فرصة أخيرة لإنقاذ مصر 7

0

فرصة أخيرة لإنقاذ مصر

( 7 )

إما أن يبقى النظام الفاسد ، وتنهار مصر
أو تبقى مصر ، ويسقط النظام الحاكم

 

قال البعض عن مصر مؤخرا أنها بلد منتهية الصلاحية. ويوشك ذلك الوصف أن يكون صحيحا، وهناك من الدلائل ما يشير إلى ذلك .

بينما قال أحد المثقفين المصريين أن الفساد الذى تشهده مصر حاليا لم يكن له فى تاريخها نظير منذ عهد الفرعون مينا موحد القطرين. وكلامه هذا صحيح كون مصر فى طريقها أيضا إلى التفكك إلى أكثر من قطرين، فالنظام الحاكم يعمل لأجل ذلك ويسوق البلد نحو تلك الهاوية، عن سبق إصرار وترصد.

يدرك النظام المتسلط على هذا الوطن أن القوة الدولية المسيطرة “أمريكا” قد قررت تفكيك مصر لصالح القوة الإقليمية المسيطرة إسرائيل.

النظام لم يقاوم المخطط/ حيث أنه جزء أصيل منه/ لذا شارك بنشاط فى تنفيذ البرنامج بعد إن إعتبره مشروعه الإستثمارى الخاص.

لهذا شكل رأس النظام بركة فساد كبرى عند القمة، مدت فروعها إلى كافة مناحى الحياة فى مصر طولا وعرضا ، أفقيا ورأسيا، من السياسة والإقتصاد إلى الثقافة والأخلاق، حتى إمتدت إلى قاع المجتمع حيث البلطجية والمجرمين الذين إستخدمهم النظام ضمن مكونات فعالياته المختلفة.

كانت الفرصة الأعظم لأكثر أنظمة الحكم فسادا فى التاريخ أن يستثمر أكبر فرصة وآخر فرصة فى مصر، فرصة سقوط وإندثار أقدم الأوطان فى تاريخ الإنسان .
نقول أنه فساد وتخريب منهجى ولم يكن نشاطا طارئا ظهر بالصدفة.

وقد جرى البرنامج الشيطانى، وما زال، تحت حماية أجهزة الأمن فى الدولة، والتى وفرت مظلة قمعية عنيفة للفساد المنظم والنهب الفاجر. من أجل ذلك حظيت أجهزة الأمن بالأفضلية المطلقة من حيث الإعتمادات المالية والعناصر البشرية والإسناد الخارجى ، بالمعدات والتدريب والخبراء.

من أخطر نتائج ذلك، كان النمو السرطانى لأجهزة الأمن كميا ونوعيا وسياسيا. حتى أن الدولة بأكملها صارت رهينه لتلك الأجهزة ، وأصبح النظام بوليسيا بالمعنى الحرفى للكلمة. لدرجة أن تولت الشرطة مهام سيادية كانت تناط بالجيش سابقا، مثل حماية الحدود الدولية مع عدو خارجى خطير مثل إسرائيل.

من أخطر النتائج لنشاط الدولة البوليسية الغاشمة هو كفران المواطن بوطنه وضعف إنتمائه إليه. وذلك مقصود حتى لايشعر المواطن المصرى بمجرد الأسى على إنهيار الوطن أو فقدانه . تماما كما حدث فى العراق عندما قابل شعبه جيوش الإحتلال بالزهور، قبل أن يكتشفوا لاحقا أن المحتل الأمريكى كان أسوأ من أجهزة القمع البعثية.

لهذا يلجأ الناس فى مصر إلى حلول فردية للخلاص من أزماتهم ، وليس حلا لخلاص الوطن، الأمر الذى لا يمكن أن يتم بدون مجهود جماعى من كل فئات الشعب.
إذن البحث عن حلول فردية هو توجه يدعمه النظام لأنه يضمن له الإستمرارية ويجنبه مواجه أزمة مصير.

لهذا ما زالت مجهودات الثورة الشعبية التى إنبثقت فى مصر تبحث عن مسارها الخاص المناسب لظروفها الإستثنائية. وتواجة العقبات والصعاب نتيجة نجاح النظام فى تدمير كافة مؤسسات العمل الشعبى الجماعى. بل ونجاح النظام فى زرع اليأس والكفران بالوطن فى نفوس قطاعات كبيرة من الشعب.

لهذا تأخر التحرك الشعبى كثيرا ولم يبدأ إلا عندما وقفت مصر تماما على حافة الهاوية، ولم يتبق سوى خطوة واحدة وتسقط البلد فيها، إما بتحرك واحد من النظام أو بدفعة بسيطة من الخارج .

لقد تحرك الشعب عندما وصلت الأزمة إلى رغيف الخبز نفسة، رغم أن دواعى التحرك كانت متوافرة منذ سنوات ولأسباب مصيرية خطيرة وملحة .

ولاشك أن التهرب من المواجهة مع النظام وتأجيلها كل تلك السنوات، يجعل المواجهة الحالية أكثر صعوبة. لكن الفوز فيها ليس مستحيلا، كون النظام يحمل الكثير جدا من عوامل التفكك والضعف الداخلى. وقد كشفت الموجهات الأخيرة العديد من تلك النقاط ومازال الكثير منها يتكشف مع الوقت. وبعدها سيتمكن الشعب من تسديد ضربته النهائية بنجاح لأنه يكتشف أيضا بالتدريج، ويعالج خطوة خطوة، نقاط القصور والعجز لديه أيضا.

 

الماء ضربة قاضية

من المهم أن نشير هنا إلى أن أزمة الخبز ليست هى الأسوأ ولن تكون الأخيرة فى برنامج أسياد النظام فى الخارج لتحطيم مصر. الخطوة الأسوأ والتى يجهز لها الأسياد هى حرمان المواطن المصرى من شربة الماء !!.
فالمشيئة الدولية تسعى إلى تجميع مياة النيل فى وعاء ضخم واحد، تحت إشرافها بالطبع، ثم بيع تلك المياه لمن يدفع أعلى سعر. أى التعامل مع الماء كسلعة دولية إستراتيجية مثل النفط .
بالطبع فإن شعب مصر الذى لايجد ثمن رغيف العيش لن يستطيع المنافسة فى مزاد الماء، الذى سيذهب إلى المشترين الأقوى فى العالم وعلى رأسهم إسرائيل أولا، ثم دول الغرب فائقة الثروة ثانيا، ثم السعودية ودول النفط الخليجية ثالثا.
عندها ستصبح مصر، التى هى هبة النيل، خارج السباق الرأسمالى الحر على مياه النيل، أى أنها ستصبح خارج التاريخ من أوسع أبوابه.
ولكن أين سيذهب شعب مصر عندما تقسم بلاده إلى عدة ممالك يطحنها الظمأ والبؤس والحروب ؟؟.
الصفوة التى هربت المليارات إلى البنوك الغربية، ستلتحق بأموالها هناك، ومعهم ذريتهم التى تعلمت فى الجامعات الغربية.
أما أصحاب المهارات والخبرات، فسيذهبون خلف فرص العمل أينما كانت.
ولكن الفقراء ، وهم أغلبية الشعب، أين سيذهبون ؟؟.

 

أين نذهب ؟؟

الأغلبية المعدمة لن يفتح لهم أحد أبوابة. فدول النفط الخليجية، التى هى فى وضع المحميات الأمريكية حاليا، ستتحول إلى وضعية المستعمرات الأمريكية الموضوعة تحت السيادة الإسرائيلية ، وبغالبية سكانية غير عربية وغير إسلامية. لهذا لن تفتح أبوابها لفقراء مصر المعدمين، حفاظا على السلم الإجتماعى والتوازن الدينى والديموجرافى . وليبيا النفطية ستحكم هى الأخرى إغلاق أبوابها أمام أفواج الفقر الكثيف الزاحف من أرض الكنانة. لأن ليبيا صحراء ونفط . والصحراء لن تفيد المصريين ، والنفط لن تتنازل عنه ليبيا.

ولن يتبقى إذن سوى السودان الشقيق الذى تآمر عليه النظام المصرى مع إسرائيل والولايات المتحدة ثم تركه يعانى منفردا شتى أنواع المحن .
ولكن ضمن المشيئة المذكورة أعلاه من المفترض أن يصبح السودان مزرعة لخدمة متطلبات الإقتصاد ومتطلبات الرفاهية لسكان أمريكا وإسرائيل ودول الغرب عموما . وسيحصل السودان ( وكذلك مصر ما بعد الإنهيار) على المياة الضرورية لإدارته وفق هذا المنظور فقط .

وسيذهب الفلاحون المصريون إلى السودان للعمل فى هذه المزارع الحديثة التى لن تستخدم منهم سوى الحد الأدنى لأن الآلات الحديثة تؤدى معظم العمل.
ولكن الدلائل التى تتكشف تدريجيا تشير إلى أن المسرح السودانى يجرى تجهيزة لإستقبال نتائج الإنهيار العظيم فى مصر.

من تلك الدلائل ذهاب الرأسمالية المصرية، أو من يسمون أنفسهم برجال الأعمال، إلى السودان واستئجار مساحات شاسعة من الأرض الزراعية هناك لإستقبال الفلاحين المصريين. ويشيعون أن ذلك من أجل زراعة القمح لحل أزمة الخبز فى مصر!!!.
وهذا كذب مفضوح لأن هؤلاء الغيارى كانوا ضمن ماكينة تصنيع المجاعة فى مصر، بعد أن دمروا الزراعة والصناعة واحتكروا كل شئ وكل السلع.
إذن لماذا ذهب هؤلاء السفاحون إلى السودان ؟؟.

الإجابة ببساطة هى أنهم ذهبوا لإستكمال دورهم الذى بدأ فى مصر منذ عهد جمهورية الفساد والإستبداد الثانية، جمهورية السادات،عندما أفسدوا الوضع الإقتصادى وفقا للرؤية الإسرائيلية. وربما يتضح مستقبلا أنهم كانوا فى مصر مجرد حصان طروادة للأموال الإسرائيلية، أى مجرد واجهة مصرية لأموال قادمة من إسرائيل .

هؤلاء ذهبوا إذن لإستكمال مهمتهم فى السودان و تصنيع الجزء الثانى من المأساة فى مرحلة ما بعد الإنهيار العظيم فى مصر.

ومن المنطقى أن يكون هناك تفكير أمريكى إسرائيلى على النحو التالى :

– يجب أن يكون هناك منفذ مناسب لإمتصاص الهجرات الكثيفة التى ستخرج من مصر نتيجة المجاعات والحروب والتقسيم .
– هذا التخفيف السكانى لمصر (أو حتى التهجير القسرى) سيكون ضروريا حتى تصبح عملية الإنهيار مأمونة العواقب ولاترتد فى صورة مقاومة شعبية يائسة تنفجر فى وجوههم . فربما أدت إلى عواقب سيئة جدا وغير متوقعة.
علاج ذلك الإحتمال يكون بإيجاد أمل كاذب فى الخلاص الفردى لدى المواطن المصرى الذى أدمن على الحلول الفردية لمشاكلة . وليس أفضل من وهم كاذب بالخلاص فى السودان حيث أرض بلا حدود فى بلاد تفيض بالعسل واللبن.
ضمان ألا تتحول الهجرة المصرية الواسعة إلى السودان إلى أحد إحتمالين كلاهما ضار فى المدى المتوسط :

أ ـ أن تتحول الهجرة إلى عملية إعداد لزحف معاكس لإستعادة مصر، تحت شعارات جديدة وشديدة العداء لأمريكا وإسرائيل .
ب ـ أن يظهر فى السودان مستقبلا، مجتمع جديد منصهرعرقيا، عالى الفعالية يؤثر فى القارة الأفريقية كلها، ويصبح مركز الحركة السياسية والإقتصادية والأيديولوجية، فى إجمالى القارة ، يشبة بشكل ما تأثير الهجرات الأوروبية إلى أمريكا الشمالية .
لهذا سبقت أمريكا وإسرائيل إلى المبادرة بإعداد المسرح السودانى، عبر أدواتها من الرأسمالية المصرية والخليجية، لإستقبال الهجرات المصرية المتوقعة، من أجل السيطرة مستقبلا على مسارات حركتها، وإدخالها فى مسارب عبثية تستنفذ طاقاتها، مثل الصراعات العرقية مع قبائل الشمال، وحروب تجزئة وتقسيم السودان التى منها حروب مع الجنوب الوثنى الزاحف صوب الشمال. ذلك الزحف الذى من المناسب جدا أن يتكامل فى غاياته مع الزحف الأثيوبى على الصومال والقرن الأفريقى .

 

دور جديد للحبشة

الزحف المذكور سوف يؤدى إلى تشكيل كتلة إفريقية قوية جدا تقودها الحبشة تكون مؤهلة لعبور تاريخى جديد للخندق المائى المسمى بالبحر الأحمر متوجها صوب اليمن. وبما أن الحبشة هى أحد قواعد نهر النيل فمن الضرورى إلقاء نظرة متفحصة لتحركاتها المريبة الجديدة، سواء بالنسبة لمياه النيل ومشاريع تخزينها وبيعها فى المزاد الدولى، أو التوسع الإحتلالى على أرض القرن الأفريقى المواجه لليمن.
وليس من المستبعد فى المناخ الدولى الراهن، فكريا وسياسيا، أن يجرى التجهيز لتكرار السيناريو التاريخى القديم فتتولى الحبشة طحن القبائل اليمنية شديدة المراس والتى يقوم النظام اليمنى حاليا بإضعافها إلى أقصى حد، وهو بذلك يسهل بلا شك المهمة التاريخية المتجددة للحبشة فى جزيرة العرب.

هذه المهمة المقدسة لجيوش الحبشة تتكامل بالتأكيد مع المجهود الإسرائيلى الأمريكى فى جزيرة العرب ، ويوفر مجهود تلك الجيوش البيضاء ويتكفل لهم بالجزء الأصعب من المهمة وهو إخضاع قبائل اليمن التى تشكل القوة القتالية الحقيقية والوحيدة التى يحسب لها حساب فى جزيرة العرب والتى يمكن لها أن تشكل تهديدا لبرنامجهم فى تلك البقعة الحساسة.
التجربة الحبشية فى الصومال حاليا تجدد أحلاما باتت قريبة المنال لتكرار التجربة التى فشلت سابقا فى حرب الفيل التى قام بها أبرهه الأمبراطور الحبشى منذ خمسة عشر قرنا مضت.

التجربة الجديدة، للزحف صوب الكعبة ، إن تمت، لن تكون مباشرة وفجة كما كانت قديما، بل ستتم تحت قرارات الشرعية الدولية وبواسطة تحالف دولى من دول العالم المنضوية تحت تحالف مقدس لمحاربة الإرهاب، والذى تمثل الكعبة رمزه الأكبر.

وهنا قد يقول الظرفاء: هذا هراء ، فأمريكا لا تريد إلا النفط وإسرائيل لا تريد سوى السلام وتتطبيع العلاقات مع العرب.

ونحن نقول لهم : كفاكم تنطعا، فإن الذى يأخذ مكة والمدينة فى الحجاز ، يصبح قادرا على أخذ أى شئ يريده فى كل المنطقة العربية والإسلامية جميعا. فأعيدوا قراءة تاريخ صراع بريطانيا العظمى مع الدولة العثمانية، حول المقدسات الإسلامية فى الحجاز. هذا الدرس التاريخى تدركه إسرائيل جيدا وتعلم أن سيطرتها الإمبراطورية على المنطقة لن تكتمل بغير السيطرة على مكة ، إما بشكل مباشر أو عبر عشيرة بدوية تطمئن إليها.

نقول أن الحبشة هامة جدا بالنسبة للرؤية الدولية لمياه النيل ، ومهمة أيضا لتثبيت الوضع الإمبراطورى الجديد فى الشرق الأوسط .

 

النفط ـ الماء ـ الأرض

إسرائيل ومعها أمريكا والغرب يريدون الإستيلاء على مصادر الثروة الحيوية فى العالم ، خاصة بعد الإنقلاب المناخى الوشيك على ظهر الكوكب الأرضى، تلك المصادر هى النفط والماء والأرض الزراعية.

فإذا سلبوا من أيدينا تلك العناصر الثلاث سنكون خارج مسار التاريخ وبكل جدارة.
ونحن فى مصر يجب نتدارك الأمر الآن، حيث أننا واقفون تماما على حافة الهاوية
فإما أن يدفعنا النظام إليها ونخسر كل شئ ، الوطن والثروات والمستقبل , وإما أن نقذف النظام فيها وتنجو مصر أرضا وشعبا. بل وتنجو كل المنطقة العربية بشعوبها وثرواتها ومقدساتها.

فلا يظن أحد أننا فى مصر أمام مشكلة رغيف عيش أو رواتب أو غلاء أو فساد أو بلطجة أو أى شئ آخر. إننا ببساطة أمام مشكلة وجود .. لا أقل.

بهذه النظرة يجب أن نعود لفحص واقع الثورة الشعبية فى مصر الآن. ولاشك أن ما مضى من أحداث منذ السادس من إبريل حتى الرابع من مايو قد أوضح ما يمكن تسميته بالإسلوب المصرى فى تنفيذ الثورة الشعبية السلمية. وهو الأسلوب الذى يحمل خصائص ومميزات الوضع المصرى كله. لقد أظهرت التجربة العديد من نقاط الضعف فيه، كما كشفت العديد من عورات النظام ونقاط ضعف قاتلة فى بنيته وتفكيره وأسلوب عمله.

فلقد ظهر واضحا أن التحرك الشعبى يعانى من عدم وجود قيادة مركزية. وقد تحدثنا سابقا عن هذه النقطة وما تحمله من مزايا وأضرار. وقلنا أنه فى لحظة معينة من نمو وتطور الإنتفاضة سوف تتبلور وتظهر إلى العلن قيادة لها. ولايمكن الآن التنبؤ بشكل تلك القيادة، لأنها ستنبت من وسط الأحداث وحرارة المواجهات.

ولو كانت ملامح تلك القيادة واضحه الآن لسحقها النظام على الفور. وهو يسحق الآن بالفعل كل من يشتبه فى مجرد إحتمال ظهورة كقيادة مستقبلية. بل هو يفعل ذلك منذ سنوات طويلة فى كافة المجالات وليس فى العمل السياسى وحده. وقد وصل الأمر إلى قيامه، وبدعم من حلفائه، بعمليات قتل وإغتيال داخل وخارج مصر، لعناصر قيادية يحتمل أن تقوم بدور مستقبلى . وسوف تظهر تفاصيل تلك الجرائم عندما تبدأ محاكمة أركان النظام الحالى بعد إنتصار الثورة.

ويفتقر التحرك الشعبى الحالى إلى رؤية موحدة للهدف النهائى. فهناك من يطالب بتحسين الأوضاع المعيشية وهناك من يطالب بتغيير النظام كله. وهذا التوجه الأخير لم يحدد إلى الآن رؤية متماسكة لشكل النظام القادم. ولكن الأسوأ هو مناداة البعض بإستبعاد قوى سياسية بعينها ، كالإخوان مثلا، والبعض يرغب فى إستبعاد أيديولوجيات بعينها مثل الإسلام أو الليبرالية أو العلمانية ..

غابت الطبقة المثقفة فى معظمها عن التحرك الشعبى الثورى . وكان فى ذلك إشارة إلى أن تلك الطبقة قد إختارت النوم فى أحضان النظام، أو معارضته طبقا للمواصفات الأمريكية للمعارضة المرضى عنها دوليا .

على المثقفين إعادة النظر فى مواقفهم بسرعة وتحديد إنتمائهم الحقيقى . فلذلك تأثير كبير عليهم وعلى البلد كلها.
ونفس الشئ يمكن قوله لعلماء الدين المسلمين الذين سكت معظمهم، بينما ألقى البعض بنفسه كاملا بين أحضان النظام. فإذا تحرك العلماء الشباب مع هذا الشعب المطحون فسوف يحسنون صنعا لأنفسهم أولا، ثم لبلدهم ومستقبل الإسلام فيه ثانيا.
أما الكنيسة المصرية فإن المتفحص بدقة لموقفها المعلن من الأحداث الدائرة، مع فهم الأعماق الدبلوماسية فى الخطاب الكنسى، يجد أنه موقف جيد للغاية. ولايمكن توقع المزيد نتيجة لخصوصية الكنيسة وحساسية موقفها. ولكن أى نظام شعبى قادم ستكون الكنيسة فى طليعة مؤيديه، لأن سلامة الكنيسه المصرية لاتنفصل عن سلامة مصرالوطن، والعكس أيضا صحيح .

إن رغبة البعض فى إقصاء البعض الآخر ، تتناقض مع الحاجة إلى تجميع قوى الشعب كافة للتغلب على النظام وإسقاطه عن الحكم . وهى مهمة تحتاج إلى تكاتف جميع القوى لأن مقاومة النظام المستقوى بحلفائه فى الخارج سوف تكون ضارية ، كون المعركة مصيرية بالنسبة لجميع أطرافها. فنحن أمام تحدى لم تشهد له مصر مثيلا منذ أن جعل منها مينا وطنا موحدا. وأمام تحدى كهذا لامجال أبدا للتنابذ أو الإقصاء. فالشعب مقبل على مرحلة شاقة جدا وخطيرة ، تستلزم تضحيات ضخمة، ولسنا مقبلين على مرحلة من توزيع الغنائم . فإما أن تبقى مصر قوية ويبقى شعبها عزيزا ، أو أن تتمزق مصر ويتحول شعبها إلى شرازم ضائعة جائعة وممتهنة، تفتقد لقمة الخبز وشربة الماء.

إنها معركة وجود: فإما نكون الآن .. أو لا نكون أبدا .

كتبه مصطفى حامد تحت إسم ” مختار محمود ــ مواطن مصرى” .. فى “مدونة النديم ” على موقع”مكتوب الإلكترونى “.

 

بقلم  :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
المصدر:
مافا السياسي ( ادب المطاريد )

www.mafa.world

 

فرصة أخيرة لإنقاذ مصر



ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا