نجل بن لادن يروى قصة والده من تورا بورا إلى أبوت آباد (2-3)

 

هذا عبدُ الله

نجل بن لادن يروى قصة والده

من تورا بورا إلى أبوت آباد

2 من 3

بقلم:

مصطفي حامد – ابو الوليد المصري

 

شريحة فى خندق بن لادن :

المكان الذى كنا فيه كان به خندق سعته حوالى (3× 2متر) يستخدمه الوالد مع أبوالغيث والدكتور أيمن .

وجاءنا عدد من أهل المنطقة بدعوى مقابلة الوالد وإلقاء التحية عليه . { ولكنهم ألقوا سرا شريحة ألكترونية لإرشاد الطائرات إلى الموقع }. وبعد ذهابهم طلب الوالد منا أن نترك المكان ونصعد بعيدا فى الجبل ، ونام هناك . وما لبثت الطائرات أن جاءت وقصفت الموقع الأول الذى غادرناه . فأرسل الوالد شخصا لإستطلاع نتيجة القصف .

عاد المستطلع ليقول أن الطائرة أسقطت قنبلة زنة سبعة أطنان فأحدثت حفرة هائلة فى الجبل ، والإصابة كانت مباشرة فى خندق الوالد ، وكان به شخص نائم .

(27 رمضان ـ 16 ديسمبر): قبل يومين وصلنا “على المخابرة الكبرى” نبأ إستشهاد أبوحفص المصرى { أى بعد حوالى شهر، حيث أستشهد أبو حفص يوم 13 نوفمبر}.

فى ذلك اليوم طلب منى الوالد أن أغادر هذه المنطقة أنا وشقيقى . رفضت وقلت له بل شقيقى يذهب ولكننى سأبقى معك . الوالد أصر على أن أرحل أنا أيضا ، ثم تركنا قليلا وذهب .

وبعد عودته قال : ” تخرجون أنتم الثلاثة ، أنت والدكتور أيمن وأبوالغيث” . إذن سنخرج إلى مكان لا نعلمه وننتظر الوالد هناك .

– عند العصر تجهزنا للمغادرة نحن الثلاثة برفقه دليل أفغانى . فجاء الوالد لوداعى ، فاحتضننى وقبل رأسى ، فصدمت لأنها ليست عادته وأنا الوحيد من بين إخوتى الذى قبل والدى رأسه . فمنذ أيام لوجر { فى ميس عينك على أعتاب 11 سبتمبر } كنت خادمه الشخصى وحامل أغراضه .

 جبل (تورابورا) كان محاصرا من طرف جلال آباد . فى الظلام نزلنا إلى الجزء الأفغانى من الجبل تابع لقبيلة وزيرى . أفراد من تلك القبيلة هربونا إلى قريتهم .

# أثناء نزولنا متوجهين صوب القرية ، كاد أن يكتشفنا رجال أحمد شاه مسعود . كان لهم نقطة حراسة ، وأضواء سيارتهم أوشكت أن تقع علينا فانبطحنا أرضا بسرعة . كانت رجلى مصابة منذ كنا فوق الجبل . عدنا للمسير ، وأثناء عبورنا جدول ماء من فوق الأحجار التى تعترضه ، سقطت نظارة الدكتور أيمن ولم نتمكن من العثور عليها فى الظلام .

وأخيرا وصلنا إلى البيت السرى الذى جهزته لنا القبيلة ونمنا هناك ليلة واحدة .

ــ فى الصباح (17 ديسمبر) أحضروا لنا بيك أب ، عبر بنا من طرف جلال آباد ثم إنحرف مباشرة صوب ولاية كونار فى طريق وعرة . وأخيرا وصلنا إلى (أسد آباد) عاصمة الولاية. واختبأنا فى بيت سرى .

–  عيد الفطر(19ديسمبر): قبل الفجر بقليل دخل علينا شاب أفغانى وقال بإنفعال (جاء الأسامة) .. وبعد ثوان معدودات دخل علينا الوالد ، فسجدنا لله شكرا ، وقلنا للوالد : ” لنا عيدان فى يوم واحد ، عيد الفطر وعيد وصولك إلينا سالما ” .

الذى أحضر الوالد إلينا كان هو “المعلم أول جول” الذى نقله بسيارته (لاندكروز أبيض مظلل بالأسود) إلى حدود ولاية كونار ، وهناك إستقبله الشباب وأوصلوه إلينا .

بقى الوالد معنا فى نفس البيت السرى . وكنا فى عز الشتاء حتى كرهنا الثلج ، فلم نكن نستطيع أن نوقد نارا حتى لا ينتبه الناس إلى وجود أحد فى هذا البيت .

 

حكمتيار وصل :

ــ بعد حوالى ثلاث أشهر {مارس 2002} وصل إلينا حكمتيار بمساعدة خالد الشيخ ومجموعته فى باكستان . خالد كان حلقة إتصال بين الوالد وبين كل من يرتبط به فى باكستان. إنتقل حكمتيار للعيش وحيدا فى بيت منعزل . وكان يأتى إلينا وينفرد بالحديث مع الوالد (بن لادن) ومع الدكتور أيمن وأبو الغيث .

كنا نجلس بعيدا عنهم ـ ولكن شعرنا بتوتر بينهم وشد وجذب . ثم إبتعد حكمتيار عنا معتكفا فى بيته المنعزل . فكان الوالد يرسل أبوالغيث للحديث معه ، فيعود إلينا مذهولا من هول ما فاجأة به حكمتيار من كلام . وفى إحدى زياراته لنا فى بيتنا السرى ، إنفجر حكمتيار فى وجه الوالد قائلا ( أنا الأمير هنا وليس أنت .. فلا تظن نفسك فى قندهار).

{ …  كان التوتر يزداد والثقه تتآكل ، حتى ظهرت الشكوك والإرتياب فى تصرفات حكتيار.. ، خاصة وأنه أظهر إستهتارا بوجود بن لادن ، واحتياطه الأمنية .. وبدت تصرفاته هذه متعمدة . وربما تذكر بن لادن وقتها  قول مولوى يونس خالص ــ وكنا مع بن لادن ضيوفا عليه فى بيته فى جلال آباد عام 1996 ــ فعندما أراد تلخيص تجربته الطويلة مع حكمتيار ، قال الرجل بتلقائية ” إنه مثل البغل ، إن سرت أمامه عضك ، وإن سرت خلفه رفسك”.      وفى تلك الرحلة الحرجة عام 2001 عانى بن لادن من حكمتيار ، بالعض أحيانا وبالرفس أحيانا أخرى . وكان بن لادن فى الأشهر الأخيرة قد إكتسب حدس الإرتياب الذى صدق فى مرات عديدة … } .

ــ دأب حكتيار على الحضور إلى فناء بيتنا السرى ، ثم يبدأ فى الكلام عبر هاتف الثريا !! فطلب منه الوالد عدم فعل ذلك لأنه يعرضهم للخطر، ولكن حكمتيار أبى واستكبر .

ــ ورغم توتر العلاقة جاء حكتيار يوما حاملا هديه للوالد (بن لادن) ، وكانت عبارة عن ساعة وضعها على منضدة فى وسط الغرفة ، فقال له الوالد : لا.. لا نريد هذه .

فإسترد حكمتيار الساعة ، وظل يتردد علينا بين وقت وآخر .

{ .. واضح أن حدس بن لادن كان يقول بأن داخل تلك الساعة مصيبة لايعلم مداها إلا الله ..}

سرى للغاية :

– ونحن فى الجبل أرسل إلينا “خالد الشيخ” كمبيوتر مع قرص مدمج مكتوب عليه (سرى للغاية) .

قال الوالد : عجيب !! لا تنظروا أنتم ، أنا فقط سأنظر فيه .

فإذا هو برنامج الإعلامى “يسرى فودة” المسمى “سري للغاية” . طالعنا الفيدو ، ولأول مرة نشاهد صور الإخوة الأسرى فى جونتانامو .

–  غادرنا مسافرا “حمزة الغامدى” بطلب من الوالد . وبقيت مع الوالد أنا وشقيقى وأبو الغيث والدكتور أيمن وأبوبصير . فوزعنا مهام المعيشة وإعداد الطعام . وكنت أنا وشقيقى نعمل فى نوبه عمل واحدة طوال اليوم . وفى الليل وحتى لا يرانا أحد ننزل إلى الوادى لجلب الماء فى وعائين ، وعند الصعود كان ينسكب على أجسادنا فى برد الليل القارص . وكنا نجهز الطعام ثلاث وجبات يوميا . فى أحد الأيام عملنا على الإفطار (معصوبة) وهى أكلة سعودية ، عبارة عن عجين فى منتصفه عسل وسمن . الدكتور أيمن رفض أن يأكل وقال “هذا ليس من طعام قومى” . فى الغداء وجدنا بعض الحبات من القرع والبطاطس فعملت منهما حساءً فرح به الوالد كثيراً . غادر كل من معنا وبقينا ثلاثة فقط ، أنا والوالد والدكتور أيمن . خشى الوالد من أن يقع فى الأسر أحد ممن غادرونا فيدل العدو على مكان البيت .

{ … لا شك أن بن لادن كان لديه أيضا شكوكا تتعلق بحكمتيار وأنه يحاول الإيقاع به فى يد العدو.. وهذا ما أكدته الأحداث القريبة التالية …} .

–  مشينا مسافة بعيدة عن المكان ، واختبأنا عند جماعة آخرين . ولم يلبث أن لحق بنا حكمتيار”!!!” ، وقال : إن الطيران قد أحرق المنطقة التى كنتم فيها “!!!” .

سكن حكمتيار فى بيت على قمة جبل مقابل لنا وكان تردده علينا قليلا .

وفى صباح أحد الأيام ترك بيته متوجها إلى باكستان عبر الجبال . أحد الأفغان قال لنا أن الأمريكيين هاجموا الجبل الذى كان يسكن فيه .

 

العسل المر :

كنا نحن الثلاثة نعيش فى غرفة واحدة فوق الجبل . حدث شئ من التوتر بين الدكتور أيمن والوالد . والسبب هو أن الوالد إشترى عسل سدر باكستانى . فغضب الدكتور أيمن وقال له : “لا يجوز أن نشترى عسلاً بأموال المجاهدين” .

فقال له الوالد : ” تعال .. بفضل الله ، من يوم أن بدأت الجهاد حتى الآن ما صرفت على نفسى وأولادى شئ من أموال المجاهدين . وهذا العسل إشتريته بمالى الخاص وليس بمال المجاهدين” . سكت الدكتور أيمن ولم يعلق .

–  جلسنا فترة من الوقت على هذا الحال . وفى ذات يوم وصل إلى البيت شخص غريب عرف نفسه للآخرين بأنه (أبو أحمد الكويتى ) ونام فى أعلى البيت منتظرا أن يقابل الوالد .

طلب الوالد منى أن أقابله وأتأكد من شخصيته . ذهبت وتأكدت أنه هو بالفعل أبو أحمد . أخبرت الوالد ، فاستعجل حضوره فورا .

المصدر:

مافا السياسي (ادب المطاريد)

بقلم:

مصطفي حامد – ابو الوليد المصري

www.mafa.world