ردود أبو وليد المصرى علي السيدة ليا فارال. 8 إجـابـات عـلى 8 أسـئـلـة

ردود أبو وليد المصرى (مصطفى حامد) على أسئلة وجهتها إليه السيدة

/ ليا فارال / الباحثة الجامعية الأسترالية المتخصصة فى شئون مكافحة الإرهاب .

 

8 إجـابـات عـلى 8 أسـئـلـة

 

بقلم: مصطفي حامد ابو الوليد المصري

المصدر: موقع مافا السياسي

www.mafa.world

ماذا بعد أن تتجمع الثروة والإعلام والسياسة فى أيدى قلة ضئيلة من أفراد المجتمع؟ .. فماذا لو ثار الباقون ولجأوا إلى إستخام القوة ؟.

إن غياب العدالة هو الإرهاب الحقيقى

 

حركة طالبان وحقوق المرأة فى التعليم والعلاج.

لماذا لم تنطلق العملية التعليمية فى عهد طالبان؟

ولماذا إتهموا بمنع تعليم المرأة ؟.

 

لماذا لم تنشر حركة طالبان خططها الإستراتيجية

فى مجالات بناء أفغانستان؟.

 

الملا عمر لماذا لا يقدم أسامة بن لادن إلى المحاكمة بتهمة عصيان الأوامر والتسبب فى إشعال الحرب؟؟.

 

لماذا إكتفى الغرب (بفحصنا) فى مختبرات التعذيب

وزنازين السجن الأبدى ؟؟.

 

إقتراح بتشكيل لجنة (أكاديميون بلا حدود) للبحث فى مشكلة الإرهاب حول العالم بشكل مستقل عن الحكومات والإعلام السائد.

 

ألقى أحدهم قنبلة على أسد فى حديقة حيوان كابل فاتهموا حركة طالبان بإنتهاك حقوق الحيوان !! .

 

من ابو وليد المصرى ـ فى 28 فبراير 2010

السيدة /  ليا فارال  …   تحياتى

أكرر شكرى لك على إتاحتك لى تلك الفرصة للحوار العلنى ، ومشاركه الرأى العام معنا فى واحدة من أخطر قضايا العالم فيما بعد الحرب الباردة، وهيمنة الإمبريالية الأمريكية على العالم وتدخلها فى شئونه وسيطرتها على الثروات، ومنابع الطاقة بشكل خاص، تحت دعاوى مزيفة أسمتها “الحرب على الإرهاب” هذا رغم أن أى إداره أمريكية لم تقدم حتى الآن أى دليل مادى يعطى صوره متكاملة عما حدث فى 11 سبتمبر .

وقد صدرت العديد من الكتب والمقالات فى العالم الغربى تشير الى أن إدارة بوش متورطة فى تلك الأحداث . وأنا أميل بشده إلى ذلك الرأى . وأقول أن أحداث 11 سبتمبر كانت هى ” بيرل هاربور” التى كان ينادى بها المحافظون الجدد منذ وقت طويل ، ونادى بها مايسمى مشروع القرن الأمريكى الجديد ، الذى كان ضمن كبار المشرفين عليه عددا من أبرز الصقور العدوانيين فى إدارة بوش الصغير .

أنا بالطبع لا أعفى أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة من مسئوليتهم عن الحادث فهم يتفاخرون بذلك . ولكننى أتهم المحافظين الجدد وإدارة بوش الصغير بأنهم قد إستدرجوا القاعدة وسهلوا لها العمل . فإن كان كلامى غير صحيح فعليهم إثبات ذلك بنشر وثائق تحقيقاتهم الرسمية حول أحداث 11 سبتمبر أو على أقل تقدير أن يسمحوا لقطاع محدد من قضاة ومثقفى الولايات المتحدة وأوروبا والدول الخمس الكبرى فى مجلس الأمن وجامعة الدول العربية والإسلامية والإتحاد الإفريقى وتجمعات دول آسيا المختلفة ، أن يسمحوا لوفود من هؤلاء بالإطلاع على تلك الوثائق . فمن المذهل حقا أن تعلن حرب عالمية ويشارك فيها عمليا عشرات من دول العالم ، بدون إظهار أى وثائق تثبت إدانة الطرف المعتدى . ولا أظن أن هناك حكومة واحدة فى العالم لا يساورها الشك ـ على الأقل ـ فى أن الإدارة الأمريكية متورطة الى جانب القاعدة فى أحداث 11 سبتمبر .

إن الولايات المتحدة وحلفاءها إرتكبوا آلاف الجرائم فى حق أفراد أبرياء وإحتلوا دولا ودمروها بشكل شبه تام وقتلوا فيها عشرات أو مئات الألوف من النساء والأطفال والعجائز والشباب . ومازالوا يمارسون جرائم حتى الآن فى العراق وأفغانستان بشكل مباشر ، وفى مناطق أخرى مثل فلسطين واليمن والصومال بشكل غير مباشر .

#  وهنا أعود إلى دفاعك بأن الإرهاب عمل إجرامى مدان . قد أوافقك مئه فى المئه وأيضا قد أخالفك بنفس النسبة . وذلك يعتمد على مفهوم كل منا للإرهاب . ذلك الإصطلاح المطاط غير المحدد الذى إعتمدته الولايات المتحدة حتى تشكله فى كل لحظة وكل موقف طبقا لمصالحها .

قال البابا بولس السادس: (إذا كنت تريد السلام فاعمل من أجل العداله). لاشك أن هذا الرجل كان إرهابيا جدا طبقا لرؤيتكم . ذلك أننى ؤأيده تماما فى تلك النقطة تحديدا . فالعدل هو الكلمة السحرية ، والحقيقة العظمى الغائبة عن هذا العالم .

فإذا إنسدت جميع السبل المتاحة والمسالمة للحصول على العدل، فلن يتبقى إذن غير “البندقية ” سواء أسميتى ذلك “إرهابا” أو “إجراما” كما تشائين . ولكننا نعتبره فى بلادنا الإسلامية عملا صعبا وكريها أجبرنا عليه ( أتكلم هنا بصيغة الجمع ، فأعتذر مؤقتا وسوف أبرر ذلك فيما بعد ) فكل شعوب الأرض على مدى التاريخ البشرى كانت تقاوم جيوش العدوان التى تغزو أراضيها فتلك غريزة بشرية وقد جعلها ديننا الاسلامى ” فريضة” وأكدها وحدد لها شروطا وقوانين وحتى آدابا . صحيح أن / بعض المسلمين/ لم يلتزموا بها ولكنهم يدانون فى ذلك بحكم الدين قبل أى شئ آخر .

 

( أنا ) أم ( نحن ) ؟

فى إجابتك عن أسئلتى بدأتى بتعليق حول كلمة ” نحن ” التى تكلمت بها عن نفسى  ثم وجهتى لى سؤلا حول ما أعنيه بهذه الكلمة . وهل هى نحن القاعدة أم نحن طالبان أم نحن الأمة الإسلامية ؟؟ .

تساؤلك هذا أصابنى حقا بالدوار . وذلك لأسباب راهنة فى هذه اللحظة وأسباب أخرى قديمة تعود إلى عام 1984 .

فى ذلك العام البعيد كنت أتكلم فى بيشاور مع شخصية كبيرة جدا من تنظيم الإخوان المسلمين العالمى . وحذرته من فساد الأحزاب الجهادية الأفغانية ، وفوضى الجبهات وما فيها من قتال داخلى وإنحرافات ، ثم من خطورة ترك الشباب العربى الذى بدأ يتوافد على جبهات القتال بدون برنامج للتوجيه أو تدريب أو الرعاية . فما كان منه إلى أن إنفجر فى وجهى غاضبا وموجها لى نفس سؤالك تقريبا : من أنت ؟ .

#  أما الأسباب الراهنة فكونى أتعرض لحملات ضارية من داخل الوسط الإسلامى تدفعنى خارج الحلقات الثلاث التى ذكرتيها أى القاعدة وطالبان والأمة الإسلامية .

ثم إن كلامك حول “أنا” و”نحن ” نبهنى إلى أننى لم أقدم نفسى للجمهور الكريم لديكم ، معتمدا أنه سبق التعريف بى ، ولكن للأسف كان تعريفا غير محايد ولا دقيق . فهو بإختصار تعريف (أمنى) منسجم مع سياق (الحرب العالمية على الإرهاب ) أى يعتمد على أشباه الحقائق والكثير من التهويل والإختلاق .

فأنا لم أكن يوما عضوا فى أى تنظيم إسلامى أو غير إسلامى ولا أعتبر نفسى مسلما مثاليا أو حتى جيدا ، ولكن مع ذلك أعتبر الإسلام هو جوهر حياتى كلها . وكما قلت يوما لأحد أقرب الناس إلى نفسى (إننى أعتز كثيرا بإنتمائى الى الإسلام ولكننى لا أتعالى بذلك على أحد ) وإنتمائى الأساسى هو لأمة الإسلام التى أعتبرها أمة عظيمة ـ رغم معاناتها الحالية ـ وهى أمة هائلة تشمل كافة الأعراق والأجناس فى شتى القارات بلا أدنى تمييز إلا بالعمل الصالح وحدة .

من أجل ذلك أعتبر كل مسلم ـ أيا كان مذهبه أو لونه أو جنسه ـ أخاً لى أتعاطف معه وأحرص على مصالحه ـ وأدافع عنه ما أمكننى ذلك ـ بدون عدوان على الآخرين، وطبقا لقوانين وآداب لم أضعها بنفسى بل حددها الدين وأحاول من جهتى الإلتزام بها .

ـ وقد لاحظت أن أحد المعلقين فى مدونتك قد إنزعج قليلا ثم غمز ولمز عندما قلت عن المعذبين فى سجن أبو غريب أنهم إخوانى ـ أو إخواننا ـ وظن أننى أعنى أنهم شركائى فى “التنظيم” أو فى “الإرهاب” . هذا مع أن معتقلى أبو غريب كانوا من أطياف عراقيه شتى سياسيا وعرقيا ومذهبيا ومع ذلك فجميعهم كانوا مسلمين وبالتالى هم إخوانى، وقد أحزننى ما حدث لهم ، وأجد من واجبى الدفاع عنهم ما استطعت. وبالتأكيد فإن ما حدث لهم ولغيرهم فى شتى أرجاء الأرض “حتى ولو لم يكونوا مسلمين ” لن يمر بدون حساب وعقاب ، وفقا لعدالة الشعوب ، وليس عدالة المعتدين التى نعرفها جيدا والتى هى فى حد ذاتها عدوان .

فهى (عداله سياسية) غير محايدة وغير إنسانية. وعلى سبيل المثال هل تسميه عدالة ذلك القرار للمحكمة الأمريكية العليا الذى أطلق العنان لأصحاب الثروات الطائلة كى يمولوا الحملات الإنتخابية ؟. فأى عدالة وأى ديموقراطية؟؟.

وماذا بعد أن تتجمع الثروات والإعلام والسياسة فى أيدى قلة ضئيلة من المجتمع؟؟. فماذا لو ثار الباقون ولجأوا إلى القوة ؟؟.  فماذا يجدى عندها تعريفك الأكاديمى للإرهاب ؟؟.. إن غياب العدالة هو الإرهاب الحقيقى .

 

مع طـــالبـــان :

ضمن إجابتك عن أسئلتى وجهتى لى ثمان أسئلة كلها عن حركة طالبان . وكان نصيبى الشخصى سؤالان فقط . أجبت عن أحدهما وهو المتعلق بتعريف “أنا”و”نحن” . وأجيب الآن عن السؤال الثانى وقد ورد فى مقدمة سؤال عن طالبان يقول :

( لماذا تساند نظاما أنكر حقوق النساء الأساسية … إلخ ).

وأجد من الهام أن أجيب عن مقدمة السؤال وهو عن أسباب دعمى لنظام الإمارة الإسلامية ـ أو نظام طالبان كما يحلوا لكم تسميته ـ فأقول :

أننى رصدت بداية تشكيل حركة طالبان ، وكان ذلك عام 1981 على يد مولوى نصر الله منصور ، وهو واحد من أفضل قيادات الجهاد فى أفغانستان ـ وقد أغتيل عام 1992 على يد جماعة موالية لباكستان . وكانت تربطنى بالعالم الجليل علاقة قوية وثقة متبادلة . ومنذ ذلك الوقت أيقنت أنه من الحتمى أن تأتى حركة تصحيحية إسلامية تعيد الأمور إلى نصابها وتنظف الساحة السياسية والجهادية من كل أنواع الإنحرافات التى أتى بها التدخل الخارجى من باكستان والسعودية وأمريكا والأوروبيين . وقد أشرت الى ذلك المعنى فى العديد من كتاباتى فى تلك الفترة المبكرة وقبل ظهور حركة طالبان فى صيف 1994.

أما عن تلك الفترة التى أعقبت دخول حكومة ” المجاهدين” / التى شكلها وزير الإستخبارات السعودى/ إلى كابول وحتى بروز ثورة طالبان فى قندهار، فكانت فترة من الإضطراب وإختلال الأمن مرعبة ونادرة المثال وقد عاصرتها كلها وكنت فى خوست طوال تلك الفترة .

وقد سرنى تحقق توقعاتى بظهور حركة إسلامية إصلاحية ، وكنت مطلعا على بذور نشأتها الأولى كما ذكرت . لذلك رحبت بها ـ ومازالت ـ وبلا تحفظ .

ولا يعنى ذلك أننى أوافق على عدد من الأخطاء التى شابت تطبيقاتها فى الإدارة والحكم ، وقد كلمتهم فيها وكتبت لهم ما إستطعت. وفى كتبى خاصة كتاب( صليب فى سماء قندهار) إشارات إلى أهم أخطائهم . ولكنهم فى الإطار العام حركة شريفة وصلبة لها إخلاص شديد فى إصلاح وطنها طبقا لرؤية إسلامية صحيحة على قدر الطاقة . وإخلاصهم ومقدرتهم أمر واضح تماما فى قيادتهم للثورة الجهادية الشعبية ضد الإحتلال الأمريكى الأوروبى لأفغانستان حاليا .

تلك بإيجاز شديد كانت أسباب دعمى ومساندتى لحركة طالبان ونظامها الإسلامى فى الحكم . أعود إلى سؤالك الأصلى ونصة هو :

 

ـ لماذا تساند نظاما أنكر حقوق النساء الأساسية فى الحرية والتحرر

وحق التعليم؟  . ولا أعلم كيف توافق طالبان بين إنكار حق المرأة فى

التعليم ومعرفة القراءة بينما أول كلمة أنزلت على الرسول محمد كانت

” إقرأ ” ؟. أنا لا أستطيع أن أفهم إدعائهم بأنهم يحملون كلمة الله بينما

ينكرون حقا وهبة الله لها .

حسنا .. كان ذلك هو سؤالك . ولكن لا أدرى ما إرتباط ذلك بموضوع الإرهاب  وإهتمامكم بمكافحتة ؟؟. ( إرجو ملاحظة أن صيغة الجمع أثناء حديثى أعنى بها دول الغرب عموما وليس السيدة فارال تحديدا ).

وهل أن وجود ثقافة أخرى غير ثقافتكم أو دين آخر غير دينكم يعتبر عملا إرهابيا يستدعى إرسال الجيوش وشن الحروب ؟ .

وهل ستفعلون ذلك دوما كلما ظهر نظام إسلامى يخالف رؤيتكم لما يجب أن يكون عليه الإسلام الصحيح ؟.

على أى حال لقد سبق لأوروبا أن إتخذت ذلك الموقف عندما أشعلت الحرب ضد المسلمين فى البوسنة والهرسك حتى لا تظهر دولة إسلامية فى وسط أوروبا وقد صرحوا بذلك علنا، خاصة فى فرنسا .

ثم أشعلوا حربا فى الجزائر ، عندما فاز الإسلاميون فى إنتخابات ديموقراطية وأوشكوا على إستلام السلطة هناك .

وذلك ما حدث فى غزة التى مازالت تموت موتا سريعا وبطيئا بالحصار والتجويع والضربات العسكرية لأنها إختارت حزبا إسلاميا يقودها .

وعلينا بالفعل إنتظار المزيد من الضربات منكم طالما سادت فى الغرب النزعة العنصرية والإستعلاء ، ونهب الثروات بإسم حقوق الإنسان والديموقراطية ومحاربة الإرهاب .

على أى حال نعود إلى طالبان والمرأة  فأقول:

إن جميع الأسئلة حول هذا المحور تعود إلى نقص شديد جدا فى المعلومات لديكم حول هذا الموضوع تحديدا. والأخطر هو أنكم كباحثين ودارسين إعتمدتم على وسائل الإعلام المسيطرة فى الغرب ـ وهى كما يعلم معظم الناس تابعة لنفس الجهات التى تشعل الحروب سعيا إلى السيطرة على العالم وعلى منابع الطاقة حتى تعرقل تقدم المنافسين الأقوياء . وإنى أعجب منكم كعلماء فى (مكافحة الإرهاب ) لماذا لم تتحلوا بالموضوعية العلمية والدرس الميدانى لموضوع تخصصكم وهو ” الإرهاب” كما يفعل مثلا علماء علوم الحيوان الذين نراهم مع الأسود والثعابين وقرود الغوريلا فى كل الغابات حول العالم ؟. وعلماء البحار الذين نشاهد أفلامهم وهم يجوبون المحيطات ويتابعون أسماك القرش والحيتان والسلاحف البحرية .

فهل تظنين سيدتى أننا ـ كأرهابيين ـ أقل شأنا من تلك الكائنات ؟. أم أننا أكثر منها وحشية ؟. أم أننا أقل قدرة على التمييز والعقل والتفاهم ؟؟.

لماذا لم يحضر منكم أحد إلينا فى أفغانستان حتى ” يبحثنا ” علميا وإكتفيتم “بالبحث عنا ” أمنيا ؟؟.

ولماذا لم تفحصوننا ونحن أحرار فى بيئتنا الطبيعية ـ كما تفعلون مع باقى الحيوانات البرية والبحرية وإكتفيتم بفحصنا فى (مختبرات التحقيق) وتحت تقنيات التعذيب الحديثة والمراجعات (الفكرية) فى زنازين السجن الأبدى ؟؟.

فهل يتماشى سلوككم هذا مع معايير البحث العلمى الصحيح ؟؟.

والنتيجة أنك تسألين عن حركة طالبان ليس لها وجود حقيقى لأن حركة طالبان التى أعرفها وعشت معها منذ أول خطوة لها عام 1981 هى غير ما تتكلمين عنه تماما ؟.

#  عن المرأة وحقها فى الحرية والتحرر أقول أنه أيضا الرجل والطفل، الجميع يتمتع بحقوق أقرتها الشريعة الإسلامية التى يدينون بها. وأى إنتقاص من تلك الحقوق ينبغى عدم السماح به إطلاقا بل تجب مقاومته بكل الطرق لأنه عدوان على الشريعة نفسها . وبالمثل فإن الزيادة على تلك الحقوق تعامل نفس المعاملة وينبغى منعها بشتى الوسائل .

والرؤية الملزمة لنا هى الرؤية الشرعية لديننا وليس رؤية مجتمعاتكم التى تغيرت وتتغير من مرحلة إلى أخرى طبقا لمصالح إقتصادية وأهواء تيارات غالبة ومسيطرة بقوة المال والسلطة السياسية .

المشكلة هى عندكم لأنكم لا تعترفون بثقافتنا ، ولا ترتاحون لرؤية ديننا قيد التطبيق العملى وتريدون إستنساخنا على هواكم حتى يسهل لكم السيطرة علينا ومن ثم على ثرواتنا وبلادنا . وتلك هى القصة بإيجاز .

#  ولو أنك سيدتى راجعتى مجلة الإمارة الإسلامية التى كانت تصدر فى تلك الفترة لوجدتى عدة قوانين تعطى المرأة حقوقا ـ هى طبيعية فى شريعة الإسلام ـ ولكنها كانت ملغاة عمليا . كما لم يجرؤ حاكم فى تاريخ أفغانستان كله أن يتعرض للكلام عنها ناهيك عن تطبيقها بإستخدام قوة الدولة ضد من يعارض. والمعنى بالتهديد هنا هم القبائل لأن قوانين الجور تلك كانت متوارثة قبليا من آلاف السنين وقبل الإسلام .

وتعرفين معنى أن تقف حكومة حديثة العهد تعصف بها حرب داخلية مدعومة دوليا وإقليميا ، ضد القبائل التى ساندتها ومكنت لها السيطرة على البلاد ومواجهة الخارج .

كانت مجازفة خطيرة بكل معنى الكلمة ، وتتخطى بكثير الحسابات السياسية وتدخل فى نطاق الايمان الدينى البحت . تلك الحقوق التى أعادتها الإمرة الإسلامية للمرأة هى :

1 ـ حق المرأة فى الميراث . وكانت معظم العائلات فى القبائل لا تسلم المرأة حقها من الميراث الذى ضمنته لها الشريعة الإسلامية .

2 ـ حق المرأة فى إستلام المهر بإعتباره حقا شرعيا لها.

3 ـ إلغاء زواج البدل أو المقايضة . وفيه يزوج الأب أو الأخ المرأة فى مقابل أن يتزوج من إبنة أو أخت رجل آخر بدون يدفع أيا منهما مهرا للمرأة التى تزوجها، كما تقضى بذلك قوانين الشريعة الإسلامية .

4 ـ تثبيت حق المرأة فى أختيار زوجها بكامل حريتها وإرادتها المستقلة . وهذا يلغى أن تكون المرأة ضمن تركة المتوفى يرثها أحد إخوانه . وكأنها ملكية خاصة تورث مع باقى التركة .

وطبقا لهذا القانون يسمح للمرأة أن تتزوج من خارج أسرة زوجها المتوفى. ( أما إذا كان لديها أطفال فإنها فى العادة تفضل لنفسها الزواج من أحد إخوة زوجها المتوفى حتى يحافظ على أولادها ويكفل لهم رعاية كاملة بصفته عمًا لهم) .

هذه القوانين الخاصة بالمرأة إستهدفت القبائل وهم عماد الحكم الجديد ، وتحدت عادات مغرقه فى القدم والرسوخ . فلم تهادن حركة طالبان فى تطبيق الشريعة الإسلامية وما منحته للمرأة من حقوق، وهددت القبائل بإستخدام السلاح ضد من يتحدى تلك القوانين الشرعية .

وليس لمثل ذلك النظام ، وتلك الفئة من المؤمنيين المثاليين أن يحرموا أحدا من حقوقه الشرعية ، رجلا كان أو طفلا أو أمرأة أو حتى حيوانا ـ كما سنأتى على ذكره فيما بعد فى الإجابة على سؤالك حول إضطهاد طالبان لحقوق الحيوانات فى حديقة كابول .

 

طالبان وتعليم المرأة

لم يحدث مطلقا أن أنكرت حركة طالبان حق المرأة فى التعليم ، فذلك إنكار لحق ضمنته الشريعة . ولو حدث وأنكرته حركة دينية لسقطت دعواها بل لإنقلب الناس عليها على الفور . خاصة وأن الحركة فى حد ذاتها لم تكن تمتلك من القوة المادية ما يكفل لها السيطرة على البلاد ، وكان 95% منها فى قبضتهم بفضل تأييد الشعب لهم ومساندة القبائل .

لذا فمجرد تحول الرأى العام كفيل بإسقاطهم فورا . فلو ثبت ولو للحظة أنهم يخالفون الشريعة لطواهم الشعب بسرعة فائقة .

وتلك هى الديموقراطية الأفغانية ولك أن تقارنيها لو شئت بالديموقراطية عندكم .

وقبل ظهورطالبان كان للقبائل الأفغانية مشكلة مع العملية التعليمية الحديثة ، التى إرتبطت بالنفوذ السوفييتى ونشر الشيوعية والإلحاد بين طلاب المدارس  ثم إرسالهم فى بعثات تعليمية إلى دول الكتلة الشرقية فيعودون ماركسيين بالكامل محاربين للدين والشعب . حتى إستولوا على السلطة وجلبوا الإستعمار السوفيتى إلى البلاد .

فكانت أول عمليات المجاهدين ضد النظام االشيوعى فى بدايته (27 أبريل 1978) كانت موجهة إلى المدارس فأحرقوها ، وقتلوا عددا من المدرسين والمدرسات ممن كانوا يدعون علنا إلى الإلحاد والشيوعية .

#  وبعد حوالى 13 عاما من الحرب ضد الشيوعية والسوفييت فى أفغانستان تهدمت بالكامل تقريبا البنية التحتية للبلاد ، وإختفت أجهزة الدولة ولم يتبق غير مؤسسات الإغاثة الدولية .

وعند وصول طالبان إلى الحكم (27 اكتوبر 1996 ) بالسيطرة على كابول كان الوضع التعليمى كالآتى :

1 ـ المدارس مدمرة فى أغلبها الأعم .

2 ـ هاجر معظم المدرسين والمدرسات من البلد لأن توجهات أكثرهم كانت ماركسية .

3 ـ لا توجد مناهج إسلامية وطنية . والموجود منها غير مناسب وغير كاف من ناحية عدد الكتب والمراحل التعليمية التى يغطيها.

4 ـ لا توجد ميزانية لا للتعليم ولا لشئ آخر . فليس للدولة موارد غير القليل من الضرائب على المزارعين والتجار وتجارة الترانزيت القليلة التى تعبر البلد .

ولم يكن الأفيون دخلا للدولة/ كما كان يحلو لكم القول وقتها/ وقد شرحت ذلك بالتفصيل فى كتابى (صليب فى سماء قندهار). ويجب أن نضيف إلى ذلك حربا داخلية تمولها معظم دول الجوار بالمال والسلاح ويساندها الإتحاد الأوروبى والولايات المتحدة والأمم المتحدة سياسيا وإعلاميا .

5 ـ المنظمات الإغاثية التى كانت وقتها تعمل فى أفغانستان تحت مظلة الامم المتحدة ، لم تكن فوق الشبهات، بل كانت ظاهرة العداوة لطالبان وللثقافة الأفغانية والحالة الإسلامية السائدة فى البلاد . تعارضها وتشجع على تحديها خاصة فى المجالات النسوية فى كابول المشهورة بتفلت أخلاقى كبير منذ العهد الشيوعى الذى نشر بقوه مهنة الدعارة فى العاصمة ، تحت حماية الدولة والجيش الأحمر .

كما عملت العديد من منظمات الإغاثة تلك فى مجال التبشير بالدين المسيحى ووزعت الإنجيل سرا ـ ونجحوا فى تنصير عدد من الأفغان الذين هاجروا إلى الغرب منذ سنوات وعادوا بهم كمديرين كبار فى تلك الهيئات ، يعملون سرا فى نشر المسيحية .

لأجل ذلك إمتنع الشعب فى أغلبه عن قبول التدخل الجديد فى المجال التعليمى ، ورفض القديم منه ، ولم يكن لديه أى إمكانات لإنشاء تعليم جديد فى ظروف الحرب الأهلية وخواء خزينة الدولة . فجلس أكثر الأطفال والشباب فى بيوتهم ولم يكن هناك شئ ضد النساء أو منع تعليم المرأة ، غير كلمة غاضبة قالها أحد المسئولين وقتها تعنى أنه (يفضل بقاء البنات فى البيوت ولا يرسلهم للتعليم فى مدارس تهدم دينهم وتخرب عقائدهم) .

فتلقف تلك الكلمات الإعلام الغربى ” المحايد” وحولها إلى تشنيعه أقوى من القوانين الكونية حتى تحدث بها حتى الأكاديميون الكبار فى الجامعات من أمثالكم .

 

سؤالك الآخر كان:

ـ لماذا يحكمون على المرأة بالموت لأن الأطباء الرجال غير مسموح لهم بعلاج النساء . وكان هناك عجز كبير فى عدد الطبيبات لأن المرأة غير

مسموح لها بالتعليم ؟ وكيف يمكن لهم تبرير الأثر الهائل لذلك على رفاهية

المجتمع ؟.

آقول لك مباشرة أن ذلك القول أيضا غير صحيح . وذلك عن تجربة شخصية . فأثناء حكم طالبان أصيبت زوجتى بتسمم فى الدم نتيجة جرح فى القدم. فنقلتها إلى مستشفى جلال آباد . وقد عالجها هناك طبيب رجل . وقد عالجها بكمية من المضادات الحيوية تكفى للقضاء على فيل، ولكنها بقيت على قيد الحياة ـ لحسن حظى بالطبع ـ وحتى تكون شاهدة على الواقعة. وكان بالمستشفى الكثير من النساء الأفغانيات يعالجهن أطباء رجال إذا تعذر وجود طبيبة مختصة .

نفس الشئ فى كابول . أعرف الكثير من النساء العربيات وكذلك مريضات أفغانيات عالجهن أطباء رجال وذلك أيضا حين تعذر وجود طبيبة مختصة .

أما قولك أن نقص الطبيبات راجع إلى منع تعليم المرأة ، فذلك لا يمكن أن يكون صحيحاً لأن مدة حكم طالبان كانت أقل من ست سنوات وتأهيل طبيبة عادية يحتاج إلى أكثر من 18 سنه من التعليم .

# ولكن الواقع يقول أن بعض الرجال فى أفغانستان يفضل أن تموت المرأه عن أن يعالجها طبيب رجل . وتلك قضية شخصية لا تتعلق بحكم طالبان . بل تتعلق بعادات وتقاليد عريقة فى القدم لا تقرها طالبان ولا أى عالم دين . خاصة إذا كان الإمتناع يؤدى إلى وفاة المريضة أو الإضرار بها ضرارا بليغا . ولو عرض الأمر على قاض لحكم على الرجل بعقوبة شديدة .

 

سؤالك حول إساءة طالبان لمعاملة الحيوانات يقول :

ـ أود أيضا أن أعرف كيف سمحت طالبان لأفرادها بتعذيب وإساءة معاملة الحيوانات كما حصل فى حديقة حيوانات كابول بينما ذكر فى الحديث أن تعذيب الحيوان خطيئة ؟.

أقول أيضا أن تلك الإشاعة سمعت بها أثناء إقامتى فى كابول وقد روجها جماعة (تحالف الشمال) الذين تعاونوا فيما بعد مع قوات الإحتلال وكانوا رأس رمح فى غزو أفغانستان .

وفى ذلك الوقت وقع حادث فى حديقة الحيوان بأن رمى أحد المتفرجين بقنبلة يدوية إلى الأسد الذى توجه نحوها فإنفجرت فى وجهه ففقد بصره ، وأصيب بجروح . وكانت مأساة للحيوان المسكين . ولم يكن لحركة طالبان دخل فى الحادث . ولو أرادت قتل الأسد بطريقة أسهل لفعلت . ولكن لا مبرر لذلك أبدا .

هذا الشخص الذى رمى بالقنبلة على الأسد ماذا كانت دوافعة بالضبط ؟ لا أدرى . ولكننى سمعت أنه كان يثأر من الأسد الذى أصاب أخاً له بجروح بليغة عندما حاول مد يده ممازحاً فقضمها الأسد الجائع . ولا أدرى مدى دقة الواقعة ـ ولكنها متماشية مع السياق العام حيث لا يتنازل أحد عن الثأر سواء كان لدى إنسان أو حيوان .

ولكننى أضيف أيضا أن حديقة الحيوان كانت تعانى بالفعل من قلة الطعام لعدم وجود ميزانية للإنفاق وأن دخل الحديقة لم يكن كافيا للإنفاق عليها . ولم يكن ذلك شأن حديقة الحيوان وحدها ، بل أن كل الدوله كانت تعانى من نقص فى التمويل فنشأت مشكلة التعليم التى تكلمنا عنا ومشاكل أخرى كثيرة. وأذكر فى ذلك الوقت أننى كنت فى زيارة لأحد وزراء الحكومة وعلمت منه أنهم يتسلمون إعانات غذائية من حركة طالبان كل شهر ، لأنه منذ ستة أشهر لم يتسلم أى وزير راتبة .

فإذا كان ذلك حال الوزراء فكان الله فى عون ساكنى حديقة الحيوان . ولكنها ضائقة فرضت نفسها على الجميع ، وعانى منها الجميع على قدم المساواة .

 

السؤال الأ خير عن طالبان كان يقول :

ـ أنا أيضا مستغربة كيف أن طالبان التى تجادل بأنها تمتلك المهارات لقيادة أفغانستان لم تنشر أبدا خططا واضحة أو مبادئ توجيهية أو استراتيجيات عما تعتزم عمله عندما تصل إلى السلطة .

لا توجد خطط تعليمية ، ولا خطة لإعادة البناء لايوجد شئ . وقد مضت تسع سنوات . فإذا كانت تود أن تؤخذ كنظام تعلم من أخطائه ، فلماذا لم يهتم بإمداد مواطنيه بمثل تلك المعلومات ؟ .

 

سيدتى .. ينتهى سؤالك لتبدأ دهشتى ـ فقد ذكرنى سؤالك بقول أظنه لمارى أنطوانيت عندما أخبرتها الحاشية الملكية بأن الشعب الفرنسى ثائر كونه جائع ولا يجد الخبز، فقالت لهم بكل براءة : ولماذا لا يأكل البسكويت ؟؟.

فأفغانستان تعيش حروبا متصلة منذ وصول الشيوعين الى الحكم فى أبريل 1978. والآن تكمل أمريكا والناتو رسالة السوفييت فى تدمير أفغانستان أرضا وشعبا . والمطلب الأول للجميع هو إخراج الإحتلال . وذلك ليس بالأمر الهين ويتطلب تضحيات جسيمة وخسائر عالية . ومع ذلك فهو على وشك أن يتحقق . ولكن بأية تكلفة ؟؟. فماذا سيتبقى من الدولة ومواردها وكوادرها البشرية ؟؟.. لا أحد يدرى .

وهل ستكون هناك حروبا أخرى بالوكالة كما حدث سابقا يشعلها الجوار وتباركها أمريكا والناتو ؟.. لا أحد يدرى .

فإذا كان الحاضر مشتعل بالحرب والدمار .. والمستقبل مجهول ولن يرث عن الحاضر غير الخراب. فكيف نتكلم الآن عن استراتيجيات تعليم وإعادة إعمار ؟؟. فمن يمتلك أى معلومات عن حال أفغانستان بعد رحيل قوات الإحتلال الأمريكى وحلفائه ؟.. وماذا سوف يتبقى من أى شئ ؟؟.

أقول أنه بعد التحرير ، من الطبيعى أن يتم  فحص كل شئ ودراسة الواقع المتبقى من الحرب ثم توضع الاستراتيجيات والخطط بناء على الوضع الجديد الذى لا يستطيع أحد على ظهر الأرض أن يتكهن بماهيته الآن . وأى حديث عنه فى الوقت الحالى سيكون كلاما على غير أساس ورجماًُ بالغيب .

 

أسئلة حول العدالة

الدفعة الأخيرة من أسئلتك كانت حول (العدالة).

وهى الأخيرة فى ترتيب إجاباتى عنها ، مع أنها كانت أسبق من تلك المجموعة التى أجبت عليها آنفا .

أول تلك الأسئلة يقول :

 

ـ ماذا عن حق الأفغان فى العدالة وفى أن يروا القاعدة تحاسب على جلب الحرب إلى وطنهم ؟ . فالقاعدة ضحت بهم وبوطنهم من أجل أن تحارب أمريكا .

 

السؤال الثانى إمتداد لنفس السؤال وتقولين فيه :

 

ـ لماذا لا يجلب الملا عمر القاعدة ـ خاصة بن لادن ، إلى العدالة ، خاصة وأن بن لادن قد عصى أوامره ؟

 

أبدأ بالإجابة عن هذين السؤالين لأن ما بعدهما يحتاج إلى وقفة أطول ومزيد  من التأمل . وأقول ردا على السؤالين ما يلى :

ـ نعم من حق الأفغان أن يجلبوا إلى محاكمهم كل من تسبب فى إشعال تلك الحرب ووفر لها ذرائعها ، ويأتى بن لادن فى مقدمة هؤلاء بدون أدنى شك. فذلك من حق الأفغان وحق كل العرب والمسلمين الذين عاشوا لاجئين فى ظل الإمارة الإسلامية فارين بدينهم وعائلاتهم من ظلم المطاردات التى أشعلتها أمريكا لتلاحقهم فى بلادهم وفى كل أرجاء العالم بدون وجه حق .

لا شك عندى أن أول مهام الإمارة الإسلامية عند عودتها إلى الحكم بعد جلاء جيوش الإحتلال هو جلب بن لادن وكبار مساعدية إلى المحاكمة .

أما سؤالك عن عدم جلب الملا عمر لأسامة بن لادن أمام العدالة فذلك غير ممكن الآن لسببين ، الأول هو أن كل منهما الآن يعيش بعيدا جدا عن الآخر ولا يعلم مكانه بالتحديد . والثانى هو أن طرد المحتلين يأتى فى مقدمة الأولويات قبل أى محاكمات للمتسببين فى إشعال الحرب . وهى محاكمات قد تثير قدرا من الخلاف إضافة الى عدم القدرة على عقد المحاكمة وتنفيذ الأحكام فى ظل الإحتلال وإحتدام المعارك .

 

السؤال الأخير يتكلم عن الملا عمر فيقول :

ـ وحتى لو لم يرد أن يسلمه إلى أمريكا فلماذا لم يعاقب بن لادن

على قتله للمسلمين فى 11 سبتمبر ؟ .

ـ إن تسليم بن لادن إلى أمريكا هو أمر لا يوافق عليه لا الملا عمر ولا حركة طالبان ولا أى مسلم شريف . فالمكان الطبيعى الذى ينبغى أن يحاكم فيه بن لادن هو أفغانستان فقط . لأن الجريمة المؤكدة التى إرتكبها كانت فى حق الشعب الأفغانى ، وقد إرتكبها بينما هو على أراضى أفغانستان ، وفى عصيان واضح لحاكم البلاد وقتها، الملا عمر .

جريمته المؤكدة هى التسبب فى إشعال حرب أودت بأفغانستان كلها وأسقطت حكم الإمارة الإسلامية التى ضحى الشعب الأفغانى وعمل لعشرات السنين من أجل الحصول عليها .

أما حادثة 11 سبتمبر نفسها فقصة آخرى . ولابد أن تثبت الولايات المتحدة بالوثائق والتحقيقات الرسمية الشفافة وبشهادات الشهود الأحياء أن بن لادن هو المتسبب فى الحادث فعلا .

صحيح أن بن لادن حاول ، ومجموعاته فى أمريكا سعت وحاولت، لكن من المشكوك فيه كثيرا أنهم ركبوا الطائرات ونفذوا بها كل العمليات الأربع المفترضة .

وبغير إثبات ذلك بشكل واضح لا يقبل الشك فلا يمكن تحميل بن لادن مسئولية 11 سبتمبر حتى ولو إعترف بها ، لأن هناك شركاء كبار فى العملية قد يكون دورهم أكبر بكثير جدا من دور بن لادن والقاعدة .

وحتى لحظتنا الراهنة لا أقبل شخصيا تحميل بن لادن أى مسئولية جنائية فى أحداث 11 سبتمبر بدون ظهور نتائج التحقيقات .

أما محاولة إصباغ طابع درامى زائد عن الحد بالقول أن هناك مسلمين قتلوا فى 11 سبتمبر . فلا أرى فى ذلك إلا موضوعا دعائيا يحتاج إلى إثبات ، وهو ما يفتقر إليه الحادث كله .

 

السؤال الأخير يقول :

ـ وماذا عن حق عائلات الأفغان الذين قتلوا على أيدى طالبان (والذين قتلوا على أيديهم فى هذا العام أكثرمن عدد الذين قتلهتهم قوات التحالف).

أقول سيدتى أنك هنا أيضا إعتمدتى على الإعلام السائد فى تكوين وجهات نظرك. وذلك سيؤثر على آرائك الأكاديميه المفترض فيها الحياد والتعمق فى البحث وليس مجرد الإعتماد على قصاصات الصحف .

فهذا الكلام هو دعاية أمريكية سوداء من ذلك النوع الذى أسس له البنتاجون إدارة متخصصة فى الأكاذيب والحرب النفسية .

ولا شك أنك كدارسة (لنظريات التمرد) أو (حروب العصابات) إلى آخر تلك التسميات ، تعرفين أنه من أهم عوامل النجاح فى تلك الحروب هو حسن العلاقة والثقة بين “الثوار” والشعب . وبمعنى آخر إذا رأينا ” ثورة” أو “تمرد” أو “حركة جهادية” / كما تشائين من تسميات/ رأيناها ناجحة ومتقدمة فى عملها فذلك يعنى حتما وجود علاقات حسنة بينها وبين الشعب .

والآن يعترف كبار القادة العسكريين الأمريكيين أن حركة طالبان تنتشر حاليا فى 33  إقليم من أصل 34 إقليم فى أفغانستان .

إذن بخبرتك الأكاديمية كان يجب أن تسقطى من حسابك تلك الدعاية الأمريكية السوداء التى تقول أن حركة طالبان قتلت 80 % من الضحيايا المدنين، وأن 120 ألف جندى أمريكى وأوروبى المزودين بالطائرات وأشد أسلحة البشرية فتكا قتلوا 20 % فقط . هذا كلام لا يستحق مجرد القراءة حتى ولو كان قائله هو ” بان كى مون” ذلك الموظف الأمريكى بدرجة سكرتير عام للأمم المتحدة .

فليس هناك من يقتل شعبه ويجفف الماء الذى يسبح فيه مثل السمك ، خاصة إذا كانت تلك الحركة جهادية إسلامية قامت على مبادئ الرحمة على الأهل والإخوان والشدة على الأعداء فقط .

أكاديميون بلا حدود

فى هذه المناسبة ، ولأجل أبحاث أكثر واقعية ، وبعيدة عن تأثيرات الإعلام السائد ، والذى هو جزء من منظومة الحرب النفسية على الشعوب ولصالح تلك الفئة الصغيرة التى تسعى للسيطرة على العالم وثرواته ، فإننى أقترح عليكم تكوين رابطة عالمية للباحثين فى موضوع الإرهاب ، تمارس عملها بشكل مستقل حول العالم ، أو حيث يمكن الحصول على المعلومة من مصادرها مباشرة بدون الإعتماد على الاعلام أو المصادر الحكومية .

وأن يكون لتلك الهيئة صفة أكاديمية ومستقلة ماليا عن القوى الرأسمالية الكبرى أو البنوك. ويكون لها مقر دائم ، وبالطبع موقع على الانترنيت  تدير منه مثل حواراتنا هذه إلى جانب نشاطاتها الأكاديمية الأخرى . وأن يتجول أعضاؤها حول العالم بلا حدود للبحث الميدانى حول تلك الظاهرة التى أصبحت ـ بلا مبرر من وجهة نظرى على الأقل ـ سببا فى إنطلاق مسعور لحروب بلا حدود تهدف الى سرقة الثروات وتكبيل حريات البشر ونشر هستريا الخوف والذعر والكراهية بين الشعوب .

إن مجموعة أكاديمية كهذه قد تخفف من ذلك التشنج القائم وتساهم فى تحسين حياة البشر على هذا الكوكب التعيس .

# وفى الأخير الشكر موصول لك على إتاحتك لى الفرصة كى

أناقشكم وأوصل صوتى لجمهوركم الكريم .

بقلم: مصطفي حامد ابو الوليد المصري

المصدر: موقع مافا السياسي

www.mafa.world