصوير إلى خارج أفغانستان ، فوافقت القناة . ولكن مالبث الرجل أن ألغى قرار سفره . وعقد لقاءً صحفيا مع قناة (إم بى سى) ، التى بعث من خلالها بتهديده المدوى بعملية كبرى قادمة ضد الولايات المتحدة .

–  حتى عندما وقعت “عاصفة الطائرات” فى الحادى عشر من سبتمبر، إستبعدت الإمارة أن يكون بن لادن هو الفاعل ، خاصة وأن العملية بدت مهولة للغاية ، وأنه لم يتبن العملية صراحة ، ولم يكن لدى أمريكا أى شئ يدينه سوى إتهامات مرسلة بلا أى دليل مادى ، حيث سارعت منذ الوهلة الأولى بإتهام الرجل وتنظيم القاعدة بدون تقديم أدلة . فلم تأخذ الإمارة  الإتهام مأخذ الجد . وظلت تستبعد إحتمال نشوب حرب بسبب بن لادن.

رفعت أمريكا وتيرة التهديدات التى نقلها مسئولون باكستانيون كبار، مع ممارسة ضغطا إضافيا  وتحذيرات شديدة اللهجة من جانبهم ، بضرورة تسليم بن لادن وإلا ستتحمل الإمارة نتائج وخيمة . ولكن الملا عمر أصر على موقفة ، بأن بن لادن ستحاكمه الإمارة إذا قدمت أمريكا  دلائل ملموسة على إتهامة . ثم قال كلمته المشهورة التى سجلها له التاريخ : ( لن أسلم مسلما لكافر) ، حتى لو أدى الأمر إلى تنفيذ أمريكا تهديدها بالحرب .

 

 خيارات محدودة :

منذ البداية كانت خيارات الإمارة إزاء بن لادن محدودة للغاية لعدة أسباب ، منها :

– أنه كان شخصية مشهورة جدا داخل أفغانستان ، ومحبوبا من أكثرية المجاهدين القدماء. وحتى فى أوساط الشعب الأفغانى عموما . وشعبيته داخل باكستان المجاورة وفى أوساط القبائل كانت قوية ، خاصة بعد عملياته ضد الولايات المتحدة ، وإن لم يتبناها صراحة .

– عالميا ، “بن لادن” منذ أن كان فى السودان ، حظى بتغطية إعلامية كبيرة . وعندما وصل إلى أفغانستان كان هو الشخصية الأولى إعلاميا عبر العالم ، بما يفوق حتى زعماء الدول الكبرى . وكان العالم يهتم بأخباره أكثر من أخبار أفغانستان نفسها ، التى ظهرت وكأنها عنصرا مساعدا فى خلفية الصورة الإعلامية للرجل كى تزيده بريقا . حتى إنتشر عالميا وفى داخل أفغانستان نفسها ، أن بن لادن هو الذى يحكم أفغانستان وأن الملا عمر هو شخصية متوهمة. وقد قابلت أفغانا من شمال البلاد وكلهم ثقة من صحة تلك الإشاعة . ( قابلت أحدهم فى سجن إيفين فى إيران عام 2003 ، وكان يكره العرب كرها جما . وكاد أن يصاب بالإغماء عندما أخبرته أن الملا عمر شخصية حقيقية وأننى قابلته بالفعل ، وبعد ذلك صرنا أصدقاء مقربين ، ونقرأ القرأن سويا ، ودعانى للذهاب معه إلى أفغانستان ، وقال أنه سوف يحمينى هناك)… فما أروع ذلك الشعب !! .

– وجهة نظرى وقتها ، أن بن لادن كان يجب أن يوضع رهن الإقامة الجبرية فى أفغانستان ، لعزلة عن الإعلام الدولى والباكستانى والإتصالات الكثيفة التى يجريها مع ضيوف خارجيين ، بدون علم الإمارة وعكس أوامرها له .

وقد صارحته بهذا الرأى فى جلسة إنفرادية لنا مقابل معسكر “جهاد وال” فى خوست ، قبل دقائق من عقد مؤتمر صحفى  دولى عام 1997 . وكان كعادته صريحا وصادقا عندما سألته إن كان سيرضى بتصرفاته تلك من الملا عمر لو أنهما تبادلا موقعيهما ؟ ، فرد بالنفى . فقلت له بنفس الصراحة بأننى رغم صداقتى له ، فإننى لو كنت فى مكان الملا عمر لوضعته فى السجن . فضحك بشئ من الأسى ، ثم تحرك صوب مكان عقد المؤتمر فى المعسكر .

نفس رأييى هذا نقلته عدة مرات إلى وزير خارجية الإمارة مولوى وكيل أحمد متوكل وطلبت منه إبلاغه عن لسانى إلى أمير المؤمنين ، فتبسم ووعدنى أن يفعل ، وأظنه قد فعل ، وكان يوافقنى الرأى تقريبا مع شئ من الإحتياط من مبالغات العرب المعتادة . وقد شرحت بوضوح للوزير ، وحتى لأسامة بن لادن نفسه  ،  بأن سلامة أفغانستان باتت مهددة بأفعاله وتصرفاته . وأن الأمر وصل إلى درجة الخطر المؤكد بعد تصريحاته للقناة السعودية (إم بى سى)، وأعربت لهما ـ كل على حده ـ عن تعجبىى من تأخر أمريكا عن قصف البلد بالصواريخ .     { ذلك أنها كانت تجهز لحرب مكتملة واحتلال البلد ، وليس مجرد قصف بالصواريخ}.

– الإمارة ، كما قلنا ، كانت تستبعد حربا بسبب بن لادن ، وأن أقصى الإحتمالات التى تتوقعها هو مجرد قصف صاروخى . وأضاف بعضهم ضاحكا أن ليس فى أفغانستان مبنى واحد يستحق ثمن الصاروخ ، ماعدا فندق “إنتركونتننتال” فى كابل ، وأنهم لا يمانعون فى هدمة .

وأى إجراء ضد “بن لادن” مثل الإقامة الجبرية ـ وبالتأكيد ليس السجن كما كنت أهدد بإنفعال ـ كان مستبعدا تماما . ولوحدث فسوف يجابه بغضب شديد من داخل حركة طالبان ومن الجمهور الجهادى الذى عاصر بدايات بن لادن فى أفغانستان . ومن قيادات تاريخية كبرى مؤيدة لحركة طالبان مثل مولوى يونس خالص ومولوى جلال الدين حقانى . إضافة إلى علماء كبار ومؤثرين فى مناطق القبائل الباكستانية ومدارسها العلمية الكبيرة . بل ومن إجمالى الرأى العام الإسلامى حول العالم .

إذن إحتمال حرب شاملة مثل تلك التى وقعت بالفعل كان إحتمالا مستبعدا لدى الإمارة ، نتيجة أسباب واقعية ومعقولة أيضا .

  و إتخاذ إجراء إحترازى ضد “بن لادن” لتقييد حركته ، لم يخطر فى بال الإمارة ، ونتائجة المتوقعة كبيرة ، وعلى حساب مصداقيتها ، وبين ومؤيديها فى الداخل والخارج . وحتى العدو كان سيستخدم ذلك لتحطيم صورة الإمارة ، التى كان يخشى أن تصبح مثلا ونموذجا ، فأخذ يحطم سمعتها ويشوه صورتها ، وإلى الآن .

الحل الوحيد الممكن وقتها هو أن يمارس بن لادن ضبطا ذاتيا على تصرفاته ، رفقا بالإمارة وشعبها . ولكن يبدو أنه لم يتصور أن تذهب الأمور إلى المدى الذى ذهبت إليه بالفعل.

رحمه الله رحمة واسعة ، فأخطاء العظماء تكون بحجم عظمتهم ، وبقدر التحديات الكبرى التى قابلتهم بلا سابقة لمثلها ، على الأقل فى مدى تجربتهم الشخصية .

 

 

بقلم  :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
المصدر:
مافا السياسي ( ادب المطاريد )

www.mafa.world

 

 



3 تعليقات

  1. كفاية يا شيخ، توقف عما تفعله إحتراما للشهداء و المجاهدين
    ما هذا الإصرار لتفريق صف و توحيد الاخوة
    لماذا حركة طالبان لا تأيد كلامك رسميا يا شيخ ابوالوليد ؟

    • انتم دائما افكاركم (…) (…)
      لماذا تنظيم القاعدة لا يكذب لنا روايات مصطفي حامد في بيان او اصدار رسمي ؟

      ………………….
      الرجاء الالتزام بالأدب والاحترام
      تم حذف اجزاء من التعليق.
      مشرف الموقع (2)
      https://t.me/mafa_web_admin

  2. الظاهر ان المقال ملحق لحوار لم ينشر . ما هو موضوع الحوار الرئيسي ؟
    موقع نن تكي آسيا تبع اي جهة يا شيخ ابوالوليد ؟
    من هو الاخ عبد الرحيم؟ هل هو من حركة طالبان ؟
    طيب !..
    لماذا حركة طالبان تركت القاعدة تعمل بعد احتلال افغانستان؟ و لماذا حتي اليوم نلاحظ علاقة جيدة بين حركة طالبان و القاعدة و كأن شيء لم يحدث. مثل البيعة و قبولها او بيعة بعض الحركات السلفية الجهادية في سوريا لطالبان !!
    ما هو الموقف الحقيقي لقيادات حركة طالبان من الجهاديين بعد الاحتلال لاكثر من 16 سنة وهل الشعب الافغاني علي علم بهذا الموضوع؟
    نسمع ايضا بوجود غرفة مشتركة للشيوخ و العلماء الجهاديين في العالم . حركة طالبان عضو فيها طبعا .. بعد كل ما حدث ، كيف حركة طالبان تنضم لغرفة ( صياغة الأحكام الشرعية ) ذو الغالبية السلفية و التكفيرية الخ…
    ماذا نصدق اذا ….
    طالبان أفغانستان تلقت صفعة قوية على قفاها من الجهاديين العرب
    لم يحدث شئ و العلاقات بين حركة طالبان و القاعدة او السلفيين سمنة علي عسل؟
    هذا فصام عقلى ! شئ لا يمكن ان يفهم

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا