خنجر ولكن فى قلب أوباما

0

خنجر ولكن فى قلب أوباما
عملية الجيش الأمريكى فى هلمند
“خنجر” ولكن فى قلب أوباما
والجندى الأمريكى الأسير فى باكتيا
خطوة أولى نحوالإفـراج عن جميع أسرى “الحرب على الإرهـاب”
بقلم :
مصطفي حامد (ابو الوليد المصري)- 19 يوليو 2009
المصدر :
موقع مافا السياسي (ادب المطاريد)
www.mafa.world

بدأ الجيش الأمريكى منذ أول يوليو 2009 أحدث جولاته فى “حرب الأفيون الثالثة. وهذه المرة فى قلب الهدف مباشرة فى ولاية هلمند التى تنتج حوالى 60% من أفيون البلاد، بما يزيد عن إنتاج باقى دول العالم المنتجة للأفيون مجتمعة.

  وبدلا عن حقنات المسكنات التى يضخها أوباما فى عروق الإقتصاد الأمريكى المحتضر، ومليارات الدولارات المزيفة، فإن أفيون أفغانستان يعتبر علاجا وليس مسكنا. فهو يشكل الجزء الأعظم من تجارة مخدرات دولية تهيمن عليها الولايات المتحدة بدخل حقيقى غير معلن قد يصل إلى أربع ترليونات من الدولارات .. ولكن المعترف به “دوليا” أن ثمن المخدرات الخارجه من أفغانستان عند وصولها إلى شوارع الإستهلاك هو 400مليار . وهو رقم أما أن الغرض منه المزاح .. أو أن يكون لمجرد منع الحسد ، ودرأ العين الشريرة لمن يحسدون الولايات المتحدة على ثرواتها الغالية وأخلاقياتها الرخيصة .

   كعادتهم فى التهويل والمبالغة يقول الأمريكيون أنها أكبر عملية للجيش الأمريكى منذ حرب فيتنام ذلك رغم قولهم أنهم حركوا فى العملية أربعة آلاف جندى أمريكى “قوة لواء تقريبا ” يساندهم 650 جندى أفغانى . فاذا كانت قوة من لواء هى أكبرقوة يحركونها منذ حرب فيتنام ، فمعنى ذلك أن جميع معاركهم فيما بعد ذلك كانت مجرد “تهويل عسكرى” على قول بريجينسكى ـ يهدف إلى إستعراض قوتهم النارية وتقدمهم التكنولجى ـ أما المشاة فربما كانوا ديكورا يفيد فى الدعايات وليس لخوض معارك حقيقية.

هذه أذن أول معركة حقيقية للمشاة الأمريكيين ـ هكذا نفهم الأمر أما قول البعض أنها أول مرة يتوفر فيها حشد تكنولوجى وقدرات حركة سريعة وتنقل للقوات بواسطة طائرات الهيلوكبتر، فهو كلام فارغ ، لأن الجيش الأمريكى الذى دخل أفغانستان ثم العراق لم يدخلها على ظهر البغال ، فهو دوما يعانى من تخمة تكنولوجية زائدة جدا عن ما هو مطلوب عمليا ، بل ويتخطى مالدى جميع منافسيه أو أعدائه الحاليين والمستقبليين.
ومع ذلك فإن الجيش الأمريكى فى معركة هلمند الحالية لن يغير قانونا بديهيا فى دنيا الحروب ، قانونا يقول أن الإنسان المؤمن ـ وليس التكنولوجيا ـ هو سيد المعارك وهو من يحدد نتيجتها.
ورغم ذلك المستوى التكنولوجى الهائل، أسمى الأمريكيون معركتهم “الخنجر” وهو سلاح بدائى جدا ، يستخدمه الأفغان عادة فى قتل جنود العدو .

وكان الأجدر أن يكون إسم عمليتهم تلك “خنجر فى قلب الولايات المتحدة  ” لأن تلك هى النتيجة النهائية المتوقعة لحربها فى أفغانستان . ولسوف تنتهى هذه الدولة البشعة كما إنتهى الإتحاد السوفيتى منذ وقت قريب فى نفس أفغانستان .

كان فألا سيئا لهم أن يثلم حد “الخنجر” فى ولاية باكتيا ، قبل أن يتوجه إلى “قلب هلمند” . ففى اليوم السابق لعملية ” الخنجر” وقع أول “جندى أسير” يفقده الجيش الأمريكى منذ حرب فيتنام (حسب علمنا) .

على أى حال ليس ذلك بالحدث البسيط ولا قليل التداعيات ، بل يمكنه أن يثير الكثير جدا من التطورات السياسية والنفسية السلبية فى داخل الولايات المتحدة. يتوقف ذلك على طريقة التعامل الأفغانية مع ذلك الملف بالغ الحساسية.
القضية ستكون شائكة لو أن الجندى الأمريكة وقع أسيرا فى يد حركة طالبان وليس غيرها ذلك لأن تجربة الحرب مع السوفييت أظهرت وضعا شاذا فى غالب الحالات ، عندما كان القتال تقوم به جهة معينة ، أما الغنائم والأسرى فى معظمها فتقع فى أيدى “جهات” لم تشترك فى القتال بل كانت تراقب وتتربص للإنقضاض على غنائم المعركة ، أيا كان الطرف الفائز أو الخاسر فيها .

( وذلك دور تفوق فيه للغاية القائد الأصولى حكمتيار وجماعته “حزب إسلامى” لذا تبذل باكستان الآن بتوجيه أمريكى جهدا كبيرا لإعادته إلى الساحة الجهادية مرة أخرى حتى لا تكون حركة طالبان منفردة بالساحة كاملة. وكان الزعيم الأصولى قد فقد صلاحيته عندما تخلت عنه باكستان بطلب أمريكى، حتى ينضم مع حكومة ربانى فى قتالها ضد طالبان فى عام 1996. والآن أعيد إعتماده باكستانيا.

لكن تماسك حركة طالبان، وافتضاح دورة السابق جعل وزنه الميدانى محدود جدا حتى الآن ) .

باكتيا كلها كانت فألا سيئا للسوفييت ، بل أن هزيمتهم واقعيا تمت هناك . وإذا ذكرنا باكتيا ذكر عالم الدين” جلال الدين حقانى ” فى نفس الوقت.

 وكما كان ذلك القائد الميدانى الفذ كابوسا للسوفييت ، فمازال يمثل الشئ نفسه الآن للأمريكين الذين يعرفون قدراته جيدا ويصفونه بأنه كان من أفضل “أو أفضل” القادة الميدانين فى أفغانستان فى حقبة الحرب السوفيتية .
وبما أن “حرب الأفيون الثالثة” تديرها أمريكا فى أفغانستان حاليا بعيدا عن الرصد الإعلامى الدولى ، فإن أكثر جوانبها يرقد فى ظلام التعتيم الأمريكى .

ولكن بذلك النذر اليسير من أشعة الضوء المتسربة من بين جدران التعتيم يمكن تخمين مدى المأزق الذى يعانيه الجيش الأمريكى فى باكتيا التى نادرا ما يذكر أسمها مكتفيا بتعريف عمومى عن موقعها الجغرافى فيكتفى بالقول ” شرق البلاد” ولولا بيانات طالبان القليلة لظن الناس أن باكتيا رحلت عن خارطة أفغانستان .

ولكن بعد “الحادثة الفريدة” لأسر جندى أمريكى لأول مرة  منذ حرب فيتنام (1965ـ 1975) عادت باكتيا مرة أخرى إلى بؤرة أضواء كما كانت وكما يليق بها تكون. ولا ندرى أن كان الجندى الامريكى الأسير قد وقع فى قبضة حقانى أم لا.  ولكن أن حدث ذلك فستكون الورطة مضاعفة وربما خطيرة ـ لأن أمريكا لن نستطيع فى هذه الحالة إستخلاص أسيرها فى مقابل مبلغ زهيد من المال تدفعة لقائد ميدانى قروى يجهل وجود رقم أكبر من ثلاثمئة ..
فعند “حقانى” لن تكون القضية متعلقة بالأموال مهما كانت حجمها وأرقامها بل هى قضية سياسية ، والأهم أنها قضية “كرامة إسلامية ” أهينت بشدة منذ احداث سبتمبر وحرب اكتوبر 2001 الذى ضاعت فيها أفغانستان ونظامها الإسلامى “الإمارة الإسلامية ” .

 ” إن قواعد اللعبة قد تغيرت “.. هكذا تبجح مرارا الرئيس الأمريكى السابق ” جورج بوش ” وحليفة التافه “تونى بلير” فى بداية “الحرب على الإرهاب ” فى 2001 والتى شنوا فيها الحرب على الإسلام والمسلمين بداية من أفغانستان ثم تلتها العراق ، ثم لبنان وغزة حتى عادوا مرة آخرى فى محاولة أخيرة فى أفغانستان فى عهد اوباما.
كان المعنى هو أن حربهم ضد المسلمين لن تتقيد بأى قوانين حربية أو إنسانية كان معروفه قبل ذلك التاريخ .
تعبير” حرب” الذى إختاروه جعل كل تحركاتهم تتم تحت ذريعة ضرورات عسكرية وضرورات السرية للحفاظ على الأمن الداخلى والخارجى لبلادهم .

وتعبير “تغيير قواعد اللعبة” كان يعنى أن القوانين المتعلقة بالأسرى قد تغيرت بالكامل.
فلا يشترط الآن أن يؤخذ الأسير فى ميدان المعركة وهو ماتعارقت عليه الإنسانية فى تاريخها كله.
بل أصبح الأسير يلتقط من الشوارع ويشترى من أسواق النخاسة بأسعار معروفة ومحدودة لكل “صنف ” فالعربى له سعر وللأزبكى سعر آخر وللشيشانى سعر ثالث وللباكستانى سعر رابع وهكذا ..ولا يشترط أن يكون ” الأسير” قد دخل المعركة أصلاً فأكثر الأسرى المسلمين فى سجون جوانتانامو ودول أوروبا والدول العربية ، أكثرهم لم يكن حتى قريبا من موقع المعركة وقت حدوثها أو له أدنى علاقة بأى شئ .

أما معاملة الأسرى ، فحدث ولا حرج. لم تتغير قوانين اللعبة هنا بل أزيلت تماما وأصبح “اللا قانون” هو القانون الفعلى .
التعذيب هو القاعدة ، وإهانة الأدمية هى القانون ..
بإختصار تصرفوا تصرف الآمن تماما من كل عقاب . وبالتأكيد أنهم اعتقدوا بحصانة جنودهم من الوقوع فى الأسر.
أو غاب عنهم أن الطرف الآخر يمكنه أيضا أن ” يغير قوانين اللعبة “.
وغاب عنهم أن أى لعبة لا تقوم إلا بطرفين، فإذا غير أحدهم قوانين اللعبة فإن الطرف الآخر يمكنه إعتماد تلك القوانين الجديدة نفسها .. أو أن يفرض قوانينه الخاصة الجديدة التى قد تكون هى الأخرى من خارج كل سياق.

فتغيير قوانين اللعبة ليس حكرا على أحد طرفى اللعبة دون الآخر .
لقد راهنوا أكثر من اللازم على ضعف الطرف المقابل وعجزه ، وأنه مهما فعل فلن يتمكن من هزيمتهم أو مجرد تحديهم ـ لأن موازين القوى كلها ـ فى صالحهم وتعمل ضد ذلك الخصم .
وفاتهم أن الأمبراطوريات الكبرى فى التاريخ إنما أزيلت بواسطة قوى أضعف وأكثر تخلفا ، وتعمل من خارج موازين القوى المتعارف عليها .
وكذلك هم الأفغان الآن .. والعراقيون .. والفلسطينيون ، واللبنانيون والصوماليون .. وقبائل باكستان .. الخ .

الكرامة مقابل الكرامة.. والأسرى مقابل الأسير.
قد يكون ذلك هو القانون الجديد فى حالة الأسير الأمريكى، الذى إن كان  فى يد حقانى فهو فى يد “القوى الأمين”. فلن يباع الأسير بثمن بخس دراهم معدودة . ولن يستبدل فى مقابل عدة أسرى . بل ستكون الصفقة طبقا لقاعدة : جميع أسركم فى مقابل جميع أسرانا .

ذلك ممكن فقط إذا أديرت قضية الأسرى من موقع مركزية القيادة لدى الملا عمر بوصفه القائد الأعلى للمجاهدين فى أفغانستان ـ وبوصف حقانى واحد من أفضل قواده الميدانيين .

ولن تكون تلك أول تجربة لمعالجة قضية أسرى بين المسلمين وبين “الجيوش” الغازية “يهودية” فى فلسطين ، أوصليبية ” فى أفغانستان ” .

فحماس مازالت تخوض منذ سنوات مفاوضات مع اليهود فى قضية ” أسيرهم” فى مقابل أسرى المجاهدين لدى اليهود.

 وحزب الله بقيادة “السيد حسن نصر الله” ، كانت ظروفه أفضل بكثير من ظروف حماس التى يطعنها “الأخوة” العرب وحكومة “كرزاى ” فى “رام الله”.

 بل أن حزب الله كان الوحيد فى تاريخنا الحديث الذى جعل من قضية إطلاق أسراه قضية خارج كل نقاش وأبعد عن كل مساومة .

وهذه نقطة ضعف رهيبة عانت منها “القاعدة” وقبلها الجماعة الإسلامية المصرية التى تركت شيخها فى سجون أمريكية واكتفت ان تدعو الله أن يفك أسره !! .

لعلهم فى إنتظار الملائكة أن تنزل لتحارب لأجله ” إذهب انت وربك فقاتلا.. ” !! لم يتحرك لأجله أحد ولم يمتشق سيفا .. أو رمى حجرا .. .

بينما خاض حزب الله حربا ضاريه ولم يتراجع أمام هجوم دولى إسرائيلى .. وربح المعركة وكانت يد الله فوق أيديهم ـ فلماذا يد سلفيننا الجهادية مكبلة ؟؟.
أم أن مدفعية التكفير هى فقط التى تعمل والمدافع الأخرى أصابها العطب ؟؟.
القوة هى الشئ الوحيد الذى يحترمه الغرب .. وبدونها لن يعود حق إلى أصحابه ولا أسير إلى أهله .

لا داعى إذن للإستعجال فى تبادل الأسرى .. وينبغى عدم التنازل عن قاعدة “الجميع مقابل الجميع ” ومع إستمرار حربهم علينا يتزايد عدد أسراهم لدينا . وعندنا أراضى أفغانية واسعة تحت سيطرة مجاهدينا . ومن ضمن استخدامات تلك الأراضى ، سجن الأسرى،  وحتى دفن جثث جنود قتلاهم التى لم يسحبوها فى أماكن سرية لأنها أيضا من عداد الأسرى التى يجرى التفاوض بشأنها .
وإذا كنا نرغب فأراضينا المحررة تستوعب الآلاف من أسراهم ، ولدينا ما يكفى من الرجال لحراستهم ـ والإحسان إليهم ـ إلى أن يحين وقت التبادل .

المقصود ” بالجميع مقابل الجميع ” هو أن التبادل يكون لجميع أسراهم فى مقابل جميع أسرانا طول فترة حربهم ” ضد الأرهاب ” والتى قالوا أن قوانين اللعبه فيها قد تغيرت.
ولذلك قد يلجأ المجاهدون الأفغان إلى إجراءات جديدة ، مثل:
1ـ تغيير “قواعد اللعبة ” فى مسألة الحصول على الأسرى . والقبول بالمبدأ الذى أقره الخصم ونفذه بالفعل . وهو إختطاف المدنيين الذين لا شأن لهم بالمعركة ، سواء الذين كانوا قريبين من الميدان أم بعيدين عنه .
وجود الأرض والقدرة على المناورة فوقها والحفاظ على الأسرى من محاولات العدو الحصول عليهم بلا مقابل يتيح لنا الآن إتباع تلك القاعدة الجديدة هذا إن كنا متأكدين أن العدو لن يقبل بإطلاق جميع أسرانا فى مقابل أسير واحد لدينا، عندها قد يتوجب زيادة العدد بهذه الطريقة .
لابد من لفت النظر إلا أن أسرانا ليسوا متواجدين فى جوانتاناموا والسجون الأمريكية فقط ، بل موزعين فى سجون سرية مجهولة العدد. لذا يجب إرغام العدو على تقديم لائحه بأسماء أسرانا وأماكن تواجدهم. مع ملاحظة أن الأغلبية العظمى للأسرى لا ينتمون إلى أى تنظيمات، ولا تدافع عنهم حكومات بلادهم، بل يعتقلهم وتعذبهم “بالنيابة” رغم علمها أن لاشأن لهم بأى جريمة ـ هذا إن كان هناك أى جريمة فى الأساس.

طبعا الحكومات التى سمحت بوجود هذه السجون السرية على أراضيها، وتلك التى مارست التعذيب بالنيابة جميعهم شريك فى المسؤولية الجنائية.
والحكومات التى أرسلت الجيوش لمحاربة شعوبنا فى العراق وأفغانستان عليها مسؤولية كاملة عما حدث لتلك الشعوب وما حدث للأسرى جميعا. وبالتالى يمكن أن يتعرضوا لتأثيرات أى تغيير فى القوانين الخاصة بالأسرى.
يبدو إذن أن وجود أرض محررة ـ واسعة وتكفى للمناورة ـ تحت أيدى المجاهدين هو شرط أساسى للدخول فى تحدى تبادل الأسرى أو أى تغيير قد يحدث فى قواعد تلك اللعبة. وهذا الشرط يتعذر توافره سوى فى بعض الحالات، وعلى درجات مختلفة فليست الأوضاع فى غزة أو العراق مثلا تشبه تلك فى أفغانستان أو الصومال. وهنا قد تملى الضرورات إستحداث قوانين جديدة.

” ضبط النفس” بين التحلى والتخلى:
بريجنسكى مستشار الأمن القومى السابق للرئيس ريجان، قال أن اسلحة الدمار الشامل قد إنتشرت فى العديد من الأيدى. ولكن التحلى بضبط النفس مازال سائد منذ أن إستخدمت الولايات المتحدة القنابل الذرية فى ضرب اليابان. ولكن ذلك الإنضباط قد لايدوم طويلا.
المعنى بضط النفس فى كلامه هذا هم الأغنياء الذين يمتلكون تلك الأسلحة أما الفقراء فلا يمتلكون واقعيا سوى ضبط النفس.
وعلى الفقراء أن يشكروا هؤلاء الجبابرة على سعة صدورهم وتحملهم لسخافات الفقراء بدون أن يفرقعوا فى وجوههم أسلحة الدمار الشامل التى تطفح بها مخازنهم. بل على الفقراء أن يكتبوا أشعار الغزل فى  فضائل الجبابرة الذين أكتفوا فى قتلنا حتى الآن بأسلحة مثل النابالم والفسفور الأبيض واليورانيوم المنضب والقنابل الفراغية وصواريخ ” توما هوك” الموجهة باشعة الليزر والأقمار الصناعية.

يقول لخبراء أنه من فضائل العولمة كان إنتشار ” المعلوماتية” واجهزة الحاسوب وشبكة الإنترنت. الشئ الذى مكن بدوره شباب فى الدول الغنية أن يمارسوا أنواعا من الخروج على القانون الذى جعل فى أمكان أفرادا قليلين ـ أو حتى شخص واحد ـ من فرض إرادته على دوله كاملة وتهديد ” أمنها القومى” .

والتطورات يستدعى بعضها بعضا. وما كان حكرا على الغرب ينتقل ـ وإن متأخرا ـ إلى الشرق. والفقراء أغبياء ولكنهم أيضا قابلون لإكتساب المعرفة. وذلك مفيد لكنه قد يشكل خطرا فى بعض الحالات. فقد يبدأ الفقراء الذين تعلموا العبث بفاتيح الحاسوب والتسكع على الشبكة الألكترونية. وقد يعثرون على ما يقال أنة “قنبلة الفقراء” أو السلاح الجرثومى.

 ولا يدرى أحد إن كان هؤلاء الفقراء، أو بعضهم، أو حتى أحدهم، يمكن أن يلزم نفسه بالإنضبط أو التحلى بضبط النفس الذى هو فضيلة يحتكرها الجبابرة ضمن باقى خيرات الأرض التى حازوها لأنفسهم.

من صبر هؤلاء الجبابرة أنهم يقتلوننا بأسلحة دمار شامل ولكن ” منخفض الشدة ” حتى نموت بالتقسيط المريح.
وحروبهم الجرثومية والبيولوجية لم تكد تتوقف ضد العالم الفقير منذ عقود خلت.

  ـ شاهدنا ( فى مصر مثلا) سلالات من الفئران لها قدرة تخريبية وقدرة على نشر الأوبئة. وهى “فئران سلام” من توليد “معامل سلام” فى إسرائيل، تنتج الجراثيم كما الأقراص المخدرة لشعب مصر وشعوب ” الشرق الأوسط الكبير”.
ـ وهناك أوبئة تفتك بمحاصيل حيوية لحياة شعوب فقيرة، مثل القمح أو القطن وغيرها. ولإسرائيل مكانة متقدمة فى ذلك المجال أيضا.

  ـ وشاهدنا بعوضا ينشر “ملاريا مصفحة” تقاوم أى شئ. وهى صناعة أمريكية ظهرت فى أفغانستان لأول مرة عام 1989 أثناء معارك المجاهدين فى جلال آباد. ثم ظهرت  بعد ذلك فى بلاد أفريقية منها السودان.

  ـ وشاهدنا أمراضا فتاكة من إنتاج مصانع الجبابرة المتخمين. أمراضا وبائية مثل: الإيدز والسارز وحمى الوادى المتصدع… وفى الأخير وباء إنفلوانزا الطيور ثم إنفلوانزا الخنازير.

لم يعترف الكبار عن مسؤوليتهم عن كل ذلك أو الهدف منه. فالمشهور عن الإيدز مثلا أنه من إنتاج أحد معامل الأبحاث التابعة للمخابرات الأمريكية فى القارة المستباحة “أفريقيا”.

وفى الأخير جاءت إنفلوانزا الخنازير التى تحولت إلى وباء عالمى ذو قدرة ضعيفة على القتل مع إمكان تحولها فجأة إلى وباء شديد الفتك فى أى وقت.

وهنا تشير أصابع الإتهام مرة أخرى إلى معامل وكالة الإستخبارات الأمريكية ـ أو وزارة الدفاع.
أصابع إتهام أخرى تشير إلى معامل شركات الدواء العملاقة، تلك الشركات تبتكر الجراثيم والفيروسات وتوزعها على خلق الله ، ثم تبادر مشكورة إلى إنفاق مالها لإختراع أمصال وأدوية لتوزعها حول العالم لإنقاذ البشرية. أثناء ذلك وبطريقة عرضية تماما، ربما تجنى المليارات التى بالكاد تطفئ نيران جشعها إلى أن يبتكر العلماء فى معاملها وباءً جديدا. وهكذا تنوعت الأوبئة فى العقود الأخيرة.

وهذا ما تفعله أيضا شركات السلاح العظمى فى الدول الفخمة. فهى تشعل نيران الحروب كوسيلة لجنى الأرباح من بيع السلاح للجيوش المتحاربة وحرق الأوطان على رؤوس ساكنيها.

وهكذا تفعل أيضا أجهزة الإستخبارات العظمى حين تختلق أخطارا وتبالغ فى تضخيم أخطار أخرى. وتشعل بأيديها مصائب مهولة تهدد بها أمن العالم، ثم… تبيع للدنيا سلعة الأمن المفقود. وهكذا جاءت أساطير الرعب من الخطر الشيوعى وأعقبه غول “الإرهاب الإسلامى” الموهوم.

لكن الأوبئة أثبتت أنها لاتحترم قوانين الجوازات والهجرة . ولا تراعى المقامات الإجتماعية أو حرمة الأقوياء والجبابرة. فالإيدز قد يصيب مواطنا لاقيمة له فى “بوركينافاسو” وقد يصيب مواطنا فخما فى مدينة “نيويورك”.
الفرق يكمن فى أن الفقراء ليس لديهم الكثير ليخسروه سوى حياتهم التى ثبت بالقطع أن لاقيمة لها ولا يهتم بها أحد. بل أن موتهم غالبا ما يكون مطلوبا لتنشيط الدورة الإقتصادية فى دول الوفرة ولترويج سلع حيوية مثل السلاح أو تسهيل الحصول على سلع حيوية أخرى مثل النفط أو الماس أو اليورانيوم والذهب.

 سؤال يفرض نفسه هنا، وقد طرحه البعض بالفعل، وهو:
ماذا لو فكر الفقراء والمستضعفون أن يغيروا هم أيضا قوانين اللعبة واستخداموا “لعبة الأوبئة” فى ملاعبة الكبار؟؟.

ليس لجنى الثروات كما يفعل غيرهم .. ولكن لمجرد الحصول على حقوق بديهية وطبيعية ظل الحصول عليه مستحيلا بأى طريقة متوفرة فى دنيا المتاح والممكن.

مثل حق الحرية للأسرى مثلا.. أو إنصاف شعوب كاملة فقدت أوطانها .. وأخرى فقدت حريتها.. وأخرى حرمت من ثروات بلادها .. وأخرى لايمكنها مجرد الحلم بأن يحكمها نظام يعبر عنها ويحترم آدميتها ويحقق مصالحها … إلخ.
فإذا كان الجميع يخسرون فإن الفقراء هم الفائزون.

أوليست هذه هى المعادلة؟؟.
لقد إنتشر وباء إتفلوانزا الخنازير فى العالم كله، وحتى الآن مات عدد قليل من التاس، وبدأت الأزمة فى دولة فقيرة من العالم الثالث هى المكسيك ملاصقة لسؤ حظها للعالم الأول. وفى قمة أزمة مالية خانقة خسرت دول العالم عدة مليارات من الدولارات. ولكن فى النهاية أين كانت الخسارة الأكبر؟؟. هل كانت فى المكسيك أم بنجالادش .. أم الولايات المتحدة ؟؟.

 إذا وافق الفقراء أصحاب الشأن على المعادلة آنفة الذكر، فقد تتوالى سلالات من الإنفلوانزا أو أشياء مشابهة ، على قدر ما تسمح به حال المصنعين الفقراء الذين إذا إعتبروها “سلاحا” ، فهو سلاح لا يحتاج إلى صواريخ عابرة للقارات أو قاذفات إستراتيجية بعيدة المدى. فهى كائنات لطيفة تركب متن الهواء مجانا وتطير حيث تشاء ، لايوقفها أمن مطارات ولا قوائم مشبوهين.

 قال وزير خارجية أمريكا السابق “جورج شولتز” : ( إن المفاوضات تصبح محض إستسلام إذا لم تغمر ظلال القوة مائدة المساومات ).

    ومن القوة عند التفاوض على إطلاق سراح الأسرى أن يكون لدينا أسرى. فإن كان عددهم غير مقنع للعدو حتى يفرج عن ( جميع) أسرانا فإن الجرثومى أوالفيروسى منخفض الشدة، أو حتى متوسطها، قد يضيف ظلالا كافية للقوة على مائدة المساومات،إلى أن يتحقق المطلب العادل بالإفراج عن (جميع) أسرانا من (جميع) السجون فى (كافة) القارات.

وبالمثل عند التفاوض بشأن الحصول على باقى الحقوق البديهية والمشروعة.
توالى ضغوط من ذلك النوع قد تبقى العدو فى كبوته الإقتصادية وتمنع خروجه منها. لأن خسائرها فى كل الأحوال باهظة الثمن  إقتصاديا. والتكرار يحدث عاهات نفسية قد تؤدى إلى الجنون. فالرفاهية المادية التى هى غاية الحياة لديهم لن تكون متاحة فى ظل توالى أوبئة حتى ولو كانت منخفضة الشدة مثل إنفلونزا الخنازير أو متوسطة أو حتى شديدة مثل أشياء أخرى كثيرة.

 وإذا تأخر التعافى الإقتصادى لمدة طويلة، وأجتمع الفقر إلى جانب المرض والخوف والتوتر وفقدان الأمل، تساوى الفقراء والإغنياء. و الفوز عندها سيكون للبؤساء الذين يعيشون تلك الحالة منذ قرون. أما جبابرة المترفين فإن أعصابهم لن تحتمل وسوف تنفجر تناقضاتهم الإجتماعية العميقة بكل العنف الوحشى الكامن فى نفوسهم والذى كان يكبله الرخاء ورنين الذهب المنهوب من خيرات الآخرين. كيانات عظمى قد تتفكك وتذهب أدراج الرياح.
أما إسرائيل ـ مركز القيح الإنسانى ـ فلن يتبقى فيها سوى العاجزين من صنف الفلاشا. وهؤلاء يمكن التفاهم معهم بأهون الأسباب. واستخدام الأحزية أرخص أحيانا من إستخدام الرصاص.

باكتيا الكبرى: لبيك هلمند
بيانات الجيش الأمريكى لا تصف الحقيقة. ولو كان فى نيتهم فعل ذلك لسمحوا للصحافة العالمية أن تحضر وتشاهد وتسجل.

لذا فالحملة الضارية على هلمند لا يمكن معرفة حجمها الحقيقى أو نتائجها إلا بعد تطاير غبار المعركة وبقاء نتائجها على الأرض.

 الآن يمكن الإستنتاج من البيانات الرسمية أن هناك حملة على هلمند، عاصمة الأفيون فى العالم، هدفها المعلن الإستيلاء على وادى نهر هلمند ـ أى معظم الأراضى المزروعة بالأفيون. وأن توقيت الحملة كان أول شهر يوليو ـ أى بعد حوالى شهر ونصف من حصاد الأفيون، وبالضبط بعد نهاية تجفيفة ليرتفع سعره ويكون قابلا للنقل السهل. أى بوضوح أكثر فإن بداية العمليات متوافق مع بداية موسم بيع محصول الأفيون الجديد.

 وهذا كافى لفهم أن هدف الأمريكان ليس ضرب محصول الأفيون ( فالأنسب لذلك  شهر يناير أوفبراير) أو تخريب موسم الحصاد ( والأنسب لذلك شهر إبريل). وفى ذلك دليل كاف جدا لمعرفة أن هدفهم فى أفغانستان هو الحفاظ على ذلك المحصول الإستراتيجى، ولكن مع إبقائه فى القبضة الأمريكية فقط.

وحملة عسكرية واسعة مثل هذه وفى هذا التوقيت يكون هدفها هو إبعاد التجار عن المنطقة إلى حين يجمع الجيش الأمريكى/ مباشرة أو عبر عصابات كرزاى/ المحصول ويرسلونه إلى معامل تصنيع الهيرويين فى القواعد الجوية فى قندهار وبجرام.

 تأجيل حملة عسكرية كبيرة إلى هذا الوقت المتأخر ومع بداية الصيف لايمكن أن يكون الهدف منها عسكرى، أو كما يقولون توجيه ضربة لقوات حركة طالبان فى المنطقة، فذلك الهدف خارج قدرات كل القوات الأمريكية والحليفة.
فالحملة بدأت فى حرارة عالية جدا لايتحملها إلا أبناء المنتطقة الذين ولدوا فيها. ولم يكن ذلك ممكنا لأى جيش أجنبى، بريطانيا أو سوفيتيا أو أمريكيا.

والذى يشاهد صور الجندى الأمريكى فى قندهار أوهلمند وهو يحمل على ظهره حمولة يعجز عنها بغل أسترالى يشعر بالشفقة على ذلك الحمار.

بالنسبة لغير أبناء المنطقة فإن أنسب الأوقات للقيام بعمليات عسكرية واسعة يشارك فيها المشاة هى الفترة الواقعة بين شهرى أكتوبر ومارس. فالجو فيها يتراوح ما بين البرودة والإعتدال. أما القتال فى لهيب الصيف فهو حتما فى صالح المقاتل المحلى، الذى لايمكن مجاراته فى تحمل ذلك المناخ القاسى الذى يضاف إليه الإرهاق النفسى لأجواء المعركة مضافا إليها الجوع والعطش والإرهاق البدنى. وقتالهم فى هلمند، مثل معظم مقاتلى الصحارى، يهجمون فجأة وبقوة مثل الإعصار، فإذا لم يحققوا نصرا واضحا إنسحبوا بسرعة بدون أن يتركوا وراءهم أثر. وهكذا طردوا السوفييت من أراضيهم رغم قلة الجبال عندهم.

إذن هذه العملية العسكرية ليست عملية “الخنجر” كما أسماها الأمريكان بل هى عملية “الشوال”ـ وهو كيس حمل الأفيون. وعدد تلك الشوالات هو معيار النجاح الحقيقى فى تلك الحملة ، وليس عدد جثث القتلى من الأهالى أو مساحات الأرض وعدد القرى التى تدخلها تلك القوات. فمعروف أن قوات حرب العصابات “مثل طالبان” لاتهتم بمساحات الأرض ولا بقيمتها الإستراتيجية قدر إهتمامها بإستنزاف قوات العدو وإرهاق أعصابة بالضربات الصغيرة/ والكبيرة أحيانا/ والمناوشات المستمرة حتى ترهق أعصابة وتدفعه فى النهاية إلى الإنسحاب. وتلك هى القصة الأبدية والأزلية لحروب العصابات فى كل زمان ومكان.

ولكن حملات كبيرة كهذا ” الخنجر” الأمريكى الصدئ، تتيح الفرصة للجيوش حتى تمارس حرب نفسية على عدوها وحملة تضليل للرأى العام بإعلانها عن إنتصارات وفتوحات وتحرير مناطق، وأعداد لجثث مدنييين قتلنهم وتدعى أنهم من ” المقاتلين الأعداء”. ولكن إدعاءات كهذه أصبحت فاقدة للمصداقية وقليل هم من يصدقونها، خاصة وأن قائلوها هم الأمريكان… أحباب الشعوب.

حجم القوات التى تهاجم هلمند حاليا غبر معروف. ومن الصعب تصديق أن القوات الأمريكية هناك هم مجرد أربعة آلاف جندى، يرافقهم 860 جندى أفغانى. فهذه أرقام تافهة للغاية بالنسبة للهدف الرسمى المعلن وهو السيطرة على وادى نهر هلمند. لكن هناك حملة بريطانية فى هلمند أيضا لم يفتضح أمرها إلا بعد الإعلان عن مصرع ضابط بريطانى برتبة مقدم، وهو الأرفع رتبة الذى تفقده بريطانيا فى أفغانستان والأول من نوعه أيضا منذ حرب فوكلاند فى الثمانينات الماضة. الضابط البريطانى قيل أنة كان على رأس حملة بريطانية من 650 جندى بريطانى. وتلك الدولة التى غزت أفغانستان ثلاث مرات وفشلت، لها الآن تسعة آلاف جندى فى أفغانستان كلهم ، تقريبا، فى هلمند.

ولا يعلم أحد إن كان الهجوم على هلمند منسقا بين الحليفين أم أن كل منهما يعمل لحسابه الخاص لأجل تجميع أكبر قدر ممكن من ” شوالات” الأفيون قبل أن ” ينفض المولد” وينهار الوضع كله فى البلد وتفر القوات المحتلة فجأة وعلى حين غفلة، كما فعل البريطانيون أنفسهم فى أفغانستان منذ نحو قرن من الزمان.

هذا ويشارك الجيش الأفغانى بحملة خاصة به على هلمند فيما يبدو أنه حملة لصالح كرزاى وبعض جنرالات الجيش فى موسم السباق المحموم لجمع نصيبهم من ” الحصاد الأخير” للأفيون فى عهد حكمهم وحكم الإستعمار الأمريكى البريطانى لأفغانستان.

الأهم فى أنباء تلك الحملة هو ما أعلنته القوات الأمريكية من أنها ( تخوض حربا ضارية) فى إقليم باكتيا. لم يحددوا موضعا بعينه لكن الأرجح هو خوست قياسا على أنباء متفرقة ومتتالية على مدى زمنى طويل بما يشير إلى أنها البقعة الأخطر فى باكتيا. وقد كانت كذلك أيضا فى الحقبة السوفيتية. ثم بيانات إضافية عن معارك فى “باكتيكا” ـ الإمتداد الطبيعى لباكتيا والتى فصلها الشيوعيون إداريا، وهناك شارك الهيلوكبتر فى إنقاذ الجنود الذين قتل بعضهم.

يلفت النظر هنا الإستجابة العبقرية لمجاهدى باكتيا لفتح جبهة قتال قوى  ضد الجيش الأمريكى وحلفائه حتى لايتم لهم الإستفراد بولاية هلمند. وهذا ما لم يحدث مطلقا طوال الحملة السوفيتية على أفغانستان حين كان لحكومة باكستان اليد لطولى فى توجيه العمل الإستراتيجى للمجاهدين.

و” حقانى” تحديدا يدرك أهمية مناورة فتح جبهة قتال ثانية من أجل تشتيت قوات العدو ومنعها من الإستفراد بأحد الجبهات الهامة. فهو أكثر من تضرر من إستفراد السوفييت به فى عدة مناسبات كلفته غاليا فى أرواح أفراده وقادته الكبار، بينما كانت الجبهات الأخرى فى غيبوبة أو تواطؤ صامت.

إذن إمتلك المجاهدون الآن وحدة القيادة الإستراتيجية والسياسية متمثلة فى “الملا عمر” الذى هو الآن أمير على قادة ميدانيين من وزن “حقانى” ، وآخرون بالمئات من كنوز الخبرات الميدانية عبر عقود من الجهاد، ينقلونها الآن فى كل ساعة لآلاف من شباب الأجيال الجديدة.

لو صدقنا الأرقام الأمريكية فستكون قواتهم التى تهاجم هلمند هى فى حجم لوائين ، بحساب القوات الجيش الأفغانى المرافقة لهم. وربما كان البريطانيون يهاجمون بقواتهم وقوات الأفغان بإجمالى لواء آخر. أى أن هلمند واقعة تحت هجوم من فرقة عسكرية أى حوالى 12000 جندى تقريبا.

فكم إذن سيدفعون من قوات حتى يخمدوا هجمات باكتيا ؟؟، بل وباقى الجبهات التى بدأت تنشط بالتتابع إستجابة لدعم هلمند. جبهات فى الغرب والشمال وفى مواضع لم تكن مشهورة بالنشاط الكبير.

نذكر هنا بخبرة تاريخية فى باكتيا تقول أن السوفييت هاجموا قاعدة جاور التابعة لجلال الدين حقانى مرتين، الأولى فى عام 1985 والثانية فى عام 1986 وكانت الأعنف إذ هاجموا بقوة مقدارها 30,000 جندى ثلثهم تقريبا من السوفييت، يدعمهم غطاء جوى من طائرات مازالت تعتبر حتى الآن من أفضل الطائرات فى العالم. وبعد 28 يوم من معارك المتصلة ليلا ونهرا تمكنت تلك القوات من دخول جاور والبقاء بها حوالى 18 ساعة فقط ثم الإنسحاب فجأة قبل أن تغلق عليهم الطرق ويقعون فى حصار. هذا مع العلم أن قاعدة جاور عبارة عن وادى ضيق بين الجبال وتقدر المساحة المأهولة منها حوالى كيلو متر مربع واحد.

فكم تحتاج الولايات المتحدة من قوات حتى تهاجم باكتيا الكبرى ( باكتيا وباكتيكا)؟
وكم تحتاج لمهاجمة هلمند العظمى ( هلمند، قندهار، زابل، أرزجان) أى الولايات الذهبية التى ركزت فيها الولايات المتحدة معظم الثروة الأفيونية، بعيدا عن التغول الروسى الزاحف بإصرار من الشمال، والتطفل الباكستانى اللزج الزاحف صوب جلال آباد..

هذا ويتسائل كثيرون عن النتائج المتوقعة للهجوم الأمريكى البريطانى على هلمند. ونقول أن النتيجة واضحة تماما… فالجيش البريطانى فى حملته الثالثة التى شنها على أفغانستان فى بدايات القرن الماضى، لم يستطع أن يسحب من قواته الغازية سوى جندى واحد، أما باقى القوات فقد أبيدت عن آخرها على الطريق الواصل بين كابل وجلال آباد.

وسوف يكون الجيش الأمريكى ” مسعدا جدا” و ” مبختا للغاية” لو إستطاع أن يحرز مثل ذلك الإنجاز وينجو ولو بجندى واحد من قواته فى أفغانستان..

 … والزمان بيننا.
إنها آخر حروب الأفيون فى العالم.. وآخر الغزوات الخارجية فى حياة إمبرطورية العار الأمريكية.

 تحميل ملف (خنجر ولكن فى قلب أوباما) :
http://www.4shared.com/file/118494254/5ca6a9a8/____.html

بقلم :
مصطفي حامد (ابو الوليد المصري)- 19 يوليو 2009
copyright@mustafahamed.com

المصدر :
موقع مافا السياسي (ادب المطاريد)
www.mafa.world



ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا